الحريري: موضوع الحقوق غير خاضع للجدل ولن نتخلى عن التزامنا القومي حيال اللاجئين

أكد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أن موضوع الحقوق الفلسطينية غير خاضع "للجدل أو النقاش"، مشدداً على ان "لبنان لن يتخلى عن التزامه القومي والانساني بحق الشعب الفلسطيني بالعودة وبدولة مستقلة عاصمتها القدس". وأوضح ان لبنان "لن يتهرب من الواجبات الانسانية للاجئين الفلسطينيين، التي يجب أن تكون واضحة وضوح الشمس، وغير خاضعة لأيِ تأويل أو التباس"، مشيراً الى ان "العدو الاسرائيلي يريد النيل من كل العرب، لكن من حق لبنان على أشقائه والفلسطينيين المقيمين على أرضه بشكل خاص، أن يدركوا أهمية الاستقرار في لبنان لقضيتهم، وأن أي شكل من أشكال الفوضى لن يجعلنا نتقدم شبراً واحداً في اتجاه فلسطين".
كلام الرئيس الحريري جاء خلال رعايته في السرايا الحكومية أمس، لقاء تحت عنوان "العلاقات اللبنانية ـ الفلسطينية"، انجازات، رؤية ومستقبل"، في حضور الرئيس فؤاد السنيورة والوزراء: محمد خليفة، جان اوغسبيان، طارق متري واكرم شهيب وعدد من النواب والسفراء وأعضاء السلك الديبلوماسي العربي والأجنبي وشخصيات وجمعيات فلسطينية.
مجذوب
استهل اللقاء بالنشيد الوطني اللبناني ثم بالنشيد الفلسطيني، ثم تحدثت رئيسة لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني مايا مجذوب التي قالت: "أردنا أن يكون هذا اللقاء صريحا". ولفتت الى "محاولات تعديل قوانين في المجلس النيابي تتعلق بالحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين"، مشيرة الى أنه "في إطار التحديات التي تواجه إعمار مخيم نهر البارد وعودة عدد منهم نهاية العام الحالي الى المخيم، وفي ضوء خطة عمل لجنة الحوار كان لا بد لهذا الحوار أن يكون".
أضافت: "أن يشكل فريق لبناني ـ فلسطيني بمبادرة من دولة الرئيس فؤاد السنيورة هو انجاز أساسي ونوعي على صعيد تحسين هذه العلاقات وتأكيد لطي صفحة الماضي الموجعة واقتراب من العلاقة تقوم على الاحترام وتأمين سيادة لبنان ورفض التوطين ودعم حق العودة".
وذكرت بأن "اللجنة تأسست في العام 2005 ومركزها السرايا وتضم شخصيات معنية بالموضوع اللبناني ـ الفلسطيني. وفي العام 2007 تم تأمين فريق للجنة بتمويل من كندا وايطاليا اسبانيا وبريطانيا وهدفها تقديم المساعدة ويدير الفريق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي".
واوضحت أن "اللجنة لعبت دورا ايجابيا لكنها اصطدمت بعوامل خارجية وابرزها حرب تموز 2006 وأزمة نهر البارد 2007 والأزمة السياسية التي شهدتها البلاد لكنها استطاعت إصدار أوراق ثبوتية لفاقديها وتشجيع الحوار بين مختلف الأطراف وتأليف لجان مدنية من الطرفين"، مذكرة بأن "أزمة نهر البارد أدت الى مقتل مئتي ضابط وجندي لبناني وتهجير أهل المخيم وتدميره وهذه العوامل من التحديات أمام عمل اللجنة".
وعن اللجنة ورؤيتها قالت: "إن تحسين هذه العلاقات هو رؤية استراتيجية للحكومة، وقد تقررت في هيئة الحوار الوطني لجهة الاهتمام بالحقوق الإنسانية ورفض التوطين، وأكدت الحكومة الحالية برئاسة الحريري ضرورة تحسين ظروف اللاجئين الفلسطينيين. وتحاول اللجنة ترجمة البيان الوزاري عمليا اذ تضطلع بدور في الجمع بين الوزارات المعنية، وهي أداة حكومية وتعمل بإشراف الحكومة ومتابعة دقيقة من الرئيس الحريري وتتمتع بشراكات واسعة مع الأونروا وسفارة فلسطين في لبنان وكل فئات المجتمع الفلسطيني وتعمل على إجراء دراسات وتقديم اقتراحات".
وأعلنت اسماء ممثلين للوزارات في اللجنة هم: ايمان خزعل عن وزارة العمل، ربيع نرش (الخارجية)، حسن حطيط (الصحة)، الملازم شوكت جمعة (الداخلية ـ الامن العام)، العقيد سهيل خورية (الدفاع)، محمد المعوشي (الموارد المائية والكهربائية) والقاضي بيار فرنسيس (العدل).
ورأت أن "استمرار الحكم هو تعبير عن استمرار الديموقراطية، لذلك فإن قرار الرئيس الحريري تعيين رئيس للجنة هو تعبير عن استمرار الجهود".
وعددت خطة عمل اللجنة مستقبلا كالآتي: "تفعيل لجنة الحوار، بناء قدرات الوزارات والمؤسسة المعنية بالتعامل مباشرة مع اللجنة، مواجهة تحديات إعادة إعمار نهر البارد، الشراكة مع الأونروا، حقوق اللاجئين الفلسطينيين ومواكبة الورشة التشريعية، إنشاء لجان مشتركة لبناء جسور الثقة بين اللبنانيين والفلسطينيين".
سفير فلسطين
ثم ألقى سفير فلسطين في لبنان عبدالله عبدالله كلمة قال فيها: "نشهد اليوم انطلاقة جديدة للجنة الحوار وأول إنجاز لها دخول عدد من الوزراء اللبنانيين الى المخيمات، وقد رأوا بأم أعينهم معاناة أهلنا الذين لا يريدون إلا العودة الى فلسطين. ولقد شكل التقرير الذي صدر إثر تلك الزيارة صدمة للجميع".
أضاف: "في العام 2008 أصدرت منظمة التحرير من بكركي بيانا جريئا أكد رفض التوطين والتمسك بحق العودة وأن اللاجئين ليسوا امتدادا لطائفة أو حزب إنما هم تحت سيادة القانون اللبناني". وأكد "أننا لن نكون من ضمن هذا النسيج اللبناني لأننا لا نريد جنسية، وإذا ما طلبنا حق العمل فلا نكون نزاحم العامل اللبناني لأن النظام الإقتصادي في لبنان نظام حر".
وذكر بأن "في لبنان 160 ألف إجازة عمل لغير اللبنانيين من بينهم 261 إجازة عمل للفلسطينيين فقط". وطالب بأن "يعامل الفلسطيني معاملة لائقة وهو يريد أن يكون جزءا من نهضة هذا البلد".
وتوجه الى من يعترض على الضمان الصحي بالقول: "لن يطالب الفلسطيني بأن يسجل في الضمان ولن يكلف خزينة لبنان أي مال يدفع عنه". ولفت الى "مسؤولية الأمم المتحدة حيال الفلسطينيين في تأمين عودته ووقف تشريده".
وعن المطالب بحق التملك للفلسطينيين، اوضح "اننا نقصد أن يكون للفلسطيني الحقوق المشروعة التي كفلتها شرعة حقوق الإنسان أي أن يكون له سقف فوق رأسه. نحن نريد تصحيح هذا الوضع غير الإنساني وغير القانوني، بل نريد من المشرع اللبناني أن يضع كل الضوابط التي تمنع أن يكون هذا التملك سبيلا لمنع حق العودة ورفض التوطين".
ووجه تحية الى "كل لبناني رافض للتوطين"، مطالباً "الدولة اللبنانية التي نوجه اليها تحية لقراراتها في هذا الشأن ببذل كل جهد لتبديد أي هاجس يستشعره البعض من حقوق الفلسطيني إذا ما نالها في لبنان، لأننا نريدها أن تكون داعمة لكرامة الفلسطيني ولحق عودته".
وأعرب عن أمله في "أن يوفق الحوار في إيجاد التطمينات للطرفين اللبناني والفلسطيني"، مؤكدا "الاستعداد للتعاون اللامحدود بما يخدم أمن لبنان والمخيمات الفلسطينية". وختم مطالبا "بتأمين الدعم من الجميع".
لومباردو
ثم تحدث المدير العام لـ"الأونروا" في لبنان سلفاتوري لومباردو فقال: "اسمحوا لي اليوم أن القي الضوء على دعم دولة رئيس مجلس الوزراء السابق فؤاد السنيورة ومشاركته الشخصية وكذلك على رئاسة السفير السابق خليل مكاوي للجنة. لا بد من التوجه لهما بالشكر على دورهما الاساسي في وضع تصور لما هي لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني اليوم. أود أن أرحب ترحيبا حارا أيضا بمايا مجذوب التي تتسلم زمام الامور. إن خطواتها الأولى تبشر بالخير وتبقى الاونروا مستعدة لدعمها قدر المستطاع في اطار عملها. واود ايضا أن أتوجه بالشكر وجزيل الامتنان الى دولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على خطابه الجريء حول الحاجة الى تناول وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ودعمه الملموس للاونروا".
أضاف: "في الوقت الذي ندخل حقبة جديدة من العلاقات اللبنانية ـ الفلسطينية ـ في اطار النقاش البرلماني الاخير حول اعطاء الفلسطينيين حقوقهم والمسيرة من اجل الحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي شارك فيها آلاف الأشخاص والجمعيات في نهاية الاسبوع الماضي ـ علينا أن نجدد التزامنا مبادئ لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني وتضافر جهودنا من أجل تطبيق تلك المبادئ. مبادئ الانسانية هي اليوم على المحك لاسيما منها الاحترام والكرامة. والاونروا كمنظمة انسانية لديها دور تؤديه في هذا المضمار، لكن الإرادة السياسية والدعم المادي أساسيان لإنهاض اللاجئين الفلسطينيين من فقرهم ويأسهم ودفعهم نحو مستقبل أفضل. وهذه المسألة الجوهرية ليست مهمة فقط بالنسبة الى الفلسطينيين بل هي أمر حيوي بالنسبة الى الاستقرار والازدهار في لبنان".
وتابع: "كما سبق أن قالت الاونروا علينا ان نفصل بين دعم اعطاء اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية في لبنان والنقاش حول حل سياسي للقضية الفلسطينية. تستمر الاونروا في دعم الدعوة الى ايجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين تماشيا مع قرارات الامم المتحدة. في انتظار حل كهذا نحاول أن نساعدهم لتكون لهم حياة كريمة. الكرامة ـ في اطار العيش في ظروف ملائمة والقدرة على اعالة العائلة والحصول على تعليم ذي جودة عالية وتوفر المرافق الصحية المتطورة ـ تعتبر حقا انسانيا عالميا. لا بد من الاشارة الى ان الاونروا تعهد الى الحكومة اللبنانية والبرلمان اللبناني اقرار خصوصيات كيفية اعطاء تلك الحقوق".
وعرض لبعض التطورات حول الواقع اليوم في نهر البارد، قائلاً: "يوما بعد يوم تظهر اساسات المخيم الجديد إذ يتقدم العمل في الرزمة الاولى وفي ثلاث مدارس جديدة وقريبا في الرزمة الثانية. لقد ظهرت بعض التساؤلات حول بطء البدء بالعمل لكنني على اتم الثقة من اننا سننهي الرزمة الاولى نهاية هذه السنة. وفي وقت يبقى نهر البارد هو الاولوية من الناحية التمويلية والتشغيلية لا يمكننا أن نتجاهل الحاجات الملحة للمخيمات الأخرى الأحد عشر في لبنان".
وتطرق إلى "مسألة أخرى احتلت سلم أولويات لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني وهي أوضاع ما يقارب 2500 فلسطيني من فاقدي الأوراق الثبوتية المقيمين في لبنان منذ عقود في ظل وضع غير شرعي. نحن نرحب بقرار الحكومة اللبنانية حل هذه المسألة التي دامت طويلا. ونشجعكم على إيجاد حل لهذه القضية في أقرب وقت ممكن".
وختم: "أود أن أعود إلى نقطة البداية وإلى إحياء روح الشراكة التي تمثلها لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني. أليس السبيل الأفضل لالتزام روح الشراكة هذه أن نجدد كلنا التزامنا وجود فلسطيني (في انتظار حل عادل لقضيتهم) يتميز بنوعية حياة؟ دعونا نفصل السياسة عن التأثيرات على حياة الناس ودعونا نركز على إيجاد حلول عملية لمشكلة إنسانية".
وليامز
وشكر الممثل الخاص للأمم المتحدة في لبنان مايكل وليامز الرئيس الحريري، وقال: "هذا يوم التزام واضح من الحكومة اللبنانية التي أكدت على لسان رئيسها دعم لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني". وأكد "أن التزام الرئيس الحريري لا يزال قويا تجاه هذا الموضوع".
وعن عمل الأمم المتحدة، قال: "لقد شكلنا فريق عمل لهذا الموضوع وأنا شخصيا ورئيسة اللجنة مايا مجذوب نناقش هذه الأمور". ولفت الى أن "الدخل الفردي للفلسطيني هو أقل من 3 دولارات في اليوم وهذا يعني انه تحت خط الفقر"، مشيراً الى "مسؤولية الحكومة اللبنانية والقيادة الفلسطينية والتجمع الدولي في العمل لتأمين حياة كريمة للفلسطينيين".
ولفت الى الجهود المبذولة، مؤكدا "تأمين دعم الأمم المتحدة تجاه اللبنانيين والفلسطينيين". وطالب "بتوفير المستلزمات المالية ولا سيما من الجهات المانحة".
وأشار الى "القيود المالية الخطيرة التي تعانيها الأونروا في تقديم الخدمات للاجئين"، مشدداً على "المسؤولية المشتركة للجميع في إيجاد الحلول لحياة كريمة للاجئين الفلسطينيين في لبنان".
الحريري
وأخيرا ألقى الرئيس الحريري كلمة جاء فيها: "شكرا على هذا اللقاء الأخوي في هذا المكان بالذات، في هذا الصرح للشرعية اللبنانية الذي لطالما حمل الهم الفلسطيني إلى كل المحافل الإقليمية والدولية. هذه القضية ليست عادية في لبنان. إنها قصة حياة. قصة نضال مع الاشقاء والاصدقاء منذ العام 1948 مرورا بمدريد وانتهاء بالمبادرة العربية للسلام التي انطلقت من هنا من بيروت عاصمة الصمود في وجه اسرائيل وعاصمة الاعتدال والعقل والحرية. إن المسألة المطروحة أمامنا لا أريد أن أتناولها من زاوية حقوق الفلسطينيين في لبنان. إنما أتناولها من زاوية واجب لبنان دولة ومجتمعا تجاه إخوان له حملتهم النكبة على ترك وطنهم. موضوع الحقوق غير خاضع للجدل أو النقاش. ولبنان لن يتخلى عن التزامه القومي والانساني بحق الشعب الفلسطيني بالعودة وبدولة مستقلة عاصمتها القدس وحقه في تقرير مصيره بكل الوسائل التي تقرها المواثيق الدولية وحقوق الإنسان. أما واجبات لبنان تجاه إخوانه الفلسطينيين المقيمين على أرضه فمسألة يجب أن تخرج من التجاذب ولا تتحول إلى نقطة خلافية بين اللبنانيين أو بين اللبنانيين والفلسطينيين. إن هذه المسألة ليست بين لبنان والفلسطينيين فجميعنا هنا نقف في جانب واحد. ومن هنا أتوجه بنداء صادق إلى الجميع لوقف السباق السياسي والإعلامي حول حقوق الفلسطينيين المدنية أو الانسانية أو الاجتماعية في لبنان. هناك واجبات انسانية واجتماعية واخلاقية لا بدَّ للدولة اللبنانية أن تتحمل مسؤولية القيام بها تجاه الإخوة الفلسطينيين. ولبنان لن يتهرب من هذه الواجبات التي يجب أن تكون واضحة وضوح الشمس وغير خاضعة لأيِ تأويل أو التباس. فلا مكان في واجبات لبنان تجاه الإخوة الفلسطينيين لأيِ نافذة يمكن أن تطل على التوطين أو أيِ إجراء يناقض حق العودة وينزع عنهم هوية فلسطين".
أضاف: "جميعكم مطلعون على الجهود الجبارة التي بذلتها حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي بادرت إلى معالجة الأمر موضوعيا وعمليا وهي معالجة التزمنا استكمالها في البيان الوزاري للحكومة الحالية، مؤكدين التزامنا رفض التوطين ومعالجة مسألة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وداخلها مع التزامنا حماية أمن اللاجئين في إطار القانون، لكن الصراحة تفرض علي القول ان واجبات لبنان تجاه الإخوة الفلسطينيين هي ويا للأسف الشديد ناقصة وأن العقود الماضية راكمت المشاكل الاجتماعية والإنسانية ما لا يطاق. إن واقع مخيمات اللاجئين في لبنان واقع مأسوي بكل المقاييس المدنية والاجتماعية والصحية. والدولة لا تستطيع أن تلعب دور المتفرج على هذا الواقع الذي يمكن أن يتعاظم سنة بعد سنة ويتحول إلى مسألة معقدة غير قابلة للحلول".
وتوجه بالشكر إلى "الدول المانحة الشقيقة والصديقة وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية والأونروا ومنظمات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني على دعمهم الثابت والمستمر للجهود التي تقوم بها الحكومة في سبيل تأمين العيش الكريم للإخوة اللاجئين في لبنان. والامتنان أوجهه أيضا إلى كل بلدية وكل لبناني ولبنانية في مناطق احتضان المخيمات من بيروت إلى صيدا والجنوب والبقاع والشمال، لكن اسمحوا لي أن أذهب بالصراحة إلى ما هو أبعد من واجبات الدولة الاجتماعية والإنسانية لأشير أيضا إلى واجب الدولة في تأمين سلامة المقيمين على أراضيها كل المقيمين من دون استثناء وبسط سيادتها على الأراضي كافة خارج المخيمات وداخلها". واكد أن "بناء الدولة اللبنانية أولوية ولا بد من تصويب التعاطي وبناء الثقة بعيدا عن المزايدات. فالكل يعلم أن الواقع الأمني للمخيمات الفلسطينية هو واقع مأسوي أيضا يلقي بظله على حدود واجبات الدولة اللبنانية ومواقف العديد من الأطراف منها".
وقال: "أنتم تعرفون أن لبنان منذ فجر الاستقلال جعل فلسطين قضيته المركزية قولا وفعلا وأن هذا البلد الصغير إفتدى قضية فلسطين بسلامته واستقراره وأرضه ودماء شعبه وتطوره الاقتصادي والاجتماعي. لبنان لم يقصر يوما تجاه القضية وهو على التزامه بها مهما كانت التضحيات، لأنه يعلم أن العدو يريد النيل من كل العرب وليس من الفلسطينيين فحسب. لكن من حق لبنان على أشقائه والفلسطينيين المقيمين على أرضه بشكل خاص أن يدركوا أهمية الاستقرار في لبنان لقضيتهم وأن أي شكل من أشكال الفوضى لن يجعلنا نتقدم شبرا واحدا في اتجاه فلسطين. فلسطين تبتعد عنا كلما أوغلنا في الفوضى وأفسحنا المجال لتحويل المخيمات في لبنان أو غير لبنان إلى ساحات للخروج على القانون على صورة كارثة نهر البارد التي كانت اعتداء على الشعبين الفلسطيني واللبناني. وقد اجتزنا المحنة بفضل الله وبفضل التعاون اللبناني ـ الفلسطيني لدعم الجيش والقوى الأمنية الذين أوجه لهم تحية إكبار وإجلال على تضحياتهم السخية للدفاع عن لبنان وفلسطين معا في وجه الإرهاب والتطرف والفتنة".
وأكد أن "إعادة بناء نهر البارد هي ركن أساسي في إعادة العلاقة إلى خطها الصحيح"، داعياً "الإخوة العرب والمجتمع الدولي إلى متابعة دعم هذا المجهود ليطمئن اللاجئون الفلسطينيون إلى صدقية المعالجات الجارية كلها ويطمئن اللبنانيون إلى مستقبل أمنهم".
واعتبر أن "تجربة نهر البارد كانت كارثة لا يجوز أن تتكرر. تجربة أوقعت الأذى بلبنان وبفلسطين ونريد لها جميعا أن تدفن في مقبرة التاريخ لتحل محلها الصفحة المشرقة التي افتتحها الرئيس فؤاد السنيورة بإنشاء لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني". وإذ شكر الرئيس السابق للجنة السفير خليل مكاوي "الذي أرسى القواعد الأولية والإطار القانوني"، اعرب عن ثفته بأن "الرئيسة الجديدة الأستاذة مايا مجذوب ستواصل كتابة الصفحة المشرقة ونحن سنسعى إلى تجنيد القدرات والموارد لمساعدتها على تحقيق الأهداف الملحة التي لم تعد تحمل التأجيل". وشكر "جميع الحاضرين لأنكم جميعا معنيون بهذه القضية وشركاء في نجاح المهمة".
اضاف: "كلمة أخيرة عن الواجبات والحقوق، من حق الشعب الفلسطيني أن يشعر بأنه يقيم بين أهله وإخوته وأنه لا يشكل عالة على هذا البلد أو جهة غير مرغوب فيها. ومن واجب لا بل من مسؤولية الدولة اللبنانية والمجتمع اللبناني أن يقدما الدليل على الضيافة اللبنانية. وأنا على ثقة بأن اللبنانيين بمختلف اتجاهاتهم السياسية والفكرية لن يشكلوا عائقا في أي مشروع يليق بمسؤولية لبنان تجاه أشقائه الضيوف وأن الفصائل الفلسطينية في المقابل معنية بحماية الاستقرار في لبنان والتزام موجبات القانون اللبناني. ومع تفهمي لكل التحركات وردات الفعل التي ترافق طرح هذا الموضوع، فإن المسؤولية تحملني على التشديد على أن معالجة هذه المسألة وهي ستحصل حتما تتم في إطار المؤسسات المعنية وتحت سقف الحوار والتفاهم وبعيدا من أي شكل من الإثارة أو أي خطوة غير مدروسة".
وختم: "إن لبنان لا يحتاج ولا يتحمل إضافة اي بند خلافي إلى جدول أعماله الوطني. وقضية فلسطين لا يجوز أن تتحمل عبئا خلافيا جديدا. قضية فلسطين أمانة غالية لا يصح أن تبقى في دوامة الانقسامات. هذه دوامة لمصلحة اسرائيل ولمصلحة أعداء فلسطين. شعب فلسطين المقيم بيننا في لبنان يجب أن يكون في منأى عن ذلك ولبنان سيلتزم ما عليه إلى أن تتحقق العودة وتقوم دولة فلسطين العربية الحرة المستقلة".
وتحدث بالإنكليزية قائلاً: "سوف تتحمل هذه الحكومة مسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني الذي يعيش في لبنان، ولكن على المجتمع الدولي أيضا أن يتحمل مسؤوليته تجاه هؤلاء الفلسطينيين بأن يكون لهم الحق بالعودة إلى وطنهم فلسطين وعاصمتها القدس. وستقوم الحكومة والمجلس النيابي بما يجب القيام به، ولكن على المجتمع الدولي من الأوروبيين والأميركيين والعرب والآسيويين والجميع حول العالم أن يعلموا أن الفلسطينيين يجب أن يعودوا يوماً إلى أرضهم، وأن هذا الصراع لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية لأن كل واحد منا في هذه المنطقة سيدفع الثمن، وكل واحد منكم حول العالم سيدفع الثمن أيضا".