زيارة تاريخية

موضوع: زيارة تاريخية الإثنين 02 أغسطس 2010, 7:59 pm

بقلم : سمير عواد (مراسل الراية في برلين) ..بشرهم الذين يصنعون السياسات، بشر أيضا هم الذين يعانون منها عندما تفشل، أو تفتقد إلى الاتزان والاعتدال، بشر هم الذين يستفيدون منها عندما يصنعها سياسيون لهم بصيرة وضمير وهنا تلتقي السياسة مع الإنسانية التي وجدت من أجل تنظيم حياة البشرية والحفاظ على أمنها وحياتها من كل شر.
والزيارة التاريخية التي يقوم بها سمو أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وسمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند إلى لبنان، تجمع بين السياسة والإنسانية. لم يسبق وأن شعر اللبنانيون بحب جارف لزعيم دولة عربية، بعد غياب الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، مثل حبهم الذي عبروا عنه عندما استقبلوا سموهما في كل مكان حلا به على أرض لبنان.
اللبنانيون يختلفون حول كل شيء، لكنهم التقوا على حب أمير دولة قطر. لم ينس اللبنانيون، أن سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني كان أول زعيم دولة زار بلدهم بعد ساعات قليلة على نهاية العدوان الإسرائيلي الوحشي على أراضيه في صيف عام 2006، وتوجه على الفور إلى الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت التي ركز الطيران الحربي الإسرائيلي غاراته المجرمة عليها، وهي الزيارة التي أحرجت القادة العرب قبل كل شيء، لكون لبنان كان بأشد الحاجة لتضامن عربي في هذه اللحظة بالذات. ولولا زيارة سمو أمير دولة قطر، لكفر اللبنانيون بالعروبة وهم الذين قدموا لها وأوفوا لها أكثر من الغير.
قبل عام على نيل لبنان استقلاله من فرنسا عام 1949 استقبل اللبنانيون آلاف الفلسطينيين الذين لجأوا لأراضيه هربا من الإرهاب الإسرائيلي، عبر البر والبحر، وينتظرون حتى اليوم "العودة". ثم احتضن لبنان(الصغير) الفصائل الفلسطينية وقياداتها وعلى رأسهم ياسر عرفات، ودفع الثمن باهظا في عام 1982 حين اجتاحت إسرائيل أراضيه لتنهي وجود هذه الفصائل التي انتقل بعضها إلى تونس وتشرذم الآخر، وبدأ فصل جديد في تاريخ الشتات الفلسطيني المستمر.
ودفع على مر السنوات السابقة، أقساطا أخرى، نتيجة خلافات أطرافه، ونجا من حرب أهلية جديدة، بفضل الله تعالي وحكمة وبصيرة أمير دولة قطر، عندما تدخل الرجل المناسب في الوقت المناسب، ودعا كافة الأطراف المتنازعة في بلاد الأرز إلى الدوحة، عاصمة السلام العربية، ووقعت جميعها على"اتفاق الدوحة" مما سهل في انتخاب رئيس جديد للبنان وحكومة جديدة وبدأ عهد جديد لبلد لم يعرف سوى الهزات منذ أكثر من ثلاثة عقود.
وقف أمير دولة قطر بوضوح إلى جانب المقاومة اللبنانية، موقف كان ينتظر اللبنانيون أن يكون من قبل كل قادة العرب. لكنه، لم يكن كذلك.
أمر سموه، أن تمول دولة قطر، كل ما هدمته إسرائيل في "بنت جبيل"و"الخيام"و"المصباح"و"دير ميماس" من بيوت ومساجد وكنائس دون أي تمييز لتقول أنها ضد جميع اللبنانيين باختلاف طوائفهم، ولما استقبلته هذه البيوت والمساجد والكنائس، بالورود والحب رفعت على المباني صور الأمير، اعترافا بتضامنه وكرمه وعلى يافطات ازدانت شوارع الجنوب كتبوا عليها" البيت بيتك". في نفس الوقت أرسلت قطر 200 جندي للعمل في مهمة(اليونيفيل) لتؤكد حرصها على احترام الأمم المتحدة.
يبقى "اتفاق الدوحة" ركيزة الاستقرار في لبنان الذي تهدده إسرائيل باستمرار. وزيارة أمير دولة قطر إلى لبنان، التي تتم في مرحلة حساسة يمر بها هذا البلد العربي الصغير، فالبلد مهدد أكثر من أي وقت مضى من إسرائيل، التي تريد الانتقام لهزيمتها المرة عام 2006. كل يوم ترسل تهديدات إلى اللبنانيين، وبين كل فينة تخرق أجواءه، وما زالت تحتل جزءا من أرضه.
المثير في زيارة سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أنه اختار أن يكون ضيفا على جنوبه أيضا، هذا الجزء العزيز على قلوب العرب، مهد المقاومة اللبنانية والمكان الذي احتضن المقاومة الفلسطينية، ولا يزال يحتضن مخيمات الفلسطينيين منذ عام 1948، لم يسبق وأن زاره زعيم عربي أو أجنبي حتى اليوم. بعبارة أخرى، صحب الرئيس اللبناني ليزور مناطق لم يزرها كرئيس حتى اليوم وهذا تغيير في السياسة اللبنانية آملين أن يصبح طبيعيا زيارات المسئولين في الدولة اللبنانية إلى الجنوب العزيز.
السياسة الخارجية القطرية التي وضع سمو أمير دولة قطر أسسها، باعتراف الجميع، تقوم على الشفافية والحوار والتضامن. وقد أكسبها ذلك اعتراف الجميع. ليس هناك بلد في العالم، يتمتع بسمعة الوسيط النزيه مثل دولة قطر.
إن المواقف التي تقوم بها دولة قطر، تظهر بكل وضوح عجز الأطراف الدولية والعربية تجاه حل النزاعات في منطقة الشرق الأوسط. فحين اختارت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الالتزام بنصيحة إسرائيل قطع العلاقات مع"حماس" وشق الصف الفلسطيني الذي أصبح بلاء جديدا على تاريخ هذا الشعب المقهور،
مما يعطل الحل، فإن دولة قطر، الوحيدة التي تستطيع أن تتحدث اليوم مع كافة الأطراف في المنطقة.
بوسع إسرائيل أن تدمر وتقتل، كل حجر تدمره يقوم مكانه حجر أكبر، وبعد كل شهيد تولد نساءنا عشرة. عندما سئل هنينغ مانكل الكاتب السويدي المعروف وكان على متن سفينة تابعة لأسطول الحرية متجهة لخرق الحصار الظالم الذي تفرضه إسرائيل على غزة، قبل اعتداء البحرية الإسرائيلية عليها وقتل تسعة من المتضامنين الأتراك، لماذا يتواجد في هذا المكان أجاب: أعلنت تضامني مع سكان غزة والتضامن معناه أن يفعل المرء شيئا. هذا بالتحديد ما تفعله دولة قطر. خلال الزيارة الرسمية التي قام بها سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وحرمه سمو الشيخة بنت ناصر المسند مؤخرا إلى جمهورية سلوفينيا، تم خلال الزيارة التوقيع على اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين بينها اتفاقية تعبر عن تضامن قطر مع الفلسطينيين وهي خطوة سابقة لم تقم بها دولة عربية من قبل، إذا أن الاتفاقية المعنية تقوم على تمويل دولة قطر إعادة تأهيل أطفال من قطاع غزة أصيبوا بعاهات نتيجة العدوان الإسرائيلي الوحشي، في معهد التأهيل الطبي بمدينة لوبليانا.

» رئيس جنوب السودان سيصل اسرئيل في زيارة تاريخية
» أبو مازن" يستقبل الرئيس الروسي في زيارة تاريخية لـ فلسطين
» المالكي:زيارة ملك الاردن تاريخية وهناك تطابق تام بالرؤى ووجهات النظر
» بيع علم معركة تاريخية بـ2.2 مليون دولار
» بلدة يبنا ( نبذة تاريخية وجغرافية )