تثير بعض الأوساط في قوى "8 آذار" المخاوف من إمكان انفجار الوضع الأمني في المخيمات الفلسطينية بسبب الخلاف بين الفصائل الفلسطينية على موضوع المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، وتتوقع هذه الأوساط أن يتم تنفيس الاحتقان القائم بين حركتي "فتح" و"حماس" وحلفائهما في لبنان بدلاً من الأراضي الفلسطينية بحجة أن الوضع هناك محسوم ولا يمكن تبديله, فتكون ساحة لبنان هي المرشحة لاختبار القوة هذا.
لكن مسؤولاً فلسطينياً بارزاً في لبنان من خارج "فتح" و"حماس" أكد لـ"السياسة" أن هذا السيناريو خيالي ولا يمت إلى الوقائع السياسية بصلة، وأشار إلى الخلاف السياسي بين الفصائل الموجودة على الأرض اللبنانية قديم، ولم يتحول يوماً إلى اشتباك عسكري، وحتى عندما حصل هكذا احتكاك أمني فإنه كان محدوداً للغاية. أما الاستثناء الوحيد فكان من صنع جهات مخابراتية خارجية كحالة مخيم "نهر البارد" التي بدأت باشتباك فلسطيني فلسطيني بين حليفين لدمشق, "فتح-الانتفاضة" و"فتح-الإسلام", والتي انتهت إلى مواجهة مع السلطة اللبنانية وليس إلى تناحر فلسطيني فلسطيني.
وأكد أن أية مشكلة في المخيمات، إذا نشأت، فستكون من صنع جهة غير فلسطينية، تريد من خلالها التأثير على الواقع اللبناني المأزوم، في تكرار لتجربة "البارد"، ومحاولة إدخال العنصر الفلسطيني إلى الصراع الداخلي اللبناني.
ورأى المسؤول الفلسطيني أن الإثارة الإعلامية الموجهة لموضوع "أمير" فتح الإسلام عبد الرحمن عوض الذي قتل مع مرافقه في شتورا في كمين للجيش اللبناني، هدف إلى إثارة مشكلة لبنانية لبنانية, أكثر مما هي مشكلة بين الفلسطينيين، من خلال الإيحاء أن القتيل كان من المحسوبين على "تيار المستقبل"، أو على الأقل انه كان يعلم خفايا العلاقة المزعومة بين التيار وبين تنظيم شاكر العبسي الإرهابي. كما أن خبر تعيين أسامة الشهابي أميراً ل¯"فتح الإسلام" خلفاً لعوض, كان خبراً لبنانياً فوجئ به الشهابي نفسه, بالإضافة إلى عائلته والفصائل الفلسطينية كافة, وخصوصاً في مخيم "عين الحلوة".
ووضع المسؤول حملة "8 آذار" التحريضية ضد المخيمات الفلسطينية في إطار سياسة الحفاظ على هذه المخيمات "ساخنة" وجاهزة للاشتعال إذا اقتضت المصالح الإقليمية ذلك, تماماً كما حصل في حرب مخيم "نهر البارد" في العام 2008 التي شكلت فرصة ثمينة لسورية لتثبت للعالم أنها تساند "مكافحة الإرهاب". واليوم فإن إشغال لبنان وحكومته وجيشه بحرب باردة جديدة, بديلا من فتنة مذهبية لبنانية لبنانية, قد تكون مفيدة لتأجيل استحقاق القرار الظني للمحكمة الدولية أو صرف النظر عنه نهائياً.
ورأى المسؤول الفلسطيني أن السيناريو المفترض لبعض قوى "8 آذار" هو في أن تسيطر حركة "حماس" وحلفاؤها الفلسطينين بدعم حزبي لبناني على مخيم "عين الحلوة" والتحكم بأمن مدينة صيدا, والسيطرة على مخيم البداوي والتحكم بأمن مدينة طرابلس, بعد أن نجح "حزب الله" في اختبار السيطرة على مدينة بيروت في 7 مايو 2008. وهكذا يُحاصر "تيار المستقبل" وزعيمه رئيس الحكومة سعد الحريري في معاقلهما الرئيسية الثلاث.