بيروت مدينة منزوعة السلاح" ... ماذا عن بقية المناطق والمخيّمات الفلسطينية ؟

صونيا رزق

بيروت مدينة منزوعة السلاح ... مطلب شعبي تنادي به معظم اللبنانيين ومعظم نواب بيروت منذ ايار 2008 ، لكن اليوم ومع تكرار مشاهد الاقتتال والعنف يجب أن ينسحب هذا المطلب على جميع المناطق اللبنانية ، وأن تفرض الدولة سلطتها على كل من يريد الإخلال بالأمن، اذ آن الأوان لأن تبادر الدولة إلى اتخاذ الإجراءات السريعة لتحقيق هذا المطلب، والكفّ من الانتشار المسلح وتحويل الشوارع إلى مربعات أمنية ُتذكّر بحقبات أليمة كانت لها الآثار السلبية على مؤسسات الدولة.
فالقرار الجريء لطالما كان مطلباً بيروتياً له مبرراته لأن أي انفجار في العاصمة التي تحتضن كل الطوائف والمذاهب له تداعيات خطيرة على السلم الأهلي، خصوصاً ان المعالجات لا يمكن ان تستمر بالتراضي، وان تكون الدولة وسيطاً بين المتحاربين ما ُيشكل دليلاً جديداً على الفوضى، والمطلوب المساعدة من جميع الافرقاء لتبيان المصداقية، اذ كيف بإستطاعة الدولة وسط كل هذه الانقسامات السياسية ان ُتحقق هذا الشعار المحتاج الى رضى الجميع؟، لان التنفيذ يواجه صعوبات لا يمكن تخطيها خصوصاً ان المطالبة أتت في الطليعة من قوى 14 آذار، وهذا بالتأكيد سيكون كافياً للمزيد من التعقيدات من قبل قوى 8 آذار.
والمطلب في هذه الفترة تحديداً يدفع الى التساؤل إن كان سيسري مفعوله على بقية المناطق اللبنانية، اذ ان بوادر الاقتتال لا تقتصر فقط على العاصمة وهي مرشحة للانتقال الى مختلف المناطق اللبنانية، وهذا ما بدا عشية حادثة برج ابي حيدر اذ ظهرت مظاهر التسلح ولو بصورة خفية في بعض المناطق، كما ان الشعار مطلوب تنفيذه ايضاً في المخيمات الفلسطينية الواقعة ضمن بيروت على الاقل في الفترة الحالية، لان لا هدف لها اليوم خصوصاً في العاصمة.
والمطلوب وقبل فوات الاوان ان تتخذ الدولة بكل مؤسساتها القرارالحازم والضرب بيد من حديد، لان تنفيذ شعار» بيروت منزوعة السلاح» من قبل القوى الشرعية سيريح كل المواطينين اللبنانيين، لان مسؤولية حماية الناس وتأمين الإستقرار في البلاد تقع على عاتق الحكومة بهدف تحقيق السلم الأهلي المصاب بالهشاشة بسبب منطق التسويات الذي يحيطه من كل حدب وصوب، والدعوة موجهة اليوم الى حماية لبنان من المخاطر الداخلية التي تتطلب إنهاءً سريعاً للأوضاع الشاذة المتمثلة بالمربعات ألامنية التي تتبارى بحملات التهديد، مما سيؤدي الى المزيد من إشعال الاحتقان المذهبي بسبب او بدونه.
والى جانب نزع السلاح من بيروت وبقية المناطق،فهناك قرار نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات الذي إعُتبر منذ طاولة الحوار الاولى في العام 2006 موضع إجماع لبناني وورد في بيان الحكومة، وهو مرتبط ارتباطاً تنفيذياً بمبدأ سيادة الدولة على كامل أراضيها ، لكن لغاية اليوم لم ينفذ على الرغم من ان جميع الاطراف السياسية اللبنانية توافقت عليه وعلى ضرورة تطبيقه وايجاد آلية محددة لتنفيذه، وبعد سنوات عاد الموضوع إلى طاولة المتحاورين الذين اتفقوا على ضرورة تأمين الظروف المناسبة لمعالجته بعد ان تبيّن انه ملف سياسي أكثر منه عسكري ويمكن معالجته مع سوريا، خصوصاً بعد تحسّن العلاقات معها من خلال قيام تبادل ديبلوماسي.
وعلى الرغم من ان الاجماع اللبناني اتى متأخراً حول نزع هذا السلاح لأنه شّكل خطراً على الدولة اللبنانية أولاً، وذريعة إسرائيلية لضرب الفلسطينيين والمواقع الفلسطينية داخل الأراضي اللبنانية ، لكن اليوم ُيعتبر ذريعة إسرائيلية إضافية بأن كل سلاح ُيطلق من لبنان هو سلاح للفلسطينيين تتحّمل الدولة اللبنانية والشعب الفلسطيني والمخيمات الفلسطينية تبعات أي قصف حتى لو كان من خارج إطار تواجدهم .
امام كل هذه الاسباب لا بدّ من سرعة التنفيذ لان لبنان ما يزال أكثر ساحات العمل الفلسطيني تعقيداً، والامن اللبناني والفلسطيني يتداخلان ومن غير المسموح تحوّل المخيمات إلى بؤر امنية ومربعات لا ُيسمح للقوى الشرعية بدخولها ، كما أن القيادة الفلسطينية التي التزمت التعامل الرسمي مع الدولة اللبنانية، ترى أن إعادة تنظيم هذا السلاح واجب فلسطيني اذ لم يعد له جدوى في ظل تطبيق القرار 1701 ، فيما هم يريدون بقاء هذا السلاح وتلك القواعد العسكرية في إطار ممارسة دور داخلي في لبنان، هو في مجمله دور مشبوه، خصوصا أن هذه المعسكرات أصبحت مركزاً للعبث بالأمن والصراعات الداخلية ، اذ ما زلنا نشهد بين الحين والآخر اشتباكات واحداث دامية على ارض لبنان بين مختلف المنظمات والفصائل الفلسطينية التي تندرج في اطار تعريض لبنان إلى اخطار لا علاقة له بها من خلال سلاح غريب وخارج عن سلطة الدولة اللبنانية، كما ان الأوكار المسلحة تلاقي الغطاء المباشر من البعض، وتشّكل تحدياً سافراً للدولة اللبنانية ومؤسساتها الأمنية وتدل على نوايا مبيتة، والدولة اليوم ُُمطالبة باتخاذ قرار جازم لاجوع عنه للإمساك بزمام الأمور وبموقف تاريخي شجاع يقضي ببسط سلطتها على جميع اراضيها، لان البعض يتخوّف من أن يؤدي تأجيل حل هذه المشكلة الى ما يشبه مخيم نهر البارد فيكون الفتيل لإشعال حرب جديدة على ارض لبنان هو في غنى عنها .

» لا نوزّع السلاح في بيروت.مخيم "عين الحلوة": هل من مواجهة مع "جندي الشام"؟
» إعلان يوم الجمعة المقبل يوماً لنصرة المقدسات الفلسطينية مواقف ومسيرات غضب في المناطق والمخيّمات
» الخرطوم: اتفاق لجعل ابيي منزوعة السلاح
» ماذا عن تعديل بقية القوانين المجحفة بحـق اللاجئيـن الفلسـطينيين؟
» نتنيـاهو يعـرض خطتـه «للسـلام»: إسقاط حقّ العودة ودولة منزوعة السلاح