عقب احتلال العراق على يد جيش الاحتلال الأمريكي وانتشار الفوضى الأمنية , بدأت المليشيات الإجرامية بالعراق باستهداف الفلسطينيين في جميع أماكن تواجدهم في العراق بالقتل والاختطاف والتعذيب حتى الموت, كل ذلك دفع الفلسطينيين للهجرة تجاه الحدود مع الدول العربية حيث منعوا من دخولها فأقاموا عدداً من المخيمات الصحراوية.
مخيم الوليد أحد هذه المخيمات ويعد من أسوئها وعلى كافة الأصعدة الخدماتية والأمنية والصحية والبيئة.
ولادة المخيم
غادرت مجموعة من الفلسطينيين العراق بتاريخ (3/12/2006) إثر تلقيهم تهديدات بالقتل ومصادرة ممتلكاتهم إن لم يتركوا العراق , وبناء على ذلك هاجروا العراق بغرض الالتحاق بإخوانهم الذين سبقوهم في مخيم التنف بين الحدود السورية العراقية, حيث لم يوافق لهم بدخول الحدود السورية إلى مخيم التنف , عندها بدأت مراحل ولادة مخيم الوليد وبـ(80) لاجئاً لتبدأ دفعات جديدة تصل الحدود تقدر ب(40) لاجئاً كل أسبوع حتى وصل اليوم أعداد اللاجئين (1549) لاجئاً, وتعود تسمية المخيم إلى اسم نقطة الحدود العراقية السورية الوليد , وهو يقع داخل الحدود العراقية وليس خارجها وقد تم تقسيمه إلى قسمين.
معاناة لا تنضب
خلال الأشهر الأولى من إقامة المخيم قدمت عشائر منطقة الأنبار المساعدات للاجئين لكن بعد ازدياد أعدادهم قدمت لهم مساعدات من حركة حماس والصليب الأحمر لتشرف بعد ذلك منظمة (ics) على الجانب الإغاثي والخدماتي في المخيم من توفقي الخيام والأغذية والمياه والخدمات الطبية.
كما لم يتم تعين طبيب مختص لعلاج اللاجئين رغم مضي شهرين على وجودهما في الصحراء, وكان المخيم يخلو من الأدوية والمستلزمات الطبية حيث اقتصرت مهمة الطبيب على تشخيص الحالات وليس علاجها.
يعد مخيم الوليد من أسوء المخيمات الصحراوية لفلسطينيي العراق , من الناحية الأمنية فقد تعرض لعدة اقتحامات من الشرطة العراقية وقوات الاحتلال الأمريكي وسط إطلاق أعيرة نارية واعتقال فلسطينيين وتعريضهم للتعذيب والإهانة وإحداث اضطراب في المخيم و إخافة اللاجئين وخصوصاً النساء والأطفال.
كما يعيش اللاجئون الفلسطينيون في مخيم الوليد أوضاعاً مزرية وصعبة للغاية داخل مجموعات من الخيام , حيث يفتقدون فرص العمل لكسب عيشهم وتأمين ما ينقصهم في ظل عدم تقديم أية مساعدة مادية لهم حيث يجبرون على بيع قسم من المساعدات المقدمة إليهم.
أيضاً يعانون نقصا في المواد الغذائية المقدمة لهم ذات القيمة الغذائية والتي تؤمن لهم مستوى غذائي جيد, ونقصاً في مياه الشرب الصحية المخصصة للفرد يومياً ويشتكي اللاجئون من وجود خزانات مياه غير نظيفة وقد سببت لهم الكثير من أمراض الجهاز البولي وحالات تسمم؟
وكان مخيم الوليد قد تعرض أكثر من مرة لاقتحامات ومداهمات من قبل القوات العراقية وجيش الاحتلال الأمريكي وسط إطلاق أعيرة نارية واعتقال فلسطينيين وتعريضهم للضرب والإهانة و نشر الخوف والذعر بين النساء والأطفال.
ويعاني اللاجئون من نقص في الطاقة الكهربائية وانقطاعها عنهم لساعات طويلة, بالإضافة إلى أن الحمامات والمرافق الخدماتية مشتركة بين اللاجئين مما يسهل نقل الأمراض بينهم عن طريق العدوى.
كما يشتكي اللاجئون من استلامهم مواد غذائية فاسدة أدت إلى إصابات بالتسمم وخاصة لدى الأطفال, ويشكل موقع المخيم على جانب الطريق الدولية بغداد دمشق خطراً على حياة اللاجئين فقد توفي طفل دهساً على هذه الطريق.
وتتميز البيئة التي يقع فيها المخيم بالصحراوية حيث تنتشر الزواحف والأفاعي التي أوقعت اصابات بين اللاجئين بلدغاتها, كما أن الحرارة ترتفع صيفا وتساهم في نشوب حرائق وتنخفض شتاء حيث البرد القارس وتشكل الصقيع , حيث تعرض مخيم الوليد لسلسلة من الكوارث البيئة والحرائق .
وتعد البيئة الصحراوية الصعبة سبباً في تدهور الحالة الصحية للاجئين والتي أدت إلى وفاة قرابة (19) حالة في المخيم خاصة من كبار السن ونظراً لعدم توفر العلاج الصحي المناسب والأدوية وضعف الكفاءة لدي طبيب المخيم, حيث توفي (3) أطفال وشاب و(15) كبيراً في السن, ويجبر اللاجئون على دفن موتاهم في الصحراء.
توجد مدرسة في المخيم حيث تتراوح أعداد الطلاب (220-260) طالباً.
عدد من الدول كالسويد وأمريكا والنرويج والسودان وهولندا والدنمارك وايسلندا قبلت استضافة مجموعات منهم وغادروا مخيم الوليد بعد معاناتهم الطويلة في صحراء الأنبار, ولا يزال المئات منهم ينتظرون الفرج.
بدورها حذرت رابطة فلسطينيي العراق من تدهور الأوضاع الإنسانية في مخيم الوليد و الضعف في الجانب الصحي والخدماتي واضطراب أوضاع اللاجئين الفلسطينيين وتذمرهم من الوضع الذي يعيشونه في ظل فقدان الأمل بحل لمأساتهم.
وجددت الرابطة دعواتها ومناشدتها التي أطلقتها سابقاً لإنهاء مأساة اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات الصحراوية حيث يعيشون تهميشاً واضحاً من قبل المؤسسات الإنسانية.