د. جمعة السقا يقضي العيد مشردا عن أسرته التاريخ : 14/9/2010 الوقت : 11:48

د. جمعة السقا يقضي العيد مشردا عن أسرته التاريخ : 14/9/2010 الوقت : 11:48
--------------------------------------------------------------------------------

رام الله 14-9-2010 وفا- لم ينفع د. جمعة السقا العلم ولا المقام ولا الانتماء حين اعتقل، وعزل، وضرب، وأخيرا شرّد على أيد، ليست من المفترض أن تكون عدوّة، أخصائي الجراحة التجميلية الذي منعته قوات حماس من ممارسة مهنة جراحة التجميل لأنها 'تخالف تعاليم الدين،' ولم يكفهم ذلك، بل فعلوا ما هو أمرّ، وأشقى.

'في البداية، استلمت إخطارا بأن عليّ إخلاء مكتبي في مستشفى الشفاء، خلال ساعة، وحين لم أنصع للأمر، أخلت مليشيا القوة التنفيذية المكتب بالقوة،' يقول السقا لـ'وفا'. هكذا أقلت، قسرا، من منصبي كمدير العلاقات العامة في مستشفى الشفاء ونائب مدير المستشفى، ثم سجنت في معتقل أنصار، بتهم عديدة، منها التواصل مع رام الله، والمساهمة في قطع رواتب موظفين، والإعداد لتفجير في مهرجان لحماس، لم يحدث به أي تفجير أصلا.

بعد إقالتي، بدأ إضراب الأطباء في غزة، واختطفوني في نفس الليلة من بيتي وحملوني مسؤولية الإضراب، واعتقلوني ستّ مرات، إلى أن اعتقلت لمدة 18 يوما في الزنازين الانفرادية.

'أنا رجل مهني، أضمد الجرحى وهمّي تخفيف معاناة المرضى، كيف لي أن أعد لإضراب، أو لتفجير؟' يتساءل السقا، قائلا إن رجالات الأمن الداخلي الحمساوي أغلقوا عيادته الخاصة، وشمعوها وغيروا أقفالها، وفتشوا منزله دون أمر تفتيش أو أي أمر رسمي من النيابة.

وتتكرر التجربة مع كل من هو غير حمساوي من الأطباء في غزة، أقيل ذوو الخبرة، ولم تصَن المعدات، ولم تستلم الأدوية والمعدات الطبية القادمة مع الإعانات الإنسانية إلا مستشفيات حماس.



الاعتقال الأخير:

جاء أفراد من القوة التنفيذية إلي قائلين: نريدك أن تأتي معنا لمدة نصف ساعة، فذهبت، وطال نصف الساعة ليصبح 18 يوما من التحقيق اليومي والتعذيب الجسدي، في زنازين انفرادية، تحت سطوة سجان ومحقق، وجلاد يسمى 'أبو جزر'. حققوا معي على التهم الثلاث، حتى ثبت بالتحقيق أنني بريء مما يذكرون.

كانوا يستدعوني من الزنزانة، يضعون كيسا أسود على رأسي، ويأخذونني إلى غرفة التحقيق. هناك، يوجهون إلى حفنة من التهم، كان عليّ الاختيار من بينها. كيف لي أن أختار؟ كيف أنتقي فعلة لم أفعلها، لأحمل مسؤوليتها مدى حياتي؟ ولكن، كان علي أن أجيب، وكل مرة لم ترق إجابتي للمحقق، كان أبو جزر يأخذ الأمر فيضربني، وبوجه لي إهانات وألفاظ نابية، ومن العقوبات على الإجابات التي ليست على مزاج المحقق، كان الشبح، أي الوقوف الحر مع رفع الأيدي إلى الأعلى، وإن تعبت يدك وارتخت قليلا، يضربونك على مرفقك لترفعها.

وأضاف: استدعوا أبنائي الثلاث، أعمارهم 25، و23، و20 عاما، وضربوهم، على مسمع مني، ولم أرهم، واستدعوا زوجتي أيضا للتحقيق. زوجتي أعلنت إضرابا عن الطعام، منذ اليوم الأول لاعتقالي الأخير هذا، ولم تفكه حتى خرجت.



القمعة:

وفي إحدى المرات، كانت 'القمعة'! وقف حارس على باب كل زنزانة، وفجأة بدؤوا بإصدار أصوات متوحشة، واقتحموا الزنازين، ووضعوا أكياسا على رؤوسنا ودفعونا إلى خارج الزنازين، بدؤوا بدفعنا من حائط إلى آخر ولم يبالوا بوقوعنا على الأرض أو إصابتنا بجروح أو بكدمات، حتى أخرجونا إلى الخارج، ليقوموا بتفتيش الزنازين. 'هذا جرح، وهذا آخر، وفي ركبتيّ المزيد، أرأيتِ كيف لم تشف جروحي بعد'، قال السقا لمراسلة 'وفا'.

بعد الاعتقال الأخير، في نهايته، أجبروني على كتابة استعطاف للأجهزة الحمساوية، وتعهد بأن أعمل لصالحهم وأن أخبرهم بكل اتصالاتي وما ورد فيها، وأن أبلغ عن كل من يخرج عن طوعهم ولي تواصل معه. وحين لم أطع الأمر، أغلقوا عيادتي.



الهرب:

سأعود يوما، لا أدري متى، لكنني سأعود، زوجتي هناك وأبنائي هناك، وحياتي هناك، وعملي. هربت من غزة، بعد استصدار تصريح، وحتى بعد خروجي من معبر بيت حانون 'ايريز'، لاحقتني قوات حماس باتصالاتهم، طالبين مني معلومات حول خروجي، كيف خرجت، ومن أخرجني.

حاله حال الكثيرين، ولحكايتة تتمة، كالعادة، لا أحد يعلم ما هي ولا متى هي، لكن 'عاشوا بثبات ونبات' ليست المقولة الصائبة، بعد.