المجدلاوي: شعبنا يعيش في ظل سلطتين قمعيتين في الضفة وغزة‏

اعتبر النائب جميل المجدلاوي – عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين استمرار المفاوضات بقيادة الرئيس محمود عباس وبين دولة الاحتلال الإسرائيلي محطة جديدة من مسيرة الانحدار السياسي الذي عبر عنه اتفاق أوسلو وملاحقه والذي وفق وصفه سيظل يقترب خطوة اثر خطوة من التكيف مع الحلول الأمريكية والإسرائيلية، مؤكداً على أن التفاوض باسم منظمة التحرير يضع أطياف الشعب الفلسطيني كافة أمام أمور واقع لا يخدم أحداً، مجدداً موقف الجبهة الشعبية الرافض لاستمرار المفاوضات.

وانتقد المجدلاوي في حوار مع ' الاستقلال' الصحيفة الناطقة باسم حركة الجهاد الاسلامي في قطاع غزة ، استمرار حملات الاعتقال التي تشنها السلطة ضد المقاومين في الضفة تحت ذريعة التنسيق الأمني مع الاحتلال، معتبراً أن الشعب الفلسطيني يعيش تحت ظل سلطتين قمعيتين في الضفة وغزة تمارسان الملاحقات والتعديات دون أي سند قانوني أو أخلاقي.

التكيف مع الإملاءات

وقال المجدلاوي أن قرار الرئيس عباس والأوساط المتنفذة في اللجنة التنفيذية بالمشاركة بالمفاوضات المباشرة مع العدو بالرعاية الأمريكية جاء دون توفير الحد الأدنى الذي قررته هيئات المنظمة ذاتها، وخاصة المجلس المركزي عندما اشترط للمشاركة بالمفاوضات الوقف التام للاستيطان والتأكيد على مرجعيات القرارات الدولية.

وأضاف: ' نحن اعتبرنا هذه الخطوة مظهر من مظاهر التكيف مع الاملاءات والحلول الأمريكية، ولا توفر القاسم المشترك الذي يضمن استمرار مشاركتنا في اجتماعات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وقلنا أننا ندرس تعليق المشاركة في اجتماعات اللجنة التنفيذية وتأخر إعلان موقفنا لأسباب إدارية تنظيمية الساحة الفلسطينية تعرفها، لأن مثل هذا القرار يحتاج مشاركة كل قيادات الجبهة داخل الوطن وخارجه'.

وكانت الجبهة الشعبية قد هددت بالانسحاب من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد اتخاذ السلطة في رام الله قراراً باستمرار المفاوضات المباشرة مع الاحتلال برعاية أمريكية أواخر العام الماضي.

وحول هذا الموضوع قال النائب المجدلاوي: ' هناك فرق بين الحديث عن الموقف من المنظمة والموقف من سياسة بعينها، المنظمة بالنسبة لنا هي انجاز وطني ينبغي التمسك به والمحافظة عليه، لأنها تشكل الكيان السياسي المعنوي الناظم والمجسد لوحدة شعبنا في الوطن والشتات، وبهذا المعنى نحن نتمسك بالمنظمة ونعمل من أجل إعادة بناء مؤسساتها على اسس وطنية وديمقراطية، نميز بين المنظمة بهذا المعنى وبين المنظمة وقيادتها كإطار جبهوي يضم قوى سياسية واجتماعية تقبل العمل المشترك في لحظة سياسية معينة، فالمنظمة الجبهة الوطنية وقيادتها ليست إطاراً قيادياً ملزماً ومتلازماً مع الإٌقرار بصفة المنظمة ككيان سياسي، والجبهة الوطنية وقيادتها إطار يقبل المشاركة أو عدمها وفق تقدير كل جهة، مشدداً على أن الجبهة الشعبية ستظل تقف ضد المفاوضات مع العدو.

وتابع القيادي في الجبهة قائلا: ' أبو مازن يفاوض باسم منظمة التحرير وهذه المفاوضات ونتائجها ستضع الشعب الفلسطيني كله أمام أمر واقع بما في ذلك الفصائل غير المشاركة في هيئات منظمة التحرير (... ) موقف الجبهة عبرنا عنه في كل الميادين وتعرضنا للقمع وسنستمر في التعبير عن موقفنا الرافض لهذه المفاوضات وأي نتائج لن تلزمنا وسنعمل ألا تكون ملزمة لشعبنا.

الاستيطان لم يتوقف

وحول استمرار الاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية والقدس المحتلة رغم بدء المفاوضات المباشرة أجاب المجدلاوي: ' الاستمرار الاسرائيلي لم يتوقف والمفاوض الفلسطيني أعلن أن لديه من الوثائق والصور ما يظهر حقيقة عدم توقف الاستيطان، ذهابنا للمفاوضات وفقاً للصيغة التي قررتها واشنطن – لا مرجعية لها سوى ما يتفق عليه الطرفين – أننا تنازلنا مسبقاً عن قرارات الشرعية الدولية التي يستجيب بعضها للحد الأدنى من حقوقنا الوطنية.. الذهاب للمفاوضات بدون مرجعية وعدم التمسك بوقف الاستيطان وإيقافنا للمقاومة المسلحة يعني أنه لا يبقى أمام المفاوض سوى التسليم للإرادة الأمريكية في نهاية الأمر'.

ويرى النائب عن الجبهة الشعبية أن الاتجاه الرئيس للكيان الصهيوني هو الاستمرار في المفاوضات وإبقاءها ستاراً يغطي كل ممارساته العدوانية اتجاه شعبنا وقضتينا وأرضنا ثم دفع الجميع عرباً وعالماً لمواقع الترقب والانتظار السلبي ' أي أنهم يريدون تبريد الأزمة وإدارتها لأنهم يدركون جيداً أن الكيان غير مستعد للاستجابة للحد الأدنى الذي يحقق تسوية متوازنة على الأقل في هذه المرحلة'.

ورداً على سؤال : هل تؤيدون إجهاض المفاوضات حتى بالمقاومة المسلحة أجاب المجدلاوي ' نحن مع وقف المفاوضات ومن الخطأ أن يتم التعامل مع المقاومة ' تعاملاً مناسبتياً لأنها يجب أن تكون خطاً ثابتاً لشعبنا'.

تصريحات ' ليبرمان'

وفيما يتعلق بمطالبة وزير الخارجية الإسرائلي أفغدور ليبرمان طرح قضية فلسطيني المحتلة عام 48 على طاولة المفاوضات اعتبر المجدلاوي أن هذه الدعوة خطر جدي ' فجوهر الفكرة الصهيونية قام على أساس أن فلسطين أرض بلا شعب واستخدمت المجازر على مدار سنوات الصراع ضد شعبنا لتهجير من يمكن تهجيره قصرأً'.

ومضى يقول 'من بقي صامداً من أبناء شعبنا على أرض فلسطين الذين يشكلون الآن ما يزيد عن 20% من السكان في دولة الاحتلال تعتبرهم القيادات الصهيونية شوكة ينبغي أن تنتزع وعلينا ونحن نخوض صراعنا ضد هذا الكيان وعدوانه وتوسعه أن نبقى منتبهين لهذا الخطر. القيادات الصهيوني تجمع على ضرورة العمل دائماً من أجل اثبات يهودية دولة ' إسرائيل' ولا تخفي القيادة الإسرائيلية الحالية إصرارها على تسليم المفاوض الفلسطيني بيهودية الدولة. وهذا ينضوي على أخطار تتجاوز فكرة أن ' إسرائيل' دولة لليهود، لأن يهودية دولة ' إسرائيل' تعني النقاء اليهودي الديني في كل الدولة.

سلطتان قمعيتان

وحول موقف الجبهة الشعبية من حملات الاعتقال التي تشنها أجهزة أمن سلطة الضفة بحق المقاومين أضاف المجدلاوي: ' شعبنا يعيش تحت ظل سلطتين قمعيتين سلطة في رام الله تنسق اجراءاتها مع أجهزة العدو الأمنية وهي سلطة لا تتورع عن ارتكاب اكبر الحماقات وتمارس الاعتقالات والملاحقات واغلاق مؤسسات المجتمع الأهلي دون أي سند قانوني أو أخلاقي، وسلطة قمعية في غزة تمارس القمع والملاحقة والاعتقال والاغلاق لمؤسسات المجتمع الأهلي والتعدي عليها بدون أي سند قانوني وبدون أي رادع ديني أو مجتمعي، ونحن أمام سلطتين تراكن بعض الأوساط النافذة فيها مظاهر من الثروة والنفوذ باتت تشكل خطراً حقيقياً وجدياً سواء على صعيد علاقة هاتين السلطتين مع الشعب وقواه وفئاته الاجتماعية المختلفة أو على صعيد حركتي فتح وحماس نفسيهما.

وزاد: ' التجربة الملموسة أكدت أن أصحاب هذه الثروات والنفوذ يتغيرون تدريجياً إلى جهات وشرائح اجتماعية سلطوية لا تنضبط لقواعد المجتمع، ولا قواعد التنظيم الحاكم نفسه، داعياً قيادتي فتح وحماس إلى التنبه إلى هذا الخطر الذي يتفاقم وتتفاقم نتائجه السلبية الضارة.


العلاقات مع حماس

كما طعن عضو المكتب السياسي للجبهة بشرعية حكومتي غزة ورام الله مبرراً ذلك بأن الحكومتين لم تستكملا الاجراءات القانونية وفقاً للقانون الأساسي.

واستدرك قائلاً' لكننا مع ذلك لا نحول هذا الموقف إلى نوع من الصراع المفتعل أو عنواناً من عناوين تأجيج الصراع بين الجبهة والحكومتين، تعرضنا للقمع في رام الله وغزة ولكننا نتمسك بمبدأ النضال السلمي الجماهيري ضد أشكال القمع التي تمارس هنا وهناك، فالأصل في العلاقات الداخلية الفلسطينية هو النقد والوحدة وليس الصراع والانقسام، أو الصراع والاقتتال لأننا نعتقد أن الانقسام القائم هو جريمة مشتركة خلفّت آثاراً سلبية مدمرة'.

ويؤكد المجدلاوي أن الدخول للمفاوضات وسع رقعة الانقسام وشكّل عاملاً من العوامل التي لا تخدم محاولات استعادة الوحدة إضافة إلى الاشتراطات المتبادلة من كلا الطرفين، معرباً عن اعتقاده بأن حركتي فتح وحماس بنزوعهما الدائم نحو المعالجات والمحاصصات الثنائية تضعان الشعب على طريق الانقسام، مبيناً أن المخرج يجب أن يكون دائماً في إطار الكل الوطني بعيداً عن نزعات التفرد والهيمنة والقفز على حقائق تاريخ نضال الفلسطينيين.

التصعيد الإسرائيلي

أما عن التهديدات الإسرائيلية بشن عدوان على قطاع غزة بزعم تسلح المقاومة في القطاع بأسلحة حديثة فيرى المجدلاوي أن العدوانية والعنصرية وإرهاب الدولة صفات لصيقة بالكيان الصهيوني وعلينا دائماً أن نتوقع اعتداءات بأشكال وفي مواقع مختلفة.

وقال: ' من يتتبع الماكينة الإعلامية الإسرائيلية والنشاط السياسي الصهيوني يجد أن هذا العدو يشيع مناخات تبرر عدواناً كالحديث عن أسلحة نوعية وإطلاق فسفور والحديث المبالغ فيه جداً عن الأنفاق والصواريخ وعلاقات أطراف المقاومة مع قوى إقليمية في المنطقة، فهذا كله يأتي لإبقاء المناخات مواتية لإرتكاب اعتداءات جديدة'.

الفلتان الأمني

مراسل الاستقلال سأل المجدلاوي عن موقف الجبهة من حالات الفلتان الأمني التي تفاقمت في القطاع مؤخراً والتي لم يكن آخرها حرق أحد المنتجعات السياحية، فأجاب: ' أخطر من ذلك التجاوز من جهة الأجهزة الرسمية وسن قوانين تطال كل جوانب الحياة، عندما يصدر قانون يمنع المواطنين المضربين من ممارسة أي نشاط في منظمات المجتمع الأهلي، فهذا معناه شل أوسع إطار مثقف ممكن وقفز عن حقيقة هذا الإضراب هو نتاج الانقسام عندما تفرض على المقاهي والمطاعم والمرافق السياحية إجراءات ظالمة لا مرجع قانوني لها فهذا يشل قطاعاً مهماً من قطاعات المجتمع الفلسطيني يعمل فيه أكثر من 6000 فلسطيني عندما تصبح مظاهر الحياة المختلفة في المجتمع رهينة اجتهاد لمسئول ميداني ويقرر ما هو المسموح وما هو الممنوع عندها نكون أمام إشكالية جدية تستوجب المعالجة ( ....) نحن أمام حالة مجتمعية كاملة تحتاج إلى تضافر كل الجهود في إطار احترام التعددية والفكر وعلينا أن نحكم الناس بالقانون وبالحقيقة.