مسؤول ملف القدس في حركة فتح حاتم عبد القادر لـ«السفير»: إسرائيل تختبر قوة المقدسيين... وما يجري يمهّد لانتفاضة ثالثة

لعل من المستحيل أن يتمكن المرء من أن يحصي عدد المرات التي ورد فيها اسم القدس في مداخلات المشاركين في «اللقاء التشاوري العربي حول فلسطين» في بيروت. ولكن من المؤكد أن أحداً لا يستطيع أن يعبّر عن معاناة المدينة المحتلة إلا أهلها. ولذلك، فقد كانت مشاركة مسؤول ملف القدس في حركة فتح حاتم القادر في هذا اللقاء العربي مناسبة للحديث عن واقع المدينة المقدسة التي تواجه منفردة أشرس حملة تهويد منذ نكبة العام 1948.»السفير» التقت عبد القادر على هامش اللقاء وكان معه الحوار الآتي:

- ما هو تقييمكم لـ«اللقاء التشاوري»، وكيف تنظرون إلى فكرة تأسيس هيئة فلسطينية للدفاع عن الثوابت؟

بداية لا بد من الإشارة إلى أنّ هذه الهيئة في طور التأسيس، حيث تجري نقاشات كثيرة بهدف الوصول إلى صيغة مشتركة تلتقي حولها كافة التيارات الفلسطينية، خاصة أنّ هذه الهيئة ليست تنظيماً أو فصيلاً فلسطينيا، وإنما هي ائتلاف يضم مجموعة من الشخصيات الفلسطينية من اتجاهات مختلفة التقت حول قضية محددة، وهي الحفاظ على الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني. النقاشات الحالية هي عملية عصف ذهني تستهدف تحديد الآلية التي يمكن لهذه الهيئة أن تعتمدها لتحقيق أهدافها في الدفاع عن الحقوق الوطنية الثابتة التي تشهد تراجعاً على المستوى السياسي من كافة الأطراف، واستهدافاً إسرائيليا واضحاً عبر محاولات مستمرة لسحقها.

- برأيك، كيف يمكن التوفيق بين كافة التناقضات الفلسطينية الحادة في إطار هذه الهيئة؟

الهيئة ليست بديلاً عن الوحدة الفلسطينية لكن دورها قد يكون مساعداً في إنهاء الانقسام الذي بات يثقل كاهل القضية الفلسطينية، فهي تضم مختلف الأطراف الفلسطينية التي تتقاطع على قضية الثوابت. واعتقد أن هناك مسؤولية تقع على عاتق جميع الفلسطينيين في إعادة اللحمة إلى الساحة الفلسطينية، وذلك حتى تستطيع الجماهير العربية دعم القضية الفلسطينية بطريقة فاعلة.

- البعض يرى أن الفلسطينيين ليسوا متفقين على شيء، حتى في ما يتعلق بالثوابت، وهو ما لمسناه في متابعتنا للنقاشات في هذا اللقاء التشاوري. ألا تعتقد أن هذا الواقع يعيق إقامة هيئات فلسطينية على غرار هيئة الدفاع عن الثوابت؟

لا اعتقد أن هناك خلافاً على الثوابت الفلسطينية، لكن هناك حاجة لتعريف هذه الثوابت. نحن نرى أن الثوابت هي تلك التي أقرتها منظمة التحرير الفلسطينية في برنامجها السياسي: انسحاب القوات الإسرائيلية إلى خط الرابع من حزيران عام 1967، إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم بحسب القرار الأممي رقم 194. أما تحرير فلسطين من النهر إلى البحر فلا أعتقد أنه ثابت يتفق عليه كل الشعب الفلسطيني. بالتأكيد فلسطين هي أرض لجميع الفلسطينيين تاريخياً، ولكن نحن نتعامل مع مجتمع دولي لا يمكن أن يقبل بأي أطروحة كهذه. فحتى حركة حماس قبلت بدولة مؤقتة على حدود العام 1967، وبالتالي يمكن القول أن ثوابت منظمة التحرير تشكل القاسم المشترك لدى غالبية الفلسطينيين.

- تبدو الساحة الفلسطينية اليوم منقسمة على قضايا أساسية، خاصة عندما يدور الحديث عن مفاوضات مع إسرائيل، بين متمسك بهذا الخيار ومناهض له، كيف يمكن احتواء هذه التناقضات في إطار شعبي كهذا؟

لا أعتقد أن أحداً يقف ضد المفاوضات من حيث المبدأ. الخلاف هو حول ماهية هذه المفاوضات ومرجعيتها وأهدافها. أود التذكير بأنّ كل الثورات تفاوضت مع الاحتلال ـ بدءاً بالجزائر وصولاً إلى فيتنام ـ لكن المفاوضات وحدها لن تمكن الفلسطينيين من انتزاع حقوقهم ما لم تقترن بالمقاومة، والعكس صحيح، فالمقاومة لا تستطيع أن تحقق شيئاً من دون مسار سياسي. وبالتالي فإنّ علينا أن نزاوج بين التفاوض والمقاومة وفق استراتيجية واحدة، وذلك حتى لا نضع كل البيض في سلة واحدة، وكي لا نجعل الإسرائيليين يظنون بأن لا خيار أمامنا سوى المفاوضات.

- كيف تنظرون إلى ما يجري اليوم من مفاوضات مباشرة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل؟

أرى أن هذه المفاوضات عقيمة ولا جدوى منها، خاصة أن الفلسطينيين قد زجوا إليها بفعل الضغوط الغربية، فضلاً عن أنها تفتقد إلى جدول أعمال ومرجعيات. ولذلك أعتقد أنّ هذه المفاوضات لن تفضي إلى شيء، لا بل ستشكل ضرراً كبيراً للفلسطينيين لأنهم يعتمدونها كخيار وحيد. فالمفاوض الفلسطيني لا يملك اليوم أي أوراق قوة، فكل ما يملكه هو أوراق ضعف (انقسام داخلي، تراجع عربي، نفاق دولي، وانحياز أميركي لإسرائيل)، وبالتالي فإنّ إسرائيل ستعمل على استغلال المفاوضات كمظلة زمنية وسياسية لتمرير مخططاتها الاستيطانية واستكمال تهويد القدس.

- طالما الأمر على هذا النحو لماذا تصر السلطة الفلسطينية على المضي قدماً في هذه المفاوضات؟

لقد ذهبت السلطة الفلسطينية بالإكراه بعدما وقعت في فخ الدعم المالي. الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يهدداننا دوماً بوقف الدعم المالي ودفع الرواتب في حال لم تكن مواقفنا منسجمة مع أجنداتهما السياسية. لكنني لست مقتنعاً بهذه التبريرات، إذ من غير المقبول أن نساوم على حقوق شعبنا برواتب موظفين.

- ما هي توقعاتكم لما بعد انتهاء قرار تجميد الاستيطان في 26 أيلول؟

قرار التجميد أكذوبة كبيرة استخدمها بنيامين نتنياهو لتضليل العالم وإيقاعه في فخ العودة إلى المفاوضات. حتى الآن، إسرائيل لم تتوقف عن الاستيطان، وهو سيتواصل. ربما تنجح الولايات المتحدة في التوصل إلى حل وسط في ما يتعلق بهذه المسألة، لكنني أستغرب الحديث عن حل كهذا، فالمسألة بسيطة جداً: إما أن يكون هناك استيطان أو لا يكون. وعليه، فإنّ على الجانب الفلسطيني أن يوقف هذه المفاوضات فوراً في حال استؤنف البناء الاستيطاني، لأنّه إذا استمر الوضع على هذه الحال، فإن الفلسطينيين لن يجدوا أرضاً ليفاوضوا عليها.

- كيف قرأتم الأحداث الأخيرة في القدس بعد استشهاد الشاب سامر سرحان في حي سلوان؟

هناك حملة إسرائيلية مستمرة ضد المقدسيين يقودها المستوطنون بدعم من الشرطة وحرس الحدود الإسرائيليين. ما حدث في سلوان ووادي حلوة ليس جديداً، فإسرائيل تسعى إلى خلق بيئة طاردة للمقدسيين، فهناك هدم للمنازل وأوامر إخلاء ومشاريع لتهويد المدينة. ويبدو أن الإسرائيليين يسعون حالياً إلى اختبار قوة المقدسيين قبل أن يباشروا تنفيذ هذه الخطط.

- هل تتوقع اندلاع انتفاضة ثالثة؟

الفلسطينيون لم يعدموا خياراتهم، ومن ظن أن الفلسطينيين استسلموا فهو مخطئ. هذا شعب يقاتل ويناضل منذ مئة عام، وقد قدم آلاف الشهداء والمعتقلين. الوقت الراهن قد لا يكون مواتياً لانتفاضة ثالثة في ظل الانقسام الفلسطيني، ولكن أرجو أن يكون هذا الانقسام سحابة صيف. رغم ذلك، اعتقد أن الشعب الفلسطيني سيفجر انتفاضة جديدة، لأن لا خيار أمامه سوى أن يبعث برسالة لإسرائيل ليؤكد أن لديه خيارات أخرى غير المفاوضات، ومن بينها انتفاضة ثالثة قد تكون الأعنف في تاريخ الصراع.

» تأجيل محاكمة حاتم عبد القادر والنيابة العامة تطالب بحبسه
» مسؤول لجنة القدس في حركة فتح: الدعوة لإضراب تجاري احتجاجي في القدس
» السفير عبد الله يجري سلسلة لقاءات في بيروت
» "حماس" تدعو لانتفاضة ثالثة لنصرة الأسرى بسجون الاحتلال
» إطلاق سراح حاتم عبد القادر بكفالة مالية وتقديمه بعد غد للمحاكمة