ما هو مستقبل البيوت التي تُـبنى من الـركـام ؟!

تنتشر في الآونة الأخيرة العشرات من كسارات الحجارة ، التي تعمل على إعادة تحويل ركام المنازل التي دمرها الإحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة , سواء بالغارات الجوية أو بعمليات التجريف ، وذلك بهدف إعادة استخدمها مجدداً ، من خلال تحويلها لأحجار وحصى يُستخدم في عملية البناء .

وتمنع إسرائيل منذ ما يقارب الأربعة أعوام دخول مواد البناء لقطاع غزة على اختلاف أشكالها ، ومن بينها "الاسمنت والحديد " واللذان يعتبران الأساس في أي عملية بناء ، مما أدى لشلل تام بكافة مناحي الحياة العمرانية، وفاقم من معاناة سكان القطاع ، خصوصاً أصحاب البيوت المدمرة الذين ينتظرون أعادت بناء منازلهم على أحر من الجمر .

استخدام الركام ..
أبو حسن الصفدي صاحب مصنع لحجارة البناء في المحافظة الوسطى من القطاع يقول لـ مراسل " وكالة قدس نت للأنباء " محمد اللوح " إن سبب اللجوء إلي استخدام ركام المنازل المدمرة وإعادة تصنيعها هو الحصار المفروض منذ أكثر من أربعة أعوام , وحاجة الناس الماسة لمواد البناء المفتقدة بالأسواق .

ويضيف إن عملية الحصول على ركام المنازل حالياً صعبة ، وبحاجة لتكلفة باهظة وكبيرة ، حيث يبلغ ثمن 30 طن "شاحنة" من الحجارة المدمرة حوالي 1000شيقل والعربة "المخال"15 شيكل "

ويوضح الصفدي إن عملية تحويل الركام لحجارة تتم من خلال تكسير وطحن الركام داخل الكسارات، للحصول على حصمة ، ويتم وضعها في ماكينات التصنيع مع نسبة كبيرة من الاسمنت لتعويض ما فقدته الحصمة أثناء عملية التكسير .

ويلفت إلى أن اللجوء لاستخدام تلك الكسارات جعلتنا نستطيع تشغيل نسبة من الأيدي العاملة ،ويستوعب كل مصنع أكثر من 10 عمال ، منهم من يعمل على الكسارة ، ومنهم يعمل على الماكينة وآخرون في ترتيب تلك الحجارة بعد إعدادها .

فرق الجودة ..
وبحسب الصفدي " فأن فرقاً كبيراً بين جودة الحجر الذي كان يصنع في السابق وبين حجر اليوم الذي تم صناعته من ركام منازل الحرب إلا أن الإقبال اليوم على هذه الأحجار يتم بشكل كبير ، بسبب الحاجة " ..

ويشتكي أبو حسن الصفدي من انعدام الرقابة على معامل الحجارة من قبل الجهات المختصة وخاصة نقابة المعامل ، إلي جانب عدم تقديمها التسهيلات والمساعدات للمصانع والعاملين فيها , مطالبهم بضرورة توافر الرقابة على المعامل من اجل جودة الحجر المعاد صناعته من جهته يقول المواطن أحمد شقورة من سكان مخيم البريج " اشتريت كمية من الأحجار لكي أقوم ببناء بيت لي ولاسرتى ، ولكن تفاجئنا بأن هذه الأحجار لاتصلح لبناء عمارات سكنية عالية ، " وبمجرد أن تمسك الحجر ينكسر على الفور " ، فضلاً ارتفاع ثمنه ليتعدى الـ 3 شيكل ،على خلاف الماضي كنا نشترى الحجر بقيمة 1.5 شيكل للحجر.

ويّبين شقورة " أن كمية الأسمنت الموجودة بالحجر قليلة وضعيفة ، لذى تجعل الحجر بنيته ضعيفة وأكثر قابلية للتفتت ، ناصحاً كل من يُقبل على البناء بعدم بناء طوابق سكنية من هذه الأحجار لما لها من مخاطر كبيرة على أرواحهم بالمستقبل " .

ولا يختلف لسان حال المواطن بشار العطاونة من مخيم النصيرات كثيراً عن شقورة حيث يشتكي من أسعار الحجارة في ظل الظروف الصعبة رغم تدني جودتها " ، مطالباً الجهات المسئولة بتشديد رقابتها على مصانع الأحجار .

ولم يستطع أن يُخفي العطاونة تخوفه من أن يأتي فصل الشتاء وهم على حالهم داخل بيت من الزينجو ، ولا يستطيعون إكمال بناء بيت لهم ، خصوصاً في ظل الغلاء الفاحش لمواد البناء .

تشديد الرقابة ..
من ناحيته يؤكد المهندس عماد السحار الموظف ببلدية غزة أن الأحجار التي تستخدم في بناء المنازل هذه الأيام لا يُمكن للمبنى أن يتحملها طويلاً ، حيث من الصعوبة امكانية تعدد طوابق المنازل من هذه الأحجار نظراً لأن الخرسانة المسلحة التي تبنى للمنازل ضعيفة "

ويشدد بأنه لابد من فحص جودة الأحجار بمختبرات والتأكد من قوتها وصلابتها ، خصوصاً إن الحصمة المعاد تكسيرها تفقد الكثير من خواصها مما يجعل الخرسانة تفقد قوتها ، وعندما يتم بناء مبنى من اسمنت وحصمة جديدة تعطى قوة بنسبة 300كيلو /سم2، على خلاف الحصمة المكسرة والمستعملة التي تعطي قوة بنسبة 60الى 80كيلو جرام /سم2،وهذه النتيجة غير كافية لسقف أسطح المنازل لأنها لا تتحمل ضغط الحديد المسلح .

ويلفت السحار إلى أن هذه الأحجار تعتبر خطيرة بالنسبة لأصحاب المنازل الذين يقومون ببناء منازلهم منها ، حيث لا تصلح إلا لبناء غرف بسيطة لا تتشكل ثقل على هذه الأحجار " .

ويطالب الجهات المعنية بتشديد الرقابة على المصانع التي تقوم بصناعة أحجار البناء، والتأكد من صلاحيتها للبناء مستقبلاً وعدم تشكيلها خطر على المواطن على المستوى القريب والبعيد, وهنا يبقى السؤال .. ما هو مستقبل البيوت التي تُبنى من ركام المنازل في ظل الحاجة الماسة لمواد البناء المفتقدة من أسواق القطاع ...؟