الأقساط الجامعية ترهق الطلاب الفلسطينيين والحلول لا تزال جزئية: 89 منحة من «الأونروا».. و«صندوق» السلطة يغطي السنة الأولى فقط

يعرف قطاع الطلاب الجامعيين الفلسطينيين في لبنان أزمة قديمة تتجدد مع بداية كل عام دراسي، وتتمثل بسبل تأمين كلفة التعليم العالي. تؤمن «الأونروا» منحاً سنوية من خارج خطتها التربوية، فتبقى مرتبطة بأموال المانحين، ما يحد عددها، ولم تشمل هذا العام أكثر من تسعة وثمانين طالباً. أما «صندوق دعم الطالب الفلسطيني في لبنان» الذي أنشأته الرئاسة الفلسطينية مؤخراً، فلا يغطي حتى الساعة إلا رسوم طلاب السنة الجامعية الأولى.
يحوي لبنان حوالى خمسة آلاف طالب فلسطيني، «2200 طالب منهم مسجّلون في الجامعة اللبنانية، و1860 في الجامعة العربية، بينما تتوزع البقية على الجامعات الخاصة»، بحسب المستشار الثقافي في سفارة فلسطين ماهر مشيعل الذي يستند في أرقامه الى إحصاءات العام الماضي.
الصندوق.. وحدوده
بحسب مشيعل أيضاً، «تخرّج هذه السنة من الثانوية العامة حوالى 760 طالباً، اتجهوا كلهم إلى الجامعات». هؤلاء، لن يعيشوا هاجس التعليم، في سنتهم الأولى على الأقل، بعد تأسيس صندوق دعم الطالب الفلسطيني، الذي أقرّت الرئاسة الفلسطينية في رام الله إنشاءه بمرسوم صادر بتاريخ الثالث والعشرين من آب الماضي. كما أُقر بموجب المرسوم ذاته تشكيل مجلس إدارة لصندوق مساعدة الطلاب الفلسطينيين في لبنان.
يقدّم الصندوق المساعدة لطلاب السنة الجامعية الأولى فقط، بحسب مشيعل. وللفوز بالمساعدة، «توجب على الطالب التوجه إلى مقر المنظمة، قبل السابع من الجاري الذي يصادف اليوم، لتقديم الملفّ الشخصي. وتعلن نسب توزّع المنح على الطلاب في العشرين من الجاري». فالمنح «لن تغطي المصاريف كلها، بل نسباً منها، وفق المعايير الشخصية التي يقدمها كل طالب»، بحسب مشيعل.
اليوم، تنتهي مهلة تقديم الطلبات. يقول مشيعل إن «مئات الملفات رفعت إلى مجلس إدارة الصندوق».
لكن، ماذا عن طلاب السنوات الأخرى؟ يقول مشيعل إنه «من المتوقع أن يشمل صندوق الدعم طلاب السنوات الأخرى في العام المقبل». وعن هذا العام الدراسي، يقول إن «منظمة التحرير أجرت اتصالات مع الجامعات التي فيها نسب عالية من الطلاب الفلسطينيين، وطلبت من إداراتها تمديد مهلة دفع الأقساط، ونحن نتعهّد بالدفع». كما أعلن أن «الصندوق يغطي أيضاً المصاريف الشخصية للطلاب الحائزين منحاً لمتابعة دراستهم في الخارج».
ويقول المدير العام للمنح والخدمات الطلابية في وزارة التربية والتعليم العالي في فلسطين د. أنور زكريا أن «دعم الصندوق لطلاب السنة الأولى لا يعني إهمال طلاب السنوات الأخرى التي سيُتوقّف عندها في المرحلة المقبلة». ويتوقع أن يُمنح الطلاب المتفوقون منحاً كاملة.
وكان زكريا قد زار لبنان خلال الأسبوع الماضي ضمن وفد تربويّ آتٍ من رام الله، ضمّ، إليه، المدير العام لدائرة شؤون اللاجئين في «منظمة التحرير الفلسطينية» أحمد حنّون. واستمرت زيارة الوفد أربعة أيام، «وضعنا خلالها الأسس والمعايير اللازمة للاسراع بتفعيل صندوق الدعم».
يذكر أن مرسوم الرئاسة الفلسطينية شكّل مجلس إدارة الصندوق على النحو الآتي: مستشار رئيس السلطة الوطنية للشؤون نمر حماد السياسية رئيساً، والأعضاء مشيعل، المدير العام لدائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية أحمد حنون، جمال خداد من صندوق الاستثمار الفلسطيني، انور زكريا ورشيد حميدات من اللجنة الخاصة لمتابعة المنح والبعثات الدراسية، رجلا الأعمال ابراهيم خير الدين وعلي برهم، وممثلان عن شركة الاتصالات الفلسطينية عمار عبد المنعم وفوزي العكر.
ويستمد الصندوق تمويله من «تبرعات قدّمها رجال أعمال فلسطينيين، وهيئات استثمار، ومجموعة من المصارف.. كما خُصّص بنسبة واحد في المئة من راتب الموظفين الشهري في فلسطين»، بحسب زكريا الذي وعد بأن «ميزانية السلطة الفلسطينية ستتضمن في المستقبل، نسبة دعم للصندوق».
دعم «الأونروا»
إلى السلطة الفلسطينية، تتحمل «الأونروا» مسؤوليات في المجال التربوي الفلسطيني في لبنان. فتشير الناطقة الرسمية باسمها في لبنان هدى سمرة، إلى أن الوكالة «تخصص منحاً جامعية للطلاب الفلسطينيين بتمويل من الدول المانحة». وتعدد أبرز المانحين على مر السنوات الماضية: الاتحاد الاوروبي، وكندا، وقطر، ومؤسسة «كريم رضا سعيد» و«صندوق الخليج العربي». إلا أن «هذا البرنامج لا يعد من ضمن البرنامج الأساسي للتربية والتعليم الذي تديره الوكالة، بل يبقى رهناً بتوفر التمويل اللازم له». وتلفت إلى أن الوكالة «تختار الطلاب المؤهلين للاستفادة من المنح الجامعية، بالاستناد إلى عوامل محددة أبرزها العلامات التي حصدها الطالب في امتحانات البكالوريا». وتغطي المنح رسوم الطالب الدراسية الجامعية كاملة، طيلة فترة دراسته، «بالإضافة إلى مدّه بمبلغ بسيط كمصروف جيب». وبحسب سمرة، تمكنت «الأونروا» في هذه السنة من تأمين «مقاعد دراسية لتسعة وثمانين طالبا فلسطينيا في جامعات لبنان».
للطلاب هواجس جامعية
عند إذاعة خبر إنشاء «صندوق الدعم» عبر مكبّرات الصوت في جامع مخيم برج البراجنة، أسرعت غنوة إلى مقر سفارة فلسطين.
لم يذكر الإعلان أن المنح محصورة بطلاب السنة الأولى. فأصيبت غنوة بخيبة أمل كبيرة، حين علمت أن الدعم لا يطالها، وهي طالبة السنة الثانية في اختصاص الرياضيات في جامعة بيروت العربية (فرع الدبية). تعاني بسبب زيادة نسبة الأقساط في كل سنة، علماً أنها تواجه مشكلة في تسديد القسط، قبل أن تلحق به الزيادة الموسمية. بالإضافة إلى ذلك، تشكو غنوة من مشكلة الدوام الدراسي، كونها تقطن في مخيم برج البراجنة، «ومن الصعب الانتقال إلى الجامعة أكثر من مرة يوميًا». مشلكتها إذاً لا تزال مستمرة: «تقدم منظمة «الأونروا» عددا محدودا من المنح، بينما لا تشمل مساعدات منظمة التحرير جميع الطلاب».
تعيش مريم الهاجس ذاته، وهي الطالبة في السنة الأخيرة في «الجامعة اللبنانية الدولية». تضطر مريم إلى إعطاء الدروس الخصوصية لتأمين القسط الجامعي، بعدما فشلت عدة مرات بالحصول على منحة جامعية. ولمريم أشقاء يصغرونها سنًا، ولن يتمكنوا من الالتحاق بالجامعة إذا استمرّ الوضع على حاله. تقول: «شاركت الوالدة بتأمين حل لجزء نسبي من المشكلة، من خلال التبرّع بمدخول الجمعية التي انتسبت إليها للقسط». وبعد كل هذا التعب، لا تتوقع غنوة أن تجد عملا في المستقبل، لأنها ممنوعة من فرصة التدرّج في الشركات، باعتبارها فلسطينية.
ما يعني أن المنح، إن وجدت، ستحلّ جزءاً من مشكلة تبقى عالقة، ولا تساهم الأيام إلا في تعميقها والحدّ من فعالية الحلول الجزئية. المشكلة هي: حياة اللاجئين في لبنان المحكومة بالمنع.

» «أحلام لاجئ» تكرم الطلاب الفلسطينيين
» الاونروا: تسليم جزء من الرزمة الأولى في البارد بداية السنة
» الأونروا لأهالي البارد: عودتكم لن تكون كاملة هذه السنة!
» قلقٌ من إمكانية فرض تصاريح دخول على الطلاب! مجمّع «الأونروا» التربوي يعود إلى تلامذة «البارد»
» صفد: حملة عنصرية لطرد الطلاب الفلسطينيين