منطقة الشرق الأوسط تحتضن أكبر عددا من طالبي اللجوء في العالم، ومعظمهم محرومون من حقوقهم الأساسية.
مدريد - يرى عمال الإغاثة أن مشكلة اللاجئين والنازحين هي واحدة من أكثر القضايا الإنسانية التي تواجه منطقة الشرق الأوسط تعقيداً.
وحسب إليزابيث كامبل، مسؤولة المناصرة البارزة في المنظمة الدولية للاجئين يبدو أن منطقة الشرق الأوسط تحتضن أكبر عدد من اللاجئين وطالبي اللجوء في العالم.
وتشدد كامبل على ضرورة البحث عن حلول دائمة لهذه الفئة من الناس، مؤكدة على أنه "كلما طال بقاء الناس مبعدين عن جذورهم ومحرومين من حقوقهم الأساسية أو سبل الوصول إلى حلول دائمة، فإن ذلك يعني وجود أزمة إنسانية".
ونلقى من خلال هذا التقرير نظرة على عدد اللاجئين وطالبي اللجوء والنازحين في منطقة الشرق الأوسط وتبرز القضايا الرئيسية التي يواجهونها.
مصر
تندرج مصر ضمن الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين واتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية (المعروفة حالياً باسم الاتحاد الأفريقي) لعام 1969 الخاصة بتنظيم جوانب معينة من مشاكل اللاجئين في إفريقيا.
وتعتبر مصر دولة مضيفة للاجئين ونقطة عبور لطالبي اللجوء وتستضيف لاجئين من 38 دولة.
وحتى 30 أغسطس 2010، وصل عدد اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 38,962 شخصاً، 57 بالمائة منهم سودانيون و17 بالمائة عراقيون و17 بالمائة صوماليون.
وتشير بعض التقديرات غير الرسمية إلى أن عدد اللاجئين وطالبي اللجوء يصل إلى 500 ألف وفقاً لمنظمة مساعدة اللاجئين في إفريقيا والشرق الأوسط "أميرا"، وهي منظمة غير حكومية.
وتجري المفوضية جميع إجراءات تحديد وضع اللاجئ وعمليات التسجيل والتوثيق المرتبطة بها. وتشمل القضايا التي تؤثر على اللاجئين وطالبي اللجوء في مصر الفقر والفجوات في مجال الحماية والاعتماد على الاقتصاد غير الرسمي.
العراق
لا يعد العراق طرفاً في اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951، على الرغم من أن العراقيين يشكلون ثاني أكبر مجموعة لاجئين في العالم.
وحتى أغسطس 2010، وصل عدد العراقيين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الذين يعيشون خارج حدود وطنهم 207,639 شخصاً، أما عدد النازحين فيزيد عن 1.55 مليون شخص.
ويعيش معظم اللاجئين العراقيين (45 بالمائة من مجموعهم) في سوريا كما توجد مجتمعات كبيرة لهم في الأردن ولبنان.
ومنذ أكتوبر 2007، عندما انضمت سوريا إلى بلدان جوار العراق التي قامت بتشديد نظام التأشيرات الممنوحة للعراقيين، أصبح من يحاولون الفرار من الاضطهاد في العراق يواجهون صعوبة كبيرة في التنقل.
كما أن هناك عدداً متزايداً من اللاجئين العائدين إلى ديارهم بسبب انعدام فرص العمل والتعليم في البلدان المجاورة المضيفة لهم.
وفي يونيو 2010، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين عن إحالة ملفات 100 ألف لاجئ لإعادة التوطين في بلدان ثالثة، ولم يحظ سوى أقل من نصفهم بفرصة إعادة التوطين بالفعل.
وتشير تقارير مختلفة إلى أن الأقليات الدينية وغيرها من الأقليات الأخرى تواجه خطر الاضطهاد في العراق. كما تفيد التقديرات بأن ما يقرب من 500 ألف مسيحي ما زالوا يعيشون في العراق من أصل مليون إلى 1.4 مليون مسيحي كانوا يعيشون في البلاد قبل عام 2003.
كما تقدر المفوضية أنه لم يتبق من الـ34 ألف فلسطيني الذي كانوا يعيشون في العراق حتى مايو 2006 سوى 11,544 شخص.
وعبرت المفوضية عن قلقها إزاء حالات الإعادة القسرية للعراقيين من بلدان أوروبا الغربية، بمن فيهم الأشخاص الذين كانوا يقيمون في السويد والنرويج والدانمرك والمملكة المتحدة.
وتطالب المبادئ التوجيهية للمفوضية الخاصة بالعراق الحكومات بعدم إرجاع الأشخاص الذين ينحدرون من محافظات بغداد وديالى وكركوك ونينوى وصلاح الدين قسراً إلى العراق بسبب الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والحوادث الأمنية المستمرة في مناطقهم. ويتمثل موقف المفوضية بأنه ينبغي على طالبي اللجوء العراقيين الذين ينحدرون من هذه المحافظات الخمس الاستفادة من الحماية الدولية وفقاً لاتفاقية اللاجئين لعام 1951 أو من أي شكل بديل من أشكال الحماية.
وكانت المفوضية سجلت عودة 426,090 لاجئ ونازح عراقي في عامي 2008 و2009، 15 بالمائة منهم فقط من اللاجئين. ويشكل النازحون المقدر عددهم بـ 1.5 مليون شخص، ويعيش 500 ألف منهم في مستوطنات أو تجمعات تشبه المخيمات في ظل ظروف سيئة للغاية، أولوية بالنسبة لتوفير الحماية والمساعدة الطارئة.
الأراضي الفلسطينية المحتلة
يصل عدد الفلسطينيين المهجرين في جميع أنحاء العالم إلى 7.1 مليون نسمة، بمن فيهم 6.6 مليون لاجئ و427,000 نازح.
ويعيش معظم اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط، خصوصاً في الأرض الفلسطينية المحتلة والأردن ولبنان وسوريا.
وأنشأت الأمم المتحدة في عام 1949 وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التي تعمل في الأرض الفلسطينية المحتلة والأردن وسوريا ولبنان. كما أن هناك 340,016 فلسطينياً آخر مسجلاً لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بالإضافة إلى 1,310 لاجئ و1,062 باحث عن اللجوء من إسرائيل.
من جهة أخرى، بدأ باحثون عن اللجوء ولاجئون، خصوصاً من السودان وإرتريا، يحاولون في السنوات الأخيرة عبور الحدود المصرية الإسرائيلية بشكل غير شرعي، مخاطرين بحياتهم من أجل ذلك. فقد لقي 12 شخصاً حتفهم أثناء عبور الحدود إلى إسرائيل خلال الفترة من الأول من يناير وحتى 31 مارس 2010.
الأردن
لا يعتبر الأردن من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951.
وهناك حوالي 1.9 مليون فلسطيني مسجل لدى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وخلافاً لأي بلد مضيف آخر، قام الأردن بمنح جميع اللاجئين الفلسطينيين حقوق المواطنة الكاملة باستثناء الفلسطينيين المنحدرين من قطاع غزة والمقدر عددهم بـ 120 ألف شخص.
ومنذ نهاية يوليو 2010، كان هناك 32,599 لاجئ وطالب لجوء مسجل، بمن فيهم 90 بالمائة (30,700) من العراقيين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالإضافة إلى 1,899 لاجئ وطالب لجوء من بلدان أخرى، معظمهم من السودان والصومال.
ويحصل أكثر من 90 بالمائة من اللاجئين على التعليم في المدارس الابتدائية.
وحتى مايو 2008، كان العراقيون الفارون من الاضطهاد يستطيعون دخول الأردن دون صعوبة تذكر. ولكن السلطات الأردنية تعتبرهم "ضيوفاً" وليس لاجئين، لذلك لا يستطيعون الحصول على عمل دون المخاطرة بالتعرض للتغريم أو الاعتقال أو حتى الترحيل. وقد تم تشديد شروط الدخول، وأصبح كل العراقيين ملزمين بالحصول على تأشيرة قبل دخول الأردن.
وفي عام 1998 وقعت الحكومة الأردنية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مذكرة تفاهم يتم بموجبها السماح لطالبي اللجوء بالبقاء في الأردن إلى أن تتمكن المفوضية من تقرير وضعهم. وتشكل إعادة التوطين في الوقت الحالي الخيار الدائم الوحيد بالنسبة للعراقيين بسبب قلة فرص الاندماج المحلي. ولا تنصح المفوضية حالياً بالعودة إلى أجزاء كبيرة من العراق.
وتشمل القضايا الرئيسية التي تؤثر على اللاجئين في الأردن الفقر والتهميش.
لبنان
لا يعتبر لبنان من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951.
وهناك حوالي 425 ألف لاجئ فلسطيني مسجل لدى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، في حين ظل حوالي 3 آلاف شخص غير مسجل وبدون أية وثائق هوية. ويعيش حوالي 53 بالمائة من اللاجئين المسجلين في 12 مخيماً رسمياً للاجئين عبر البلاد بينما يعيش الباقون في المدن والبلدات ومخيمات اللاجئين غير رسمية.
وتتسم ظروف المعيشة بالنسبة لمعظم اللاجئين، سواء الفلسطينيين أو غير الفلسطينيين، بعدم الاستقرار. فاللاجئون الفلسطينيون ممنوعون من العمل في القطاع العام بالرغم من إصدار البرلمان اللبناني في شهر أغسطس 2010 وبعد عقود من النضال وحشد الدعم، قانوناً يسمح لهم بطلب تصاريح عمل في القطاع الخاص.
ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يوجد 7,878 لاجئاً عراقياً مسجلين لديها بالإضافة إلى 1,936 لاجئاً وطالب لجوء من جنسيات أخرى في نهاية أغسطس 2010.
ولأن لبنان ليس طرفاً في اتفاقية جنيف لعام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين أو في بروتوكولها لعام 1967، فإنه لا يملك أية تشريعات أو تدابير إدارية للاستجابة للاحتياجات المحددة للاجئين وطالبي اللجوء.
ونتيجةً لذلك، فإن اللاجئين الذين يدخلون البلاد دون الحصول على إذن مسبق أو الذين يتجاوزون مدة تأشيراتهم يعتبرون مقيمين غير قانونين ويتم تغريمهم أو حبسهم لفترات زمنية طويلة ثم ترحيلهم.
وفي ظل عدم حصولهم على إذن للبقاء وانتظار حصولهم على حل دائم، يواجه هؤلاء مشقة كبرى في العيش. ويعاني الكثير منهم من الفقر ويواجهون صعوبة كبرى في تلبية احتياجاتهم واحتياجات أطفالهم الأساسية للغذاء والمأوى. كما أن عدداً متزايداً منهم استنفذ موارده بالكامل.
وتبقى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على اتصال دائم مع السلطات اللبنانية لمناقشة ظروف الأشخاص المحتجزين والمطالبة بالإفراج عنهم.
وعلى الرغم من أن الأشهر الأخيرة شهدت تحسناً في أوضاع الاحتجاز، إلا أنه لا يزال هناك طريق طويل لضمان عدم احتجاز اللاجئين لفترات طويلة من الزمن لمجرد قدومهم إلى لبنان بحثاً عن الحماية الدولية. وتأمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن يساهم المرسوم الجديد وغيره من الإصلاحات الأخرى في تصحيح هذا الوضع.
سوريا
على الرغم من كون سوريا بلداً غير موقع على اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951، إلا أن البلاد تستضيف حوالي 427 ألف لاجئ فلسطيني مسجلين لدى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" يتمتعون بنفس حقوق المواطنين السوريين عدا حق المواطنة.
ومع نهاية يوليو 2010، كان هناك 151,907 لاجئاً عراقياً مسجلاً لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا، فضلاً عن وجود 4,317 لاجئاً و1,156 طالب لجوء من غير العراقيين.
ووفقاً لتقرير وضع اللاجئين في العالم لعام 2007 الصادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أصبح ما يصل إلى 200 ألف كردي في سوريا عديمي الجنسية نتيجة لإحصاء عام 1962 الذي سحب الجنسية السورية من الأشخاص الذين يزعم بأنهم دخلوا البلاد بصورة غير شرعية من تركيا.
ومعظم اللاجئين في سوريا هم عراقيون، كما يوجد لاجئون آخرون معظمهم من أفغانستان وإيران والصومال والسودان.
وقد تم فرض إجراءات أكثر صرامة في نهاية عام 2007 بالنسبة لحصول العراقيين على تأشيرات الدخول بعد أن كان ذلك أكثر سهولة من قبل.
ووفقاً للمفوضية، لا يعتبر الإدماج المحلي خياراً في سوريا بسبب انعدام فرص كسب العيش في بلد يعاني اقتصاده من ضغوطات.
وحسب مركز رصد النزوح الداخلي التابع للمجلس النرويجي للاجئين، قدرت الحكومة السورية في عام 2007 أن هناك أكثر من 430 ألف نازح في البلاد، بما في ذلك أحفاد من أجبِروا على الفرار من هضبة الجولان خلال حرب الأيام الستة عام 1967.
كما أجبر الجفاف في شمال شرق سوريا في السنوات الأخيرة ما بين 250 ألف و300 ألف أسرة ( 1.25-1.5 مليون شخصاً على الأقل) على مغادرة قراهم، معظمهم انتقل إلى دمشق ومدن أخرى مثل حلب و درعا.
اليمن
تعتبر اليمن من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951.
وتصف المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التحديات التي تواجه اليمن بأنها "فريدة" نظراً لموقعها على طريق الهجرة التاريخي بين القرن الإفريقي والخليج العربي الغني بالنفط. وتجلب الهجرة المختلطة كلاً من اللاجئين الفارين من الاضطهاد والمهاجرين لأسباب اقتصادية الذين غالباً ما يلجؤون إلى شبكات تهريب البشر الخطيرة.
وحتى أغسطس 2010، كان 95 بالمائة من الـ 236,443 لاجئ المسجلين في اليمن من الصوماليون الذين منحتهم الحكومة اليمنية اعترافاً تلقائياً، بالإضافة إلى العراقيين والإثيوبيين والإريتريين الذين بحثوا بدورهم عن اللجوء في اليمن. كما يوجد في البلاد نحو 304,469 نازح مسجل كذلك. ويتصف وصول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى محافظة صعدة، حيث تحدث اشتباكات متقطعة بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين منذ عام 2004، بالصعوبة.
وتعد اليمن واحدة من أشد البلدان فقراً في المنطقة وتواجه تهديدات التمرد والنزاع. ومنذ 21 سبتمبر وردت تقارير عن وقوع اشتباكات بين الجيش وتنظيم القاعدة في محافظة شبوة جنوب شرقي البلاد، مما أدى إلى المزيد من عمليات النزوح.(إيرين)