أبو مدللة: هناك إشكالية حقيقية في استقلال القضاء ومهنيته ونزاهته في الأراضي الفلسطينية

أكد د.سمير أبو مدللة عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن القانون الدولي والإنساني يعارض تنفيذ عقوبة الإعدام حتى لو لم يصبح ملزماً لكافة دول العالم، بمعنى أن هناك الكثير من الدول المتقدمة وغيرها لا زالت تطبق عقوبة الإعدام ففي الولايات المتحدة والصين واليابان والكثير من دول العالم الثالث، باعتبار ذلك يقع ضمن دائرة اختصاص القوانين واللوائح السيادية الوطنية والقومية.

جاء ذلك خلال مداخلته في حلقة نقاش بعنوان 'عقوبة الإعدام في الأراضي الفلسطينية المحتلة'، نظمها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان.

وأوضح عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أنه في القرن الحادي والعشرين وانطلاقاً من مواثيق الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ العام 1948 وبروتوكول الحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، 1989 و1991 تؤكد على ضرورة إلغاء قانون عقوبة الإعدام. مشيراً إلى وجود إشكالية حقيقية في استقلال القضاء ومهنيته ونزاهته في الأراضي الفلسطينية، وهذا ينطبق على الغالبية العظمى من الدول العربية والإسلامية وبدرجات متفاوتة.

ونوه أن الانقسام الفلسطيني زاد الوضع تعقيداً وخلق خشية من وجود نوايا لكيانين وهويتين وثقافتين ومن ضمنها قضاءين، مضيفاً أن حركات التحرر في العالم ووفق تجارب كثيرة تؤكد على ضرورة الوحدة الوطنية على أساس القواسم المشتركة رغم أنها وقعت في أخطاء تنفيذ عقوبة حكم الإعدام لعدم وجود جهاز قضائي قبل الاستقلال وحتى بعد الاستقلال.

وفي إطار مناقشته لقضية الإعدام رغم تعقيداتها من الناحية الفقهية والقانون الوضعي، أعرب د.سمير أبو مدللة ان تنفيذ القانون أو أي مرسوم في مجتمع ما يعبر عن النضوج او التفاوت في الوعي المجتمعي بهذا المجتمع، وبالأحرى مدى امتثال النظام السياسي لمعايير التغييرات المذهلة التي شهدها العالم منذ القرن الـ 18 أي منذ انتصار عصر النهضة والتنوير.

وأضاف: من المفزع فعلاً ان الدول الإسلامية قبل القرن الـ 16 كانت قد أسهمت إسهاما حقيقياً وعلى المستوى الدولي في زرع بذور التنوير والنهضة، وان كان تم إجهاض هذه المرحلة المتطورة، حيث تم قتل الخليفة المأمون واندلاع الحروب الأهلية الإسلامية.

وأشار في مداخلته حول رفض عقوبة الإعدام من الناحية الفقهية يرجع إلى أيام الرسول محمد حينما انتصر للحق في الحياة وأولوياتها على الكعبة نفسها، ومن ناحية مبادئ القانون والعرف الدولي المؤيد بشكل لا يقبل التأويل أو الشبهات في رفضه لعقوبة الإعدام.

مضيفاً: اذا كان الحديث عن الإسلام فيما يتعلق بعقوبة الإعدام، فالإسلام في نص قرآني: 'ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب'، وأما من الناحية الفقهية، فالعقوبة قابلة للتأويل ووجهات النظر والاجتهاد وبالتالي للتطوير فيما يتلاءم مع روح العصر. ولذلك لماذا يتم الإصرار على الأحكام الشرعية، ولماذا لا نحتكم إلى الفقه، ولماذا لا يتم تسييد العقل على النقل.

وأضاف: إننا نؤيد إلغاء هذه العقوبة القطعية والتي لا يمكن التراجع عنها في حال ثبوت بطلانها لاحقاً، والمثال على ذلك، اليمين هو نص قطعي تم عدم نفاذه لجهة تطور الإنسانية بعد انهيار العبودية وهذا أمر ممكن في المدى المنظور, فإذا كان العالم أجمع مثلا قد أوقف حكم الإعدام فلماذا لا يتم إيقافه شرعاً، خاصة وإننا في هذه الحالة نصبح مخالفين لقاعدة نظام عام عالمي.

واختتم د.سمير أبو مدللة بعدة ملاحظات؛ منها ان التشريعات موجودة منذ العصر الروماني، وهناك قاعدة قانونية متعارف عليها ان أي قضية يمكن ردها لعدم استكمال الإجراءات القانونية وهذه المسألة ليست مسألة شكلية فالمسألة متعلقة بالموت والحياة، فالمجتمع بحاجة إلى الارتقاء بمستواه الحضاري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي. كما أن حياة الناس حق ثابت لا يجوز اعتبارها مسالة تقديرية وفقاً لتقدير القاضي أو السياسي. وفيما يتعلق بالتأصيل القانوني لعقوبة الإعدام فلسطينياً، تساءل د.أبو مدللة، 'هل القوانين والأعراف الدولية أكثر أهمية وقانونية وإنسانية من الفقه والعرف المحلي أو الإقليمي أم العكس؟'. مشيراً إلى ان الاعتقاد العالمي بأن الفقه الدولي أكثر استقراراً من القوانين المحلية السيادية، خاصة ان الأديان متعددة ومتنوعة، أما الحياة الإنسانية فهي واحدة، لذلك علينا حماية الحق في الحياة والدفاع عنها بكل الوسائل المشروعة.