إسرائيل تدشّن انتقالها من العنصرية إلى الفاشـية: تعديل «قانون المواطنة» ... لترحيل فلسطينيي 48

أقرّت الحكومة الإسرائيلية يوم أمس، تعديلات على «قانون المواطنة» تشترط على أي شخص يريد الحصول على «الجنسية» الإسرائيلية، أداء يمين الولاء لإسرائيل «كدولة يهودية وديموقراطية»، في خطوة تأتي في سياق سلسلة من القوانين الفاشية التي ستناقشها الكنيست خلال دورتها الشتوية، التي تبدأ اليوم، وتهدف في نهاية المطاف الى نزع المواطنية عن فلسطينيي في أراضي العام 1948 المحتلة، وتحويل فكرة الترانسفير او الترحيل الى سياسة رسمية ثم الى خطة عملية.
وصادق وزراء الحكومة الإسرائيلية، بغالبية 22 عضوا ومعارضة ثمانية، على التعديلات المقترحة على القانون، والتي تعرّف إسرائيل كـ«دولة يهودية وديموقراطية». واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أنّ المصادقة على «قانون المواطنة» تأتي للتأكيد على أنّ «دولة إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، ودولة ديموقراطية ينعم جميع مواطنيها بمساواة كاملة في الحقوق».
وأضاف «لأسفي الشديد، فإنّ بعض الجهات في العالم تحاول طمس العلاقة المميزة بين الشعب
اليهودي ودولته، ولكن علاقة شعبنا بدولتنا وأرضنا هي روحنا، ولا مجال لتلقيننا دروسا عن الديموقراطية، إذ لا توجد ديموقراطية أخرى في الشرق الأوسط، ولا توجد دولة يهودية أخرى في العالم»، معتبراً أنّ «الانسجام بين هاتين القيمتين العاليتين ـ دولة يهودية ودولة ديموقراطية ـ يعبّر عن أساس وجودنا، وعن كيان دولة إسرائيل. ويجب على كل من يريد أن ينضم إلينا أن يعترف بذلك».
وتوقّعت أوساط فلسطينية في أراضي 48 أن يصوت الكنيست لصالح القانون بغالبية كبيرة، خاصة أن اليمين الإسرائيلي يسيطر على 70 مقعداً من أصل 120 فيها، مشيرة إلى أنّ أعضاء في حزبي «كديما» (وسط) والعمل (يسار) سيدعمون القانون، فيما ستقتصر معارضته على النواب العرب وأعضاء كتلة «ميرتس» اليسارية الذين لا يتجاوز عددهم 25 عضواً.
وفور إقرار هذه التعديلات من قبل الحكومة الإسرائيلية، بادرت حركة «شاس» اليمينية المتطرفة على إعداد مشروع قانون آخر مبني على ما تمت المصادقة عليه، ويقضي بإسقاط «حق المواطنة» عن كل من يثبت «عدم ولائه وخيانته للدولة»، ما يعني أن أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني في أراضي 48، سيصبحون عرضة لسحب الجنسيات والهويات منهم، ومنعهم من مواصلة حياتهم على أرضهم.
ومن بين القوانين العنصرية المتوقع تمريرها أيضا، « قانون النكبة « الذي تمت الموافقة عليه بالقراءة الأولى في الكنيست، ويحظر إحياء فعاليات النكبة، ويفرض عقوبات على من يخالف ذلك، بالإضافة إلى قانون «حظر التحريض»، الذي يقضي بتغريم وحبس «من يرفض وجود دولة إسرائيل على أنها يهودية وديموقراطية، أو يحرّض على الدولة»، وقانون «لجان القبول في البلدات»، الذي يتيح لمجلس البلدية داخل إسرائيل رفض السماح بسكن أي شخص لا تتلاءم أفكاره مع «فكرة نشوء البلدة الصهيونية»، فضلاً عن قانون الجمعيات الذي يحظر إعطاء إذن لإقامة جمعية لا تتلاءم مع سياسة الدولة، ويقضي بإغلاق أي جمعية تقف خلف دعاوى رفعت ضد إسرائيليين امام المحاكم الدولية، ومشروع قانون حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة.
وقد أثار قرار الحكومة الإسرائيلية التعديل على «قانون المواطنة» ردود فعل غاضبة في أوساط الفلسطينيين الذين أجمعوا على أن الحكومة والكنيست الإسرائيليين الحاليين هما «ألأكثر عنصرية وتطرفا على مدار تاريخ الحكومات العنصرية المتطرفة».
وكتب النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي رسالة احتجاج إلى الرئـيس الأميركي باراك أوباما، وأخرى إلى الرئاسة الفلسطينية وجامعة الدول العربية، تطالب بالتدخل لمنع الهجمة التي تشن ضد فلسطيني العام 1948 تمهيدا لترحيلهم.
وقالت النائبة العربية في الكنيست الإسرائيلي حنين الزعبي لـ«السفير» إن هذا القانون يظهر أن «ليبرمان هو الذي يحكم فعلياً، وهو الذي يبلور الثقافة السياسية في إسرائيل»، مشيرة إلى أن «هذا التعديل غير الديموقراطي وغير القانوني يشكل حلقة من سلسلة سياسات واقتراحات قوانين عنصرية أعلنتها حكومة نتنياهو منذ تنصيبها». وأضافت أن «مهمة فضح عنصرية الدولة اليهودية تصبح أسهل الآن».
من جهته، قال النائب جمال زحالقة أن «القانون الجديد وقح لأنه يطلب من الضحية أن تعلن ولاءها للجلاد. فالدولة اليهودية هي أصل البلاء وأصل نكبة الشعب الفلسطيني، وتطلب من الفلسطيني الولاء لها». وأضاف إن «سلسلة القوانين العنصرية تعكس النوايا الحقيقية لحكومة إسرائيل، وعلى العرب أن يصحوا من وهم المفاوضات. عليهم أن يحاصروا إسرائيل ويعزلوها بشتى الطرق، وأن يحشدوا دعمًا عالميًا لفرض العقوبات على حكومة إسرائيل. هذه هي الطريق الوحيدة للجمها ولجم عنصريتها وعدوانها».
بدوره قال الناشط السياسي في الناصرة زاهر بولس لـ«السفير» إنّ «هذه الخطوة مرفوضة، ونحن لن نقبل بالقرار ولن نؤدي اليمين، فهو ليس مجرد كلمات سيتم تلاوتها، وإنما تمهيد لترحيلنا، فكيف لنا أن نوافق على ترحيلنا عن أرضنا».
أما مدير «مركز عدالة لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل» حسن جبارين، رأى أنّ التعديلات على قانون الجنسية تعني ببساطة «إلغاء الحق الفلسطيني في الداخل، وإلغاء حق العودة». وأضاف إن «هذا القانون يعني أن لا حق للفلسطينيين في البلاد التي عاشوا فيها، ويعني أن وضع الفلسطينيين في بلدهم يتدهور باستمرار، وأن كل ما ناضلوا من أجله منذ احتلال فلسطين عام 1948 ذهب مع الريح، ويعني أيضا أن الفلسطينيين ليس لهم أية حقوق مدنية في إسرائيل».
في هذه الأثناء، التزم المسؤولون الإسرائيليون الصمت حيال القرار الذي اتخذته لجنة المتابعة لمبادرة السلام العربية، مساء الجمعة الماضي، والمتعلق بإمهال الدبلوماسية الأميركية شهرا لكي تحاول إنقاذ المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وعزا مسؤول حكومي إسرائيلي هذا التكتم إلى أن «رئيس الوزراء يواصل مباحثاته من وراء الكواليس مع الولايات المتحدة»، مضيفا أنه حتى الآن «لم يتم إبرام أي اتفاق خطي مع واشنطن، وكل الأمور تبدو غامضة، ولهذا السبب، فإنه من الصعب الإدلاء برأي».
من جهته، اكتفى وزير المالية الإسرائيلي يوفال شتاينتس بالقول إنه «لا يوجد سبب يدعو إلى القلق» من القرار العربي، فيما اعتبر وزير الخارجية افيغدور ليبرمان إنّ «إسرائيل أعطت للفلسطينيين لفتة لمرة واحدة (بوقف الاستيطان) لمدة عشرة أشهر. وقد اختاروا إهدار معظم الوقت، أي تسعة من الأشهر العشرة. ومن ثم يتعين عليهم تقديم ردود. نحن مستعدون لمواصلة المحادثات المباشرة فورا».

» الجبهة العربية: 'قانون المواطنة' الإسرائيلي إعلان حرب على فلسطينيي 48
» حكومة نتنياهو أقرت تعديل قانون المواطنة
» الوزير مريدور يهاجم تعديل قانون المواطنة
» الكنيست يصادق على تعديل قانون المواطنة بأغلبية 22 صوت مقابل 8 ضد القرار
» المتابعة: تعديل قانون المواطنة تأكيد آخر على الوجه الفاشي للحكومة