هل تخلى العرب عن فلسطين؟

الياس سحاب
من المؤكد أن القضية الفلسطينية لم تمر في تاريخها بلحظة تاريخية اتعس وأخطر من تلك التي تمر بها في هذه الايام.
إن نظرة عامة الى مسيرة المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية في جولتها الاخيرة، تحت الرعاية الاميركية، تبدو معها فلسطين وقضية فلسطين، وكأنها تفلتت من منطقة الجاذبية الفلسطينية والعربية، وأصبحت اشبه بكرة سياسية تتقاذفها الإدارتان الاسرائيلية والاميركية.
في الجانبين الفلسطيني والعربي، كل المؤشرات، في الاشهر الاخيرة بشكل خاص، تشير الى ان الطرفين قد جردا نفسيهما بالتدرج من كل اوراق القوة الممكنة، تتويجاً للمسيرة التاريخية التي دشنها الرئيس المصري السابق انور السادات تحت شعار إن كل اوراق اللعبة اصبحت بيد اميركا، فتخلى الجانبان الفلسطيني والعربي، تدرجاً عن كل البدائل التي كانت مطروحة في وجه التعنت الإسرائيلي والانحياز الاميركي.
حتى المبادرة العربية الضعيفة، التي شكلت آخر سهم اطلقه النظام العربي في وجه التعنت الاسرائيلي والانحياز الاميركي، ها هي قد بلغت السنة الثانية من عمرها، من دون ان يدعمها العرب، بكل انظمتهم، بأي طاقة عسكرية او اقتصادية او سياسية او دبلوماسية او حتى إعلامية، الا اذا اعتبرنا الحملة الاعلامية المدفوعة الثمن التي اطلقتها السلطة الفلسطينية ذات يوم في الصحف الاسرائيلية، نوعاً من الرصيد الاعلامي الذي شحن به العرب مبادرتهم. وهي على اي حال مبادرة، لم تمثل يوماً اي قيمة سياسية في نظر الدبلوماسية الاميركية او الدبلوماسية الاسرائيلية.
وقد انتابت نوبة من الصراحة ذات يوم وزير الخارجية القطري، فأعلن صراحة، رداً على سؤال محرج، ان العرب لا يملكون أي بديل اذا فشلت المفاوضات، وأن كل ما يملكونه هو رد الفعل الآني، عندما تواجههم المشكلة.
في مقابل ذلك ها هي فلسطين، بجذورها الاساسية، وبما بقي منها بعد احتلال عام 1967 ونشاط التهويد الكاسح، تتحول الى كرة سياسية، تتقاذفها تل ابيب وتتدلل، فتقتطع واشنطن من القضية الفلسطينية ما تبقى، وتقدمه لإسرائيل جوائز مسبقة، لقاء ماذا؟ لقاء مجرد شهرين فقط من تجميد الاستيطان.
أي أنه بعد مرور الشهرين، تكون اسرائيل قد حصلت على كل الجوائز السياسية والأمنية والدبلوماسية، ويمكنها معاودة الاستيطان كما تشاء، وبالوتيرة التي تناسبها.
لكن ليس هذا كل شيء. فها هي تصريحات الوزراء الاسرائيليين من ليبرمان الى يعلون الى سواهما، تتوالى مؤكدة انه ليس هناك مجال لتسوية مع الفلسطينيين حتى بعد مرور عقود من الزمن، مع التأكيد على ان هذا هو رأي جميع وزراء اللجنة السباعية الوزارية، بمن فيهم باراك. تنطلق هذه التصريحات مع إقرار المزيد من القوانين التي تحول كل الفلسطينيين، من اصحاب اصليين للبلد، الى مجرد مقيمين، في اراضي 1948 وأراضي 1967، في مواجهة دولة عليهم ان يعترفوا بيهوديتها، وإلا تعرضوا للطرد.
في مقابل ذلك، تحصل إسرائيل على صفقة من احدث طائرات اف- 35، تدعم بها تصلبها السياسي واحتلالها، في مقابل طائرات اف- 15 للمملكة العربية السعودية.
وفي مقابل ذلك، لا يجد العرب إزاء كل هذا سوى التمديد شهرا بعد شهر، لموافقتهم على التفاوض، مجرد التفاوض، من دون التورط بأية إشارة الى اية بدائل سيطلقها العرب اذا جاءت كل محاولات التمديد بمزيد من الفشل.
وفي مقابل ذلك تطوع احد المسؤولين المرموقين في السلطة الفلسطينية، ياسر عبد ربه، بتصريح يعبر عن حالة الملل التاريخي من القضية الفلسطينية، فيؤكد استعداد السلطة للاعتراف بدولة إسرائيل تحت اي صيغة (إشارة الى صيغة كونها دولة يهودية، ليهود كل العالم) في مقابل خريطة اميركية لأراضي الدولة الفلسطينية بما تبقى من اراضي 1967.
إننا اذا جمعنا كل هذه الإشارات التي تكدست دفعة واحدة في الاسابيع الاخيرة، نلاحظ ان فلسطين التاريخية، قد اصبحت بكاملها، جغرافياً وسياسياً وقانونياً، في قبضة التحالف الاميركي - الاسرائيلي، وأن العرب والفلسطينيين، على صعيد انظمتهم الرسمية، قد وصلوا الى ذروة حالة الملل القصوى من حمل أعباء القضية.

» العرب يطلبون عضويّة فلسطين في الأمم المتّحدة
» فوز فلسطين بمقعدين في المؤتمر التأسيسي للمدربين العرب بالاردن
» فلسطين تشارك في البرنامج السنوي للشباب العرب المخترعين
» الرئيس يطلع السفراء العرب المعتمدين لدى مصر على تطورات الأوضاع في فلسطين
» ديوان يطالب العرب بتحويل الطرود البريدية مباشرة إلى فلسطين