الطفل بشار الخواجا هل يعود بعد ستة اعوام الى احضان والديه ؟

لم يكن يوم الاربعاء ( 21 - 7 - 2004 ) يوما عاديا في حياة اسرة الشاب عمر الخواجا ، ففي هذا اليوم كانت الاسرة كلها على موعد مع بدء مأساة انسانية ، بدأت تفاصيلها في الساعة التاسعة من صباح ذلك اليوم ولم تنته الى الان فقد توجه ذلك الصباح عمر الخواجا الى مركز الامومة والطفولة في مخيم البقعة وبرفقته زوجته التي كانت تحمل على يديها ابنهما البكر ( بشار ) ، الذي لم يكن قد بلغ من العمر اكثر من ( 45 ) يوما في ذلك الوقت ، وما ان وصلوا الى باب المركز حتى ذهب هو الى عمله ودخلت الأم الى المستوصف الطبي الذي لم تكن تعلم انها على موعد فيه لأن تفقد طفلها الرضيع ، فالذي حدث ان امرأة يبلغ طولها 170 سم تقريبا ، ممتلئة الجسم وبعيون واسعة ، سمراء البشرة ولها شامة على الخد الايسر قريبة من الانف ، بالإضافة الى كونها عريضة الشفاه كبيرة اليدين حسب ما تروي ( ام بشار) ، كما كانت ترتدي بنطالا اسود وقميصا ملونا (بني وبيج) تقريبا ، كما كانت تضع على رأسها شالا اسود ، ( لا زالت الام تذكر كل هذه التفاصيل على الرغم من مرور ست سنوات على حادثة الخطف ، ولكنها تدرك الآن ان هذه الاوصاف قد لا تكون ذات قيمة كبيرة بعد مرور كل هذه السنين )0 وتضيف ام بشار ان هذه السيدة ادعت اثناء حديثها بأنها حامل بالشهر السادس ، وانها تسكن داخل المخيم بالقرب من العيادة ، وكان كلامها ينصب حول فضل وفوائد قراءة القرآن ، كما زعمت أن خالها طبيب اعشاب ، ثم بدأت تركز بأسألتها للأم عن الطفل بشار ، كم عمره؟ وهل يرضع طبيعيا ام صناعيا ؟ وما نوع هذا الحليب؟ كما سألت ايضا عن عائلة الام وعائلة الزوج .

اين انت يا بشار ؟

وتتابع الام وهي تستعيد من ذاكرتها ذلك اليوم المشؤوم في حياتها ان سبب مراجعتها للمركز الصحي في ذلك اليوم كان لعارض صحي يتعلق بها ولم تكن المراجعة للطفل ، وتقول : بعد جلوسي وحديثي مع تلك السيدة بلحظات بدأت تبدي اعجابها بالطفل وطلبت مني ان تحمله ، فناولته لها بلا اي تحفظ ولم يدر بذهني اي تخوف او ارتياب من ناحيتها ، ثم بعد مضي بعض الوقت من الجلوس في قاعة الانتظار والحديث مع تلك السيدة شعرت ان هناك ازدحاما شديدا على العيادة في ذلك اليوم واردت ان اعود الى البيت ، فمددت يدي لأستعيد طفلي منها ، ولكنها نجحت في اقناعي بأن اذهب الى حيث مكتب تنظيم الدور لعلي اوفق بالحصول على علاج ، بدل ان يضيع علي ذلك اليوم بلا اي فائدة ، وطمأنتني بأنها جالسة وان الطفل معها بامان ، وتؤكد (ام بشار) انه بعد عودتها لم يخطر في بالها اي عملية خطف ، وتوقعت ان المرأة خرجت لشراء شيء ما مثلا ، خصوصا انها لم تغب عنها إلا اربع دقائق ، وهكذا بدأت البحث مع الممرضة في الساحة الخارجية ، ثم بعد ان تأكدت ان الامر ليس طبيعيا قامت باعلام مدير المركز الصحي ، الذي بدوره قام بالاتصال بالشرطة ، اما ام بشار فسارعت بالاتصال بزوجها ، وهكذا بدأ البحث اولا في الشوارع المحيطة ، ثم قام رجال الشرطة بحملة امنية متكاملة كان من ضمنها التفتيش في باصات النقل ، ولكن مشيئة الله كانت ان الوقت لم يحن بعد للكشف عن مصير بشار ، وهكذا اختفى الطفل الرضيع ، حملته تلك المرأة وذهبت به الى المجهول ، ومنذ ذلك اليوم ما زال السؤال الكبير يتردد اين انت يا بشار ؟

بشار الآن في المدرسة

يقول الاب عمر الخواجا : ان تركيز تلك المرأة على معرفة نوع الحليب يشير الى ان بشار خطف من اجل التربية ، أي أن امرأة الان تربيه ، ونحن نشعر انه ومن خلال ظروف عملية الخطف انه خطف لمصلحة اسرة اخرى ، والخاطفة قامت بالعملية فقط ، فمواصفات تلك السيدة لا تسمح ان يقتنع احد بأن بشار ابنها ، فبشار ذو بشرة بيضاء وشعر اشقر ، اما لون العيون فهو بني فاتح تقريبا ، ويوجد في منتصف منطقة الذقن لديه نقرة صغيرة ، او ثنية صغيرة كالغمازة ، ويتابع الخواجا انه يعتقد ان طفله بشار موجود عند اسرة اختارت ان تحقق الرغبة بالحصول على طفل بصورة غير شرعية ، وغير اخلاقية بمبرر انها محرومة من نعمة الابوة والامومة لسبب ما ، ويؤكد الخواجا ان الاسرة جميعها لا زالت تعيش اجواء الصدمة على الرغم من مرور ست سنوات على غياب بشار ، وانها تتمنى وتأمل ان يكون اليوم الذي يلتئم فيه شمل العائلة مع بشار قريبا ، خصوصا ان بشار الآن اصبح في السادسة من العمر ، وبالتأكيد اصبح يشاهد من مجموعة كبيرة من الناس ، وهذا قد يؤدي الى كشف سر اختفائه طوال السنين الماضية ، وتمنى الخواجا من كل من يستطيع ان يساعدهم على استعادة ولدهم الا يبخل بجهده عليهم ، واكد انه سوف يسامح من قاموا بعملية خطفه ولن يلاحقهم قانونيا ابدا ، وانه قطع عهدا على نفسه بذلك .

خطف من اجل التربية

اختصاصي الصحة النفسية الدكتور عامر المصري قال: ان %90 من حالات خطف الاطفال لا تتم للرضع ، اذا كان القصد منها التجارة لاستغلالهم من ناحية ( بيع الاعضاء ) ، وفي هذه القضية يمكن تفسير التركيز على المعلومات التي لها علاقة بالمعرفة في الاطفال ونشأتهم ، وخاصة السؤال عن اوقات الرضاعة ونوع الحليب المستخدم ، على انها مؤشرات من الناحية النفسية يمكن اعتبارها كدلائل على اخذ الطفل بنية تنشأته ، وذلك كتعويض لبعض الحاجات التي لم يستطع الانسان الحصول عليها بالطرق الطبيعية ، مع بقاء جريمة حرمان اسرة من طفلها وتعريضها لصدمة نفسية قاسية في ظل موت الاحساس بالاخر ، ،

وبين المصري ان الاسرة التي يمكن ان يكون لديها الطفل يكون لديها سجل من الصور يسجل كافة مراحل نمو الطفل باستثناء مرحلة حمل الأم به .

ضعف الضمير

ويضيف المصري : اما بخصوص الام التي قد تكون خطفت الطفل من اجل تربيته فمن المحتمل ان تكون واقعة ضمن دائرة الشخصية السايكوباتية ، ومن اولى السمات التي تتميز بها هذه الشخصية ضعف وظيفة الضمير ، فهذا الشخص يكون دائما في حالة سعي مستمر نحو الغرائز وتحقيق ما تصبو اليه نفسه ، دون الشعور بالذنب او تأنيب الضمير ، وهو يتميز بكلام عذب ووعود لا يستطيع تحقيقها ، قد ينبهر الناس بلطف هذا الشخص وقدرته على استيعاب الشخص الذي امامه ، وايضا لديه مرونة مؤقتة ، ولكن عند التعامل معه لفترة من الزمن تستطيع ان ترى فشل مرونته وعدم تحقيقه للوعود التي التزم بها ، وايضا من السمات التي يمكن لأي شخص ان يلاحظها انه كثير الانتقال من عمل لآخر وكثير المشاحنات والمشاجرات ويتميز بعدم القدرةعلى تحمل المسؤولية .

الحرمان من نعمة الامومة

ويبين المصري ان من صفات هذا الشخص الملازمة له منذ الطفولة : سرقة ممتلكات الاخرين ، والكذب ومحاولة الايقاع بين الاشخاص الذين يقعون في محيطه الاجتماعي ، لانه يشعر باللذة والفوز عندما تحدث المشاجرات بين الاخرين ، وبخصوص ظاهرة الكذب فهو يكذب لمجرد الكذب ، ولا يوجد نمط في سلوك الكذب يعود عليه بالفائدة او يحميه من العقاب ، فهو يكذب ليفسح الطريق لنفسه ويرضي غرائزه ، ونلاحظ على هذا الشخص عدم وجود اتصال ظاهري مع الاخرين ، وهو حنون بشكل عشوائي مع الغرباء ، ويطالب بالاشياء في غير موضعها الطبيعي وبشكل ملح ، ويشير المصري الى ان من يحملون هذه الشخصية يرفضون العلاقات الاجتماعية الحميمة مع ذاتهم ومع اطفالهم .

كما ان هناك احتمالية ان تكون مثل هذه الام واقعة تحت تاثير صدمة فقدان طفلها ، او فقدان القدرة على الانجاب ، وهي في مرحلة الانكار وعدم القدرة على قبول الامر الواقع ، ومع تاثير الصدمة لا تستطيع استخدام القدرة الدماغية لديها ، وقد تكون بعض الخلايا العصبية لديها قد تعرضت للضرر فأقدمت على القيام بمثل هذا الجرم .

ذكرى مؤلمة

فخري سعادة رئيس سابق لنادي البقعة ، وصديق لعائلة الطفل المخطوف قال : تسوقني الذكرى الى ما قبل ست سنوات ، حيث اختطفت امرأة بدم بارد وبصورة خلت من كل عواطف الامومة ، والرحمة والشفقة ، الطفل الرضيع بشار الخواجا ، ليساق الى قدر مجهول ، تاركين اسرته في حالة تشتت وضياع ، وقد نزعت من امه كل وسائل الاستقرار النفسي ، والعاطفي والجسدي ، وهنا يسجل المرء بكل اعتزاز وفخر وقفة التضامن المطلق من كافة شرائح المجتمع المحلي في لواء عين الباشا ضد هذه الجريمة البشعة ، التي تحرق الاحشاء وتشعل القلوب ، حيث طفق الجميع يبحث عن تلك المرأة المنزوعة الضمير ، بعد ان اجتهدت شاهدات عيان على رسم صورة حقيقية لملامحها ، ولكن جاءت النتيجة بلا امل في العثور على الضالة المنشودة - بشار - محتسبين ذلك عند الله .

الأمل من جديد

وأكد سعادة إن ما يدفع على الأمل في احياء البحث من جديد هو ان بشار أصبح الان يعيش مصيره المجهول منخرطا في المجتمع من خلال المناخ المدرسي الذي يعيشه الان ، فقد بات من المؤكد ومن خلال الطريقة التي اختطف بها بأن الأمر لا يتعدى رغبة امرأة حرمت نعمة الامومة ، ما ادى بها لاختطاف هذا الطفل متحدية بذلك كافة الشرائع السماوية التي تحرم التبني ، واني على يقين مطلق أن ضمير هذه المرأة سيصحو في يوم من الايام ليعلن ما اقترفت يداها من ذنب عظيم بحق براءة هذا الطفل ، والذي ستفزعه المفاجأة وتصدمه الحقيقة ، ويضيف سعادة : أخيرا ومن خلال هذه العجالة أناشد كل الضمائر الحية الا يعييها البحث عن هذا الطفل المخطوف ، وأدعو الله متبتلا وضارعا ان يصحو ضمير تلك المرأة وأن ترضى بقضاء الله وقدره ، وان يهديها رشدها بأن تعيد الطفل لوالديه ، لترتسم البسمة من جديد وتبلسم الجراح التي أدمت قلوب كل المحبين ، وعفا الله عما سلف .

عدم كتم شهادة الحق

الدكتور احمد العوايشة ، مدير المركز الثقافي الاسلامي في الجامعة الاردنية ، قال ان التبني بشروطه المشروعة جائز ولا حرج فيه ، فالاسلام ابطل التبني بالنسب فلا يجوز ان ينسب الطفل الى غير ابيه اذا كان معروفا ، اما اذا كان مجهول النسب فعلى ولي الامر ( الدولة ) ان تختار له اسما لا علاقة له بعائلات او ميراث ، اما قضية الطفل بشار ففيها اثم من حيث خطفه وزرع الألم في نفوس والديه هذه الفترة الطويلة ، وهذا فيه اثم مبين ، وايذاء للمؤمنين ، كما قال تعالى ( وَالَّذًينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمًنًينَ وَالْمُؤْمًنَاتً بًغَيْرً مَا اكْتَسَبُوا فَقَدً احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإًثْمًا مُبًينًا ) والنبي صلى الله علي وسلم يقول ( لايؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) فمثل هذا الخاطف لو كان عنده اولاد فهو بالتأكيد لا يحب ان يخطفهم احد من الناس بحجة ان لا ولد عنده وانه محروم من نعمة الابناء ، لذا فإن هذا السبب لا يبرر جريمة الخطف ، ونصيحتي لهذه المرأة الخاطفة ان تتقي الله وان تتحلل من هذا الاثم المبين ، بإعادة الطفل الى والديه لأنه في نظرهما لا هو حي فيرجى ولا ميت فينسى ، فالألم يعتصر قلبيهما وهما لا زالا يؤملان عودته اليهما ، وإن الذي يكفر عن ذنب الخاطفة هو التوبة عن هذا العمل السيء المحرم ، ورد الطفل الى والديه: حتى تقر عيونهم به ، وعلى كل من يعلم شيئا من امر هذا الطفل ان يبلغ عنه وان يرشد اليه امتثالا لقول الله تعالى (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرًّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإًثْمً وَالْعُدْوَان ) ومن يعلم عن هذا الطفل شيئا ولم يخبر به فإنه آثم لأنه كتم شهادة حق ، وهذا اثم مبين لأنه تغطية على جريمة نزع طفل بريء من والديه ، وتعاون مع الاشرار في الافساد في الارض وترويع الآمنين .

» شرطة جنين تقبض على فار من العدالة منذ 7 اعوام على خلفية قتل
» فرنسي في الحادية عشرة من عمره ينطلق بسيارة بسبب غضبه من والديه
» الفلسطيني الذي عَبَر الجولان إلى منزل والديه عــائــد إلــى يــافــا
» إسرائيل قررت نقل مواد بناء إلى غزة الأسبوع المقبل ـ - لاول مرة منذ 3 اعوام
» حدث في مخيم البريج وسط القطاع شاب قتل والديه وحاول قتل شقيقته وهرب من المنزل..إليكم التفاصيل