بالفن والموسيقى 'رجعت الشتوية'

أعاد مجلس طلبة جامعة بيرزيت، ومنتدى الفكر الحر، المجتمع الفلسطيني إلى نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، وبث الروح من جديد في مسيرة الجامعة الفنية، معيدا إلى الأذهان صورة الفعاليات الفنية الثقافية الوطنية المتميزة، التي كانت تعرف بـ'ليالي بيرزيت'.

تلك الصورة عادت إلى أذهان الحضور الذين اجتمعوا في حرم الجامعة، بأمسية فنية ملتزمة، نظمها المجلس والمنتدى ليلة أمس الثلاثاء، لدعم صندوق الطالب المحتاج، بمشاركة العديد من المؤسسات الرسمية والمحلية تحت عنوان 'رجعت الشتوية'.

عنوان الأمسية، مكان تنظيمها، والهدف من ورائها، دفع الكثيرين لحضورها، لهذا ازدحمت البوابات، وغصت باحات الجامعة بالجمهور، الذي بادر للمشاركة من أجل الاستمتاع بالموسيقى الملتزمة، ودعم الطالب المحتاج، فصاد عصفورين بحجر.

وأطفى الجو البارِد نسبيا، الذي ساد باحة المدخل الغربي للجامعة، جوا شتويا حقيقيا على الأمسية، فتطاير شال الفنانة الجليلية أمل مرقص مع تطاير ألحانها إلى مسامع الحضور الذين تفاعلوا معها بالتصفيق والغناء.

مرقص عادت هي الأخرى إلى بيرزيت بعد أن شاركت في 'ليالي بيرزيت' قبل عشرين عاما، عادت بأغنيات جديدة وألحان تراثية عصرية، عملت عليها خلال السنوات الطويلة التي غابت فيها عن باحات الجامعة.

وقدمت مرقص أغان للسيدة فيروز، وأعادت الحرية إلى أروقة الجامعة بأغنية 'يا حرية'، وغنت أغانيها (حجار فوق حجار، وشيء في الحرب، وعَ الروزنا، والنصراويات)، ونادت جمهورها الغفير على 'ابن شعلان'.

وإلى جانب مرقص، أشعلت فرقة بيلسان الحضور، وقاد أسامة دياب ورفاقه جمهور الأمسية إلى أغاني سميح شقير، فوقفوا معه كالأشجار، وزفوا الشهداء مع 'رجع الخي'، وأعادوا التأكيد على البقاء مع 'لوما الأمل'.

ومن الأغاني الملتزمة إلى الأهازيج والدبكات الفلسطينية، حيث تسيدت فرقة تغاريد 'المسرح' بلوحات استعراضية فلكلورية فلسطينية جميلة، نالت إعجاب الجمهور الذي بادر للتصفيق وتنظيم حلقات الدبكة.

ويقول مايكل عطية عضو مجلس طلبة جامعة بيرزيت، ومنسق المهرجان:'فكرة المهرجان هي مبادرة من مجلس الطلبة لدعم الطالب المحتاج عن طريق نشاط ترفيهي ثقافي ملتزم يشارك فيه الطلبة والمجتمع المحلي'.

وأشار إلى أن مجلس الطلبة قادر على توفير جو إيجابي ودعم نفسي للطلبة عن طريق الأنشطة التي ترفه عن الطلاب وتبعدهم عن الضغط السياسي والنقابي، الذي عادة ما تعج به أروقة المجلس ومن أجل تعزيز علاقتهم به.

من جانبه، أعاد أيمن ساتر رئيس المجلس، التأكيد على هدف الأمسية الأساسي وهو دعم صندوق الطالب المحتاج، مثمنا دور كل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في دعمه وإخراجه إلى النور بالشراكة مع منتدى الفكر الحر.

وهو ما أشار إليه مهند كراجة، من منتدى الفكر الحر 'خطى'، الذي عبر عن سعادته الكبيرة لخروج هذه الفعالية إلى النور، ومشاركة المجتمع المحلي فيها بهذه الكثافة، رغم كل الصعوبات والتحديات التي واجهت تنظيمها.

إعادة الروح الثقافية والفنية إلى أروقة الجامعة، وصورة 'ليالي بيرزيت'، هو ما أكد عليه حمدان البرغوثي ممثل محافِظة رام الله والبيرة، الذي قال: 'تعيدنا هذه الأمسية إلى أجواء جميلة شاركنا فيها في جامعة بيرزيت في فترات ماضية وهي 'ليالي بيرزيت'، مثمنا الهدف الإنساني وراء الأمسية وهو دعم الطالب المحتاج.

الفنانة أمل مرقص، أشارت إلى أنها غنت في 'ليالي بيرزيت' قبل عشرين عاما، معبرةً عن سعادتها الكبيرة بما لاقته من جمهور 'كبير ومتفاعل'، ومبديةً إعجابها بالمستوى 'العالي' الذي ظهر عليه التنظيم.

وعبرت عن إعجابها الكبير بالاسم الذي اختير لتنظيم الأمسية وهو 'رجعت الشتوية' قائلةً: 'إسم الأمسية، مكانها، وهدفها أمور دفعتني للمشاركة فيها دون تردد، أشكر منتدى 'خطى' ومجلس الطلبة على دعوتي'.

وأكدت مرقص، إبنة بلدة كفر ياسيف في الداخل الفلسطيني، التأكيد على دور الأغنية الهادفة والمتميزة في مجتمعنا الفلسطيني من أجل الحفاظ على الهوية الفلسطينية والدفاع عن التراث والثقافة الوطنية، وحمايتها من الضياع.

الجمهور جمع بين هدف الأمسية والفن الملتزم المقدم فيها، فخرج رابحا على الجانبين، وهو ما قالته منى محمد (55 عاما)، والتي قدمت من شمال الضفة للمشاركة في الأمسية: 'جئت للاستمتاع بفن فلسطيني جميل تقدمه الفرق المشاركة، فهذه الأمسيات هي التي تعيدنا إلى الأجواء الوطنية الفلسطينية، والتراث والفن الملتزم'.

وأضافت: ليس الفن وحده من قادني إلى بيرزيت الليلة، فأنا مدرسة في وزارة التربية، ولدي أبناء في الجامعة، وأعرف تماما احتياجاتهم، أتيت إلى هنا وشجعت آخرين للقدوم، من أجل المشاركة في هدف نبيل، وهو دعم الطالب المحتاج.

من ناحيته، أشار إيمن محمود الطالب في السنة الثالثة بكلية التجارة في الجامعة، إلى أهمية هذا النوع من الفعاليات التي تعزز علاقة الجامعة وطلبتها مع المجتمع المحلي، إلى جانب ما تقدمه من ترفيه ملتزم ووطني للطلبة المنهكين بضغط الدراسة من جانب، وهموم السياسة والأحزاب من جانب آخر.

ــ