مواجهة الاحتلال مشهد لا ينتهي في سلوان

مواجهة الاحتلال مشهد لا ينتهي في سلوان
لم ينته المشهد في سلوان.. شبان وأطفال ملثمون، مواجهات يومية وليلية..اعتقالات ومداهمات متتالية، رصاص وقنابل سامة وحارقة ودخانية ومسيلة للدموع، خراطيم مياه ملونة وساخنة، نقاط مراقبة عسكرية إسرائيلية، دوريات عسكرية وشُرطية وأخرى تابعة لحرس المتطرفين اليهود، تنكيلٍ بحقّ الصغار والكبار، لجان أحياء وسيارات إسعاف وفرق إغاثية وصحية، وأخرى إعلامية لا تفارق المنطقة.
حارات وأحياء البلدة أصبحت على كل لسان، وباتت، بفضل وسائل الإعلام المُتعدّدة، معروفة في كل أصقاع العالم: البستان، وادي حلوة، العباسية، بطن الهوى، بئر أيوب، عين اللوزة، رأس العامود، الحارة الوسطى أو حارة مراغة، وادي قدوم، ومعظمها إن لم يكن كلها تشهد مواجهات بشكلٍ مستمر ومتصاعد ضد قوات الاحتلال والجماعات اليهودية المتطرفة.
بعفوية يقول منذر الرجبي، 28 عاما، وهو من سكان الحارة الوسطى أو حي بطن الهوى وبالقرب من البؤرة الاستيطانية 'بيت يوناتان' انه وكل أشقائه وأبناء أشقائه وأبناء عمومته تم اعتقالهم ومنهم من يقبع حتى الآن في سجون الاحتلال، لافتاً بكثيرٍ من السخرية إلى أن جنود وأجهزة الاحتلال لم تترك طفلاً أو شاباً أو فتى دون أن تعتقله في محاولة لإرهاب المواطنين، والضغط على الأهالي ليتركوا الجماعات الاستيطانية المتطرفة تصول وتجول في الحي كما تشاء وبراحة ودون أي اعتراض.
وعبّر الرجبي عن استيائه الشديد من عدم اكتراث المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية التي تنادي بحقوق الإنسان، وقال: إن سلوان، بكافة أحيائها، تعيش حالة انتفاضة حقيقية فرضها الاحتلال على الأهالي من خلال دعم قوات الاحتلال للمتطرفين اليهود ومحاولة وضع اليد على المزيد من عقارات المواطنين، وإصدار قرارات هدمٍ للمنزل بالجملة كما هو الحال بمنازل حي البستان وحي العباسية.
ولفت إلى أن أحياء سلوان وشوارعها وأزقتها تخضع لمراقبة بوليسية من خلال مئات الكاميرات المنتشرة، فضلاً عن وضع نقاط مراقبة عسكرية ثابتة على العديد من أسطح منازل المواطنين و'هي نقاط استفزازية لمشاعر المواطنين وحماية للمستوطنين'.
وأفاد بأن معظم شبان البلدة باتوا بدون عمل بسبب فتح ملفات تحقيق ضدهم بمراكز التوقيف واعتقالهم؛ الأمر الذي يضع المعتقل على 'لائحة سوداء' لا تُمكنه من العمل بأي مؤسسة أو مصلحة إسرائيلية.
وقال محمد جواد بدران، من مواطني سلوان لـ'وفا': إن سلطات الاحتلال فرضت على مواطني البلدة أوضاعاً مأساوية من خلال ممارساتها وسياساتها ومخططاتها التي تعلن عنها صراحة في استهداف البلدة بأحيائها الكاملة، بدءا من حي البستان ووصولا إلى حي وادي حلوة بهدف ترحيل المواطنين وعددهم نحو 50 ألف مواطن عن المنطقة التي تعتبر الأقرب للمسجد الأقصى من خاصرته الجنوبية.
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال وبعد اعتقالها للعشرات من الأطفال في سلوان فرضت عليهم وعلى ذويهم أحكاما تتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان وحقوق الطفل، ومنها فرض الإقامة الجبرية المنزلية، أو الإبعاد عن سلوان لفترات تتجدد تلقائيا، أو اصطحاب أحد الوالدين لابنهما خلال ذهابه وإيابه من وإلى المدرسة، فضلاً عن فرض غرامات مالية جنونية على الأهالي، وكل هذا لبث الذعر والخوف في نفوس الأطفال ومنعهم من المشاركة في أي مواجهات ضد الاحتلال والمستوطنين في البلدة.
أما منال محمود سعيد فأوضحت أن أطفال سلوان باتوا بأمس الحاجة لبرامج علاجية نفسية وصحية لما يتعرضون له من ممارسات ومشاهدات يومية تفوق أعمارهم الزمنية.
ولفتت إلى أن أطفالها يحلمون أحلاما مزعجة ومرعبة، ومنهم من أصبح يبول في ثيابه نتيجة مشاهداتهم لجنود الاحتلال واعتداءاتهم على المنطقة وأهاليهم وعليهم أنفسهم.
من جانبه، أوضح فخري أبو دياب عضو لجنة الدفاع عن سلوان أن حملات الدهم والاعتقالات شبه اليومية وهي متزامنة لحملاتٍ شاملة على أحياء البلدة، مشيراً إلى حملات الدهم الواسعة لمنازل أحياء البلدة واعتقال معظم أطفال وفتيان المنطقة، فضلاً عن حملات الضرائب المتنوعة, وتلك التابعة للتأمين الوطني وغيرها.
واعتبر أبو دياب هذه الحملات بمثابة انتقام جماعي من سكان البلدة, وانتقام على الاحتجاجات الأخيرة من قبل السكان لممارسات قوات الاحتلال وسوائب المتطرفين اليهود، مؤكداً أن الهدف الأساسي هو تفريغ البلدة من أهلها، بدءاً من هدم وإزالة حي البستان وتشريد سكانه.
إلى ذلك، أبدت العديد من قادة الاحتلال خشيتهم من أن ما يحصل في سلوان بدايات لانتفاضة شعبية ثالثة تبدأ وتستعر في سلوان والأحياء المتاخمة للبلدة القديمة ولا تقف عندها بل تشمل سائر أحياء القدس وتتعداها إلى الأرض الفلسطينية المحتلة برمتها.
ـــــ