'المقبرة المسيحية الإسلامية'.. تعزيز لثقافة التسامح في رام الله

فوق أحدى التلال الفاصلة بين مدينتي رام الله وبيتونيا بالضفة الغربية، تشرع جرافات ومعدات ثقيلة في تسوية الأرض لإنهاء المرحلة الأولى من مشروع المقبرة المسيحية الإسلامية لمدينة رام الله، التي تعتبر المقبرة الأولى المشتركة على مستوى الوطن والمنطقة.

عشرات الدونمات من الأرض يجري العمل فيها حاليا من أجل تنفيذ المشروع، سيخصص نصفها للمسلمين فيما سيخصص النصف الآخر للمسيحيين، وستكون المقبرة جاهزة لاستقبال جثامين الموتى منذ مطلع العام المقبل، كما يؤكد القائمون على المشروع.

مدير المشروع المهندس عدي الهندي قال إن المقبرة 'ستكون مثالا للتسامح في المدينة التي يعيش فيها المسيحيون والمسلمون معا منذ مئات السنين، وينفذ المشروع بلدية رام الله، وهو ممول من وزارة المالية بتكلفة مليون نصف المليون دولار أميركي، بعد أن نجحت البلدية بالتعاون مع الارتباط في الحصول على موافقة الجانب الإسرائيلي على إنشاء هذه المقبرة في المنطقة المصنفة 'سي' الخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية، لقربها من معسكر 'عوفر' الإسرائيلي'.

وأضاف الهندي: لا يوجد رسميا أي مسلم مدفون في مدينة رام الله سوى الشاعر الكبير محمود درويش، ولا توجد مقبرة إسلامية في رام الله، وهذه هي المرة الأولى التي يجري فيها إنشاء مقبرة مسيحية إسلامية، نظرا لازدياد احتياجات السكان في المدينة المضيافة، حيث زاد عدد سكانها في السنوات الأخيرة بشكل كبير، ما يعني حاجة ملحة لإنشاء مثل هذه المقبرة'.

'المرحلة الأولى من المقبرة هي 15 دونما قابلة للتوسعة في المستقبل، وهي تضم مدخلا موحدا للمسلمين والمسيحيين ومظلة لحماية الحاضرين إلى المقبرة من أشعة الشمس وبرد الشتاء، كما يجري التخطيط لإنشاء مسجد وكنيسة جنبا إلى جنب في المقبرة من أجل القياد بالشعائر الدينية المطلوبة هناك'، يقول الهندي.

ويوضح المهندس الهندي المكلف بإدارة المشروع من بلدية رام الله، أنه تم الحصول على موافقة وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية والمسيحية على المقبرة 'التي تراعي الخصوصيات الدينية للمسلمين والمسيحيين، إذ جرى توجيه القبور الإسلامية نحو القبلة، كما أنه لن يتم الخلط بين قبور المسلمين والمسيحيين معا، بل كل طرف سوف يدفن موتاه في المكان المخصص'.

وأشار الهندي إلى أن المقبرة ستتسع في المرحلة الأولى لـ1500 قبر للمسلمين والمسيحيين، كما أن هناك إمكانية لتوسيع المقبرة لتصبح عدد القبور فيها في المرحلة المقبلة قرابة 3500 قبر.

المقاول المسؤول عن تنفيذ المشروع أمجد شلطف، قال إن 'العمل يجري بشكل متواصل من أجل تسليم المقبرة جاهزة في الوقت المحدد مطلع العام، ونقوم بتجهيز ممرات وأدراج بين القبور بسبب طبيعة الأرض، كما يجري العمل على إعداد الشارع الرئيس الذي سيصل المقبرة بالمدينة، بعد أن جرى شقه مؤخرا، ويجري إنشاء مواقف للسيارات وغيرها من المرافق التي يحتاجها القادمون للمقبرة كذلك الكهرباء والمياه'.

رجال دين إسلاميون ومسيحيون رحبوا بإنشاء المقبرة التي تعكس التعايش الإسلامي المسيحي في المدينة المختلطة، وأكدوا أن إنشاءها لا يتعارض مع الديانات السماوية، 'نظرا لأنها تراعي الخصوصيات الدينية للمسلمين والمسيحيين'.

في هذا السياق، قال راعي كنيسة اللاتين في رام الله الأب الدكتور فيصل حجازين إن 'إنشاء هذه المقبرة هو دليل على التسامح والتعايش والأخوة في المدينة. نحن المسيحيون لا يوجد لدينا أي مشكلة مع إخواننا المسلمين والدين لله، ودفن الأجساد جنبا إلى جنب لا يتعارض مع الدين، لأن الروح تخرج إلى بارئها وهي التي تخلد'.

وأضاف: ستسهم هذه المقبرة في التخفيف من معاناتنا بسبب ضيق المقبرة الموجودة في حي المصيون والتي أصبحت في منتصف المدينة بعد أن امتدت المدينة إليها، وستكون المقبرة الجديدة لكل الطوائف وبإمكانهم استخدامها.

في ذات السياق، بين الدكتور إسماعيل نواهضة المدرس في جامعة القدس وخطيب المسجد الأقصى، 'أن عمل مقبرة إسلامية إلى جانب المقبرة المسيحية لا حرج فيه في الدين الإسلامي شرط ألا تختلط القبور معا، ومع مراعاة الشروط الإسلامية في الدفن'.

وأضاف أن 'مدينة رام الله مثال للتعايش الإسلامي المسيحي، فكل منا يطبق تعاليم دينه بحرية'.

ــــ

ب. غ