ورشة عمل بحثية تتناول الوضع الفلسطيني في لبنان

ورشة عمل بحثية تتناول الوضع الفلسطيني في لبنان
تناولت ورشة عمل بحثية نظمتها جمعية مسار للثقافة والإعلام، اليوم الثلاثاء، في العاصمة اللبنانية بيروت، الوضع الفلسطيني في لبنان.
وشارك في الورشة التي جاءت بعنوان 'صورة الفلسطينيين في لبنان ..صناعة رأي عام لبناني جديد .. مسؤولية لبنانية وفلسطينية'، وزير الإعلام اللبناني، طارق متري، وعدد من ممثلي الأحزاب والفصائل ومؤسسات أهلية لبنانية وفلسطينية، والباحثين والإعلاميين.
وأشار الوزير متري في كلمته إلى أن هناك أنماطا كثيرة لصورة الفلسطينيين في لبنان، مقدرا كل جهد لتقريب المواقف اللبنانية-الفلسطينية، معتبرا أن مثل هذه المسالة تحتاج إلى جرأة من قبل الطرفين صاحبا المصلحة الحقيقية في أي تغيير في طبيعة العلاقات، مشددا على ضرورة تخلص الجميع من رواسب الماضي والتطلع إلى المستقبل انطلاقا من حرص الطرفين على صياغة علاقات جديدة متحررة من جميع الرواسب والموروثات التي يجب ان نبقى من الماضي مع الاستفادة من دروسها.
كما تحدث مدير جمعية مسار، فتحي كليب الذي قال: 'من الناحية النظرية، يبدو ان ليس هناك خلافا بين الفلسطينيين واللبنانيين في مقاربة الملفات الفلسطينية، لكن حين الدخول في تفاصيل هذه الملفات نجد التباين واضحا لدرجة التناقض. لا نأتي بجديد عندما نقول أن الفلسطينيين أحبوا ولا زالوا يحبون لبنان، لكن هذا الحب لا يضاهي حبهم لفلسطين'.
وأضاف 'إن المهمة التي ينبغي أن يتصدى لها كل حريص، فلسطيني ولبناني، هي تقديم صورة المخيم أمام اللبناني بصورته الحقيقية ودون أي تجميل، وهذا لا يعني أن ليس هناك ظواهر خلل هنا وهناك، لكن هذا ليس الأصل، بل هي مجرد ظواهر خارجة عن النسيج الاجتماعي والوطني للمخيمات التي هي بيئة مناضلة وحاضنة وطنية للنضال من اجل حق العودة.
وقدم الصحافي طانيوس دعيبس، في الجلسة الأولى من الورشة، ورقة عمل أشار فيها إلى أن الانقسام المتجدد والمعمّم لا يحجب اليوم التغير الإيجابي الذي دخل إلى صورة العلاقة اللبنانية الفلسطينية، مضيفا أن أبرز مظاهر هذا التغير التحوّل البارز الذي حصل لدى فئات واسعة من اللبنانيين في نظرتهم إلى الوجود الفلسطيني في لبنان، أصبحت حاضرة بقوة أكبر صورة الإنسان الفلسطيني، حتى ولو لم تزل موجودة بقوة صورة الفلسطيني المسلّح. وإذا كان صحيحاً أن الحقوق المدنية للفلسطينيين لا تزال تواجه صعوبات في إيجاد طريقها إلى التحقق، إلا أن الاعتراف السياسي اللبناني الواسع بأحقيتها، والذي لم يكن حاصلاً حتى زمن قريب، هو أيضاً من مظاهر التغير.
وتابع: لا يساعد الانقسام الفلسطيني على تطوير وتوسيع هذه المظاهر، بالرغم من أن عودة منظمة التحرير، ونشوء سفارة لفلسطين في بيروت، شكلا تقدماً نوعياً في مقاربة العلاقة بين الطرفين. كما لا يساعد على تطوير الظواهر الإيجابية استخدام اللبنانيين للوجود الفلسطيني المسلح، خصوصاً خارج المخيمات، في صراعاتهم.
وقد عقب على الورقة مدير شرق المتوسط للدراسات ماجد عزام الذي اعتبر ان التجارب الماضية لا تساعد الفلسطيني على تقديم صورة مغايرة للصورة الموجودة في أذهان بعض اللبنانيين، معتبرا أن هناك نية حقيقية لدى الفلسطينيين بالانفتاح على جميع اللبنانيين، فان الإطراف اللبنانية معنية بمساعدة الفلسطينيين على الوصول إلى هذه النتيجة مستشهدا بما حدث في مخيم نهر البارد ودور الدولة اللبنانية في متابعة قضية اعمار المخيم.
بعد ذلك فتح باب النقاش وقدمت العديد من المداخلات النقدية والعلاقات المستقبلية المطلوبة بين الفلسطينيين واللبنانيين.
في الجلسة الثانية قدم مدير جمعية مسار فتحي كليب، ورقة عمل أشار فيها إلى أن الحوار المطلوب ليس حوارا فوقيا كما جرت العادة، بين الحكومة اللبنانية وممثليها ومنظمة التحرير والفصائل الفلسطينية، بل أن المطلوب اليوم هو حوار على مستوى أوسع يطال النواب والوزراء والأحزاب والنقابات على اختلافها والهيئات الروحية.. حوار يتناول مختلف عناصر الملف الفلسطيني في لبنان، انطلاقا من كون الهواجس المعبر عنها باختلاف المواقف هي هواجس موجودة لدى الطرفين، وبالتالي فإن وظيفة الحوار المطلوب هي تنقية الملفات والسياسات الموروثة من زمن الحرب، ومن ثم محاولة تقديم قراءة مشتركة لهذه الملفات بغية الوقوف على ايجابيات العلاقة التاريخية وتفادي سلبياتها.
لما كانت النقاشات الراهنة بشأن الوجود الفلسطيني في لبنان تتأثر بمجموعة من العوامل التاريخية والطائفية والاقتصادية والسياسية، فان أي معالجة يمكن التوصل إليها بين الفلسطينيين واللبنانيين يجب أن تتجاوز الموروثات التاريخية والاعتبارات الطائفية، وهو أمر لا يمكن تحقيقه الا بجهد مشترك من قبل جميع من لديه مصلحة في علاقات مستقبلية فلسطينية – لبنانية سليمة سواء على المستوى الفلسطيني من خلال الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني أو على المستوى اللبناني من المؤسسات الرسمية والحزبية والإعلامية والروحية.
وقد عقب على الورقة الباحث والصحافي سليمان رياشي الذي شككل بإمكانية الزوال التام للهواجس السياسية من كلا الجانبين وبخاصة من جانب الفلسطينيين، لكن أيضا أن لا بد من التأكيد أن الطريق باتت ممهدة لحوارات ومصالحات سياسية على جميع المستويات.
وأضاف، أن اللبنانيين والفلسطينيين مدعون للحوار على المستويين الرسمي والشعبي وهم بذلك لا يبدؤون من الصفر، فقط قطع الوعي اللبناني العام شوطا ملحوظا في تبصر المشكلات الجوهرية للفلسطينيين والاستعداد للتعاطي الايجابي إزاءها.
ثم فتح باب النقاش والمداخلات وقدمت مجموعة من المداخلات.
واختتمت الورشة بكلمة ختامية من مدير الجمعية فتحي كليب، أكد خلالها على استمرار العمل من اجل تصحيح الخلل في العلاقات الفلسطينية اللبنانية، معتبرا أن إعادة صياغة رأي عام لبناني جديد تجاه الفلسطينيين في لبنان تبقى قضية كبيرة وهي مسؤولية مشتركة يتحمل مسؤوليتها الفلسطينيون واللبنانيون معا.