الفرنسيون ينثرون غبار الحرب العالمية الأولى في رام الله

علي عبيدات

نثر الفرسيون غبار الحرب العالمية الأولى على خشبة مسرح وسينماتك 'القصبة' في مدينة رام الله، وأعادوا الذاكرة إلى سنوات طويلة ماضية، سقط فيها آلاف القتلى والجرحى، وانطلقت خلالها عشرات الصيحات.

تناول العمل الفني 'الأيام الدامية'، الذي عرض ليلة أمس، وجمع بين لوحات موسيقية قدمتها الفنانة الفرنسية العالمية دومينيك غرانج، ورسومات ونصوص الرسام الفرنسي جاك تاردي، مشاعر وروايات جنود فرنسيين خلال الحرب العالمية الأولى.

وعبر عشر لوحات موسيقية وغنائية مدعمة بالنصوص والرسومات، قاد الفنانون الفرنسيون يرافقهم العازفان الفلسطينيان رمضان خطاب ونورس كورزم الجمهور إلى ساحات المعارك التي خاضها الفرنسيون مع الألمان.

وحولت غرانج يرافقها تاردي ساحات المعارك إلى لوحات فنية، واستبدلت أزيز الرصاص بصوت آلات البيانو و'الكونتراباص'، ونقلت بشاعة وقساوة الحرب العالمية الأولى، وأرسلت رسالة محبة وسلام بدلا من الحرب.

وأشارت الفنانة غرانج إلى أن عرض هذا العمل الفني في فلسطين يحمل دلالات 'كبيرة كونها تمر في ظروف مشابهة للتي مر بها العالم في الحرب العالمية الأولى، وتمارس ضد شعبها أعمال القتل والتدمير من قبل الاحتلال'.

وأضافت أن 'فكرة العرض الرئيسة هي فكرة التسامح بدلا من الحرب، والاستعانة بالمحبة والتآخي بدل الاستعانة بالأسلحة والرصاص'، ولفتت الانتباه إلى أنها تنقل صورة الحرب وبشاعتها من أجل أن يعم السلام.

وعبرت غرانج عن سعادتها لوجودها في فلسطين، وعن وقوفها وتضامنها إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، قائلةً:'أشعر معهم وبالظروف الصعبة التي يعيشونها، ووجودنا هنا هو نوع من التضامن، وسنتابع مناصرتنا للقضية الفلسطينية في فرنسا وفي كل العالم'.

وأشارت خلال زيارتها الأولى لفلسطين إلى أنها ستضاعف وزملاؤها الجهود من أجل دعم الفلسطينيين وقضيتهم، وستنقل ما رأته عبر الجولة التي ستتزامن مع عرض 'الأيام الدامية' في مناطق مختلفة من العالم.

واستند العمل الفني الذي استمر مدة سبعين دقيقة، وعرض سابقا في فرنسا حيث دارت رحى الحرب المقصودة في الفيلم، إلى روايات ودراسات المؤرخ الفرنسي جون بيير فيرني، المتخصص بالحرب العالمية الأولى.

وعلق بيير على مشاركته بالقول: 'أود أن أقدم الحقائق عن الحرب العالمية الأولى بطريقة بسيطة يتمكن العامة من فهمها، من أجل نشر فكرة تحقيق السلام بدلا من الحرب والمعارك ومشاعر العداء والانتقام'.

وعن رأيه بالقضية الفلسطينية كمؤرخ، قال: 'على الرغم من أنني لم أدرس القضية الفلسطينية عن قرب، أستطيع أن اؤكد أن الشعب الفلسطيني ظلم، ويتعرض للظلم حتى الآن من تبعات الحرب العالمية الأولى التي قسمت الشرق بين بريطانيا وفرنسا'.

من ناحيته، أشار الرسام تاردي إلى أنه أراد أن يظهر الفظائع والمآسي التي حصلت خلال الحرب العالمية الأولى، قائلا: 'إن لم نخصص جهدا فنيا وتاريخيا لهذه الأحداث فإنها ستنتهي دون أن يذكرها الناس ويأخذوا العِبر منها'.

وحول عرض العمل في فلسطين، لفت الانتباه إلى أن القضية الفلسطينية ترتبط بنتائج الحرب العالمية الأولى التي نجم عنها انهيار الدولة العثمانية حليفة ألمانيا، وتقسيم الشرق الأوسط ومنطقة بلاد الشام بين بريطانيا وفرنسا.

ونال العرض إعجاب الجمهور الفلسطيني، الذي صفق مع نهاية كل مقطوعة موسيقية، وبداية عرض لوحة فنية، وهو يشاهد جراحا وآلاما عاشها العالم قبل عشرات السنين، ولا زال الشعب الفلسطيني يعيشها حتى الآن.

وهو ما أشارت إليه الطالبة الجامعية آلاء صبيح، قائلةً: 'لم أكن أتوقع أن تخرج بشاعة الحرب وآلامها بهذه الطريقة الفنية المتميزة، فكرة العرض فكرة رائعة، وأوصلت رسالة المحبة والسلام التي أراد القائمون عليها إيصالها'.

وأضافت: 'للعرض معنى خاص في فلسطين، لما يعانيه شعبنا من آلام ومعاناة كبيرة جراء الاحتلال الإسرائيلي، فنحن نستطيع أن نعيش آلام العالم ونشعر بها إبان الحرب العالمية الأولى، لأننا نعيشها بذاتها وبصورة أكثر بشاعة الآن'.

وشكل 'الأيام الدامية'، خلال عرضه الأول في فلسطين، رواية تاريخية أخرجت كعمل فني موسيقي، ترجمت فيه الصرخات إلى أغاني، ورسمت فيه ألوان الدم وغبار المعارك لوحات جميلة رغم ما تحمله من آلام.