"فتح" و"الشعبية" تجريان مراجعة سياسية شاملة للمفاوضات والانقسام

يعقد الفصيلان الأكبر في منظمة التحرير حركة "فتح" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" اليوم، في القاهرة، جلسات حوار لبحث عدد من القضايا السياسية والوطنية والتنظيمية، في وقت واصلت حركات "فتح" و"حماس" كيل الإتهامات لبعضهما البعض وسط تزايد خشية الفسطينيين من انتقاد اي من سلطتيهما في غزة والضفة، وفق ما أظهر استطلاع للرأي نشر أمس.
وقالت عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية خالدة جرار لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا): "ان اللقاء مع الاخوة في فتح يأتي في سياق مشاورات ولقاءات تعقدها الجبهة مع مختلف الفصائل والتنظيمات الفلسطينية، للتأكيد على أهمية إجراء مراجعة سياسية شاملة، وعلى رأسها المفاوضات، ويتعلق الشق الثاني من اللقاء ببحث سبل تفعيل وتطوير دور منظمة التحرير الفلسطينية، وتحقيق المصالحة الوطنية، وإنهاء الانقسام".
وكانت "الشعبية" قد علّقت حضورها لاجتماعات منظمة التحرير قبل نحو ثلاثة أشهر احتجاجاً على استئناف المفاوضات مع إسرائيل، وآلية اتخاذ القرار في اللجنة.
وشددت جرار على أهمية وحدة الموقف الفلسطيني، ولم شمل مختلف ألوان الطيف الفلسطيني في مواجهة، ما وصفته بـ"الغول الإسرائيلي"، وانتهاك الحقوق الفلسطينية. وأضافت: "نأمل أن تتم مراجعة شاملة، والكف عن الرهان على الولايات المتحدة الأميركية، المنحازة تماما لإسرائيل".
قال عزام الأحمد مسؤول العلاقات الوطنية في اللجنة المركزية لحركة "فتح" ورئيس كتلتها البرلمانية، رئيس وفد فتح للحوار الوطني، إن الاجتماع مع الجبهة الشعبية سيتناول سبل تعزيز الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير، ووحدة فصائل المنظمة، وكيفية معالجة الخلاف في الاجتهادات في إطار المنظمة، وليس خارجها.
وأوضح الأحمد أن "هذا الاجتماع يأتي في إطار التنسيق بين مختلف الفصائل الفلسطينية، وهو الثالث مع الجبهة الشعبية منذ عقد المؤتمر العام السادس لحركة فتح".
وأشار إلى أن "الاجتماع يتناول أيضا سبل تطوير مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وتفعيلها"، مؤكدا أن "هذا هدف مشترك لحركة فتح وللجبهة الشعبية، ولكل الفصائل الوطنية الفلسطينية، فالكل يسعى لتعزيز وحدة الصف الفلسطيني".
وتابع الأحمد: "ملف المصالحة سيكون على جدول الأعمال، والمقصود إنهاء الانقسام الناجم عن إنقلاب حماس في غزة، وفي ضوء الحوارات التي تدور منذ فترة بين حركتي فتح وحماس، ونحن بدورنا سنضع الأخوة في الجبهة الشعبية بصورة التفاصيل، لأننا لا نعتبر بأننا نقوم بحوار ثنائي، بمعزل على بقية الفصائل، ونحن اعتدنا أن نضع الجميع أولا بأول بما يدور، وقد وصلنا إلى مرحلة غاية في الدقة والحساسية، وبخاصة أن الحوار استنفد أغراضه".
وأوضح: "سنتناقش في الخطوات المقبلة، لإحداث نقلة نوعية في الحوار الفلسطيني بما ينهي الانقسام فعلا، لا أن يبقى تمنيات".
وأكد أن "حوار حركة فتح مع الشعبية يناقش أيضا، الوضع السياسي، وخصوصا في ضوء إعلان الولايات المتحدة الأميركية عجزها عن ممارسة الضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان". وقال: "نحن موقفنا واضح، ولا يمكن أن نعود لطاولة المفاوضات مع إسرائيل في ظل الاستيطان، وسننتهز هذا الحوار لنبحث كيف نعزز الصف الفلسطيني، ونقيّم المرحلة المقبلة في ضوء ذلك".
وأشار إلى أن "البند الرابع والأخير على طاولة حوار حركة فتح مع الجبهة الشعبية يتمثل بالعلاقات الثنائية بين الفصيلين"، مشددا على أن "فتح تعتز بالعلاقات التاريخية التي تربطها بالجبهة الشعبية، حتى في أقسى الظروف".
وعن طبيعة العلاقة التي تربط حركة "فتح" مع الجبهة الشعبية، رد الأحمد: "العلاقة دائما قوية، وفي أشد أشكال الخلاف في وجهات النظر كنا لا نفترق، والخلاف مشروع ولكن الافتراق غير مشروع، ونأمل في إطار تعزيز العلاقات الثنائية أن يؤدي هذا الاجتماع إلى مزيد من التنسيق والتحالف بين الفصيلين، وهذا يشكل بالمحصلة دعم للتحالف والتنسيق لفصائل منظمة التحرير كافة".
وأوضح أن الحوار مع الجبهة الشعبية "يكتسب هذه المرة أهمية خاصة، بسبب المواضيع المطروحة للنقاش، خاصة في ضوء قرار الجبهة الشعبية قبل عدة أشهر تعليق مشاركتهم في اجتماعات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، الذي اعتقد البعض بأنه بمثابة خنجر وجه لوحدة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية".
وتابع: "هذا يؤكد، بغض النظر عن قرار الجبهة الشعبية، بأن فصائل منظمة التحرير تبقى متمسكة بالمنظمة كإطار وحدوي للشعب الفلسطيني، حتى لو وجدت خلافات في وجهات النظر، ولكن هذا لا يمنع لقاءها".
ولفت الأحمد الانتباه إلى أن "هذا اللقاء جاء نتيجة اتصالات منذ شهرين بين فتح والشعبية، وتم الاتفاق على عقد الاتفاق في القاهرة، وخارج الوطن حتى يفسح المجال أمام أوسع مشاركة من قيادات الفصيلين من الخارج والداخل، وأشاد بالعلاقات الوطيدة مع الشعبية".
وتابع: "هذا هو السبب الأساسي لعقد اللقاء هنا، وتحديدا في مقر سفارة دولة فلسطين، باعتبارها البيت الفلسطيني، وتشارك في الحوار قيادات من الصف الأول في الجبهة الشعبية قادمين من دمشق وغزة، وبيروت، إضافة إلى إخوة آخرين من الداخل، ومن فتح سيكون أربعة أعضاء من اللجنة المركزية قادمون من الداخل، إضافة إلى مسؤول ساحة فتح في لبنان، ومسؤول ساحتها في دمشق".
في غضون ذلك، تبادلت حركتا "فتح" و"حماس" الاتهامات حول قيام الأجهزة الأمنية الموالية لكل منهما باعتقال نشطاء وكوادر من الجانبين.
وقالت حركة "فتح" في بيان إن "مليشيا حماس" احتجزت أمس عضو المجلس الثوري للحركة ومحافظ خان يونس، أسامة الفرا بعد استدعائه لأحد مقراتها في مدينة غزة. وأضافت أن احتجاز الفرا يأتي ضمن حملة ضد كل كوادر "فتح" وعناصرها في كافة محافظات القطاع.
كما أفادت "فتح" بأن "مليشيا حماس" استدعت "على مدار يومين متواليين ستة من كوادر حركة فتح بإقليم شرق غزة".
في المقابل، اتهمت حركة "حماس" الأجهزة الأمنية الفلسطينية باعتقال 7 من أعضائها وأنصارها في الضفة الغربية بينهم قيادي بارز إلى استدعاء العديد من محاضري جامعة النجاح.
وقد دعت "حماس" عناصرها في الضفة إلى مواجهة عمليات اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية. وقال المتحدث باسمها فوزي برهوم في تصريح: "أطالب أبناء حماس في الضفة الغربية بمواجهة مجرمي حركة فتح وضباط مخابراتها، وعدم الاستسلام لهذا الواقع المر فالواجب الوطني والديني يتطلب التحدي لا الاستسلام".
وشدد على أن انتهاء عمليات "التعذيب" الوحشية التي يتعرض لها عناصرها في سجون الضفة "مسألة وقت فقط"، قائلاً إن حماس في كل مكان "لن يرتاح لها بال ولن يقر لها قرار، حتى تنتهي معاناة أبنائها المختطفين في سجون أجهزة فتح".
وسط التناحر هذا بين الحركتين، اظهرت نتائج استطلاع للرأي نشرت أمس أن هناك اعتقادا متزايدا لدى المواطن الفلسطيني بأنه لم يعد قادرا على انتقاد السلطة دون خوف في الضفة الغربية وقطاع غزة.
واشارت نتائج الاستطلاع الذي اجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية الى "تدهور بارز ومستمر في اعتقادات الجمهور الفلسطيني في الضفة والقطاع في مستوى الحريات منذ الانفصال بين الضفة والقطاع في منتصف عام 2007 ".
واشار بيان المركز الفلسطيني الى "التراجع التدريجي لنسبة الاعتقاد بان المواطن الفلسطيني يستطيع انتقاد السلطة بدون خوف في الضفة الغربية من 56 في المئة في ايلول سبتمبر عام 2007 إلى 27 في المئة فقط في هذا الاستطلاع". واضاف البيان "حصل تراجع تدريجي مواز للقدرة على انتقاد السلطة بدون خوف في قطاع غزة من 52 في المئة إلى 19 في المئة خلال نفس الفترة".
واوضح المركز ان الاستطلاع اجرى في الفترة من 16 إلى 18 من كانون الأول (ديسمبر) الجاري وشمل عينة عشوائية من 1270 شخصا في 127 تجمعا سكنيا وانه يحمل هامش خطأ ثلاثة في المئة.