دماء في غزة ... استيطان في الضفة ... وهدم في القدس فلسـطـيـن: «عيـد ميـلاد» أم «درب آلام»؟

لم يشأ الاحتلال أن تستقبل الأراضي الفلسطينية ليلة عيد الميلاد بسلام. ففي قطاع غزة استشهد فلسطيني وأصيب ثلاثة آخرون بجروح برصاص قوات الاحتلال. وفي الضفة الغربية، يتواصل المد الاستيطاني بأشكال مختلفة، وآخر فصوله ما كشفت عنه حركة «السلام الآن» من بناء لعشرات الوحدات الاستيطانية كجزء من خطة أوسع لبناء 13 ألف وحدة. أما في القدس، فيعيش العشرات كابوس عمليات هدم المنازل خلال الأسابيع المقبلة، فيما تعكر العنصرية الإسرائيلية صفو العيد في أراضي العام 1948 بمنعها أهالي الناصرة من نصب شجرة الميلاد.
وذكر مصدر طبي فلسطيني ان شابا فلسطينيا استشهد متـأثرا بجروح أصيب بها برصاص الجيش الإسرائيلي في شمال قطاع غزة. وقال شهود عيان أن الشاب سلامة أبو حشيش (22 عاماً) كان يرعى الأغنام في شمال بيت لاهيا برفقة عدد من الشبان عندما أطلق جنود الاحتلال النار عليهم، ما أدى إلى استشهاده وإصابة ثلاثة آخرين، اثنان منهم إصابتهما خطيرة، ومن بينهما طفل في الرابعة عشرة من العمر.
الاستيطان
يأتي ذلك، في وقت أعلنت حركة «السلام الآن» الإسرائيلية المناهضة للاستيطان أن ما لا يقل عن مئة وحدة سكنية بوشر ببنائها من دون ترخيص في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة منذ انتهاء مهلة تجميد البناء الاستيطاني، مضيفة أن هناك ألفي وحدة استيطانية يجري بناؤها الآن، وما مجموعه 13 ألف يجري التخطيط لها.
وقال المتحدث باسم المنظمة ياريف اوبنهايمر إنه «منذ انتهاء مهلة تجميد البناء في نهاية أيلول، هناك ما لا يقل عن مئة مسكن من الاسمنت يجري بناؤها حاليا في الضفة الغربية». وأضاف اوبنهايمر ان «أعمال البناء غير الشرعية التي لم تحصل على الترخيصات اللازمة من السلطات تتم في المستوطنات الموجودة أساساً كما في تلك العشوائية»، موضحاً انه «إذا قام إسرائيلي بالبناء في ظروف مشابهة في تل أبيب على سبيل المثال فان كل ما بناه يهدم وتتم إحالته الى القضاء».
ورفض متحدث باسم جيش الاحتلال التعليق على الأرقام التي أعلنتها «السلام الآن»، مكتفياً بالقول «نحن نطبق القانون ضد الإنشاءات غير الشرعية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وسنواصل تطبيقه».
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلت عن المتحدث باسم المجلس الإقليمي في «السامرة» ديفيد هئيفري إن «تجميد الاستيطان توقّف، ونحن نسدّ فجوة حاجتنا الى الاستيطان التي تمّ تأجيلها»، مضيفاً أن «أعضاء (السلام الآن) موثوق بهم، وأرقامهم تبدو صحيحة. لكن الفرق الوحيد هو أنهم يرون الأرقام سلبية بينما نراها إيجابية».
كما نقلت الصحيفة عن المدير التنفيذي لمجلس «يشع» نافتالي بينيت قوله ان لديه معلومات فقط حول مكان النقص في عمليات البناء، وليس في مكان تقدّمها، مشيراً الى أن مجموعته طلبت من الحكومة نشر المناقصات لبناء 4الاف وحدة استيطانية إضافية هناك حاجة ماسّة إليها، ومعظمها في المستوطنات الكبرى.
من جهته، قال الأمين العام لمنظمة «ييشا» الاستيطانية داني دايان انه ليس بوسعه ان يؤكد أو ينفي معلومات «السلام الآن»، معتبراً انه «يجب ان ننظر دوما الى الصورة بأكملها، لأن الفضيحة الكبرى تكمن في ان حكومة بنيامين نتنياهو ترفض منذ تسلمها السلطة في آذار العام 2009 إصدار أي استدراج للعروض لبناء مساكن شرعية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)».
غير ان اوبنهايمر أكد ان عدم إصدار استدراجات عروض لا يوقف التوسع الاستيطاني لأن المستوطنين لديهم 1700 رخصة بناء لم يستخدموها حتى الساعة، فيما اعتبرت الناشطة في «السلام الآن» هاغيت اوفران إنه «من خلال هذه الإنشاءات العشوائية يريد المستوطنون انتهاز انتهاء التجميد لمضاعفة البناء بناء على الأمر الواقع»، مضيفة أن المستوطنين «مقتنعون بأن الحكومة لن تفعل شيئا ضدهم».
وكانت «نيويورك تايمز» نقلت عن أوفران قولها «يمكننا القول بكل تأكيد أن هذه الفترة هي الأكثر نشاطاً للاستيطان منذ سنوات عديدة». وأوضحت ان هناك ألفي وحدة استيطانية يجري بناؤها الآن، وما مجموعه 13 ألف يجري التخطيط لها، لا يحتاج بناؤها الى تصاريح إضافية، إلى جانب نحو 3 آلاف وحدة أقيمت خلال السنوات الثلاث الماضية.
القدس
وفي السياق، انتقد اثنان من مسؤولي الأمم المتحدة عمليات هدم منازل الفلسطينيين في القدس. وأشارت المسؤولة في وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (اونروا) بربارة شينستون إلى «الصدمة والإذلال» اللذين شعرت بهما عائلتان فلسطينيتان أرغمهما الاحتلال على هدم منزليهما، معتبرة أن «هذه التصرفات المدانة ينجم عنها تأثير مدمر».
وكان منسق النشاطات الإنسانية للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية ماكسويل غايلار قد دعا الحكومة الإسرائيلية إلى أن «تتخذ تدابير فورية لوقف عمليات الهدم والإبعاد في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية».
من جهتها، قالت المديرة التنفيذية لمنظمة «عير عاميم» المناهضة للاستيطان يهوديت أوبنهايمر لـ«نيويورك تايمز» إن القدس المحتلة تحوي «الأراضي الوحيدة المتبقية للفلسطينيين للبناء عليها»، متهمة سلطات الاحتلال انه بـ«بمحاصرة الأحياء الفلسطينية تجعل أي إمكانية لإيجاد حدود مستقبلية بين الدولتين أمراً مستحيلاً».
الناصرة
وفي أراضي 48، رفض شيمون غابسو، رئيس بلدية الناصرة العليا، المدينة الحديثة الملاصقة التي بدأ تأسيسها في 1957 ويسكنها نحو 50 ألف نسمة غالبيتهم من اليهود، وضع أشجار عيد الميلاد في الساحات العامة طالما يشغل منصبه، باعتبارها تشكل «استفزازاً» لليهود.
من جهته، قال عضو بلدية الناصرة العليا شكري عواودة ان غابسو «يريد ان يعكر صفو أجواء الأعياد». وأضاف «نحن لا نستجدي منه» السماح بنصب الشجرة، مؤكداً ان «حي العرب موجود قبل بناء نتسيرت عليت (الناصرة العليا) وهو جزء من مدينة الناصرة».