10 ركعـات لـ«س.س» واثنتان لشهود الزور وأخريان للمحكمة

يخطئ كل من يقول أن المسؤولين في وطننا، والممسكين بزمام قواه السياسية والطائفية، فاشلون وبعيدون كل البعد عن طموحات الشعب وأمانيه.
صحيح أن العجز الإجمالي للبنان خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام 2010 قد بلغ حوالي 4275 مليار ليرة لبنانية (أي ملياران وثمانمئة مليون دولار) في مقابل انخفاض الفائض الأولي الإجمالي بمقدار مليار ليرة و516 مليون ليرة ـ وهي أرقام تفصيلية في بلد مديونية الستين مليار دولار. وصحيح أن قطاعاتنا الإنتاجية شبه مدمرة مع الخسائر المتتالية التي تضرب القطاع الزراعي وتتسبب بإفلاس مزارعيه، الكبار منهم والصغار على حد سواء، وان قطاع الخدمات والسياحة لا يستمر إلا بفعل تدخل القطاع الخاص وعلى حساب المستثمرين أنفسهم الذين باتوا يأخذون على عاتقهم، وبمبادرات فردية، تأمين مستلزمات استمراريته.
وليس جديداً أن قطاع الكهرباء بخسائره المتفاقمة عاماً بعد عام يلتهم حوالي مليار دولار سنوياً ، فيما تغرق شركة الكهرباء بمزيد من الديون والخسائر المتتالية. أمّا التعليم الخاص فيبتلع نظيره الرسمي إلى درجة بات معها التصنيف الطبقي والاقتصادي والاجتماعي للأسر يتحدد لمجرد معرفة اسم المدرسة التي يرتادها الأطفال، علماً أن الدولة، وعبر منح التعليم لموظفيها العسكريين والمدنيين، ودعم التعليم الخاص شبه المجاني، تعتبر الممول الأول للتعليم الخاص.
وفي ما يتعلق بالثروة النفطية الكامنة، فقد بدأت إسرائيل باستثمارها برغم أن حصة لبنان من واحد من حقلي الغاز المشتركين مع فلسطين المحتلة فقط يصل إلى حدود 62 في المئة من مجمل الخزين الذي يعتبر الأغنى المكتشف في العالم برمته في السنوات العشر السابقة، وليس من الضروري التذكير بإهمال إعداد القوانين التشريعية اللازمة لحفظ حقوقنا من النهب من جهة، ولتحريك المسألة على الصعيد الدولي على الرغم من الرحلات المكوكية لمسؤولينا الذين لا يبقون في لبنان بقدر تحليقهم في الأجواء.
وإذا كانت معطيات عامنا الجديد قد «بشرتنا» بوصول البطالة في لبنان إلى حدود الستة عشر في المئة، وهي من النسب الأعلى عالمياً، فإن حركة الإقبال على طلبات الهجرة ورحيل الشباب وذوي الاختصاص، ومعها تذاكر السفر بلا عودة تسجل عبر مطار بيروت معدلاتها الأعلى .
وبالحديث عن النسب العليا، قلّ ما وصلت «الحزازيات» المذهبية والغرق في الطائفية، حتى في عز أيام الحرب الأهلية، إلى ما هي عليه اليوم، إلى درجة «اضطر» معها بطرس حرب وهو «نائب الأمّة»، ومشروع رئيس الجمهورية على مدار الاستحقاقات الرئاسية السابقة، وربما اللاحقة، إلى اقتراح قانون يمنع بيع الأراضي بين المسلمين وبين المسيحيين.
وفي كل ما سلف «إنجازاتٌ» اشترك مسؤولو البلاد مجتمعين في تحقيقها. واحد وعشرون عاماً على إعادة التجديد للصيغة الطائفية وتثبيتها في البلد عبر اتفاق الطائف، وحال اللبنانيين لا تتغير مع تغير مواقف المسؤولين وأحوالهم وإعادة تموضعهم حيال بعضهم البعض، اللهم إلا في تبدل ما يأمرون به من النطق بشعارات وعقد تحالفات والدخول في خصامات. وتزداد الحال سوءاً، سواء اتفقوا أو تناحروا. يتفقون على المحاصصة في القطاعات والحقائب والمقاعد موزعين غنائمهم على أزلامهم وأتباعهم، ويرمون الفتات إلى العامة. أما حين يختلفون، فلا يمس اي منهم بمكتسبات الآخر.
واحد وعشرون عاما وهم ينصّبون أنفسهم سلاطين على المواطنين الذين، بالرغم من كل ذلك، لا يردون لهم طلبا حين يدعونهم إلى تظاهرات عرض العضلات «المليونية» ، وهي حكما غير مطلبية أو معيشية، أو الى تأدية دور الكومبارس في مسرحيات صناديق الاقتراع، ليضيفوا إلى نجاحاتهم التميز في القضاء على ما يوجد من ماء الوجه الديموقراطي في لبنان، برغم سوء توافقيته ونفاقه وزيفه.
كل ذلك والمواطنون يغضون النظر عن «إنجازات» مسؤوليهم المعلقة على شماعة ضرورة الحفاظ على «الاستقرار الأمني».
اليوم، يعود القلق على الأمن ليكبر. الخوف على أمن المواطن وأمن أطفاله، يريدهم إنّ ذهبوا إلى المدرسة أن يعودوا إليه سالمين، وإن هو قصد مركز عمله أن يتمكّن من العودة لأطفاله.
نخاف من تجدد الحرب.. ترعبنا مجرد رؤية الأبواب المقفلة للملاجئ على ذكريات 15 سنة مضت وعادوا يلوحون بها من جديد
نصلي لأمان جديدة: لـ«س.س» عشر مرات في اليوم، ونركع ركعتين واجبتين وبخشوع من أجل شهود الزور، وأخريين للمحكمة الدولية و«الحقيقة»، ولا نذكر في ادعيتنا سوء إدارة المياه الذي يذهب بثروتنا التي تكفي لعشرين مليوناً بينما يعيش بلد الأربعة ملايين عطشاً، أو البيئة وأشجارها الخضراء وغطائها النباتي وخصوصاً التصحر ـ ما أجمل ما يأتينا من الصحراء.
لا نصلي للمدارس أو المستشفيات، أو حصتنا من الغاز والنفط إن وزعت خيراتها بعد استخراجها. نصلي كي يستمر الظلام في علبنا البيتية، لأنه أفضل من ظلام الملاجئ، وأزيز الرصاص ولثام القناص.
نجحوا.. نعم نجحوا.. ها نحن نتمنى الحد الأدنى فقط لكي نتمكن من الاستمرار بأمان. حتى أننا على استعداد لسحب دمائنا، وتقديمها لهم في عبوات جاهزة نرسلها شرط ان يعطونا الأمن ...ويمضون في إنجاز ما يدهش العالم.