حدائق دنماركية في فلسطين

حدائق دنماركية في فلسطين
المصور الفلسطيني ماهر الخطيب، أكد النظرية التي تقول إن السفر ثقافة وقيمة حضارية بحد ذاتها، وهو لم يكتف باستيعاب ثقافة وحضارة المجتمع الدنماركي الذي هاجر إليه، واكتسب جنسيته بل شدته روحه الوطنية لتحقيق آماله وأحلامه إلى أرض جذوره الفلسطينية ونقل تجربة حضارية رائعة في الدنمارك إلى فلسطين، ألا وهي تجربة الحدائق الجماعية المنتشرة في الدنمارك.
قام الخطيب بتوثيق هذه التجربة الجميلة من خلال الصور الفوتوغرافية وهو العمل الذي يجيده بشكل متقن ونظم مؤخرا معرضا لهذه الصور في مدينة رام الله، حيث لاقى معرضه تفاعلا ملفتا للاهتمام من مختلف القطاعات الجماهيرية والجهات الرسمية.
وبالرغم من أنه شخصيا لم يكن أحد المستفيدين من فكرة الحدائق الجماعية في الدنمارك كما قال، 'إلا انه أراد نقل فكرتها وسعى لتطبيقها على أرض الوطن لأنه يتطلع لنهوض المجتمع الفلسطيني تنمويا وثقافيا وجماليا من جهة ولاستعادة القيم الاجتماعية التطوعية الأصيلة في المجتمع الفلسطيني من جهة أخرى، بهدف فتح آفاق لتعزيز العلاقات الاجتماعية والأواصر العائلية بين أبناء المجتمع الفلسطيني بمناخات إيجابية وإعادة الاعتبار لأهمية الزراعة في تماسك وصلابة المجتمع مع إضافة البعد الجمالي من خلال تصميم مساحات خضراء كحدائق للعائلات.
وفكرة الحدائق الجماعية تهدف إلى تمكين فئات مختلفة، وخصوصا قطاع الشباب من اكتساب الخبرة والمهارة الذاتية في مجال العمل الزراعي وترسيخ ثقافة التعاون بين أفراد المجتمع مما يساعد في مواجهة الكوابح التي تخترق المجتمع الفلسطيني وتعيق انطلاقته الضرورية نحو التنمية.
ويرى المصور الخطيب أن تشجيع العمل الجماعي التعاوني من خلال الحدائق الجماعية يخلق مناخا من الحرية يسمح للمبادرات الفردية والجماعية بالنجاح والتألق ويكرس مفاهيم العمل التطوعي لصالح الجماعة ويعيد الاعتبار للقيم الاجتماعية والثقافية الإيجابية كالتعاون والتكافل والتضامن وغيرها من القيم التي تحفز المواطن على التفاني من أجل المجموع.
وردا على سؤالنا له حول إمكانية تقبل المجتمع الفلسطيني حاليا لفكرة الحدائق الجماعية قال إنه لمس تشجيعا كبيرا للفكرة من قبل الجهات الرسمية والشعبية على حد سواء. ويعتقد بإمكانية تعميمها داخل التجمعات السكنية من خلال تخصيص مساحات بعيدة عن التجمعات السكنية أو في القرى وتحويلها إلى حدائق جماعية.
وعن عوامل نجاح فكرة الحدائق الجماعية في فلسطين، أشار الخطيب إلى أهمية رعاية سلطة الأراضي ووزارة الإسكان والجمعيات التعاونية للفكرة ودعمها والإشراف القانوني على الأراضي المخصصة للحدائق الجماعية.
وهنا لا بد من التنويه إلى أهمية التعاون بين المجتمع المحلي من جانب والسلطة الوطنية من جانب آخر في تحقيق هذا الهدف بشكل عملي من خلال إشراك المواطنين في تقديم الاقتراحات والتصورات في تنفيذ فكرة الحدائق الجماعية مما يساهم في زيادة التفاعل بين السلطة و الهيئات الجماهيرية التي تقود الحدائق الجماعية وخصوصا في المناطق التي ما زالت خاضعة للاحتلال الإسرائيلي التي لا تستطيع السلطة الوصول إليها.
وتتسع أحلام وتطلعات المصور ماهر الخطيب للتطوير تتسع لنقل تجربته الإبداعية في فن التصوير للشباب وإدارة الورشات والدورات التدريبية الساعية لنشر ثقافة التفاؤل والعمل الديمقراطي التطوعي في مواجهة اليأس والإحباط فقدان الأمل وهي الوصفة الصحيحة لتصليب الجبهة الداخلية للمجتمع الفلسطيني، لأنها مبنية على توسيع الخيارات المتاحة للناس وتحقيق الربط بين ما هو ثقافي واجتماعي وسياسي واقتصادي و قيمي واعتماد بنية تنظيمية ديمقراطية من خلال إتاحة الفرصة للناس البسطاء لانتخاب مجالس إدارة حدائقهم.
أخيرا نشير إلى أن هذه المفاهيم تتوافق مع ما أورده تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة 2010 الذي يقول أن المشاركة في التنمية هي أحد أهم حقوق الإنسان.