حسني مبارك ليس كزين العابدين بن علي/محمد جهاد إسماعيل
أعتقد بأن الثورة الشعبية التي وقعت في تونس لن يحصل لها مثيل في مصر, كما أن النتائج التي أعقبت تلك الثورة الجماهيرية لن يحصل لها مثيل في مصر. السبب هنا وببساطة شديدة هو أن الرئيس المصري محمد حسني مبارك ليس كالرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي, بالتأكيد هناك بين الشخصيتين ثمة تنافر واختلاف.
الدكتاتور زين العابدين بن علي يحكم تونس بالنار والحديد منذ أن تولى الحكم في ثمانينيات القرن المنصرم, فهو لم يتوانى يوماً عن إدارته البوليسية للبلاد, أو عن قمعه للحريات وممارسته لسياسة تكميم الأفواه. لم يكبح جماح نفسه يوماً عن تربصها وحقدها على الدين والأخلاق, ذلك الدين الإسلامي الحنيف وتلك الأخلاق الشرقية العربية الأصيلة. لم يتخلى يوماً عن كونه راعياً بارزاً للفساد, ولم يعيد النظر يوماً في سلوكه للعلمانية اللائيكية السافرة والمتطرفة.
خرجت تونس, كل تونس, وعن بكرة أبيها لترفض وتلفظ ذلك الدكتاتور الموغل في الإفساد. خرجت الجماهير التونسية لتلفظ بلغماً متقيحاً جثم على صدورها طويلاً وعلق في الحلقوم.
ربما لم تثور الجماهير التونسية فحسب, بل ربما انتفض معها كلاً من الشجر والحجر في ذلك البلد. بالفعل كانت هبه جريئة وشجاعة تنم عن معاناة مريرة للشعب التونسي وغل شديد.
لو بقى الدكتاتور الهارب ماكثاً في بلاده, لدحض بعضاٌ من الاتهامات التي قذفته بها الجماهير الهائجة, لكنه فر مغادراً للبلاد ليؤكد على ضعف حجته وإفلاسه وعجزة عن المواجهة والمسائلة.
أبدى الكثيرون من غير التونسيين إعجابهم بالهبة التونسية وكذلك إعجابهم بالطريقة التي خلع بها الدكتاتور الهارب. العديد من الشخصيات والمنظمات والفضائيات في الوطن العربي, صفقت طويلاً وقرعت طبول البهجة لما حدث في تونس, ولما آل إليه الوضع هناك بعد الهبة الجماهيرية.
غالبية هؤلاء المصفقين والمطبلين والمزمرين لم يفرحوا من أجل نيل الشعب التونسي للحرية التي طالما نشدها وتمناها, لكنهم فرحوا لأن نموذج الإطاحة الشعبية برئيس الدولة قد نجح أخيراً في بلاد العرب.
هؤلاء المصفقين والمطبلين والمزمرين استغلوا تعاطف الشعوب العربية مع الشعب التونسي ليحرضوا تلك الشعوب على حكوماتها ورؤسائها. هذه الفئة أرادت الفوضى أن تسود الشارع العربي من خلال تحريضها للشعوب على مؤسسات الدولة والحكومات.
هؤلاء الضالون المضلون أضلوا الشعوب العربية فأوهموها بأنها شعوب ملائكية (مؤمنة مجاهدة) بحسب اليمين !!, و ( كادحة مناضلة) بحسب اليسار!!, بينما الحكام وحدهم هم الشياطين !!.
أولئك المضلون أوهموا الشعوب العربية بأنها ليست شريكة في حالة التخلف المزمن التي يعاني منها العالم العربي !!.
يحاول هؤلاء نقل التجربة التونسية إلى ساحات عربية أخرى, كل ذلك يتم بعشوائية تخريبية بحته, من خلال غض النظر عن مدى حاجة هكذا ساحات لهذه التجربة, وهنا يجري الترويج من أجل نقل الفتنة وليس (التغيير) إلى الساحة المصرية.
هؤلاء الضالون المضلون ما انفكوا يوهموا الشعب المصري بأنه بحاجة ماسة إلى التغيير وفقاً للطريقة التونسية, فأخذوا يحرضوا الشارع المصري على الحكومة والرئيس مبارك وبكل الوسائل.
يتجاهل هؤلاء العابثون, بالتأكيد عن قصد, أن الرئيس مبارك يختلف تماماً عن الرئيس التونسي المخلوع.
الرئيس المصري محمد حسني مبارك يتحلى بقدر كبير من الوطنية وحب الوطن. في عهد هذا الرجل, أثبتت مصر ريادتها, وحققت قفزات نوعية في شتى المجالات, وتبوأت مركزاً متقدماً في ركب الأمم.
العديد من المشاريع الإستراتيجية والعملاقة نفذت في عهد هذا الرجل, فضلاً عن التنمية الاقتصادية والإصلاح السياسي.
مصر في عهد الرئيس مبارك لم ترتقي إلى مستوى مدينة أفلاطون الفاضلة, أو مجتمع اليوتوبيا الخاص بتوماس مور, أو حتى دولة الخلافة والشريعة المطلقة.
مصر في عهد الرئيس مبارك كانت ولازالت دولة عظيمة وعصرية وكذلك عزيزة النفس . مصر عظيمة ليس بثرواتها أو ثراء شعبها المادي, بل عظيمة بحكمة وحنكة رئيسها مبارك الذي يدير البلاد بذكاء شديد وحصافة ورصانة.
إنه لأمر غريب, ومثير للإعجاب في نفس الوقت, أن يكون أداء الرئيس على هذا النحو في بلد تشح فيه الموارد ويتعاظم فيه تعداد السكان بشكل هائل ومخيف.
الطيار المقاتل محمد حسني مبارك ولد في محافظة المنوفية, والتي أنجبت خيرة أبناء مصر كالرئيس الراحل محمد أنور السادات والفريق القائد محمد فوزي و شيخ الأزهر إبراهيم الباجوري والمقرئ الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي.
الطيار المقاتل محمد حسني مبارك كان قائداً فذاً لسلاح الجو المصري في حرب أكتوبر المجيد, فكان حينها سيفاً ودرعاً لمصر الحبيبية. حتى بعد خلعه للبزة العسكرية وقيامه بدور رجل السياسة, بقي مبارك سيفاً ودرعاً للأمة المصرية من خلال اهتمامه المتواصل والحثيث بالجيش المصري الباسل.
يختلف معه البعض ويتفق معه البعض الآخر, يجتهد كثيراً فيصيب ويخطئ, وهو ليس منزهاً عن الخطأ, لكنه يبقى رجلاً وطنياً حكيماً ووفياً لشعبه ووطنه. البعض يطالبه بالتنحي وكذلك يطالبون بالتغيير, لكن الحق يقال بأن الرئيس مبارك هو أفضل من يحكم مصر خصوصاً في هذه المرحلة الحرجة والتي تمر بها مصر خاصة والبلاد العربية عموماً.
يتوجب على من يحرضون الشارع المصري على فتنة (التغيير) أن يعلموا أنه في حاله غياب مبارك عن الحكم فإن البدائل سوف تكون كارثية, خصوصاً تلك النماذج التي يروج لها الأمريكيين. يتوجب على المصريين والعرب أن يقيموا أداء الرئيس مبارك وفق نظرة تتسم بالعقلانية والواقعية والمنطق, كما ويتوجب عليهم ألا يلتفتوا للشعارات الرنانة التي يرددها البعض وألا يستمعوا للمفسدين في الأرض والموتورين. مصر في هذا الوقت الحرج هي أحوج ما تكون إلى خبرة وحنكة الرئيس مبارك فهو صمام الأمان لمصر والشعب المصري.
لذلك كنت ولا زلت أقول, حسني مبارك ليس كزين العابدين بن علي.
الكاتب: محمد جهاد إسماعيل.