مسامير وأزاهير 214 ... تساؤلات عن كشف المستور !!!. /سماك العبوشي
ما أن ابتدأت حلقات برنامج كشف المستور من على شاشة قناة الجزيرة الفضائية، حتى بدأت حملة شعواء ضارية بين مؤيد لتلك الحلقات مرحب بها وبخطوتها وبين مفند مناكف لها، فريق انتظر طويلاً لدليل مادي على صواب معارضته لنهج التسوية فاستبشر أخيراً بأدلة قد أوضحها ذاك البرنامج وأثبتت عبث التفاوض وحجم التنسيق الأمني ومحاولات طمس حق العودة، وفريق ادعى كذب وتدليس القناة، منوهاً مدعياً أن توقيت بثها إنما يجري لصالح إسرائيل من خلال إرباك مسيرة إنجازات السلطة الفلسطينية!!، وتشابكت خطوط تلك الطروحات الفكرية المتضادة، ليقف المواطن الفلسطيني البسيط في حيص بيص من أمره بين هذا الفريق وذاك، أياً يكذب وحديثَ من يصدّق!!.
لا أدعي حيادية النظرة ووقوفي بوسط المسافة بين هذا الفريق وذاك، فما انتهجته ( بحمدالله وتوفيقه) وطيلة السنوات المنصرمة من عمري وعرفت به يشير إلى أنني قد عارضت تماماً نهج السلطة وأنني قد آمنت بعبثية ما سارت به، غير أنني قد جئت بجملة تساؤلات (وفي أعقاب ما نشر من وجهة نظر ناكفت ما طرحه البرنامج آنف الذكر) تحمل بين طياتها وجهة نظرة بسيطة سهلة وذلك لإقناع المواطن الفلسطيني العادي وانتشاله من حيص بيصه الفكري ذاك، تتلخص بالنقاط التالية:
أولاً ... قيل (ونقلاً عن لسان السيد الرئيس أبي مازن في معرض رده على حملة الجزيرة تلك) من أن قيادة السلطة الفلسطينية كانت تطلع قادة الأنظمة العربية عما كان يجري بتلك المفاوضات، وأتساءل:
1.من صاحب المصلحة العليا بنتائج ما يحدث في المشهد الفلسطيني وخلف الكواليس!؟، من الأحق بمعرفة ما يجري!؟، أقادة الأنظمة العربية أحق بالاطلاع والإلمام بخلفيات نتائج المفاوضات وما يجري في كواليسها!؟، أم أن أبناء الشعب الصابر المحتسب المرابط على أرضه أولاً، وأبناء الشتات الذين ولظروف قاهرة كانوا قد ابتعدوا عن أرض الرباط، وقادة وكوادر الفصائل والحركات السياسية الفلسطينية هم الأحق بذلك!؟.
2.وإذا كان– وبادعاء السيد الرئيس أبي مازن بتصريحه الصحفي من القاهرة- قد تم اطلاع قادة الأنظمة العربية، فهل شمل ذاك قادة عرباً، كأسد سوريا وبوتفليقة الجزائر وقذافي ليبيا وبشير السودان وصالح اليمن- على سبيل المثال لا الحصر!؟، أم أن الأمر كان قد اقتصر على قادة أنظمة الاعتدال العربي فحسب لحسابات معروفة للجميع!؟.
ثانياً ... لطالما ترددت وعلى ألسنة قيادات السلطة الفلسطينية، وتحديداً بعد كشف المستور من قبل قناة الجزيرة الفضائية، عبارة المصلحة الإسرائيلية ، وأن الهدف من توقيت نشر تلك الوثائق كان إرباك مسيرة السلطة الفلسطينية سواءً الدبلوماسية منها أو السياسية في مجلس الأمن والخاصة بالسعي من أجل استصدار قرار إدانة للاستيطان!!، فلنفترض جدلاً أن فضح مستور المفاوضات وكشفها كان قد صب في صالح الكيان الصهيوني، فإنني أتساءل:
1.أكان الزمن المضيع والمهدور طيلة عقدين من الزمان في الجلوس على مائدة تفاوض عبثية مع العدو الصهيوني يعد مكسباً وطنياً فلسطينياً أم أنه كان قد استثمر لصالح الكيان الصهيوني!؟.
2.أكان التنسيق الأمني بين قيادات أمن السلطة الفلسطينية وقوات الاحتلال الصهيوني، وما نتج عنه من تحجيم قدرات أبناء شعبنا في التصدي لممارسات العدو وقطعان مستوطنيه قد خدم قضية فلسطين أم كان مصلحة صهيونية!!؟.
3.أكان التنسيق الأمني والزج به في معتقلات السلطة، قد جرى لصالح إقامة دولة فلسطين، أم أنه كان مصلحة صهيونية!؟.
4.كيف تسنت لطائرات العدو الصهيونية من استمكان وتحديد ورصد القياديين الفتحاوي المدهون و لقسامي ابن قرع واغتيالها بصاروخ جوي!؟، وهل أن اغتيالهما وتصفيتهما يعد مكسباً فلسطينياً أم مصلحة صهيونية!؟..
5.أيعد اتساع الاستيطان الصهيوني وقضم الأراضي وتهويد المقدسات الفلسطينية، تلك التي جرت في ظل المفاوضات العبثية، قد خدمت تطلعات شعب فلسطين وعجلـّت بإقامة دولة فلسطين، أم أنه قد حسب لصالح الكيان الصهيوني!؟.
فأي مهزلة تلك وأي سخرية هذه!؟.
وأي استخفاف بالعقول وأي ضحك على الذقون!؟.
نصدق من ونكذب من !؟.
أنصدق هراء قيادات السلطة الفلسطينية!؟، وما كتبته أقلام طباليها وزماريها، أم أننا نصدق الواقع الذي نراه ونلمسه بأم أعيننا والمتمثل باتساع الاستيطان بعد أوسلو، اتساع الحفريات تحت مقدساتنا في القدس، حملة التهويد، وغيرها وغيرها!؟.
ثالثاً ... قد رأينا تخبطاً في تصريحات قادة السلطة الفلسطينية ورموزها، ابتداءً من رئيسها مروراً بالدكتور نبيل شعث وياسر عبد ربه وانتهاءً بكبير مفاوضيها صاحب نظرية الحياة مفاوضات الدكتور صائب عريقات، فتارة نسمع من أن تلك الوثائق المسربة صحيحة ( نبيل شعث)، وأخرى مزورة، وثالثة بأن عرضها قد تم بشكل انتقائي مجتزأ، ورابعاً بأنها محرفة، وخامساً بأن عرضها كان خلطاً متعمداً بين موقفي الجانب الفلسطيني والجانب الصهيوني، إلى آخر تلك التبريرات والتوصيفات، وإزاء ذلك كله فإننا نتساءل أيضاً:
1.ما الأسباب التي دفعتهم لاستباق ردة فعل الشارع العربي والفلسطيني من خلال التأكيد ولأكثر من مرة بأنهم كانوا يطلعون الأنظمة العربية وجامعتها العتيدة بكافة الوثائق وتطورات ومجريات المفاوضات؟!.
2.وما دامت تلك الوثائق مزورة وغير ذي قيمة، فما أسباب ردة الفعل المتشنجة للقيادة الفلسطينية والأقلام التي تغرد في سمائها!!.
3.وما دامت تلك الوثائق باطلة وغير حقيقي - حسبما جاء على لسان ياسر عبد ربه!!- ، فما جدوى مطالبته بضرورة تشكيل لجنة تحقيقية لمعرفة كيفية وصول تلك الوثائق إلى قناة الجزيرة ومن سربها!!.
4.وإذا ما كانت تلك الوثائق مزورة، فكيف سيتم والحالة هذه تبرير وجودها أساساً في حاسوب كبير المفاوضين الدكتور صائب عريقات!!.
ربما قد فات على من أطلق تهمة انتقائية النشر ، بأن مفردة الانتقائية إنما تعني أننا إزاء اختيار الأكثر وقعاً وتأثيراً وحجة وإقناعاً من بين جملة خيارات متاحة وفي متناول اليد، و الانتقائية تعني أيضاً أن تختار ما ينفع موقفك وأن تترك ما لا ينفعك، تماماً كما تنتقي حبة برتقالة كبيرة يسيل لها اللعاب وتشتهيها العين من سلة قد امتلأت بحبات البرتقال على سبيل المثال لا الحصر، بمعنى آخر أكثر دقة ووضوحاً، أن كلا الأمرين (ما تم اختياره وما لم يتم اختياره) قد كان صحيحاً ولا غبار عليه مع تفاوت بدرجة أهميته وتأثيره وخطورته!!!؟.
رابعاً ... إن أخطر ما في كشف المستور إنما يتمثل، في استعداد قيادة السلطة الفلسطينية على مناقشة تلك الأوراق المقدمة من قبلهم، والتي اعتبرها الدكتور شعث بأنها مجرد أوراق غير ملزمة مادامت لم توقع، وما تمثله من دلالات خطيرة لعل أهمها استعداد السلطة الفلسطينية لتقديم تنازلات، هذا هو مكمن الخطورة (حتى وإن لم توقع)، وهذه هي نقطة استنكافنا واستهجاننا لما جرى، أن تكون تفاصيل تلك الوثائق والمحادثات والسجال (وإن لم يبت بها أو يتفق عليها) أنها قد جرت فعلاً على لسان المفاوض الفلسطيني، أو أنها مجرد خاطر أو مقترح أو فكرة قد مرت ببال المفاوض الفلسطيني (تكتيكاً منه أو جسّـاً للنبض حتى!!) له علاقة بالمساومة على حق العودة، وموضوع القدس وتبادل الأراضي ...إلخ!!.
خامساً ... إن ما كان قد رفضه الشهيد الراحل عرفات ودفع حياته الغالية ثمناً لأجله، والمتمثل بالقدس وباقي الثوابت كحق العودة، فإن صائب عريقات وطاقم مفاوضيه كان قد وافق، وعلها جريمة نكراء وتنازل خطير ذاك الذي يتعلق بنقل حدود الهدنة (الخط الأخضر) البعيدة الآن عن الحرم الشريف وخارج البلدة القديمة، لتصبح بالضبط على أسوار الحرم الشريف!!، والأسوأ من هذا وذاك، يتمثل بالمرونة التي عبر عنها كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات فيما يتعلق بالسيادة على الحرم الشريف، حيث وصف أحمد قريع التنازلات الفلسطينية بخصوص المستوطنات الصهيونية في القدس الشرقية بقوله إن هذه أول مرة في تاريخ المفاوضات نقدم مثل هذه الاقتراحات، وهو ما رفضنا تقديمه في محادثات كامب ديفد !!.
سادساً ... لعل أهمية نشر وثائق الجزيرة الخاصة بالمفاوضات أنها:
1.قد حركت مياه المستنقع الراكد والمتمثل بإخفاء ما يجري من تفاهمات ونقاشات عن الشارع العربي والفلسطيني!؟.
2.أنها قد أيقظت النيام من أبناء شعبنا وأدركوا حقيقة ما يجري!!.
3.أنها قد قرعت الأجراس أمام قيادة السلطة الفلسطينية محذرة إياهم ومنذرة بأن ما قامت وتقوم به مستقبلاً لن يكون بعيداً عن الكشف والمحاسبة والعقاب وإن طال الزمان!؟.
سابعاً ... رب سائل أخيراً يتساءل:
1.أكشف المستور وتحريك مياه المستنقع الآسن الراكد بنظر المدافعين عن عبثية المفاوضات ونهج التسوية أهم أم النوم في عسل الفصائلية البغيضة ليستيقظوا – نحن وإياهم يوماً- فنلوم أنفسنا وتقاعسنا وتكاسلنا وفصائليتنا وما جلبته علينا من كوارث!؟.
2.هل التباكي على فرصة لجوء قيادة السلطة لمجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار بوقف الاستيطان الصهيوني وإدانته أهم بنظر المدافعين عن نهج التسوية، أم مداواة نتائج مرحلة أثبتت الأيام والوقائع فشلها!!؟.
3.وإلحاقاً بما طرح في الفقرة (2) آنفاً، وعلى ضوء تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية المعروف بمحاباتها ودفاعها عن المصالح الصهيونية، أيصدق هؤلاء المتباكون بإمكانية صدور قرار من مجلس الأمن يطالب الكيان الصهيوني بوقف الاستيطان ... أو حتى قرار إدانة له!!؟.
4.وللمتباكين والمطبلين عن منجزات السلطة الفلسطينية التي تحققت باعتراف بعض دول أمريكا اللاتينية وإيرلندا، أتناسوا عدد دول العالم الذي تجاوز المائة والذي كان قد اعترف بدولة فلسطين أيام الراحل المغدور الشهيد أبي عمار حين كانت م ت ف في الواجهة وقبل ولادة السلطة الفلسطينية!!؟.
ختاماً ... نقول، وإزاء حجم التنازلات الكبيرة التي قدمتها السلطة الوطنية الفلسطينية مقارنة بحجم الإصرار والعناد وثبات الخطوة الصهيونية، فهل تفسير ذلك يعني بأن المفاوض الصهيوني كان أكثر وطنية ووعياً وإدراكاً وإيماناً وتعلقاً والتصاقاً بأهدافه الخبيثة من مفاوضنا الفلسطيني!؟.
وجواب ذاك لعمري كله ... نعم، وألف نعم، فالمعطيات والمؤشرات كثيرة، بمفاوضات عبثية قد جرت لصالح الكيان الصهيوني، بزمن مهدور استثمر صهيونياً خير استثمار، بحجم الانجاز الصهيوني على الأرض الفلسطينية، ولعل ما جاء بتصريحات تسيبي ليفني في صحيفة جيروزاليم بوست هو الدليل القاطع بذلك حيث قالت وأقتبس نصه إن كل ممثل لكل حكومة إسرائيلية يمثل المصالح الإسرائيلية للوطن، عليه العمل على الحفاظ على هذه الأماكن التي تعتبر - من زاوية تاريخية ووطنية ودينية- مهمة لنا، قد أكون ولدت في تل أبيب، لكن حبلي السُرّيّ ينبع من معبد الهيكل !!.
ذاك إذن هو الحبل السُريّ لقادة العدو، فأين يمتد الحبل السُريّ لقادة السلطة الفلسطينية يا ترى!!؟.
ولحديثنا تتمة مادام في العمر بقية!!.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]