الشعب الفلسطيني اختار الحرية والاستقلال بقلم: السفير خالد عارف

الموقف الفلسطيني المتمثل بالإصرار على طرح مشروع وقف الاستيطان في مجلس الأمن بالتوافق مع الدول العربية رغم الضغوطات التي تعرّضت لها القيادة الفلسطينية طيلة الأيام القليلة الماضية من الجانبين الأميركي والإسرائيلي، والتهديدات الأميركية الواضحة التي قلما صمد أمامها الكثير، كان موقفاً وطنياً ونضالياً مشرّفاً للشعب الفلسطيني وللأمتين العربية والإسلامية ولكل أحرار العالم

· وكعادته اختار الرئيس محمود عباس <أبو مازن> والقيادة الفلسطينية، موقف الشعب موقف الحرية والكرامة، حينما خيّر بين المساعدات أو الحرية فاختار الحرية بكل شرف وإباء، واتخذ الموقف السياسي الصحيح رغم كل الضغوطات والتهديدات وقرر مع القيادة الفلسطينية قبول التحدي والعودة مرة أخرى إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة لوقف الاستيطان الإسرائيلي كاشفاً بطلان وزيف الموقف الأميركي بتبني الديموقراطية والحرية، وهي تصادر هذا الحق للشعب الفلسطيني ملوّحة بالتهديد والوعيد، مبيناً الوجه الحقيقي لهذه الإدارة أمام العالم أجمع الذي يؤيد الحرية والاستقلال للشعب الفلسطيني، مبرهناً أن هذه الإدارة غير آبهة بأن الإحتلال الإسرائيلي ومواصلته للاستيطان يهدد السلام الإقليمي والدولي·

ويتواءم هذا الموقف الأميركي مع التحريض الإسرائيلي اليومي ضد الرئيس <أبو مازن> وهذا ما يؤكد أن موقف الرئيس مستمد من موقف وتطلعات الشعب الفلسطيني، فالإدارة الأميركية التي تقدم الدعم المادي والسياسي والمعنوي اللامحدود للجانب الإسرائيلي ولاستمراره في الاستيطان والتغطية الكاملة لجرائمه المتواصلة بحق شعبنا الفلسطيني، لم تعد حكماً نزيهاً في الصراع العربي - الإسرائيلي، بل طرفاً داعماً للاحتلال والاستيطان وتساهم مع الإحتلال الإسرائيلي في انتهاك الحقوق الفلسطينية المشروعة، وهي بذلك تكشف عن وجهها البشع أمام العالمين العربي والدولي من خلال هذا الموقف الداعم للتطرف الإسرائيلي في المنطقة·

وبعد استخدام حق النقد <الفيتو> من الجانب الأميركي ضد الشعب الفلسطيني، هذا الفيتو الذي توقعناه ولم يفاجئنا بالمطلق، لا بد من تقييم شامل للمرحلة القادمة بدءاً من إنهاء الانقسام وانتهاءً بوضع إستراتيجية جديدة لمواجهة الغطرسة الإسرائيلية ولا بد أن يكون التحرك الفلسطيني جماعياً وبمشاركة كافة القوى الوطنية للخروج بمشروع وطني شامل، ووقف المزايدات السياسية والمتاجرة بالمواقف والسجال الداخلي العقيم، والمطلوب تحمل المسؤولية الوطنية من قبل جميع القوى الوطنية وليس الهروب من مواجهة هذا الانحياز الأميركي للاحتلال خاصة في ظل هذا الالتفاف الشعبي الكبير حول القيادة الفلسطينية التي أثبتت للعالم أجمع تمسكها بالثوابت الفلسطينية وهي الأمينة المؤتمنة على هذه الثوابت ولم تخضع أو ترضخ للابتزاز ولا للتهديد والوعيد الأميركي محافظةً بذلك على استقلالية القرار الفلسطيني، فالشعب أقوى من الإحتلال وأقوى من الفيتو الأميركي الذي جاء في خضم ما يجري عربياً واعتقاد الإدارة الأميركية والعدو الإسرائيلي أنهما سينفردان بالشعب الفلسطيني في ظل تراجع الاهتمام المؤقت بالقضية الفلسطينية لصالح الأوضاع العربية الداخلية والذي لن يطول، غير مدركين أن القضية الفلسطينية ستبقى هي القضية المركزية وهي بوصلة الأمتين العربية والإسلامية وهي نبراس كل الأحرار في العالم، وكفى هذه الإدارة نفاقاً وخداعاً والتغني بالديمقراطية والحرية للشعوب·

ولن تجد الإدارة الأميركية حلفاء أو أصدقاء جدد لها في المنطقة في ظل هذا الغضب الشعبي العربي الكبير بسبب مواقفها الداعمة لإسرائيل ولاستمرار احتلالها للعراق، ومشاكلها الخاصة في أفغانستان، ونحن واثقين أن هذه الإدارة بعد موقفها المتحيز للاحتلال ستلهث وراء القيادة الفلسطينية والعربية للبحث عن حلول في المنطقة تبيّض فيها صفحاتها الملوثة بجملة الفيتو التي ترفعه دوماً في وجه أنبل واعدل قضية في العالم وفي وجه حرية شعب يأبى الانكسار وسيواصل نضاله وتضحياته ومقاومته بكافة أشكالها حتى تحقيق النصر ونيله الحرية وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف·

 سفير دولة فلسطين لدى مملكة البحرين·