إسرائيل... من العراق إلى أميركا اللاتينية

«تمدد الذراع الصهيونية من وقائع الاحتلال الأميركي للعراق إلى قمع نضالات الشعوب في أميركا اللاتينية»، كان محور جلسة، أمس، في الجامعة اللبنانية الأميركية، في سياق برنامج «أسبوع الفصل العنصري الإسرائيلي ومناهضة الاستعمار»
خليل عيسى

كانت الصورة القاتمة غير متوقّعة للكثير من الحضور. الكلام كان عن الاختراق الإسرائيلي المفتوح للعراق بعملائه المباشرين وغير المباشرين، ومثّل محور الورقة التي قدّمتها الدبلوماسية العراقية هناء إبراهيم. الورقة عمل عليها ضباط سابقون في الجيش العراقي ومقاومون حاليون، وتناولت القومية العربية ليس بمعنى الشوفينية أو العنصرية، بل استناداً إلى أنّ الصراع العربي الصهيوني في المنطقة صراع وجود. فالهويّة الطائفية، بحسب إبراهيم، رسمها المفوض السامي الأميركي في العراق بول بريمر، الذي كتب في مذكّراته كيف قدّر خلال هبوط طائرته في مطار بغداد للمرّة الأولى، أنّ «العراق مؤلف من 16% سنّة، 40% شيعة، 20% أكراداً و 4% متفرقات». أما إبراهيم، فقالت إنّ «العراق يتألف في الواقع من «85% عرباً و 98% مسلمين، ما يعني أنّ للعراقيين هويّة واحدة عربية ثقافياً وتاريخياً». ثم تحدثت السيدة السبعينية عن التغلغل الصهيوني في العراق منذ الخمسينات لإرهاب اليهود العراقيين وإجبارهم على الهجرة إلى فلسطين، متوقفة عند الوجه الحديث للاختراق الصهيوني نفسه «الذي أسميه خطة من أجل تجنّب الاتهامات الدائمة بأننا نتبنى نظرية المؤامرة، مع أنّ هناك مؤامرة تحدث بالفعل». ولفتت إبراهيم إلى أنّ «الجنرال تومي فرانكس، قائد المنطقة الوسطى الأميركية، صهيوني متعصّب مثلاً، كما أنّ الكوماندوس الإسرائيلي شارك في الإعدامات، وكان الجنود يضعون نجمة داوود وعلم إسرائيل جهاراً، وهم بقيادة العقيد الإسرائيلي يعال شارون». وعدّدت المكاتب التي فتحها الموساد في كلّ العراق، منها 9 مكاتب في بغداد، ومقارّ للشركات الأمنية الإسرائيلية (27 شركة أمنية) لها 17 مكتباً في بغداد كما في باقي العراق. أمّا أمنون ليبكين شاحاك، فهو بحسب إبراهيم، صحافي مشهور في إسرائيل ومسؤول عن العقود والإعانات التي تمنحها الوكالة الأميركية للتنمية في العراق. هذا غيض من فيض مما يمكن التحقق منه على موقع darbabl.net الذي أنشأته إبراهيم مع غيرها من الناشطين، والذي يوثّق ارتكابات الاحتلال وعملائه.
من جهته، تناول فابيو بوسكو، النقابي البرازيلي «ضرورة ربط النضالات ضد الاستعمار في البرازيل والعراق وفلسطين وغيرها من البلدان، حتى لو بدا ذلك غريباً للوهلة الأولى».
أضاف: «في أميركا اللاتينية مثلاً، اعترفت دول عدّة باستقلال دولة فلسطين بحدود عام 1967 في المدّة الأخيرة، ومن جانب واحد، مثل البرازيل والأرجنتين والأوروغواي، لكنّ ذلك لم يغيّر السياسة الخارجية لتلك الدول، الملتزمة وجود إسرائيل، كالبرازيل مثلاً، التي تفتخر الطبقة الحاكمة فيها بأنّ صوت البرازيل كان الفيصل في التصويت على قرار التقسيم في الأمم المتحدة عام 1947. أما جوانب الدخول الإسرائيلي إلى أميركا اللاتينية، فواضح في توقيع الكيان الصهيوني اتفاقية ميركاسور للتجارة الحرة، التي مكّنتها من زيادة صناعاتها وصادراتها العسكرية إلى حكومات تلك الدول. فهندوراس التي تعرّضت لانقلاب عسكري عام 2009 لم تجد سوى إسرائيل لتعترف بها. وعن الثورات الشعبية العربية ومواقف الرئيس الكوبي السابق فيديل كاسترو والرئيس الفنزويلي هيوغو تشافيز المناصرة للقذافي، رأى بوسكو أنّ الرومانسية لم تعد تنفع اليوم، فكاسترو اليوم ليس كاسترو نفسه الذي قام بالثورة، وليس نفسه الذي سرّح مليون عامل كوبي من القطاع العام ليكونوا احتياط اليد العاملة للشركات الأميركية السياحية التي سمح بدخولها إلى كوبا. أما تشافيز، فلم يغيّر من موقع فنزويلا البنيوي بإمداد الولايات المتحدة بالنفط الرخيص، ورئيس نيكارغوا دانييل أورتيغا معروف بتصدّيه الدائم للمطالب النسوية. وأكد بوسكو أنّ الوعي في أميركا اللاتينية تغيّر كثيراً بعد حرب تموز 2006. فمنذ 10 سنوات كان من المستحيل تقريباً معارضة حلّ الدولتين، أما اليوم، فالأمور تغيّرت جذرياً».
ورداً على أسئلة المشاركين، لفتت إبراهيم إلى أنّ المقاومة في العراق تعيش حالة يُتم، وخصوصاً بين الانقسامات الطائفية والعرقية التي ترسم في المنطقة من العراق مروراً بفلسطين ولبنان.