الحكومة بعد 13 آذار و13 آذار تريد إسقاطها

بما أنّ الجميع تعاملوا مع 13 آذار على أنها محطة: انتقالية للبعض، وتأسيسية للبعض الآخر، فإن مطلع الأسبوع المقبل يجب أن يحمل معه بدء فريق 13 آذار بترجمة معارضته، وعمل فريق الغالبية الجديدة على إنجاز الحكومة العتيدة
أظهرت معطيات الساعات الماضية أنّ الرئيس المكلف نجيب ميقاتي والأطراف المعنية بتأليف الحكومة الجديدة، جادّون بإنجاز هذا الملف بعد انتهاء مهرجان 13 آذار. لكنّ ما ظهر عند الفريق المعارض لهذه الحكومة، من تصعيد في اللهجة بلغ أمس درجات غير مسبوقة، يشير إلى أنّ البلد مقبل على مرحلة لا تخلو من الخطورة.
على صعيد الحكومة، يبدو أن الرئيس المكلف قطع شوطاً كبيراً في مشاوراته، بدليل أنه زار رئيس الجمهورية ميشال سليمان، أمس، وتداول معه – بحسب المكتب الإعلامي في بعبدا – «نتائج» هذه المشاورات. وكشفت مصادر ميقاتي أن اللقاء تضمّن البحث في الأسماء والحقائب وفي بعض المسوّدات، مؤكدة أنّ أجواء التأليف إيجابية، وستحصل حلحلة في كثير من الأمور في «الويك إند وأول الأسبوع المقبل». ونفت ما يتداوله الإعلام عن وجود عقبات جدية وكبيرة بين الرابية وفردان.
كذلك أكّد فيصل عمر كرامي أنّ ميقاتي بدأ بالتواصل مع الأفرقاء المعنيّين، وأنّ التأليف «أصبح على نار حامية». وكشف لموقع «الانتقاد» أنّ لقاءه والرئيس المكلف قبل أيام تطرق «إلى التعاون في المستقبل»، معلناً أنّ اسمه مطروح في تشكيلة الحكومة، وأنّ مشاركته تتوقّف على نوع الحقيبة وشكل الحكومة.
وكان سليمان قد أعرب قبل لقائه ميقاتي عن أمله أن «تؤدّي وتيرة الاتصالات الجارية إلى تذليل العقبات أمام تأليف الحكومة». وتوقف أمام اللهجة السياسية المتصاعدة، فدعا الجميع إلى «العمل على تخفيف حدّة التخاطب السياسي بين الأفرقاء بما يساهم في خفض أجواء التشنّج والعودة إلى الحوار ضمن الثوابت الوطنيّة، وهو يبقى السبيل الوحيد لحل الخلافات والخصومات».
في هذا الوقت، رحّب الوزير محمد الصفدي ببيان وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، الذي «يعبّر رسمياً وبوضوح لا لبس فيه، عن احترام الخيار الديموقراطي للشعب اللبناني». ورأى أهمية في تنويه البيان «بالمضامين الإيجابية» لخطاب ميقاتي، لكونه كلاماً «صدر من الرياض التي تدعم دوماً استقرار لبنان ووحدته الوطنية وتقف على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين».
لكنّ الحكومة التي ينتظرها قسم كبير من اللبنانيين، يبدو أنها ستكون في مرمى القسم الآخر، لا لمحاسبتها ومعارضتها وحسب، بل لإسقاطها كما كشف الوزير السابق سليم الصايغ، الذي قال إن هدف المعارضة الجديدة هو «إسقاط الحكومة والإعداد لبرنامج الحكومة المقبلة»، معلناً: «سنكون أكثر من معارضة عادية وأقلّ من مقاومة مسلّحة، وسنقاوم كلّ ما ستفعله الحكومة من أجل تثبيت الأمر الواقع الذي نرفضه».
أما النائب نديم الجميّل، فحدّد حجم تظاهرة 13 آذار معياراً لتأليف الحكومة، موضحاً أن نجاح هذه التظاهرة سيصعّب التأليف، «أما إذا فشلت فسيكون تأليف الحكومة في الليلة ذاتها». وأكّد التقاء الشعارات داخل قوى 14 آذار، مثل تبنّي شعار والده الـ10452، وشعار «من شهيد 14 أيلول إلى شهيد 14 شباط... لبنان أولاً»، ليردف «ولو بقي الشيخ بشير الجميّل حيّاً حتى اليوم لما كان أحد سيدفع ضريبة الدم في سبيل الحريّة»، واضعاً الجميع في إطار «حركة نضاليّة لم تبدأ في الـ2005 بل منذ ثلاثين سنة».
ولم يتأخّر رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري في تأكيد ما رمى إليه الجميّل الابن، فختم كلمة وجّهها أمس «إلى اللبنانيين»، باللهجة العاميّة التي كان يستخدمها الجميّل الأب، بعدما استعار بالفصحى، عبارات من خطابات الفريق الآخر ومناسباته، مطلقاً «اليوم المجيد» على 14 آذار 2005، ومطوّباً «الانتصار» إلى «أصحاب الحقّ» لأنّ «الحقّ أقوى من كلّ عنف، ومن كل سلاح»، قبل أن يوجّه «إليهم»، أي إلى الفريق الآخر، «السؤال المباشر: ترى، لماذا تخافون الحقيقة؟ لماذا تخافون أن يعرف الناس الحقيقة؟ غلَبة السلاح لن تنفعكم في وجه الحقيقة»، مردفاً بأنهم «يخافون انكشاف حقيقة من اغتال رفيق الحريري، وحقيقة من اغتال شهداء ثورة الأرز». وقال إن الخوف «لم ولن ينفع مع من كسروا جدار الخوف في 14 آذار 2005، وحقّقوا بتدمير هذا الجدار ما حلموا به طوال أكثر من 30 عاماً».
ولـ«أبناء الطائفة الشيعية» قال: «ليس بيننا في تيار المستقبل ولا في قوى 14 آذار، من يعمل ضد الطائفة الشيعية»، سائلاً: «ألم يكن أهلنا في الجنوب والضاحية أوّل من انتفض على الفلتان المسلّح في البلدات والقرى والأحياء الداخلية؟»، واستشهد بمواقف الإمامين موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين «ضدّ الفتنة والحرب الأهليّة، وضدّ سلاح الميليشيات والفلتان الأمني»!، مردفاً «وبكرا بيجي يوم بخبّركن شو كان يقلّي سماحة السيّد المرحوم العلّامة محمد حسين فضل الله».
وإلى الحريري، لفت أمس ارتفاع اللهجة ضدّ السلاح، في إطار الدعوات إلى الحشد في 13 آذار، إلى حدّ وصفه بالإرهاب والاحتلال وربما الاغتيال أو التحريض عليه. فبحسب الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، فإن خاله الراحل رفيق الحريري هو من «نزع صفة الإرهاب عن هذا السلاح وشرّعه لمقاومة لها حقّ تحرير أرضها». ثم تحدث في فقرة واحدة عن عدم مشاركة حزب الله في حكومات خاله وعدم منحه الثقة لها، ليردف «نحن نعرف من كان وراء الحملة المسعورة قبل اغتيال الرئيس الشهيد الحريري، ما أدّى إلى استغلال هذه الحملة لكي تدخل أي يد وتقتل رفيق الحريري». أما النائب محمد كبارة فدعا إلى المشاركة غداً «لنثبت للإرهاب أننا لا نخافه، سواء ارتدى قمصاناً سوداء بلون قلوب أصحابه، أو صفراء على شاكلة ابتسامات قادته»، و«لنضع معاً الحجر الأساس لخريطة الطريق للتحرير الثاني من إرهاب جيش مسلح يحتل أرض لبنان»، ليصل إلى القول: «يوم الأحد سنضع أساس خريطة الطريق للاحتفال قريباً، بإذن الله، بجلاء كل قوى الاحتلال عن أرض لبنان».
وفي هذا التوقيت، أعلن مكتب المدعي العام في المحكمة الدولية دانيال بلمار، أن الأخير أودع أمس، قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين، قراراً اتهامياً معدلاً لتصديقه، وذلك «نتيجة لعملية جمع وتحليل مزيد من الأدلة»، موضحاً أن هذا التعديل يوسّع قرار الاتهام الذي كان قد سلمه لفرانسين في 17 كانون الثاني الماضي، ومشيراً إلى أن المادة 71 من قواعد الإجراءات والإثبات في المحكمة، تتيح لبلمار تعديل قرار الاتهام «في أي وقت قبل تصديقه، بدون إذن». ويعني هذا الأمر تأخيراً في إصدار القرار الاتهامي، لأن فرانسين سيعيد دراسة القرار المعدل، قبل أن يقرّر إما رده أو طلب تعديلات إضافية أو تصديقه كما هو.
ويأتي تزامن هذا التعديل عشية تظاهرة 13 آذار، ليثير تساؤلات عن «روزنامة» بلمار، خصوصاً أنه سبق له أن قدّم النسخة الأولى من قراره عشية تكليف ميقاتي تأليف الحكومة الجديدة.