خطة تركية للحلّ أجهضتها فرنسا غول يدعو القذافي للتنحّي: ليـبـيا تعيش تقسيماً فعلياً

تبنى وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو ضمناً إطلاق صفة «الصليبية» على الحرب التي يشنها حلف شمال الأطلسي على ليبيا، في وقت طرحت علامات استفهام حول التغيير الذي طرأ على موقف أنقرة الذي كان يعارض تدخل «الأطلسي» في ليبيا.
وقال الوزير التركي، أثناء لقائه نظيره الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان في أنقرة، إن «تركيا لا يمكن أن تتشارك المسؤولية في عمليات يصفها بعض المسؤولين في الغرب بالحملة الصليبية» في إشارة إلى وزير الداخلية الفرنسي كلود غيان الذي تبنى هذا التعبير مفتخراً وشاكراً الله بأن فرنسا قادت الحرب ولحقها في ما بعد العرب والأمم المتحدة.
وقال داود اوغلو «إن أي تحرك تجاه ليبيا يجب أن يكون بهدف تعزيز مطالب الشعب الليبي بالحرية والديموقراطية، وليس لتعميق الصدام بين أفراد الشعب».
ووصفت صحيفة «ميللييت» تغير موقف رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان، الذي كان يعارض تدخل «الأطلسي» في ليبيا بسؤاله «أي عمل لحلف شمال الأطلسي في ليبيا؟»، بأنه ناتج من أن التدخل أصبح أمراً واقعياً وليس من مصلحة تركيا كبلد يدافع عن الديموقراطية وينتمي إلى العالم الديموقراطي أن يبقى خارج المشاركة، لذلك تدرّجت مواقف اردوغان من المعارضة إلى المشاركة بشروط، وهذا ما حصل.
ومن جهته، قال الرئيس التركي عبد الله غول إنه متخوّف فعلاً من أن تكون ليبيا ذاهبة إلى تقسيم تعيشه فعلاً على أرض الواقع الآن. وقال، خلال سفره إلى غانا، إن «تحوّل ليبيا إلى عراق آخر، احتمال قوي جداً، وكما نُهب العراق وكُسر عموده الفقري فإن من أهداف الحرب على ليبيا ربما هذا أيضاً».
ودعا غول الرئيس الليبي معمر القذافي إلى مغادرة موقعه، وعدم إتاحة الفرصة للآخرين لنهب البلاد. وشبّه القذافي بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين بقوله انه «عندما نتذكر مواقف صدام حسين فإنه يمكن أن يتكرر السيناريو نفسه في ليبيا».
وعندما سئل غول ما إذا كانت إيران هي البلد التالي في نظرية الدومينو، قال إن «الوضع في إيران لا يشبه الدول التي نتحدث عنها».
وواصل وزير الدفاع التركي وجدي غونيل انتقاداته للحرب على ليبيا والتفرد الفرنسي في التحرك، فقال، في إشارة إلى فرنسا والغرب عموماً، «إنهم أولا يضربون ويحققون ما يريدون، ومن بعد ذلك يدعون الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي للعمل». وقال «إن هذا ما فعلوه سابقاً في أفغانستان، ضربوها أولاً ثم دعوا الأطلسي للتدخل». وأكد أن تركيا لن تشارك في العمليات العسكرية ضد ليبيا، وهذا موقف قاطع من أنقرة.
واعتبرت تعليقات الصحف التركية أن قرار حلف شمال الأطلسي قيادة العمليات في ليبيا، مع إعطاء ادوار للاتحاد الأوروبي كان حلاً وسطاً، وسط الخلاف بين فرنسا وليبيا، بحيث لم تعد فرنسا تتفرّد بالقيادة كما لم يبق الحلف خارج الحرب كما كانت تريد تركيا.
وعلى هذا الأساس، نفّذت تركيا تعهدها بأنها ستشارك في العمليات ضد ليبيا في حال اتخذ «الأطلسي» قراراً بتولي المسؤولية، لكن في الوقت ذاته لن تكون المشاركة التركية مباشرة بل من خلال أربع فرقاطات وغواصة وسفينة احتياط لتفتيش السفن المتوجّهة إلى ليبيا. وستكون المشاركة التركية الأكبر بين القوات البحرية الأطلسية التي يبلغ مجموعها 16 قطعة حربية بحرية.
وقال قائد القوات البحرية التركية اوغور يغيت إن القطع البحرية التركية قد أبحرت فعلاً إلى السواحل الليبية، حتى قبل أن يصدر قرار من البرلمان التركي، حتى تكون في حالة جهوزية فور موافقة البرلمان على مذكرة الحكومة بهذا الخصوص.
وكشفت صحيفة «حرييت» عن خطة تركية كانت مطروحة للنقاش مع العواصم العالمية من أجل حلّ في ليبيا، لكن مبادرة فرنسا إلى اجتماع دولي لم تدع تركيا إليه أجهض فرص الحل السلمي.
وتقول الصحيفة إن الخطة كانت تقضي بأن يسلم القذافي السلطة إلى ابنه سيف الإسلام موقتاً، على أن يعقب ذلك تعديل الدستور وإجراء انتخابات نيابية ثم رئاسية، على أن تتمّ كل هذه الخطوات خلال ثلاثة أشهر، وإن تسليم السلطة إلى سيف الإسلام لا يعني الاعتراف بحق عائلة القذافي في السلطة، ولكنه إجراء يراعي الواقع الموجود حالياً في ليبيا مع حق عائلة القذافي أن تدخل الانتخابات كحزب تشكله. وفيما لو جرت الخطة كما يجب فإن لجنة مراقبين محايدين كانت ستشكلها تركيا تتولى الإشراف على هذه الخطوات. غير أن مؤتمر باريس أطاح بالفكرة.
وشنّت صحيفة «يني شفق»، المقرّبة من حزب العدالة والتنمية، هجوماً عنيفاً على سياسات فرنسا وأميركا وبريطانيا. وقالت إن «فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة اكتفت في العام 2008 بالتنديد بالعدوان الإسرائيلي على غزة رغم آلاف القتلى والجرحى فيما بادروا إلى الهجوم العسكري على ليبيا بذريعة إنقاذها من القذافي، بل وصفت فرنسا الحرب بالصليبية. والأمر نفسه فعلوه مع أسطول الحرية».
وتقول الصحيفة إن تكرار صفة الصليبية من الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في حربه على العراق إلى كلود غيان في حرب فرنسا والغرب على ليبيا يؤكد مرة أخرى نوايا الغرب في أطماعه وأحقاده على المسلمين ورغبته في رمي ليبيا في أحضان الفوضى.