نصر اللّه: بري شريكا كاملا في نصر تموز

تناول الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، موضوع وثائق ويكيليكس، وأكد أنّ عدم صدور نفي من الشخصيات المعنية باللقاءات يُبقي لـ«هذه المحاضر قيمتها التي يمكن التوقف عندها»

رأى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أن ثمة إمكاناً لتصنيف وثائق ويكيليكس وفق مضمونها ووفق الشخصيات والقوى السياسية المعنية بها. ولفت إلى تصنيفه هذه الوثائق إلى قسمين، الأول «الذي كان عدده قليلاً جداً، والذي تناول قادة وشخصيات من قوى الثامن من آذار أو المعارضة السابقة»، والثاني «الذي تناول لقاءات أو استنتاجات أو تقويمات لها علاقة بشخصيات من قوى الرابع عشر من آذار». وفي ما يخص 8 آذار أشار نصر الله إلى محاولة البعض استغلال ما نشر «لإيجاد شرخ في العلاقة بيننا وبين بعض إخواننا وحلفائنا، وخصوصاً في حركة أمل، وإلى حد ما مع التيار الوطني الحر بدرجة أقل، أو محاولة النيل من التحالف المستجد مع وليد جنبلاط». إزاء ذلك، أكد نصر الله ثبات تحالفات الحزب، وقال: «كان الرئيس نبيه بري شريكاً كاملاً في قيادة معركة تموز 2006. كنّا معاً نحمل الأهداف والهموم والآلام والآمال، كنا ننسّق يومياً كلٌّ من موقعه. أنا أقول: لقد تحمّل الأخ الرئيس نبيه بري أمانة دماء الشهداء، وتضحيات المجاهدين وثباتهم، ومعاناة المهجرين، وعمل ليل نهار من موقعه وناضل وفاوض وجادل وخاطر من أجل حماية لبنان وحفظ المقاومة وتحقيق الانتصار». أضاف: «لا أبالغ إذا قلت إنه لولا جهود الرئيس نبيه بري وذكاؤه وحضوره وإخلاصه وسهره لا أعلم ما إذا كان يمكن أن تكون النتائج السياسية التي وصلنا إليها هي هذه». وأشار نصر الله إلى أنّ هذا التنسيق وكل ما ينتج منه «لا يمكن استنتاجات فيلتمان أو الهمس واللمز من هنا أو هناك أن تنال من حقيقته ومن صدقيته ومن صحته»، مضيفاً إن نشر هذا المقال «لا يقدم ولا يؤخر ولا ينال شيئاً من قيمة هذا الجهد الكبير».
أضاف: «نقلُ سفير الولايات المتحدة شيئاً عن نائب أو وزير أو مسؤول لا يعبّر حكماً عن موقف الحركة، لو افترضنا أن ما كتب صحيح أو دقيق، فيكفي أن ينفي صاحب العلاقة، وفي أكثر من مناسبة أصحاب العلاقة نفوا ما نشر».
وفي موضوع علاقة حزب الله بحركة أمل، أكد نصر الله استمرار رهان «الذين يستهدفون المقاومة على عزلها وإضعافها والعمل على موضوع حزب الله وحركة أمل والتفرقة بينهما، وهذا ظهر في وثائق ويكيليكس، عندما نأتي إلى الصنف الثاني الذي له علاقة بـ 14 من آذار». وأكد نصر الله أن «موضوع علاقة حزب الله والتيار الوطني الحر كان أخف»، مشيراً إلى أنّ «موقف العماد عون في زمن الحرب وبعد الحرب، وموقف قادة التيار وقاعدته معروف. وما ذكر عن السيدين النائبين، اللذين نفيا ما ذكر عنهما، لا أعتقد أنه يمكن أن يؤثر بشكل أو بآخر في العلاقة بيننا».
وذكّر نصر الله بالبيان الذي صدر عن وليد جنبلاط في اليوم الأول لعدوان تموز، وعن إعلانه وقوفه إلى جانب المقاومة، أضاف: «يمكن أحداً ما أن يسأل وليد جنبلاط لماذا الإصرار من جريدة «الأخبار» على نقل هذه الأمور التي لها صلة بك رغم موقفك الجديد؟».
وعن الصنف الثاني المتعلق بوثائق ويكيليكس وقوى 14 آذار، قال نصر الله إنه في معظم الأحيان لم يصدر نفي بشأن ما فيها «بل في بعض الأحيان صدر تأكيد: نعم، نحن قلنا هذا وما نقوله في العلن هو ما نقوله في السر». أضاف: بالإجمال، ثمة مضمون واحد بمعزل عن دقة التفاصيل، واستنتاجنا الإجمالي أن فريق 14 آذار من بداية 2005 إلى اليوم ركّز على هدف أساسي وكبير ولعله الوحيد وهو ضرب المقاومة ونزع سلاحها وعزلها والنيل منها».
وطلب نصر الله من شخصيات 14 آذار أن تنفي ما ورد في ويكيليكس، وأن تقول «فيلتمان كذّاب وسيسون كذابة والأميركان كذّابون، وعندها سأتراجع عن خلاصتي بأنّ بين 14 آذار وأميركا صفقة قامت على الآتي: «نعطيكم السلطة في لبنان في مقابل رأس المقاومة».
وكرر نصر الله ما نُشر عن قادة 14 آذار بشأن ملفات الميغ وإعادة الإعمار وتسليح الجيش وضرب علاقة الحزب بحلفائه وغيرها.
وقال: «استعيدوا مزارع شبعا وأضعفوا حجتنا. أوقفوا الانتهاكات الإسرائيلية وأضعفوا حجتنا، حافظوا على سيادة لبنان وأضعفوا حجتنا. نحن نقبل هذه النتيجة، لكن هذا الطريقة معيبة، إضافةً إلى الاقتراحات والأماني لزمن الحرب، اقتلوا ودمّروا وهدموا وتابعوا وليكن بالكم طويلاً وخذوا وقتا أطول، لحساب من؟». وسأل: «ما هو ذنب حزب الله وجريمته يا جماعة 14آذار؟ هل هو الذي نافسكم على السلطة بعد 2005؟ لماذا؟ ما هي الجريمة؟ ما هو الذنب؟»، وأجاب: «جريمة حزب الله أنه شوكة في عين إسرائيل، وأنه وحدوي بالمعنى الإسلامي وبالمعنى الوطني. ممنوع أن تحمل همّ الأمة».

لسنا من يؤلّف الحكومة

تناول نصر الله ملف تأليف الحكومة، فاستنكر اللغة المذهبية التي تناول البعض بها هذا الملف منذ انطلاق الاستشارات، فذكر باتفاق الطائف «الذي ترفع رايته قوى 14 آذار»، والقائل بأن غالبية نيابية تسمّي رئيس الحكومة، رافضاً ما تقدمت به هذه القوى «كأنّ الشيعة يسمّون رئيس الحكومة السني». وقال: «استخدموا بعض الأشكال، أحدها أن فلاناً، أي أنا، يستدعي رئيساًَ سنياً لتسميته، وهذا ظلم كبير، وأذكّرهم برئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري قبل 2005، كان هو من يزورني وهو من كان يبادر، ولم أذهب يوماً الى منزله، وهذا ليس تكبّراً، بل هو من كان يقول لي إنه يقدّر ظرفي الأمني».
وعن الملف الحكومي تابع: «نحن نسلّم بأن الرئيس نجيب ميقاتي يؤلّف الحكومة، لكن جرت العادة أنّ الكتل تتشاور بشأن تأليف الحكومة، وهذا ليس أمراً جديداً، الأمور ستأخذ وقتاً، ولسنا نحن من نؤلّف الحكومة، بل نحاول أن نساعد كما غيرنا».
وأكد نصر الله أنّ الحزب تقدّم ببعض الخطوات، مشيراً إلى أنه «تقريباً، وصلنا إلى نتيجة، وأن تمثيل الكتل وطبيعة الحكومة تقريباً حُسما، ووضع الأسماء سيكون سهلاً»، مشيراً إلى «رغبة الحزب في التسريع في تأليف الحكومة». وقال: «على الناس أن «يطوّلوا بالهم»، ونأمل أن نصل ورئيس الحكومة المكلف إلى حكومة تتحمّل الأمور في البلد».

ساحل العاج والخليج ورومية

ورأى نصر الله «أن الجالية اللبنانية في ساحل العاج من كل المناطق والطوائف، ونحن أمام كارثة وطنية وإنسانية». وأكد أنه «إذا أردنا فتح سجال نقول أين كانت الحكومة عندما كانت حكومة فعلية؟ أين خلية الأزمات، وما هي السياسات التي رُسمت؟»، مضيفاً: «عندما يكون هناك خطر على اللبنانيين، فبدلاً من أن نتعاون كدولة لمواجهة هذه الكارثة الوطنية تُفتح النار من جانب الحريري ونوابه على الخارجية، هل هذا وقته اليوم؟». وعلق على موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري من إيران، قائلا: «نحن نفتخر ونعتز بعلاقتنا مع إيران وبتحالفنا معها، وبعلاقتنا وتحالفنا مع سوريا ودول أخرى»، مؤكداً أنه لن يصمت عندما يُساء الى دولة وقفت الى جانب لبنان. أضاف: «عندما يقول أحد إن إيران عدو وإنها سبب التأزيم في لبنان لا إسرائيل وأميركا، وخصوصاً أنه رئيس حكومة، وعندما أقول إنه كلام إسرائيلي، فهل أتجنّى؟ هذه اللغة وهذا المنطق لإسرائيل». وقال: «هناك ملف كبير اسمه الأموال التي جاءت لمساعدة لبنان، ولولا وقوف إيران إلى جانب لبنان لما تعمّر، وإذا كان أحد ما «زعلان» لأننا أسقطنا حكومته فلا علاقة لإيران بالموضوع». وتوجّه إلى الحريري قائلاً: «طالما أنت رئيس حكومة تصريف أعمال لا يمكنك القول هذا، وعندما تتحدث عن إخراج لبنان من سياسة المحاور فأنت ملزم بإخراجه منها. تحليلي أن هذا تقديم أوراق اعتماد بأنهم قادرون على القيام بشيء في هذا الموضوع، وأنهم يحتاجون الى تمويل، وأقول إن هذا خطأ ويسيء إلى علاقة لبنان بدول وقفت إلى جانبه وما زالت... ولحساب من»؟
وتطرق نصر الله إلى أوضاع اللبنانيين في البحرين والحديث عن طرد 10 لبنانيين من المنامة، فرأى أنّ «هذا موقف خاطئ، ففي لبنان منذ 2005 الشتائم والتآمر على سوريا من لبنان كبيرة جداً، لكن سوريا لم تردّ وتطرد اللبنانيين». أضاف: «رئيس حكومة تصريف الأعمال أخذ موقفاً حاداً من إيران، فهل ترد إيران بطرد اللبنانيين من أراضيها؟»، مشيراً إلى أن «هذا يدل على ضيق صدر حكومة البحرين، وعلى أنها لا تتصرف بعقل ومسؤولية، وإذا كانوا يعتقدون أنه من خلال الضغط على اللبنانيين في البحرين يمكن تعديل مواقفنا فهذا خطأ، لأن هناك أشخاصاً في البحرين يقدمون التضحيات، ومستوى التضحية من لبنان يهون أمام التضحيات في البحرين». ودعا نصر الله حكومة البحرين إلى «عدم الإقدام على هذه الخطوة الخاطئة، وهي لن تحقّق أيّ هدف من أهدافها سوى المزيد من التعقيد بشأن هذا الوضع المعقّد». وتوقف عند ما يشاع عن أن دول التعاون الخليجي يمكن أن تستهدف لبنانيين من طائفة محددة، فقال: «أُبعد عشرات اللبنانيين من الإمارات دون معرفة السبب سابقاً، والموضوع في مكان آخر، ومن الخطأ أن تضغطوا علينا وعلى اللبنانيين في أرزاقهم، واللبنانيّون في البحرين لا علاقة لهم بمواقفنا».
تحدث نصر الله عن الأحداث في سجن رومية، فرأى أنّ «المشكلة الحقيقية هي في الكثافة الكبيرة، وهذا فيه ظلم للناس، إضافةً الى تأخير المحاكمات، والناس لم يتحملوا هذا الوضع، والأهالي اعتصموا، وللأسف قورب الموضوع من 14 آذار بالكيد السياسي، وبأن حزب الله هو من حرك الموضوع، رغم أن السبب إنساني». وأكد أنه «باستمرار الظلم كيف سيعيش الناس معاً؟ في السجن كثير من المظلومين، وإذا غضب هؤلاء الناس فهل يكون حزب الله هو من يحرضهم؟». وشدد على أن الحزب لن يسكت عن ملف رومية، الذي «يتحمل مسؤوليته كل من تعاقب على الحكم في السنوات الماضية»،.