الأزمة الليبية في الجامعة العربيّة والأطلسي يحل خلافاته في برلين

حظي الملف الليبي اليوم باهتمام دوليّ كبير غداة اجتماع «مجموعة الاتصال» الدولية بشأن الجماهيرية في الدوحة، إذ شهدت كل من مصر وألمانيا والصين اجتماعات ناقشت الأزمة الليبية وتداعياتها.
ففي القاهرة، بدأ اجتماع دولي بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، في مقر الجامعة العربية، بينما تشهد برلين اجتماعاً لوزراء خارجية حلف شمال الأطلسي، وسط تزايد الخلافات بشأن سير التدخل العسكري في ليبيا.

أما في جنوب الصين، فقد دعت مجموعة الدول الناشئة الكبرى «بريكس» إلى تفادي استخدام القوة في ليبيا وفي دول الشرق الأوسط الأخرى. وذلك في البيان الختامي المشترك لقمتها.
في هذا الوقت، بدأ اجتماع القاهرة، بمشاركة الأمين العام للجامعة العربية، والأمين العام للأمم المتحدة، والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلو، ورئيس المفوضية الأفريقية، جان بينغ، إضافةً الى أشتون. وقال دبلوماسيون عرب إن المشاركين في الاجتماع سيركّزون على دعم وتنسيق الجهود الدولية في تقديم المساعدات الإنسانية إلى الليبيّين.
وفي العاصمة الألمانية، يجتمع وزراء خارجية دول الحلف الأطلسي الـ 28 في ظروف صعبة، بعدما صدرت عن هذه الدول ردود فعل متناقضة منذ اندلاع الأزمة الليبية في 15 شباط الماضي.
ففرنسا وبريطانيا تحاولان إقناع حلفائهما بأن عدم مشاركة بعض الدول على نحو كاف في التدخل يكبح تحرك الطيران ضد الزعيم الليبي، معمر القذافي.
وتقود بريطانيا وفرنسا الغارات الجوية على قوات القذافي، لكنّ استياءها يتزايد مع نقص الدعم من حلفائها في حلف الأطلسي. وبعدما قادت واشنطن الحملة في أيامها الأولى قلصت الآن دورها وتؤدّي دول الأطلسي الأخرى أدواراً أصغر.
وقالت «مجموعة الاتصال» التي تتكوّن من دول غربية وشرق أوسطية واجتمعت في قطر في بيان ختامي لها أمس، إن «القذافي ونظامه فقدا كل الشرعية، ويجب أن يترك السلطة ويسمح للشعب الليبي بتحديد مستقبله».
وأضافت إن المجلس الوطني الانتقالي للمعارضة المسلحة «على النقيض من النظام الحالي.. محاور شرعي يمثل طموحات الشعب الليبي».
وكانت اللهجة أكثر حدّة من اللهجة التي استُخدمت في مؤتمر عقد قبل أسبوعين، وقدمت مساندة أقوى إلى المعارضة المسلحة التي تقاتل لإنهاء حكم القذافي، لكنها أخفت خلافات بين الحلفاء بشأن الإجراء الذي يجب اتخاذه.
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الفرنسي، الان جوبيه، أن بلاده لا تؤيد في الوقت الراهن تسليح المعارضة الليبية، مكتفياً بالقول إن «فرنسا لا تفكر في هذا حالياً».
من جهة ثانية، دعا عضو مجلس الشيوخ الأميركي، جون ماكاين، الولايات المتحدة الى التدخل مجدداً عسكرياً في ليبيا، الى جانب الائتلاف الدولي لإطاحة القذافي، مؤكداً أن الحلف الأطلسي تنقصه القوة اللازمة. وقال في المنتدى السنوي للولايات المتحدة والعالم الإسلامي في واشنطن «نثمن مساهمات جميع حلفائنا، والجهود التي قاموا بها، وخصوصاً البريطانيين والفرنسيين، لكن الواقع هو أن الولايات المتحدة هي الحلف الأطلسي».
وأوضح السناتور الجمهوري الواسع النفوذ «عندما نسحب من ميدان المعركة وسائلنا الأكثر فعالية (طائرات آي سي ـــــ 130 وطائرات آي ـــــ 10) نخسر عندها قدرة قوية. لا يملك حلفاؤنا هذا الأمر».
وقال أيضاً «إنه فعلاً لأمر مؤسف وأريد أن أرى (الجيش الأميركي) يعود الى المعركة»، مستبعداً مع ذلك أية مشاركة للقوات الأميركية على الأرض.
في هذه الأثناء، أكدت المجموعة المعروفة بمجموعة «بريكس» وتضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، في ختام قمتها في منتجع سانيا جنوب الصين «إننا نلتقي على المبدأ الداعي الى وجوب تفادي استخدام القوة»، معربة عن «قلقها الكبير إزاء الاضطرابات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وغربها».
وحث الزعماء في بيانهم على التوصل الى تسوية سلمية للصراع في ليبيا، وأشادوا بجهود الوساطة التي يقوم بها الاتحاد الأفريقي. وقالوا «نؤيد وجهة النظر التي تقول إن على جميع الأطراف حل خلافاتهم من خلال السبل السلمية والحوار». وقال مصدر حكومي شارك في الاجتماع، إن «الزعماء جميعهم أدانوا حملة القصف» على ليبيا. غير أن التصريحات التي أدلى بها الزعماء عقب القمة، تشير الى خلافات بشأن كيفية التعامل مع الصراع الذي أثار احتمال أن تقسم ليبيا وتتمزق بسبب الصراع، مما زاد من ارتفاع أسعار النفط في الآونة الأخيرة.
وجنوب أفريقيا هي الدولة الوحيدة من المجموعة التي صوتت على قرار الأمم المتحدة الذي أتاح شن ضربات جوية في ليبيا، فيما امتنعت الدول الأربع الأخرى وفي طليعتها الصين وروسيا، العضوان الدائمان في مجلس الأمن، عن التصويت على القرار، خشية وقوع ضحايا مدنيين في القصف.
من جهته، قال الرئيس الروسي، ديمتري مدفيديف، عقب القمة «روسيا ودول بريكس الأخرى تشعر بقلق عميق بشأن سقوط قتلى من المدنيين». وأضاف «موقفنا المشترك هو أنه يجب التوصل الى حلول لهذه المشكلات من خلال السبل الدبلوماسية والسياسية لا من خلال (استخدام) القوة».
بدوره، قال رئيس وزراء الهند، مانموهان سينغ «هذه التطورات.. وتبعات المأساة الضخمة التي تعرضت لها اليابان تطرح شكوكاً جديدة في عملية التعافي العالمية».