خطوة أميركية إلى الوراء ليبياً «الناتو» يبحث عن طائرات إضافية

تلخص الحدث الليبي امس، بثلاثة مشاهد معبرة عن معاناة المدنيين الليبيين والثوار، تحت وطأة ضربات النظام المتمسك بسلطته، بموازاة مشاورات ومؤتمرات غربية تبطئها التباينات. ففيما كانت المعارضة الليبية تحذر من «مذبحة» في مدينة مصراتة المحاصرة التي تتعرض لقصف عنيف من قبل قوات معمر القذافي سقط ضحيته ما لا يقل عن 23 قتيلا، كان مؤتمر حلف الأطلسي في برلين، يشهد تأكيد واشنطن على عدم عودتها إلى دورها المركزي في الضربات الجوية، وإقرار الـ«ناتو» بالحاجة إلى مزيد من الطائرات. أما القذافي فخرج إلى شوارع طرابلس التي تعرضت لقصف جوي أطلسي، في خطوة تشير إلى عزمه مواجهة «خريطة الطريق» الغربية الرافضة للتفاوض معه.
وقالت المعارضة الليبية المسلحة إن هجوما صاروخيا على منطقة سكنية في مدينة مصراتة أسفر عن مقتل 23 مدنيا محذرة من «مذبحة» وشيكة بيد القوات الحكومية ما لم يكثف حلف شمال الأطلسي غاراته هناك. وقال متحدث باسم المعارضة إن القوات الموالية للقذافي تتعمد استهداف المدنيين على ما يبدو في المدينة. وأفادت تقارير أن معظم القتلى من النساء والأطفال وبينهم ثلاثة عمال مصريين كانوا في انتظار إجلائهم.
وقال متحدث باسم المعارضة يدعى عبد السلام من مصراتة «مذبحة... ستجري هنا اذا لم يتدخل حلف شمال الأطلسي بقوة»، بعدما أطلقت القوات الحكومية وابلا من الصواريخ روسية الصنع على منطقة قصر احمد في مصراتة الواقعة قرب الميناء الذي يسيطر عليه المعارضون، عند الفجر، وقالت المعارضة إن القصف استمر في وسط المدينة، فيما رسم التلفزيون الليبي الحكومي صورة هادئة للوضع في مصراتة. وقالت قناة رسمية نقلا عن مكتب رئيس الوزراء إن مصراتة تنعم حاليا بالسلام والأمن وإن العمل جار لتنظيف المدينة وإعادة الخدمات الأساسية إلى طبيعتها.
كما قال متحدث باسم المعارضة ان القوات الموالية للقذافي قصفت منطقة الميناء في مصراتة قصفا عنيفا، ما ادى الى اغلاق الميناء. وقال المتحدث ويدعى غسان «تعرضت منطقة الميناء لقصف مكثف اليوم والدمار هناك هائل. كنت هناك ورأيت بنفسي.» واضاف «سقط ما يزيد على 200 صاروخ غراد على منطقة الميناء بما في ذلك الاحياء السكنية قرب الميناء. قصفوا هذه المنطقة لان الميناء هو منفذ مصراتة الوحيد الى العالم الخارجي. واغلق الميناء اليوم بسبب القصف.» واشتبك المعارضون مع قوات القذافي أيضا في منطقة على بعد 30 كيلومترا إلى الشرق من الزنتان في منطقة الجبال الغربية، وفي مدينة أجدابيا.
أما في برلين، فقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ انه «متفائل بإمكانية ان يقدم الاعضاء الآخرون في حلف شمال الاطلسي طائرات اخرى للمشاركة في عملية ليبيا رغم رفض بعض الاعضاء الدعوات للمساهمة بالمزيد». وذلك بعدما أقرّ الحلف الأطلسي بحاجته إلى مزيد من الطائرات لتفعيل عمليات في ليبيا، فيما كانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تؤكد نية واشنطن عدم العودة إلى «دورها المركزي» في العمليات. أما فرنسا التي دفعت باتجاه رفع الـ«ناتو» لفعالية ضرباته، فجددت دعمها لـ«خريطة الطريق» التي أتت أساسا بمبادرة تركيا، مؤكدة على رفض احتمال التفاوض مع القذافي ضمن هذه الخطة نزولا عند «رغبة» الثوار الليبيين. (تفاصيل ص 15).
وفي واشنطن، شكر الرئيس الاميركي باراك اوباما امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني خلال استقباله اياه في البيت الابيض على الدور الاساسي الذي اضطلع به في الملف الليبي ودعمه لتنمية «الديموقراطية في الشرق الاوسط». وقال اوباما للصحافيين في ختام اللقاء «لقد اعربت له عن شكري للقيادة التي برهن عنها في موضوع الديموقراطية في الشرق الاوسط». واضاف اوباما «ما كنا لنتمكن من تشكيل هذا التحالف الدولي (...) لولا قيادة امير قطر». وتابع الرئيس الاميركي ان امير قطر «يحركه الايمان بأنه ينبغي لليبيين ان يتمتعوا بنفس الحقوق والحريات مثل سائر الشعوب».
وفي طرابلس، قال التلفزيون الرسمي الليبي إن طائرات الـ«ناتو» شنت غارات جوية، قال متحدث باسم الحكومة إن 3 أشخاص قتلوا فيها. وفيما نفى مسؤول في «الناتو» سقوط قتلى من المدنيين خلال الغارات، وقال إن الغارة استهدفت بطارية صاروخية، واصفا ما جاء في التقارير بأنه «معلومات مضللة». قال مسؤول آخر في حلف شمال الاطلسي ان تقارير المهمة تشير الى ان قوات الحلف نفذت ثلاث هجمات جوية في العاصمة الليبية طرابلس ومحيطها. وأضاف «بالاضافة الى الهجوم الجوي الذي استهدف بطارية صواريخ ارض جو جنوبي المدينة ترد تقارير من الطيارين تفيد بأنهم ضربوا هدفين اضافيين اقرب الى وسط المدينة.»
وفي هذه الأثناء، ذكر التلفزيون الليبي ان القذافي قام الخميس بجولة في شوارع طرابلس تزامنت مع آخر غارات التحالف على المدينة. وقد حيا القذافي الذي كان يعتمر قبعة ويضع على عينيه نظارتين سوداوين، ويقف في سيارة جيب مفتوحة السقف تسير ببطء، المارة رافعا قبضتيه، بحسب المشاهد التي بثها التلفزيون الرسمي. وواكبت سيارة العقيد القذافي بضع سيارات كانت تنقل حراسا شخصيين. وسارت سيارته على مهل في بعض الاحيان، فاقترب منها عشرات المارة وحيوا زعيم الثورة الليبية. واكد التلفزيون الليبي ان القذافي قام بجولته هذه «تحت قصف العدوان الهمجي الاستعماري الاطلسي».
إلى ذلك، قالت قناة «الجزيرة» الإخبارية إن السلطات الليبية أفرجت عن مصور كان ضمن اربعة من مراسليها في ليبيا احتجزتهم قوات القذافي الشهر الماضي. وقال المصور النرويجي عمار الحمدان الذي احتجز ما يزيد على شهر وقضى 14 يوما في حبس انفرادي إنه بصحة جيدة وموجود الآن في تونس. وأضاف في اتصال هاتفي بالجزيرة إن ثلاث تهم وجهت إليه من بينها التعاون مع الاستخبارات القطرية والنرويجية والتسلل الى ليبيا.