قتلى واعتقالات في المدن السورية وتصعيد أميركي ــ بريطاني تجاه الأسد

أعلن ناشطون حقوقيون اليوم مقتل 38 شخصاً على الأقل في العمليات التي تقوم بها قوات الأمن السورية في عدد من المدن، حيث تشن حملة اعتقالات واسعة، وخصوصاً في مدينة درعا. وقال ناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس» إن «25 شخصاً على الأقل قُتلوا بالرصاص في درعا، التي اقتحمتها صباح اليوم قوات الأمن السورية مدعومة بالدبابات والمدرعات» للقضاء على حركة الاحتجاج المناهضة للنظام المستمرة منذ ستة أسابيع.
وفي دوما (15 كلم شمال العاصمة) والمعضمية قرب دمشق، قال ناشطون إن قوات الأمن تقوم بعمليات مداهمة كبيرة. وصرح شاهد في المكان أن قوات الأمن تنتشر بكثافة في دوما، مضيفاً «الشوارع معزولة بعضها عن بعض ودوما معزولة عن العالم الخارجي».
وكان شهود عيان قد أفادوا أنّ الطرق المؤدية الى «المناطق الساخنة» القريبة من العاصمة كانت مغلقة ليلاً، وأُقيمت فيها حواجز للتفتيش والتدقيق في الهويات ولا يسمح بدخولها سوى للسكان. من جهة أخرى، قتل 13 شخصاً وجرح عديدون آخرون برصاص قوات الأمن في جبلة قرب اللاذقية، كما ذكر ناشط لحقوق الإنسان لوكالة «فرانس برس». وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم أن «الأمن اعتقل العشرات اليوم والأمس في سراقب (شمال غرب) ودير الزور (شمال شرق) وفي الرقّة (شمال) وفي دوما (ريف دمشق) وبانياس (غرب)» مورداً أسماء المعتقلين.
من جهته، صرّح الناشط الحقوقي رامي عبد الرحمن لوكالة «فرانس برس» أنّ السلطات السورية اختارت «الحل العسكري» للضغط على التظاهرات المطالبة بالديموقراطية في سوريا. وأشار الى أن «ذلك واضح من خلال ما جرى أمس في جبلة واليوم في درعا ودوما»، وأكد أن «هذه الحلول لن تنفع لأن الحوار الوطني هو الوحيد القادر على حماية سوريا».
من جهة أخرى، نفى المدير العام للجمارك السورية إغلاق الحدود مع الأردن، قائلاً إن الحركة تسير سيراً طبيعياً. وقال المدير العام للجمارك مصطفى البقاعي «إن حركة المسافرين وقوافل الشحن تسير سيراً طبيعياً ودون إغلاق أيّ من المعبرين (نصيب ـــــ درعا) مع الأردن».
وكان وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام والاتصال طاهر العدوان قد قال في وقت سابق إنّ السلطات السورية أغلقت حدودها البرية مع الأردن اليوم في خطوة تبدو مرتبطة بالتطورات التي تشهدها سوريا.
إعلامياً، ذكرت صحيفة «البعث» الناطقة باسم الحزب الحاكم أن «الأحداث المتلاحقة والمتسارعة تجاوزت حد المطالب الشعبية بالإصلاحات لتفصح عن مؤامرة خارجية كبرى صيغت فصولها في الغرف السوداء في البيت الأبيض وتل أبيب وتعمل على تنفيذها جهات مأجورة». وأوردت الصحيفة تصريحاً لوزارة الدفاع الأميركية مفاده أنه «أمام سوريا فرصة لاستعادة استقرارها الداخلي إذا تخلت عن دعمها للمقاومة وفكت ارتباطاتها مع إيران»، مؤكدة أنه «دليل قوي على التورط الأميركي في كل ما يجري»، كما أشارت صحيفة «الثورة» الحكومية الى وجود طرف ثالث «مرتبط بأجندات خارجية مكشوفة» يدخل «على خط التظاهرات لافتعال المشكلات والتخريب المتعمد وهدر الدماء».
من جهتها، ذكرت صحيفة «ديلي تلغراف» اليوم، أن الرئيس السوري بشار الأسد يواجه اتهامات من جانب المحكمة الجنائية الدولية، بعد إبلاغ القادة الغربيّين بمقتل 120 شخصاً من المتظاهرين المناهضين للحكومة في الاحتجاجات الأخيرة. وقالت إن «هيئة مؤثرة من القضاة والمحامين الدوليين دعت إلى محاسبة الأسد وأعوانه على الهجمات التي وقعت خلال عطلة عيد الفصح، وفتحت فيها قوات الأمن والميليشيات النار على المدنيين».
وأشارت الصحيفة إلى أن اللجنة الدولية للحقوقيين أصدرت بياناً ذكرت فيه أن «الذين أمروا بتنفيذ هذه الهجمات، بما فيها إطلاق الرصاص الحي على الحشود، يجب أن يتحملوا المسؤولية». وأضافت إن الحكومات الغربية «تتعرض لانتقادات متزايدة بشأن سياساتها المتباينة تجاه ليبيا وسوريا، حيث لقي أكثر من 300 شخص حتفهم منذ اندلاع الاضطرابات قبل خمسة أسابيع، فيما اشتكى منتقدون من أن الغرب سارع إلى مد يد العون للشعب الليبي وترك الشعب السوري يواجه مصيره، رغم أنه يواجه واحداً من أكثر الأنظمة قمعاً في منطقة الشرق الأوسط».
وتابعت الصحيفة أن «الكثير من المسؤولين الغربيّين يتردّدون في توجيه انتقادات شديدة اللهجة للأسد على الرغم من أنهم عاملوا نظامه كنظام شبه منبوذ، وسعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في البداية إلى تقديم الأسد على أنه إصلاحي يكافح المتشددين في نظامه، فيما حثّت إسرائيل، التي لا تزال من الناحية الفنية في حالة حرب مع سوريا، واشنطن على الامتناع عن القيام بأيّ يعمل يمكن أن يزعزع استقرار نظام الأسد خوفاً من أن يقود سقوطه إلى قيام حكومة أكثر عدائية لها». وأضافت الصحيفة إن القادة الغربيين «شددوا لهجتهم حيال نظام الأسد بعد وقوع أكثر من 100 حالة وفاة في يوم الجمعة العظيمة، ورأى الرئيس الأميركي باراك أوباما أنّ عمليات القتل شائنة، كما انضم وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إلى جوقة الإدانة وشجب العنف المتزايد في سوريا وقتل المتظاهرين على أيدي قوات الأمن السورية». ونسبت الصحيفة إلى الأمين العام للجنة الدولية للحقوقيين، وايلدر تيلور، قوله إن «المجتمع الدولي فشل حتى الآن في حماية الشعب السوري من انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان».