إسرائيل تخشى سقوط الأسد... وحكم «الإخوان»

تبدو إسرائيل قلقة من الأحداث التي تشهدها سوريا، هي التي تفضّل على الأرجح بقاء النظام برئاسة بشار الأسد، خوفاً من تولّي الإخوان المسلمين السلطة. إلا أن بعض المحللين يطرحون سيناريوات متناقضة لسير الأحداث
رأى الخبير الإسرائيلي في الشؤون السورية واللبنانية، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب، أيال زيسر، أن «الإخوان المسلمين قد يشاركون في الحكم، لكنهم لن يكونوا النظام الذي سيحكم سوريا في المستقبل». وأضاف أن «إسرائيل تخاف دائماً من كل شيء، وبالتأكيد هناك من يشيرون إلى حقيقة أن الإخوان المسلمين هم حركة قوية جداً ومنظمة في سوريا، لكني لا أعتقد أنهم سيصعدون إلى سدة الحكم، بل قد يكونون جزءاً من الصورة في الحكم».
وتوقع زيسر أن يصعد نظام سنّي إلى الحكم ويبتعد عن إيران وحزب الله، قائلاً «إذا تحقق هذا السيناريو، فستتلقى إيران ضربة شديدة للغاية، وهذا جيد لإسرائيل». وأضاف أن «أي نظام سوري آخر لن يكون صديقاً لإيران وحزب الله، وإذا تولى الحكم نظام سنّي فإن هذا يعني أن وجه المنطقة سيتغيّر، وأي نظام سوري جديد سيكون مضطراً إلى تحسين علاقاته مع الولايات المتحدة والغرب».
ورأى زيسر أن هناك احتمالاً لاندلاع حرب أهلية في سوريا «بكل تأكيد»، وأن ما يجري في سوريا حالياً هو «حرب أهلية صغيرة. فهناك مئات القتلى الذين سقطوا في الأسابيع الأخيرة، وهناك أيضاً إطلاق نار من قبل المتظاهرين على الجيش». وأضاف أن اندلاع حرب أهلية في سوريا «سينعكس على لبنان، وسيعزز قوة السنّة فيه، وحزب الله سيضعف».
من جهته، رأى المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، السفير الإسرائيلي السابق في تركيا ألون ليئيل، أن «المؤسسة الأمنية السورية هي الجهة الأقوى في البلاد، وستتمكن من استبدال الأسد إذا رأت أن ثمة ضرورة لذلك»، واصفاً حدوث تغيير كهذا بأنه «تقني». وقال «هناك في سوريا تيارات معارضة لنظام الأسد، وهناك مشاكل مع العشائر في جنوب البلاد، لكني لا أرى أحداً من هذه المعارضة في الحكم، ولا أعتقد أن في مقدور المحتجّين أن يحلّوا مكان الأسد».
وأضاف ليئيل «ما قد يحدث، بسبب إطلاق النار على محتجين وقتل العشرات منهم، هو أن يُستبدل الأسد. وإذا توصلت المؤسسة الأمنية إلى الاستنتاج أن الأسد يلحق بهم أضراراً، فإن بإمكان هذه المؤسسة أن تنصب أحداً من عائلة الأسد، مثل زوج شقيقته آصف شوكت المتخاصم مع الأسد».
وتابع ليئيل «أنا مؤمن بأن المؤسسة الأمنية ستعيّن شخصاً مثل شوكت الذي كان معادياً للأسد أو شخصاً من الجيش، رئيس أركان مثلاً، والحفاظ على قوة المؤسسة الأمنية العلوية ـــــ السنيّة». واستدرك قائلاً إنه «لا يزال من الصعب حالياً التنبّؤ بتطور الأحداث في سوريا، وقد يتمكن الأسد من إجراء إصلاحات والبقاء في الحكم». لكنه عاد وأشار إلى أن «الوضع في سوريا يختلف عن الوضع في غيرها من الدول العربية. ففي سوريا ستبقى المؤسسة الأمنية الحاكم الفعلي في المستقبل».
وانطلاقاً من رؤيته هذه، رأى ليئيل أن «هذا الوضع سيعزّز الحلف بين سوريا وإيران وحزب الله، وخصوصاً في حال تولّي شوكت منصب الرئيس، وعلينا أن نتذكر أن اسم شوكت كان أكثر اسم مرتبط باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري».
وفي ما يتعلق بإسرائيل، قال زيسر إن السيناريو الذي يتصوره في سوريا «جيّد للمعسكر المعتدل في المنطقة، لكن إسرائيل لا تفعل شيئاً، وإذا أرادت الاندماج في المنطقة، فإنه لأمر جيد أن تحدث تغيّرات»، فيما بدا ليئيل أكثر تشاؤماً، وقال إن «إسرائيل معزولة على نحو كبير للغاية في الشرق الأوسط. فالحكم الجديد في مصر لن يكون ودّياً تجاه إسرائيل مثلما كان نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك. وبالنسبة إلى سوريا، فهي دولة عدوّة، ولا أعتقد أن من سيحلّ مكان الأسد سيرغب في أن يكون صديقاً لإسرائيل. لذلك، فإن عزلة إسرائيل في الشرق الأوسط تكاد تكون مطلقة».
وتطرق ليئيل إلى تركيا واستضافتها للإخوان المسلمين السوريين في أراضيها، وقال إن العلاقات التركية ـــــ السورية وثيقة جداً، لكن العلاقات الجيدة بين الأسد ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد تتراجع إذا لم تُنفّذ إصلاحات وتُمنح حريات في سوريا، «فأردوغان لا يستطيع السماح لنفسه بأن يبقى الأسد من دون إصلاحات جارفة، ولا يمكنه أن يبقى صديقاً لديكتاتور ينفذ أعمال قتل أيضاً، وسيكون ملزماً بالقيام بانعطافة معينة في علاقاته مع الأسد».
وتابع ليئيل أن «الحكومة التركية الحالية تميل أكثر إلى الحركات الإسلامية، فمثلاً هي تدعم حماس أكثر من فتح في الساحة الفلسطينية». وأضاف «لا شك في أن الأتراك يريدون رؤية إصلاحات في سوريا من دون تغيير النظام».
في هذا الوقت، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن التقديرات في إسرائيل تفيد بأن نظام الأسد سيصمد في الأمد القصير، «لأنه يعتمد على جيش قوي وأجهزة أمن قمعية، لكن في القدس يعون أن شيئاً ما قد حدث في سوريا، وهو انهيار حاجز الخوف من النظام، واتساع المعارضة للأسد، الأمر الذي سيضع نظامه في الأمد البعيد في حالة خطر دائم».
وأضاف المسؤولون الإسرائيليون أن «التقديرات هي أن نظام الأسد سيسقط في الأمد البعيد، لكنّ سيناريو كهذا لا يبشّر بالخير بالنسبة إلى إسرائيل. فهذا سيؤدي إلى استيلاء الإخوان المسلمين على الحكم، وهؤلاء ليسوا مستعدين للاعتراف بإسرائيل أبداً، وسيسعون إلى طردها من خريطة المنطقة مع جميع الأنظمة العلمانية».
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى تخوّفه من أنه «إذا سقط نظام الأسد، فإن المنظمات الإرهابية ستكون مسرورة بتنصيب جهات متطرفة للغاية مكانه. فرغم كل شيء، تحدث الأسد عن السلام مع إسرائيل، حتى لو أنه لم ينو التوصل إلى اتفاق».
وتأمل التقديرات الإسرائيلية أنه ما دام الأسد مشغولاً في الحفاظ على نظامه، فإنه «سيكون متفرغاً على نحو أقل لمواصلة نقل الأسلحة إلى حزب الله».