سرقة الآثار الفلسطينية تتفاقم بفعل الجدار والاستيطان

سرقة الآثار الفلسطينية تتفاقم بفعل الجدار والاستيطان
ظلت آثار فلسطين ومعالمها التاريخية عرضة للسرقة والعبث على مدار عقود، لكن جدار الفصل العنصري والمستوطنات الإسرائيلية، يغذيان بنهم عملية التشويه التي تتعرض لها الهوية الفلسطينية.
وقال وكيل مساعد قطاع الآثار والتراث الثقافي في وزارة السياحة والآثار، حمدان طه، في حديث لـ'وفا': إن 'عدم توفر الحماية اللازمة للمواقع والمعالم الأثرية الواقعة في المناطق المصنفة 'C' وفي محيط المستوطنات يهدد هذه المواقع بشكل مباشر، وأن آلاف المواقع والمعالم الأثرية عزلها الجدار، إضافة إلى عشرات المواقع التي دمرها مسار الجدار نفسه'.
وأضاف 'الآثار والتراث الثقافي الفلسطيني يواجهان مخاطر كبيرة نتيجة استفحال ظاهرة سرقة الآثار وتدميرها من قبل سلطات الاحتلال وهو ما يهدد باستنزاف الموارد الثقافية والاقتصادية كونها أحد العناصر الأساسية للتنمية'.
وقال حمدان إن 'سرقة الآثار تضر بالمقومات الثقافية لشعبنا الفلسطيني، وهي سرقة مرتبطة بمجموعات إسرائيلية تقوم بسرقة الآثار رغم أن القانون الدولي يمنع الاتجار بالآثار، كما أن القانون الفلسطيني يجرم الحفر والتنقيب غير المرخص والاتجار غير المشروع'.
وتخضع المناطق الواقعة تحت الاحتلال للقانون الدولي الذي ينظم العمل فيها، ويلزم سلطات الاحتلال بحماية هذه الآثار حتى نهاية الاحتلال .
وبلع عدد المواقع الرئيسية في الضفة الغربية وقطاع غزة، حسب دائرة الآثار الفلسطينية، 944 موقعا أثريا رئيسيا وعدد المعالم الأثرية 10 آلاف معلم أثري وهناك ما يزيد عن 350 نواة لمدينة وقرية تاريخية تضم ما يزيد عن 60 ألف مبنى تاريخي .
وأوضح القائم بأعمال مدير دائرة الآثار في محافظة سلفيت، منتصر موسى، إحدى أكثر المناطق الفلسطينية تضررا بالجدار والاستيطان، إن 'المشكلة تتعاظم بفعل الاستيطان، والتجريف والعزل خلف جدار الضم والتوسع العنصري'.
ويضيف: 'المستوطنين لا يبالون بأهمية المواقع الأثرية حين يتعلق الأمر بتوسيع المستوطنات، وبتجريف الأراضي لإقامة أحياء استيطانية جديدة'.
ويستشهد بمواصلة آليات الاحتلال عمليات تجريف مساحات واسعة في أراض تابعة للموقع الأثري 'دير سمعان' الواقع على أراضي بلدة كفر الديك، الغنية بالآثار الرومانية، التي تعتبر من أهم المواقع الأثرية في محافظة سلفيت، وذلك بغرض توسيع مستوطنتي 'علي زهاف' و'بدوئيل'.
وقال موسى: إن 'خربة الشجرة شمال مدينة سلفيت تحوي موقعا أثريا هاما، إلا إن سلطات الاحتلال دمرته، كما عزلت موقعا أثريا في خربة عرارة، خلف جدار الفصل العنصري'.
وأضاف 'يوجد في قراوة بني حسان موقعا أثريا غاية في الأهمية وهو 'دار الضرب' وهو موقع إسلامي يتحدث عن نفسه بجلاء، حيث يوجد فيه ما يدلل على استخدام الدار في صك النقود، وتم اكتشاف كتابات ونقوش على حجارة، تؤكد ذلك، وقرب منطقة دار الضرب أيضا يوجد موقع التل الغني بالآثار، وفي أراض قريبة من تلك المنطقة هناك العديد من الأديرة الرومانية الواقعة ضمن أراضي بلدة سرطة، وإلى الغرب من بلدة الزاوية يوجد خربة سريسة الغنية بالآثار من عصور قديمة موغلة في التاريخ والمصنفة في عصور ما قبل الديانات السماوية'.
وقال رئيس بلدية كفر الديك جمال الديك: إن 'منطقة 'ظهر صبح'، وهي تلة ممتدة على مساحة واسعة من الأراضي تقدر بعدة آلاف من الدونمات، تتوسط قرى الزاوية وبديا وسرطة وكفر الديك وبروقين، مليئة بالآثار الرومانية والإسلامية، وفيها بعض المواقع المعروفة لدى المواطنين كمناطق أثرية غنية بالفخاريات والقبور القديمة والمعاصر وأنواع عديدة من التحف الزجاجية، وكذلك المباني القديمة المهدمة والخرب وآبار جمع المياه، والأعمدة المهدمة وغير ذلك، ومن هذه المواقع 'حزيما'، و'خربة سليته'، وأديرة رومانية'، مشيرا إلى أن سلطات الاحتلال تخطط للاستيطان في هذه المنطقة، وقامت منذ سنوات بعمليات مسح ووضع علامات تمهيدا لعمليات تسوية الأرض والتجريف والتجهيز للبناء والاستيطان.
بدوره، أوضح الباحث في الآثار في محافظة سلفيت صبري حميدان أن مواقع أثرية كثيرة في عدد من قرى وبلدات المحافظة تم تجريفها أو عزلها خلف جدار الضم والتوسع العنصري، أو مهددة بالضم والمصادرة لصالح مستوطنات، مثل 'مغارة النطافة' الواقعة غرب بلدة مسحة، وهي مغارة أثرية وفيها عين ماء، حيث لم يعد بالإمكان الوصول إليها من قبل المواطنين بسبب عزلها خلف جدار الفصل العنصري، لافتا إلى أن مياه هذه العين معروفة على مر السنين باستخدامها في علاج عدة أمراض'.
وفي بلدات رافات والزاوية ودير بلوط، حسب حميدان، هناك العديد من الخرب التي تم عزلها خلف الجدار مثل دير قسيس، وخربة عرارة، ودير قلعة، إضافة إلى مواقع أثرية وتاريخية أخرى لم يعد بالإمكان الوصول إليها من قبل المواطنين.
وأشار إلى منع سلطات الاحتلال مجلسي بلدتي اسكاكا وياسوف من شق طريق لخدمة المزارعين غرب البلدتين، إضافة لتجريف سلطات الاحتلال الطريق الزراعي لهما للسيطرة على منطقة العيون وموقع أثري في المنطقة.
وأضاف 'في بلدة ديراستيا قام جيش الاحتلال مؤخرا بتصوير قبر 'استيا' وسط البلدة القديمة بجانب المسجد القديم، بشكل مريب'.
وقال رئيس بلدية ديراستيا نظمي سلمان إن 'خربة شحادة الأثرية غرب البلدة، مهددة بالكامل بالاستيطان، ويقوم المستوطنون بعمليات تجريف وتوسيع لمستوطنتي 'ياكير' و'رفافا' في المنطقة'. وأضاف 'منطقة 'وادي قانا' الغنية بعيون المياه العذب مستهدفة بالاستيطان وهي غنية أيضا بالمواقع الأثرية وفيها آثار إسلامية قديمة.'
من جهته، بيّن مدير أوقاف سلفيت الشيخ عمر سماره أن المستوطنين وبحماية جيش الاحتلال يحاولون فرض أمر واقع من خلال إقامة شعائر دينية في عدة مقامات دينية إسلامية قديمة وسط بلدة كفل حارس، بدعوى أنها أماكن يهودية قديمة، رغم أن عددا من الدراسات ذات مصداقية تؤكد أن هذه المقامات هي إسلامية.
وقال: 'واصل المستوطنون اقتحامهم لقرية 'كفل حارس' بحجة القيام بطقوسهم الدينية في المقامات الإسلامية الثلاث 'ذو الكفل، وذو النون، ويوشع بن نون'، التي يزعمون أنها تعود لأنبيائهم'.
وكان مئات المستوطنين، من بينهم الحاخام الأكبر 'يونا متسغر' والوزير الإسرائيلي 'يولي أدليشتين' وأربعة من أعضاء الكنيست، اقتحموا البلدة فجر الجمعة الماضية برفقة قوات كبيرة من جيش الاحتلال، بحجة الصلاة في قبر يدعون أنه يعود للقائد اليهودي 'يوشع بن نون'، في حين أن الوثائق والمراجع التاريخية تؤكد أن الذي بنى المقام هو القائد صلاح الدين الأيوبي، ويتضح ذلك من خلال القبة الإسلامية للمقام ومحراب الصلاة الأخضر، كما أن المقام مبني بطريقة إسلامية، فالقبة ومحراب الصلاة في الجهة القبلية تدلل على أنه معلم إسلامي'.
ويخشى الشيخ سمارة وأبناء المنطقة من قيام الاحتلال بسرقة هذه المقامات المتواجدة في قلب قرية كفل حارس، وضمها إلى