المشهد ما بعد مسيرة العودة...

تحرُّك اهل فلسطين امس من جهات عدة نحو فلسطينهم، وإن اعاق اكتماله سياج مرتفع ومكهرب او جندي مدجج خائف وخلفه قادته العسكريون والسياسيون الاكثر خوفا وقلقا، اثبت هشاشة السياجات ورعب جنود الحدود الحائلين دون دخول اهل الارض لأرضهم.. اثبت انه ولو بعد حين بل بعد احيان واحيان طويلة لا زالت القضية حية ولا زال نبض حق العودة ينتقل وراثيا من جيل الى جيل وان شباب العودة وكهولها ونساءها واطفالها معبأون ومستعدون للتضحيات فدى العودة وفدى الحق وانهم قادرون لا عاجزين.. وتلك هي الرسالة التي اقلقت وارعبت..

ما بعد مسيرة العودة دخول في منعطف جديد ذي معان امنية واستراتيجية وسياسية لدى العدو تبدت في تصريحات نتانياهو وغيره واظهرت قلقه حيث قال ان هذه التظاهرات لا تطالب بحدود العام 1967 بل تتضمن تشكيكا بوجود اسرائيل بالذات، واننا مصممون على حماية حدودنا وسيادتنا.
ما بعد مسيرة العودة-الرسالة بدا ان فلسطين اقرب من متناول اليد وهذا ما قاله سيد المقاومة للمضحين الذين احتشدوا امس اذ اكد ان عودتهم الى ارضهم اصبحت "اقرب الى الانجاز من اي وقت مضى".
ما بعد يوم مسيرة العودة يوم اخر قادم يتوعد به فلسطينيو الشتات الاحتلال فبعضهم يتوعد بمسيرات اخرى وبعضهم يقول ان المسيرة الاخرى ستكون بالسلاح.. ما بعد المسيرة عدو اكثر قلقا وتحليق كثيف للطيران الاسرائيلي على امتداد سماء الجنوب مما يؤكد قلقه اكثر.. وقد كان اطلاق النار على المتظاهرين امس دليل ضعف وجبن كبيرين، فأين القوة في ضرب مدنيين عزّل تظاهروا قرب الحدود؟


تشييع شهداء مسيرة العودة ويوم حداد فلسطيني في لبنان

في اليوم التالي للمسيرة تشييع للشهداء وغضب وتأكيد لاستمرار المسيرة. ومعظم الشهداء في العشرينات وما دون ولا يعرفون فلسطين الا من اخبار ذويهم واجدادهم.. وشيع الفلسطينيون في لبنان اليوم الاثنين عددا من الشهداء الذين سقطوا الاحد وسط حداد فلسطيني.
وارتفع اليوم عدد الذين استشهدوا في اطلاق النار الاسرئيلي في بلدة مارون الراس الحدودية الى احد عشر شخصا بعد ان توفي فلسطيني ليلا متاثرا بجروحه في مستشفى الشهيد صلاح غندور في بنت جبيل في جنوب لبنان.

في مخيم البص للاجئين الفلسطينيين في مدينة صور (85 كلم جنوب بيروت) شيع الالاف الشاب محمود محمد سالم (17 عاما). وسط هتافات "لا اله الا الله. الشهيد حبيب الله". و"يا شهيد ارتاح. ارتاح. نحن نواصل الكفاح".
وسار المشيعون من داخل المخيم الى جبانة صور حيث ووري الثرى وسط زغاريد النساء وبكائهن و نثر الارز والورد.
في المخيم لا تزال اللافتات الخاصة "بمسيرة العودة الى فلسطين" معلقة. وفي مقدمة موكب التشييع رفعت جنبا الى جنب اعلام حركتي حماس وفتح والاعلام الفلسطينية.

في مخيم البرج الشمالي تم تشييع الشاب محمد سمير الصالح (16 عاما). وقال فرج جمال وهو صيدلي في الخمسين من عمره انه شارك في المسيرة الاحد مع افراد عائلته وان ابنه البالغ من العمر عشر سنوات فقط ركض حتى "الخط الفاصل وعاد ليخبرني. ففرحت معه ولم اؤنبه بل شجعته". واضاف "هذه المرة جاءت سلمية لكن المرة المقبلة ستكون بالسلاح".

في مخيم عين الحلوة اكبر مخيمات لبنان في مدينة صيدا المجاورة حيث تم تشييع ثلاثة قتلى هتف المشيعون "عالقدس رايحين شهدا بالملايين".
واقفلت كل المؤسسات التجارية والتربوية في المخيمات التي اعلن فيها الحداد. ورفعت لافتة كبيرة في مخيم عين الحلوة كتب عليها "فلسطين تستحق دماءنا. هنيئا لكم الشهادة".

وكان الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله توجه في بيان للفلسطينيين مؤكدا لهم ان عودتهم الى ارضهم اصبحت "اقرب الى الانجاز من اي وقت مضى" محييا "شجاعة وبسالة الذين تظاهروا الاحد على الحدود اللبنانية والسورية مع فلسطين".واكد السيد نصرالله المضي "سويا في طريق المقاومة لنكمل درب الانتصارات ولنحرر كل ارضنا ومقدساتنا".

الانروا تشجب

ووزع في بيروت بيان صادر عن وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) شجب فيها مفوض الاونروا فيليبو غراندي ما حدث الاحد. وقال غراندي "انني اشجب عمليات القتل التي طالت اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ومرتفعات الجولان المحتلة والاراضي الفلسطينية المحتلة".
واضاف "ان هذه الاحداث المؤسفة تبين مرة اخرى هشاشة الوضع الذي يعيشه اللاجئون الفلسطينيون الذين نقوم على خدمتهم كما انها تشدد على ضرورة الحاجة للتوصل الى حل عادل ودائم مستند الى قرارات الامم المتحدة لمحنة شعب عانى من غياب الدولة ومن النفي والطرد طيلة ثلاثة وستين عاما".وعبر عن خشيته من ان "الفشل في ذلك لن يؤدي الا الى مزيد من عدم الاستقرار والمزيد من الخسائر في الأرواح".