ذكرى النكبة 63: "بشاير" تدقّ ناقوس الانتفاضة الثالثة

ربما شكلت الفعاليات الفلسطينية المختلفة لإحياء ذكرى النكبة أمس منعطفا جديدا عند غالبية الفلسطينيين بعد أن حملت في طياتها "بشاير" جديدة لم تكن موجودة خلال السنوات الاربع الأخيرة. أولاها "بشرى" زحف اللاجئين ودخولهم إسرائيل كما حصل في مجدل شمس، او لامست أقدامهم أطراف فلسطين، ودفعوا مزيدا من الدماء على مذبح الحرية مثلما حصل في مارون الرأس، أو اقتربوا إلى حدود قطاع غزة قادمين من مصر أو إلى معبر الكرامة مقبلين من الأردن، وليس آخرها بشرى "سقوط أوسلو" وبشرى "الوحدة الفلسطينية" وبشرى "شباب الثورة القادم"، ومنها أيضا بشرى رياح الثورات العربية التي حملت بذورها إلى الداخل الفلسطيني ليتم إعادة رسم مشهد الانتفاضة الأولى.
فأبرز ما جاء خلال احياء ذكرى النكبة لهذا العام هو الزحف الفلسطيني من كافة مناطق اللجوء يساندهم أشقاء عرب من جنسيات لبنانية وسورية وأردنية ومصرية، هذا المشهد حمل معه "بشارة جديدة" للفلسطينيين هنا، بعد أن كسر اللاجئون الحواجز العربية والتي يضعها الاحتلال قبل حدود فلسطين المحتلة.
ويقول القيادي الفلسطيني في لجنة إحياء ذكرى النكبة عمر عساف، لـ"السفير": "كثيرة هي البشائر الجديدة التي نشهدها ونحن نحيي ذكرى النكبة، لعل أهمها هو الزحف من لبنان وسوريا والأردن ومصر، هذا مشهد لم نعتد عليه، إنه يبعث فينا أملا جديدا ويؤكد عزم شعبنا أينما وجد، على أننا عائدون". وأضاف "فمن كان يتوقع أن يصل فلسطيني لاجئ طرد من أرضه بقوة السلاح قبل سنوات إلى أقرب مكان إلى فلسطين، عند الجولان السوري المحتل، ليس بعيدا عن طبريا وعكا وحيفا، يتحسس ترابا محتلا، اغتصبته قوة السلاح. لقد حفزنا هذا، وقد شهدنا رد الفعل على الأرض، فالآلاف انضموا للتظاهرات التي اقيمت لإحياء ذكرى النكبة ليؤكدوا جميعا شعار: شعب واحد وهدف واحد".
ويرى عساف أن تزامن ذكرى النكبة مع "ربيع الثورات العربية" يرد إلى النفوس اعتبارا فقد منذ حزيران 1967، ويقول" نعم الثورات التي ازاحت الانظمة العفنة، ترد اعتبارنا منذ هزمنا في العام 1967، فاليوم وأخيرا قالت الشعوب العربية كلمتها ورفضت كل الإملاءات". ولم يستبعد عساف أن يكون مشهد الأمس "بداية الانتفاضة الشاملة".
ويقول القيادي الفلسطيني "كما أن ما حصل أمس يؤكد لفريق أوسلو أن خيارهم قد سقط، ولا خيار سوى انتفاضة سلمية شعبية من فلسطين إلى الجولان والقاهرة وبيروت ومجدل شمس، ودمشق وعمان". أضاف "كل هذه بشاير خير".
ويبدو أن تلك الأغنية الفلسطينية التي قالت فيها فرقة العاشقين "هبت النار بشاير بشاير وهالشعب واحد مش عيل وعشاير" أتت ثمارها أخيرا. فالتظاهرات أمس تميزت بأنها شهدت الوحدة الكاملة خلف العلم الفلسطيني، حيث أكد شهود عيان في غزة أن المسيرات التي خرجت هناك حملت فقط الأعلام الفلسطينية، الأمر ذاته تكرر في الضفة الغربية. وبرأي الشابة لمى عبد الله، فإن هذا المشهد يدل على أن الوحدة بعد الانقسام الذي انتهى أخيرا في الأراضي الفلسطينية أتت بثمارها على الأرض، "ولم نشاهد رايات عديدة ومختلفة، خضراء وصفراء وحمراء، لقد شاهدنا فقط الأعلام الفلسطينية، هذا يؤكد أننا بدأنا نعود للوحدة، بعد أن تشرذمنا سنوات". وتقول عبد الله إن ذكرى النكبة هذا العام "تحمل معها رياحا معنوية قادمة من المحيط العربي، حفزتنا على الوحدة، وستحفزنا على مزيد من النضال السلمي حتى انهاء الاحتلال".
هذا الأمر ذاته أكده أيضا الشاب الحارث ريان الذي شارك هو الآخر في الفعاليات لإحياء ذكرى النكبة. وأحد الناشطين في حراك "15 آذار" الذي وقف خلف تظاهرات لإنهاء الانقسام الفلسطيني. ريان يعتبر أن العام الحالي مختلف لأن "معنويات الشعب الفلسطيني أعلى بكثير عن سابق الأعوام، فالثورات العربية السلمية غيرت الكثير وهو ما انعكس ايجابا على الفلسطينيين". ويضيف ريان "اعتقد ان الغيرة اجتاحت شباب فلسطين بعد ما حصل في مصر وتونس، وما يحصل في بقية الدول العربية. لا نعلم ما الذي سيحصل مستقبلا، لكن أقول لك إن هذه هي البداية فقط، وما حصل اليوم وحصل أمس يخلق وعيا لدى الفلسطيني، ويؤدي إلى مجموعة تراكمات ستؤدي في المحصلة إلى انتفاضة سلمية".
وأكد حارث أن الثورات العربية وانهاء الانقسام والزحف الفلسطيني من الخارج كلها عوامل تقود نحو نتيجة واحدة "الشعب يريد انهاء الاحتلال"، مشيرا إلى ان مجموعات الشباب الفلسطيني العازمة على الذهاب نحو انتفاضة سلمية "لن تبارح اماكنها وسترابط على الحواجز حتى تزال هي ومن عليها".
وقد شهدت شبكات التواصل الاجتماعي تفاعلا كبيرا بعد أحداث الأمس. ونشرت عشرات التعليقات من الشباب الفلسطيني مفادها "شباب فلسطين قادمون" وهو ما حمل بشرى أخرى برأي العديدين هنا، بعد "فقدان الأمل" من شباب الـ"فيسبوك". وتقول الشابة زينة حجلة لـ"السفير": "اليوم كان الشباب وكبار السن والاطفال والنساء، كلهم يتحدون المحتل، ويكسرون حواجز كثيرة، وغدا سيزحف الكل إلى ارضنا السليبة، بسلم وهدوء وتضحيات حتى نستعيد كل شيء، ونحن الشباب سنكون في المقدمة".