ما هي الترتيبات التي يمكن أن تسبق الحرب على إيران؟!

طهران - سواء نشبت حرب في الشرق الأوسط مركزها إيران، وأطرافها المجتمع الدولي- حسب ما تستطيع الولايات المتحدة أن تحشد من أعضائه- وإيران وعدد من حلفائها، أبرزهم سورية وحركة حماس وحزب الله اللبناني، أو لم تنشب هذه الحرب؛ فقد اتضح أمر التحالف الأخير، ولم يعد أحد يحتاج إلى التدليل عليه بمؤشرات وتصريحات من أطراف هذا التحالف الذي تم التخطيط له عبر عشرات السنوات.

ومن المهم جداً في مثل هذه الظروف رصد الإشارات الواضحة من أطراف التحالف الإيراني التي ظهرت خلال تصريحات أدلى بها مسؤولون كبار فيه، خلال هذا الأسبوع، ومن المحاولات التي تقوم بها الولايات المتحدة لإجهاض هذا التحالف وتمزيقه من الأطراف.

ومن أبرز الإشارات التي صدرت عن أطراف هذا التحالف، ما أعلنه فتحي حماد- وزير داخلية حكومة حماس- من أن الإنجازات التي حققتها الشرطة المقالة وحركة حماس في غزة، هي مقدمة لمشروع إسلامي كبير سوف يمتد إلى بقية أرجاء المنطقة. مؤكداً على ضرورة تطوير الأداء الشرَطي مهاجماً حركة فتح وحكومة السلطة الوطنية الفلسطينية بأنهما تحاولان التأثير سلباً على الحكم في غزة. فقد اتهم حماد قيادات رام الله ببث الشائعات وروح الفرقة، مهدداً إياهم بأن عليهم التنبه لمواقع أقدامهم.

وكان حسن أبو حشيش رئيس المكتب الإعلامى لحكومة حماس، قد انتقد وسائل إعلامٍ، قال إنها تابعة لحركة فتح، ولبعض الشخصيات والهيئات الفلسطينية؛ بسبب ما أسماه حرب شائعات، ودعاية سوداء ضد حكومة غزة، وضد بعض نواب البرلمان الفلسطيني وقيادات المقاومة.

أما لبنان الذي حقق اقتصاده نموا بلغت نسبته 9% خلال العام الماضي؛ فتسوده أجواء قلقة بسبب تخوفات اللبنانيين من امتداد الحرب- المتوقعة على إيران- إلى لبنان. لأنها حسب محللين سياسيين وخبراء استراتيجيين، يمكن أن تتحول إلى حرب بالوكالة بين الولايات المتحدة وبين إيران، على الجبهة اللبنانية، من خلال إسرائيل وحزب الله الذي تزيد إيران من قدراته الحربية بتزويده بأحدث الأسلحة. ومن بينها صواريخ إيرانية الصنع يمكنها أن تصل تل أبيب.

فقد سبق للشيخ حسن نصر الله، أمين عام حزب الله أن توعد إسرائيل بأن حزبه يستطيع أن يطال المدن الإسرائيلية الكبرى، ومن بينها تل أبيب، في الزمان والمكان اللذين يختارهما. ومن جانبه رد أفيجدور ليبرمان وزير الدفاع الإسرائيلى على تهديد حزب الله، بأن إسرائيل يمكنها أن تستغل الحرب التالية للإطاحة بالنظام السوري.

وبالرغم من جميع التهديدات العسكرية هنا وهناك، مازال كلا الطرفين- حزب الله وإسرائيل- يتوخيان الحذر لأقصى درجة. فلم تحدث غارات إسرائيلية لاختراق الحدود مثلا. وفي المقابل لم يطلق حزب الله صواريخه.. لكن هذا التوازن الضعيف يمكن أن يختل بسهولة؛ إذا هاجمت إسرائيل منشآت إيران النووية. ساعتئذ سيعاود حزب الله الحرب على الحدود الشمالية لإسرائيل.

ويقول محللون استراتيجيون إنه إذا فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات قاسية على إيران، كما تريد إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما، فإن ذلك يمكن أن يؤدي الى قيام الحرب أيضاً. خصوصا أن إيران سوف تضطر إلى دفع حزب الله الى شن حرب لمجرد توريط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في أزمة ترفع من حدة التوتر في المنطقة؛ مما يرفع بدوره من فاتورة الصراع الإقليمي الذي تخوضه إيران ضد عدد من دول المنطقة المتحالفة مع الولايات المتحدة، وضد أمريكا نفسها.

يقول جيمس جونز مستشار أوباما للأمن القومي؛ معلقاً على الوضع العام في المنطقة، إنه "عندما يشعر نظام ما بالضغط.. فإنه في الغالب يهاجم من خلال من ينوب عنه. وهو في حالة إيران؛ حزب الله في لبنان.. بسبب الضغط الذي يمارَس على النظام في طهران حول برنامجها النووي، فإن هناك خطرا متزايداً من حدوث هجمات جديدة ضد إسرائيل".

وقد ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية في دعم الحكومة اللبنانية، وبعض القوى السياسية في لبنان لتحجيم حزب الله، بتزويد الجيش اللبناني بالمساعدات العسكرية، وتقديم عرض لسورية باستعداد الولايات المتحدة لإقامة علاقات معها. وهو العرض الذي بدأ بإرسال سفير أمريكي إلى دمشق العام الماضي للمرة الأولى منذ اغتيال رفيق الحريرى رئيس الوزراء اللبناني. وبرغم هذه الخطوة الكبيرة، فلم تقدم سورية الكثير في المقابل، على طريق تدعيم علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية حتى الآن.

ويحاول تيار المستقبل المدعوم من عدة دول من بينها السعودية ومصر والأردن والولايات المتحدة، أن يقدم خدمات أساسية في لبنان كالتعليم والكهرباء، ضمن عملية لإعادة تأهيل لبنان ليصبح نموذجاً لدولة متقدمة. وهو ما تحاول هذه الدول أن تدعمه من خلال سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني الآن.

أما مصر، فتحاول جاهدة أن تلم أطراف النزاع ما بين السلطة الفلسطينية وبين حركة حماس؛ حتى يمكنها الحد من فاعلية حماس كذراع إيرانية في بعض الأحيان. هذا بالرغم من أن مصر تهتم بطبيعة الأحوال بتصحيح الأوضاع على حدودها الشمالية التي شهدت توتراً خلال العقد الماضي.

وما يجعل وجود ترتيبات إيرانية يمكنها أن تشكل عرقلة لما قد تخطط له الولايات المتحدة من شن حرب على إيران، تلك التحذيرات الشديدة التي أطلقها اللواء عطاء الله صالحي قائد الجيش الإيرانى، ونشرتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية. حذّر فيها من توابع الهجوم على إيران، أو أيٍّ من جيرانها المسلمين. قائلا إن إجراءات طهران لن تقتصر على الطابع الدفاعي. وقال صالحي إن "إجراءات إيران لن تنحصر في الدفاع أمام أي عدوان، وستلحق الندم بكل من تسوّل له نفسه الاعتداء عليها".

وأشار صالحي، الذي كان يتحدث خلال حفل تخريج عدد من الطلبة في الكلية العسكرية، إلى الأوامر التي أصدرها المرشد الأعلى علي خامنئي، حال مهاجمة أمريكا عدة دول مجاورة لإيران. مؤكدا أنه أصدر أوامره بدراسة أبعاد هذه العمليات العسكرية. وأكد صالحي استعداد القوات المسلحة في الوقت الراهن لمواجهة أي عدوان أجنبي محتمل ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ نظرا لقوتها الرادعة. ومشددا على أن خامنئي أمر هذه القوات بدراسة مختلف أبعاد الاعتداءات؛ من أجل مواجهة العدوان الأجنبي المحتمل.

وقال المسؤول الإيراني "إن إيران ترى أن الدول المجاورة، لن تشكل أي تهديد لها أبدا. ولذا، فإنها سترد الصاع صاعين للمعتدين الأجانب فقط، وتحذرهم من مغبة التعرض لها ولجيرانها. حيث إن الدفاع عن المسلمين يشكل المبدأ الرئيسي للنظام الإسلامي في إيران".

وأضاف صالحي "إن الأعداء باتوا يدركون حقيقة أن إيران بلغت مرحلةَ ليس الدفاع فحسب، بل إنها سوف تحقق النصر أيضا. وهذا ما يعرفه الأعداء الذين شعروا بأن المبادئ الإسلامية جعلت بلوغ الشعب الإيراني هذه المرحلة من التطور".