نصر اللّه: إسقاط الأسد مصلحة أميركيّة وإسرائيليّة

ردّ السيّد حسن نصر الله على خطابَي باراك أوباما وبنيامين نتنياهو، مبيّناً أن اتهام الرئيس الأميركي لحزب الله بالاغتيالات يؤكد «ما كنا نقوله من أن المحكمة أميركية». وأكّد الحرص على النظام والجيش والشعب في سوريا، ناصحاً اللبنانيين في الشأن الحكومي بأن «لا يكرهوا شيئاً وهو خير لهم»

في الذكرى الحادية عشرة لانتصار 25 أيار، أكد الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله أن انتصار المقاومة هو ثمرة تراكم كل التضحيات منذ 1948 الى اليوم، معرباً عن حرصه على أن يكون عيداً وطنياً بامتياز وقومياً بامتياز».

وتوقّف نصر الله عند رمزية إحياء الاحتفال في البقاع وتحديداً في بلدة النبي شيت «في جوار أستاذنا وقائدنا وسيّد شهدائنا السيد عباس الموسوي» تأكيداً لـ«شراكة البقاع وأهل البقاع في تحرير الجنوب والبقاع الغربي». وشدّد على أنّ ما حصل في 25 أيار غيّر وجهي لبنان والمنطقة.
ورأى نصر الله أنّ أحداث المنطقة ومجريات العقود الثلاثة الماضية أثبتت أن «الخيار الصحيح والواقعي (...) والمحقق للأهداف هو المقاومة الشعبية المسلّحة، أمّا خيار المفاوضات فعبثيّ وغير واقعيّ ويوصل الى التسوّل والذلّ والهوان»، موضحاً أن «انتظار اللبنانيين الإجماع الوطني والعربي والتحرك الدولي لتحرير أرضهم كان سيبقيها محتلة وكانت اسرائيل قد أكملت احتلال لبنان وشيّدت المستعمرات على أراضي جنوبي الليطاني بالحد الأدنى، ولكان لبنان يشكّل إسرائيل ثانية في المنطقة ولكان ملايين اللبنانيين مهجرين خارج وطنهم».
وشدد نصر الله على أنّ «المقاومة أسقطت كل هذه النتائج المحتملة وأعادت لنا أرضنا وكرامتنا بلا قيود ولا شروط... والأهمّ أنّ إسرائيل لم تعد بعين العرب دولة لا تهزم، وبات التساؤل جدياً حول إمكانية بقائها في الوجود». ولاحظ نصر الله الخوف في عيني رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حين كان يتحدث قبل يومين في الكونغرس عن صواريخ «حزب الله» و«حماس»، متّكلاً على معلومات قديمة ترى أنّ عدد صواريخ حزب الله 12 ألف فقط.
وسأل الأمين العام لحزب الله عمّا تركه الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بعد خطابيهما الأخيرين للسلطة الفلسطينية وللفلسطينيين والفصائل، مؤكداً أنّ أوباما جدّد التزامه أمن إسرائيل وتفوّقها على دول المنطقة، وهو دفع علاقات التعاون الأميركي ـــــ الاسرائيلي الى مستوى غير مسبوق، وأعلن رفضه لدولة فلسطينية من جانب واحد ورفض المصالحة بين «فتح» و«حماس»، وتحدث عن دولة فلسطينية منزوعة السلاح وتكلم عن دولة بحدود 1967. ورغم كل ذلك، سارع إلى التراجع بعد يومين فقط. أمّا التصفيق لكلام نتنياهو في الكونغرس فدلّ على إجماع الحزبين الديموقراطي والجمهوري على أن تكون القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وأن يُبحث عن حلّ للاجئين خارج الحدود.
وبرأي السيّد، وجّه أوباما ونتنياهو ضربة قاضية ونهائية لما يسمى المبادرة العربية للسلام، و«قد آن أوان سحب هذه المبادرة عن الطاولة»، لينتهي نصر الله من هذا الموضوع بالتأكيد أنه «ليس أمام الفلسطينيين سوى المقاومة لصنع التحرير»، داعياً إياهم الى الاجتماع والتلاقي على هذا الخيار، آملاً «احتضان الأمّة كلها لخيار المقاومة لأنّ ما يجري يهدّد الأمّة كلّها».
بالانتقال إلى الثورات العربية، نفى نصر الله وجود مقاتلين من حزب الله في سوريا أو ليبيا أو إيران، رداً على شائعات تناقلتها بعض وسائل الإعلام وبعض مواقع الإنترنت، خصوصاً في لبنان. وقال إن «التدخّل العسكري في أيّ بلد من البلدان العربية ليس مسؤوليتنا، لكن إذا ذهبنا في أحد الأيام إلى أي ساحة قتال نملك الجرأة لنقول في أي ساحة نقاتل ونستشهد». ونفى نصر الله جملة وتفصيلاً ما أوردته قناة العربية ثم الموقع الرسمي للقوات اللبنانية عن دور لحزب الله في سوريا، دفاعاً عن النظام. لافتاً إلى نفي مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله الخبر على قناة العربية التي ذكرت النفي مرة واحدة وبقي الخبر الملفّق أربعاً وعشرين ساعة على هذه الفضائية.
ورداً على إهانة نتنياهو الشعوب العربية، قال نصر الله: «نحن في لبنان أحرار هذا العالم، وصنعنا حريّتنا بالدم، وانتصرنا على سيفك وسيف الأميركيين». وحذّر الأمين العام لحزب الله الشعوب الثائرة من السياسات الأميركية ومن أن تلجئهم الأحداث والحاجات إلى إلقاء أنفسهم بأحضان الأميركي.
وشرح نصر الله أنّ موقف الحزب من أي ساحة عربية أو ثورة عربية أو تحرك شعبي يكون من زاويتين: الأولى، موقف هذا النظام العربي من مسألة الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي. والثانية، هي عدم وجود أي أفق وأمل في الإصلاح على المستوى الداخلي. عندما يكون النظام مقفلاً لكل الأبواب والنوافذ، حتى ثغر صغيرة، لإجراء إصلاحات لمصلحة شعوب هذه البلدان.
انطلاقاً من هاتين الحيثيتين، يتابع نصر الله، «نتّخذ موقفنا، نحن معاييرنا واضحة، مكيالنا واضح، لا نكيل بمكيالين، وليست لنا معايير متفاوتة».
وفي ما يخصّ الوضع السوري، قال نصر الله إنّ «موقفنا من سوريا ينطلق من عدة عناصر: أولاً، إننا في لبنان نملك تقديراً عالياً لسوريا وللشعب السوري المقاوم الذي تحمّل تبعات الموقف القومي للقيادة السورية، وقد منعت سوريا التقسيم في لبنان وأوقفت الحرب الأهلية وساندت لبنان ودعمت مقاومته. ونحن عندما نقلق على سوريا نقلق على النظام والشعب. ثانياً، موقف سوريا من القضية الفلسطينية وصمودها أمام التهويل. وثالثاً، موقف سوريا من مشروع الشرق الأوسط الكبير. وبالتالي، يتابع نصر الله، نحن أمام بلد ممانع، قيادته وجيشه وشعبه، والقيادة السورية مقتنعة بلزوم الإصلاح ومحاربة الفساد».
ووفق نصر الله، فإنّ الرئيس السوري بشار الأسد «مؤمن بالإصلاح ومستعدّ للذهاب الى خطوات إصلاحية كبيرة جداً بالهدوء والتأني والمسؤولية». والنظام السوري، بحسب نصر الله، «ليس مقفلاً كالنظام البحريني والنظام المصري السابق. وكل المعطيات تؤكّد أنّ أغلبية الشعب السوري ما زالت تؤمن بالنظام وتؤيد خطواته الإصلاحية»، مشيراً إلى أنّ «إسقاط النظام السوريّ يمثل مصلحة أميركية وإسرائيلية، ومن العناصر المكوّنة لموقفنا انعكاس ما يجري في سوريا على لبنان والمنطقة ككل». من هنا، يتابع نصر الله، «بصفتنا لبنانيين عموماً وحركة مقاومة في مواجهة اسرائيل، نحرص على أمن سوريا واستقرارها، وندعو السوريين الى الحفاظ على بلدهم ونظامهم الممانع، وأن يعطوا الفرصة للإصلاح»، رافضاً العقوبات على سوريا التي مثّلت أحد أهداف زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان الى لبنان.
وشكر الأمين العام لحزب الله الرئيس الاميركي باراك أوباما على اتهامه الحزب بالاغتيال السياسي وإرسال السيارات المفخخة، مؤكداً بذلك «ما كنا نقوله من أن المحكمة الدولية أميركية». وذكر أن «الاستخبارات الأميركية هي التي وضعت سيارة مفخخة في بئر العبد لاغتيال السيّد محمد حسين فضل الله، ما أدى الى استشهاد مئة مواطن بينهم اطفال ونساء».
أما في الموضوع الحكومي، فأوصى نصر الله اللبنانيين «ألّا يكرهوا شيئاً وهو خير لهم». ورأى أن «الحزب يؤمن بوجوب تأليف الحكومة في أسرع وقت»، واعداً بمواصلة بذل الجهد عبر «الخليلين والأخلاء»، ومؤكداً أن «الرهان على حكومة تكنوقراط ساقط لأنه رهان أميركي ورهان تيار المستقبل، في بلد سياسيّ للعظم»، ومعلناً دعم مبادرة الرئيس نبيه بري في تفعيل المجلس النيابي.
أخيراً، تطرّق نصر الله إلى عمل المقاومة التي ستستمر دون خوف من أوباما ونتنياهو والأساطيل، واعداً بأن «الصواريخ ستبقى فعالة في حماية لبنان حاضرة في معادلة المنطقة، لا ينتزعها أحد في لبنان ولا في العالم». وقد «ازدادت قناعتنا بعد ما جرى في مجدل شمس ومارون الراس، بأن إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت». وأوضح أنّ مشهد الشباب المتحمس والمندفع ذكّره بقول الإمام الخميني: «لو قام كل مسلم وألقى دلواً من الماء على اسرائيل لجرفتها السيول». وبالتالي، يستخلص السيّد: «نحن أقرب ما نكون الى الانتصار، ولن يؤدي الهجوم الأميركي ـــــ الإسرائيلي المضاد الى نتيجة».

الجميّل والمشنوق ينتقدان

في المقابل، أكّد الرئيس أمين الجميّل أنّ «كلام نصر الله بشأن الأزمة الحكومية هروب من المسؤولية. أمّا تفعيل المجلس النيابي فهرطقة جديدة تتجاوز الدستور اللبناني ومبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية». أما عضو كتلة المستقبل النائب نهاد المشنوق فلفت إلى افتخاره بالتحرير الذي حصل عام 2000 واعتزازه بإنجازات المقاومة في أيام مثلت نموذجاً للعمل الوطني. لكن اليوم، يتابع المشنوق، «بات اللبنانيون منقسمين بعد استعمال السلاح في الداخل. ولم يعد باستطاعة اللبنانيين تحمّل هذا السلاح بعد تحوّله أداة ضغط على النظام».