باريس: طلب الروس تعديلات يحول دون تهديدهم باستخدام الفيتو

لا تبدي الخارجية الفرنسية كبير قلق إزاء مصير مشروع القرار الدولي ضد سوريا. وغداة بدء المشاورات على مشروع القرار بين خبراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي قبل رفعه إلى السفراء للتصويت عليه في جلسة تنعقد غدا أو بعد غد، لم يغير شيئا كثيرا في سير المشاورات، إعلان الخارجية الروسية عزمها استخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي قرار يستهدف سوريا لأننا «لا نؤيد أكثر ما جاء في القرار، وإذا ما طرح على التصويت فسنقف ضده».
وخفف مصدر دبلوماسي فرنسي من أهمية التهديد الروسي باستخدام حق الفيتو ضد مشروع القرار الذي تقدمت به فرنسا وبريطانيا وألمانيا والبرتغال. وقال المصدر الفرنسي «إن الموقف الروسي من سوريا لا يعبر عنه وزير الخارجية الروسي بل يتخذ من قبل الرئيس ديميتري ميدفيديف، وهو لا يزال يلتزم الصمت».
ولا عودة عن طرح القرار للتصويت، كائنا ما كانت النتائج. وقال المصدر الفرنسي إن العدد الحقيقي لمؤيدي القرار في مجلس الأمن لا يتجاوز أكثرية التسعة الضرورية لتمريره، في تصويب لما قاله الوزير آلان جوبيه قبل يومين، من ضمان حصول القرار على 11 صوتا إذا ما طرح على مجلس الأمن.
وبحسب توقعات الخارجية الفرنسية فانه من المنتظر أن يحصل القرار ضد سوريا على تأييد تسع دول أعضاء هي: فرنسا، والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا والبرتغال والبوسنة والغابون ونيجيريا وكولومبيا. وتجري اتصالات حثيثة مع البرازيل وجنوب أفريقيا التي لا تبدي ممانعة كبيرة لتأييد مشروع القرار «إذا ما قمنا بتعديل جملة من هنا أو عبارة من هناك، لمساعدة الدبلوماسيين من هذه الدول على تقديم تأييدهم للقرار كانتصار لبلدانهم التي تستطيع في الجلسات التحضيرية، فرض تعديلات على الصيغة التي طرحتها الدول الغربية، وهم طلبوا تعديلات وافقنا عليها».
وقال المصدر إنه من المهم الحصول على صوتي هذين البلدين، لأن التصويت على القرار بتسعة أصوات فقط سيوهن شرعية القرار، رغم انه لا غبار على قانونيته. لكن قرارا بهذه الأهمية يحتاج إلى شرعية واسعة لا يمكن نقضها، ولا بد من الحصول على تأييد بلدين أساسيين في أميركا اللاتينية والقارة الأفريقية.
وقال المصدر إن الهند قد أبلغتنا أنها ستصوت ضد القرار، بالإضافة إلى لبنان. وهكذا باتت التسويات على النص مفتوحة، ولكن المهم هو التوصل إلى إدانة السلطات السورية في مجلس الأمن، ما يشكل رسالة قوية من الأسرة الدولية إلى الرئيس السوري بشار الأسد «في وقت يتجه فيه الجيش السوري إلى عملية دامية في جسر الشغور، وهو أمر يساعد في الساعات المقبلة على تمرير القرار».
«وعلى العكس مما يروج له الروس، لا يتضمن مشروع القرار أي عقوبات على سوريا أو أي إشارة إلى أي عمل عسكري محتمل ضدها أو أي تهديد باللجوء إليه، وهو أمر مستبعد كليا» كما قال المصدر الفرنسي. ويقتصر مشروع القرار على نص يدين لجوء السلطات السورية إلى استخدام العنف ضد المتظاهرين، ومطالبة السلطات السورية بوقفه، وفتح طرق المساعدات الإنسانية إلى المدن التي يحاصرها الجيش، والتعاون مع لجنة تحقيق أممية في اختراقات محتملة لحقوق الإنسان، وحظر بيع الأسلحة لسوريا.
ورغم الإعلان الصيني «إنه لا حاجة لأي قرار من مجلس الأمن» إلا أن الدبلوماسي الفرنسي لا يفسر ذلك استعدادا لاستخدام الفيتو، ولن يذهب الصينيون في اعتراضهم على القرار إلى أكثر من الامتناع على التصويت.
واعترف المصدر الفرنسي بأنه لا توجد ضمانات حول استخدام الروس حق «الفيتو»، لكن مشاركتهم في المشاورات حول النص، وطلبهم تعديلات، يعدان بتغيير محتمل في موقفهم الذي قد يكون الامتناع عن التصويت. إلا أن احتمال استخدامهم الفيتو «لن يثنينا بأي حال عن طرح مشروع القرار في الساعات المقبلة، وليتصرفوا كما يشاؤون».
وتراهن المجموعة الأوروبية على تراجع في الموقف الروسي في اللحظات الأخيرة، خوفا من العزلة و«إذا ما استخدموا حق الفيتو ضد القرار فعليهم أن يتحملوا مسوؤلياتهم أمام الشعب السوري والعالم». وليس في ذلك الموقف أي ابتزاز، لكن لا بد من طرح مشروع القرار لتتضح المواقف والمسؤوليات.
أما ماذا يلي القرار؟ «إذا لم نحصل على إصلاحات داخلية أو إشارات للقيام بها، فسنقوم بخطوات أخرى داخل الاتحاد الأوروبي».
ومن المتوقع أن يعزز قرار في مجلس الأمن يدين السلطات السورية جهود الاتحاد الأوروبي لفرض المزيد من العقوبات، ليس فقط على المسؤولين السوريين وإنما على قطاع مهم من المصارف والشركات والمرافئ السورية. وقال المصدر إن ما نطالب به الأسد هو أن يقوم بتنفيذ الإصلاحات التي وعد هو بها في الخطابات والمداخلات التي قام بها منذ بداية الاحتجاجات لا أكثر.