الحوار البحريني ينطلق اليوم بمشاركة «الوفاق»... وقمع الشرطة

حسمت جمعية «الوفاق» البحرينية، كبرى جمعيات المعارضة، موقفها من الحوار الوطني الذي ينطلق اليوم، معلنة المشاركة رغم التحفظات العديدة التي أعلنتها حول آلية الحوار وطبيعته، بعدما قال رجل الدين الشيعي البارز عيسى قاسم إن على الجمعية «إذا اختارت أن تدخل الحوار ضاغطة على نفسها شاعرة بالظلم والتهميش، أن لا تدخل إلا لإنجاح الحوار»، أي «تلبية طموحات الشعب». وتأتي هذه التصريحات في ظل حراك شعبي للشارع البحريني، الذي يطلق يوميا تظاهرات رافضة للحوار ومطالبة بالتغيير، واجهتها الشرطة مجددا بالغاز والرصاص المطاطي.
وقال الأمين العام لجمعية «الوفاق» الشيخ علي سلمان خلال تجمع جماهيري في قرية الدراز، إن مندوبين عن الجمعية سينضمون إلى طاولة الحوار التي تفتتح اليوم وتبدأ أعمالها الإثنين المقبل، مؤكدا أنهم سيلتزمون بمطالب تخفيف سلطات الملكية، ومنح المزيد من الحقوق للغالبية الشيعية.
ونقلت صحيفة «الوسط» البحرينية عن مصادر مقربة من جمعية «الوفاق» إشارتها إلى وجود وجهتي نظر داخل الجمعية بين مؤيد للمشاركة في الحوار ومعارض له. ويستند الفريق الرافض لمشاركة «الوفاق» إلى أن الجمعية لم تتلقَّ الرد على 40 سؤالاً وجهتها بشأن آلية القرار والتمثيل الشعبي، فضلاً عن اعتبارها أن التمثيل الشعبي ليس له اعتبار في اختيار المشاركين.


ولفتت المصادر إلى أن «الجمعية تمثل 64 في المئة من أصوات الناخبين الذين صوّتوا للنواب الفائزين في مجلس نواب العام 2010، كما أن الأصوات الانتخابية التي حصل عليها نواب الوفاق الـ 18 في انتخابات العام 2010 تمثل نحو 57 في المئة من مجمل الكتلة الانتخابية، وتمثيلها في الحوار بهذه الطريقة لا يعبر عن الامتداد الشعبي لها وللمعارضة ككل». ونبّهت المصادر إلى أن «الجمعية ترى أن هناك جهات مهمة مغيبة عن طاولة الحوار بسبب الاعتقال فضلاً عن الأجواء التي لم تُهيأ بعد لحوار جاد، على رغم أن الجمعية تؤكد ترحيبها بمبدأ الحوار وقبولها به ولكن وفق آليات عادلة وصورة واضحة».
من جهته، قال قاسم خلال خطبة الجمعة في الدراز أيضا، قبيل إعلان الجمعية مشاركتها، إن «الوفاق قد تدخل الحوار، وهي لو اختارته فليس ذلك بغير حكمة كما ليس بغفلة عن واجبها الوطني والديني». لكنه استطرد قائلا «على الوفاق إذا اختارت أن تدخل الحوار ضاغطة على نفسها شاعرة بالظلم والتهميش أن لا تدخل إلا لإنجاح الحوار».
وقدم قاسم تفسيره لمعنى قوله «إنجاح الحوار» بأن ذلك يعني «تلبية طموحات الشعب وأن لا تداهن أحداً أو تجامله بل تكون الواضحة المنتصرة لحقوق الشعب وقضاياه» على حد تعبيره. في سياق آخر، أعطى قاسم موقفاً إيجابياً من لجنة التحقيق التي شكلها الملك بقرار يوم أول من أمس معتبرا أنها «خطوة إيجابية إذا كانت مستقلة كما وصفت». لكنه قال إن «الحكم عليها يكون بجديتها وعملها ونتائجها بإنصاف المظلومين والمتضررين وعقاب المتسببين». وأوضح أن «مصداقية لجنة تقصي الحقائق مرتبطة بمقدمات التحقيق ونتائجها».
ورأى قاسم أن «الحوار يتطلب أجواء منتجة مفقودة لحد الآن وأن هناك مغيبين في السجون ممن يحتاجهم الحوار». كما جدد في هذا السياق موقفه السابق من أن «الطرفين الحقيقيين للحوار هما الحكومة والمعارضة التي تخالف الحكومة في الطرح وفي البعد الأساسي للحوار وهو البعد السياسي مثل الحكومة المنتخبة والمجلس المنتخب». وبشأن الحوار قال قاسم «كل النتائج التي يفضي إليها الحوار وإن توافقت عليها الأطراف واستكملت مراحل طريقها الرسمي لا يعدّ شيء منها ملزما للشعب». وأوضح بهذا الصدد «ما يتفق عليه الداخلون في الحوار هو رأيهم حتى يوافق عليه الشعب». وأضاف «لن ينقذ البلد من أزماته العاصفة إلا بسقف واضح ينال موافقة الشعب» معتبراً أن «حل قضايا معيشية من دون حل القضايا السياسية لن يحل المشكلة» وفق تعبيره.
ومن جهتها شددت جمعية «وعد» في مرئياتها التي رفعتها إلى رئاسة الحوار الوطني على رؤيتها في ضرورة إصلاح النظام الدستوري وتحديد دور مجلس الشورى في تقديم استشارات غير ملزمة، وفي نهاية المطاف الوصول إلى شراكة حقيقية في السلطة.
وأشارت إلى أنها ترى أن الأزمة القــائمة في البلاد في جوهرها ليست اقتصادية واجتــماعية، فحسب، بل هي سياسية دســتورية أولا، وأن هذا المحور هو مفتاح الحل الحقــيقي للأزمة الســياسية القائمة الآن. أما القضايا الاقتــصادية والاجتــماعية على أهميتها إلا أنها تتحول عادة إلى سياســـات وبرامج وخطــط تنفذها السلطة التنفيذية، مبدية مطالبتها بـ»دستور عقدي بين الشعب وجلالة الملك يضمن فصلاً كاملاً للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وصلاحيات واسعة لنواب الشعب في التشريع والرقابة».
ومن جانب مقارب، تمحورت مرئيات «المنبر التقدمي» المعارضة حول «الإصلاح السياسي والدستوري وملفات مهمة مثل إعادة رسم الدوائر الانتخابية وقانون الانتخابات مع حزمة من التعديلات على القوانين والتشريعات المتصلة خصوصاً بتوسيع نطاق الحريات العامة، من أجل دعم مسيرة الإصلاح مثل قوانين التجمعات والجمعيات السياسية ومكافحة الإرهاب، ومن اجل تشريعات عمالية فعالة تضمن حقوق الطبقة العاملة».
أما جمعية «التجمع القومي» المعارضة فأشارت إلى أن الحل يكمن في «وضع مجلس تأسيسي لوضع دستور للبلاد، وذكرنا كحد أدنى مبادئ ولي العهد بإدخال تعديلات على دستور العام 2002، ونحن نرى انه يجب ألا يكون رئيس الوزراء من العائلة وأن الحكومة يجب أن تحظى بثقة المجلس والجميع من الرئيس والوزراء يجوز طرح الثقة فيهم». ولفتت إلى أن «هناك السقف الأعلى وهو انتخاب الحكومة من قبل الحزب الأكبر، وقلنا إن مجلس النواب ينفرد بالتشريع، ويمكن أن تكون قراءتان، والقراءة الثالثة تكون لمجلس النواب يحسمها وحده».
وشهدت مناطق عديدة خلال الأيام الماضية تظاهرات معارضة بقيادة «ائتلاف شباب 14 فبراير»، قوبلت بقمع القوى الامنية رغم إعلان الملك حمد بن عيسى آل خليفة قبل يومين ضمانه لحق المتظاهرين سلميا. وتجمع مساء أول من أمس مئات البحرينيين في مناطق عديدة للتوجه إلى قرية جد حفص لإقامة اعتصام سموه «حق تقرير المصــير». لكن الــشرطة طوقت المكان وواجهت المتظاهرين بقنابل الغاز والرصاص المطاطي، كما اكد شهود عيان تعرض عدد من الشبان للاعتقال.
من جهته، قال رئيس لجنة التحقيق الدولية في الأحداث التي وقعت في البحرين خلال شهري شباط وآذار الماضيين، محمود شريف بسيوني إنه خلال لقائه الملك، وافق الأخير «على عودة الذين فصلوا من وظائفهم جراء الاحداث من الصحافيين والموظفين كما وافق على عودة المنح الدراسية للطلبة مبينا انه لمس في الملك الصدق في ارساء العدل في بلاده وبذل كل الجهود الممكنة لتطوير البحرين وتحقيق تطلعات ورغبات شعبه»، حسبما نقلت عنه وكالة «بنا» البحرينية للأنباء. وقال بسيوني إن «الملك لديه اصلاحات جديدة سيتم تنفيذها بناء على نتائج وتوصيات تقرير لجنة التحقيق الذي يتوقع ان يتم الاعلان عن نتائجه في تشرين الاول المقبل».
إلى ذلك، ذكر بيان صادر عن قصر الاليزيه أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي التقى ولي العهد البحريني سلمان بن حمد آل خليفة في باريس لبحث الاضطرابات في البحرين، ولم يتلق ولي العهد أي أسئلة من الصحافيين عند مغادرته الاليزيه.