السلطة الوطنية تبحث عن مخارج لورطة اعلان الدولة والتصويت عليها في الامم المتحدة

السلطة الفلسطينية تسلقت الشجرة ولا تعرف كيف تنزل عنها، كما انها لم تفكر جديا في اثار صعودها على شجرة اعلان الدولة الفلسطينية من خلال التصويت عليها في الامم المتحدة، حيث لا تجد مخرجا الا السقوط عن الشجرة.

هذه اراء بعض المراقبين ومن عملوا كمستشارين للسلطة الوطنية في السابق عن محاولة محمود عباس، رئيس السلطة الوطنية الحصول على اعتراف 'رمزي' من الجمعية العامة بالدولة الفلسطينية.

ويرى تحقيق في صحيفة 'اوبزيرفر' ان السلطة التي فرضت على نفسها موعدا زمنيا لانهاء مؤسسات الدولة في 26 آب (اغسطس) والتقدم بعد ذلك للجمعية العامة كي تصوت على طلبها وسط انتقادات امريكية وتعهد باسقاط المحاولة الفلسطينية التي تراها واشنطن لا تتوافق مع جهودها لاحياء العملية السلمية. ويأمل الفلسطينيون انهم من خلال الحصول على ثلثي اصوات الجمعية العامة فانهم سيحصلون على الدولة حتى لو استخدمت امريكا حق النقض.

وتشير الصحيفة انه ليس من المؤكد ان يتم تقديم الطلب الفلسطيني بسبب المعوقات الدبلوماسية بعضها بيروقراطي واخر تكتيكي واستراتيجي.

ومن هنا نقلت عن مراقبين قولهم انه على الرغم من اللهجة الواثقة الصادرة عن السلطة بشأن مواصلتها الخطو نحو الامم المتحدة الا انها قد تبحث بشكل هادئ عن مخرج من ورطة وضعت نفسها فيها، ونقلت عن معين رباني الذي عمل مستشارا للسلطة قوله ان الاخيرة عبرت قائلة انه في حالة جاءت امريكا بصيغة مقبولة لانعاش العملية السلمية فستعود لطاولة المفاوضات، وقال ان ما يطالب به الفلسطينيون هو ان تطبق ادارة باراك اوباما ما ورد في خطابه في القاهرة دولة فلسطينية على حدود ما قبل عام 1967 وتبادل اراض يتم الاتفاق عليه. ويأملون ان تقبل اسرائيل، لكن امريكا وحتى الان ليست قادرة او مستعدة للضغط على اسرائيل لان اوباما وادارته لا يريدون اغضاب اللوبي المؤيد لاسرائيل ولا يريدون المخاطرة خاصة قبل الانتخابات العام القادم. ويرى رباني ان القيادة الفلسطينية التي قررت المضي في استراتيجية الامم المتحدة كوسيلة للحصول على قدرة على التفاوض اضطرت لاتباع مدخل بديل عن المفاوضات مما سيترك اثارا سلبية على الفلسطينيين، حيث يفهم منه عملية تحلل تدريجي لا يمكن التراجع عنه من العملية السلمية التي تدعمها امريكا. وتقول ديانا بطو التي عملت مستشارة قانونية للسلطة ان الاخيرة لم تفكر بشكل عميق بالخطوة وما يمكن ان تحققه من اعلان الدولة مضيفة ان هناك غيابا في التفكير، فمحاولة اعلان الدولة هو تكتيك لتقوية الموقف الفلسطيني في المفاوضات. واضافت ان الدولة يجب ان تعطي الفلسطينيين القدرة على مواجهة السياسات الاسرائيلية وافعال اسرائيل امام محكمة العدل الدولية. وكانت المحاولة الفلسطينية التي حصلت على دعم الجامعة العربية الاسبوع الماضي قد اثارت مخاوف اسرائيل، حيث قامت وزارة الخارجية الاسرائيلية بالتعميم على كل دبلوماسييها في انحاء العالم من اجل مواجهة الخطة الفلسطينية وخاصة من يعملون في الدول الغربية واقناعها بعدم الاعتراف لان هذا يؤدي كما تقول برقية الى 'نزع الشرعية عن دولة اسرائيل'، فالاخيرة تحاول ان تظهر اي دعم لقيام الدولة الفلسطينية وان كان رمزيا على انه تهديد لوجودها، ومن هنا هددت اسرائيل ان تلغي كل الاتفاقيات مع السلطة بما فيها اتفاق اوسلو الذي قامت بموجبه السلطة الوطنية الفلسطينية.

ويعتقد رباني ان اسرائيل ترى في المحاولة الفلسطينية تهديدا لسيطرتها على الاراضي المحتلة وتنظر الى الاثار قصيرة وبعيدة المدى عليها. فدولة ذات سيادة سيطرح معوقات قانونية على احتلال اسرائيل للاراضي الفلسطينية وقد تحاول ضم كل المستوطنات في الضفة الغربية اليها مع الانسحاب من بقية الضفة الغربية. وتقول الصحيفة ان هذا يظهر السبب الذي تحاول فيه امريكا تجنب وضع تظهر فيه وكأنها تقف ضد طموحات الدولة الفلسطينية ومن جهة اخرى عليها ان تلملم اثاره.

وتشير الى ان دول الاتحاد الاوروبي منقسمة حول الاعتراف مع دعمها للطلب الفلسطيني يعتبر ضروريا. وتقول ان دبلوماسيين اورروبيين اعربوا عن مخاوفهم من انفسام الاتحاد الاوروبي حول الطلب يحاولون اقناع الفلسطينيين التقدم بطلب يحصل على اجماع في الامم المتحدة والذي يحيل الى حدود ما قبل 1967 كحدود للدولة الفلسطينية بدون الضغط للاعتراف بالدولة. ويبدو الموقف البريطاني في الوقت الحالي غامضا، فالحكومة البريطانية تربط اعترافها بالدولة للعودة الى مفاوضات جادة. وتدعم الولايات المتحدة الموقف البريطاني في الوقت الذي تواصل جهودها لاعادة الطرفين لطاولة المفاوضات، لكن حالة فشلها فانها تريد ان تقف بريطانيا الى جانبها اثناء التصويت. ومع ان السلطة تعمل منذ اعوام على تعزيز مؤسسات الدولة، حيث تحاول حكومة سلام فياض بناء مؤسسات الحكم المدني، وتعزيز الامن الذي تم احيانا على حساب حقوق الانسان، وهناك مشاريع ذات علاقة بالبنية التحتية من مثل خطة لانشاء مطار واعادة طباعة العملة الفلسطينية واصدار طوابع، وكان فياض قد اكد ان عمليات التحضير للدولة ستنتهي بحلول 26 آب (اغسطس) القادم اي قبل اسبوعين من انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة.

وتقول الصحيفة ان جهود فياض لم تلق ترحيبا وحفاوة الا من الخارج وليس من الفلسطينيين في الداخل. وايا كانت النتيجة اعلن عن الدولة ام فشلت المحاولة فان المشاكل اليومية التي يعانيها الفلسطينيون تضع السلطة امام تحديات جديدة، وهناك مخاوف من انتفاضة جديدة قد تحدث، فهناك في الوقت الحالي حديث عن انتفاضة سلمية على غرار عمليات التغيير في العالم العربي. ولكن الصحيفة تقول ان الاشارات ليست قوية لحدوثها، فبحسب استطلاع اجرته مؤسسة الاستطلاعات الامريكية ستانلي غرينبرغ في الضفة الغربية وغزة واظهر ان اهم اولويات الفلسطينيين هي الحصول على اعمال والعناة الصحية، وتوفير المياه والتعليم، وجاءت امور مثل احتجاجات جماعية والتفاوض مع اسرائيل في ادنى القائمة فيما اختارت نسبة ثلثي المشاركين الحلول الدبلوماسية والتفاوض مع اسرائيل على العنف. ونقلت عن مواطن في رام الله قوله ان الناس يعبرون عن غضبهم حول الاوضاع،زيادة الضريبة وقلة الخدمات من السلطة لايام ثم يعودون لحياتهم العادية مشيرا ان الفلسطينيين لا رغبة لديهم في انتفاضة جديدة.