سـوريا تقـرر الحسـم العسـكري: عشرات القتلى والجرحى في حماه ودير الزور

بدا أمس أن السلطات السورية حسمت أمرها، وقررت استخدام الحل العسكري في مواجهة الاحتجاجات، قبل يوم من بدء شهر رمضان. وأعلن نشطاء مقتل وإصابة العشرات خلال «اقتحام قوات من الجيش» لعدة مدن أبرزها حماه ودير الزور، بينما تحدثت السلطات عن «استشهاد 6 من قوات الأمن في حماه ودير الزور»، مشيرة إلى «قيام مجموعات مسلحة بإحراق مخافر الشرطة والاعتداء على الممتلكات العامة وإطلاق النار على المدنيين في المدينتين». في هذا الوقت، أقر مجلس الوزراء الصيغة النهائية لمشروع قانون الإدارة المحلية الجديد.
وتضاربت تقارير المعارضين والنشطاء حول أعداد القتلى والجرحى في حماه. وقال رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي لوكالة «فرانس برس» إن «100 مدني قتلوا في حماه برصاص قوات الأمن التي رافقت الجيش لدى اقتحامه المدينة»، فيما نقلت «رويترز» عن «منظمة سواسية السورية لحقوق الإنسان» ان «القوات قتلت 80 مدنيا على الأقل في هجوم بالدبابات». ونقلت «اسوشييتد برس» عن نشطاء وسكان قولهم إن 62 شخصا قتلوا في عدة مدن بينهم 49 في حماه.
وقال ريحاوي «إن 100 مدني قتلوا في حماه برصاص قوات الأمن التي رافقت الجيش لدى اقتحامه المدينة». وأضاف «إن خمسة أشخاص قتلوا في عدة أحياء من حمص خرج أهلها للتظاهر نصرة لمدينة حماه».
وأشار ريحاوي إلى «مقتل ثلاثة أشخاص في ريف ادلب، بينهم شخص من بنش وشخص من سرمين وآخر في سراقب، عندما خرج أهلها للتظاهر احتجاجا على ما يجري في حماه».
من جهته، أكد رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان عمار قربي «مقتل 19 شخصا في دير الزور وستة في الحراك وشخص في البوكمال». وأضاف «انتشر القناصة فوق الأسطح في مدينة دير الزور»، موضحا أن «غالبية الإصابات كانت في الرأس والعنق».
كما أعلن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن «شخصين قتلا في بلدة صوران (ريف حماه) وجرح العشرات عندما اطلق رجال الأمن النار على الأهالي الذين خرجوا للتظاهر إثر سماعهم الأنباء عن حماه». وأشار إلى «انه تم قطع الطريق الدولي المؤدي من حلب الى دمشق في عدة مناطق وخرج الاهالي للتظاهر في خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب في ريف إدلب». وأضاف انه «سمع صوت إطلاق الرصاص في محيط أحياء البياضة ودير بعلبة والخالدية في حمص» مشيرا الى ان «الاتصالات قطعت عن هذه الأحياء».
وأشار عبد الرحمن الى «ان قوات من الجيش ترافقها عناصر أمنية اقتحمت مدينة حماه من عدة محاور». ونقل عن مصدر طبي في احد مستشفيات المدينة قوله «ان عدد الجرحى كبير، ولا طاقة للمستشفيات على استيعابهم، وبخاصة في ظل غياب المستلزمات الطبية اللازمة».
من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) «استشهد عنصران من قوات حفظ النظام برصاص مجموعات مسلحة في حماه، قامت بإحراق مخافر الشرطة والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وأقامت الحواجز والمتاريس وأشعلت الإطارات في مداخل وشوارع المدينة. وتعمل وحدات من الجيش على إزالة المتاريس والحواجز التي نصبها المسلحون في مداخل المدينة».
وعلمت «سانا» من بعض الأهالي في المدينة أن «مجموعات مسلحة تتألف من عشرات المسلحين تتمركز حاليا على أسطح الأبنية الرئيسية في شوارع المدينة وهي تحمل أسلحة رشاشة وقاذفات «ار بي جي» متطورة وتقوم بإطلاق النيران المكثفة لترويع الأهالي».
وأضافت «استشهد أحد عناصر قوات حفظ النظام، وأصيب خمسة، لدى تصدي هذه القوات لهجوم بالأسلحة الرشاشة شنته مجموعات مسلحة على أحد المقار الأمنية في حماه».
وأكد مصدر من أهالي حماه لمراسل «سانا» أن «مجموعات مسلحة تطوف شوارع المدينة مستخدمة الدراجات النارية والأسلحة الرشاشة وتفرض حظر التجوال على الأهالي وتضرم النيران في عدد من الممتلكات العامة». وأضاف أن «هذه المجموعات قامت بالاعتداء اليوم (امس) على مقر فرع الهجرة والجوازات الكائن في حي الحاضر وأحرقت عددا من سياراته، كما اعتدت على مقر شرطة النجدة بالقرب من كراجات الانطلاق وأضرمت النيران في آلياته بعد أن قامت بتحطيمها».
وأضافت الوكالة «استشهد ضابط برتبة عقيد وعنصران من الجيش برصاص مسلحين في دير الزور. وتقوم مجموعات مسلحة بإطلاق النار عشوائيا في شوارع مدينة دير الزور وتنصب حواجز في بعضها. وتلاحق وحدات من الجيش هذه المجموعات لإعادة الأمن والاستقرار إلى المدينة. كما تلاحق وحدات من الجيش المجموعات المسلحة على أطراف دير الزور لإعادة الأمن والاستقرار إلى هذه المناطق».
وفي دير الزور (شرق) التي دخلها الجيش يوم امس، اكد عبد الرحمن «مقتل 6 اشخاص وجرح 50 آخرين برصاص الامن اثناء اقتحام لمنطقة الجورة». وكان نشطاء اعلنوا مقتل 5 اشخاص في دير الزور أول من أمس. وأضاف عبد الرحمن «كما قتل 3 اشخاص وجرح العشرات في الحراك (جنوب)» الواقعة في ريف درعا، معقل الاحتجاجات ضد النظام السوري.
وفي ريف دمشق، قال عبد الرحمن ان «صوت اطلاق رصاص كثيف جدا سمع في مدينة معضمية الشام ترافق مع وصول إمدادات عسكرية، ضمت ناقلات جند ومدرعات الى شارع الأربعين»، مشيرا الى «حملة اعتقالات تنفذ في المدينة التي شهدت اقتحاما لقوات من الأمن والجيش». وأضاف ان «4 آلاف متظاهر خرجوا في حرستا تضامنا مع حماه، حيث تصدى لهم رجال الامن الذين اطلقوا الرصاص عليهم وأصابوا 10 منهم». وتابع «كما شنت الأجهزة الامنية حملة اعتقالات واسعة في مدينة الكسوة مع سماع صوت اطلاق رصاص». وذكر ريحاوي «ان قوات الامن اعتقلت اكثر من 300 شخص في هذه المدينة التي شهدت انقطاعا تاما للكهرباء والاتصالات».
وقال ناشطان إن «42 شخصا أصيبوا حينما ألقت قوات الأمن قنابل مسامير على احتجاج في ضاحية حرستا التي انتشرت فيها الفرقة الرابعة التابعة للجيش».
وأعلن ان «السلطات الأمنية قامت باعتقال المعارض وشيخ قبائل البكارة نواف راغب البشير» مشيرا الى ان البشير هو عضو الامانة العامة «لإعلان دمشق». وقالت مصادر في المعارضة إن «ضباطا في الشرطة السرية اعتقلوا البشير الذي يدين له بالولاء ما يقدر بنحو 1،2 مليون شخص، هم أفراد القبيلة، في منطقة عين قرش بدمشق». وكان البشير قد صرح لـ«رويترز» قبل ساعات من اعتقاله بأنه «يواجه صعوبات في وقف المقاومة المسلحة للهجوم العسكري على عاصمة محافظة دير الزور وفي إقناع سكان المحافظة بالتمسك بالوسائل السلمية برغم أعمال القتل على أيدي قوات الأمن».
وذكرت «سانا» ان مدينة جسر الشغور وريفها شهدا خلال اليومين الماضيين عودة 356 مواطناً عبر بوابة الحسانية ممن «أجبرتهم التنظيمات الإرهابية المسلحة على ترك منازلهم».
الحكومة تقر قانون
الإدارة المحلية
وأقر مجلس الوزراء السوري، في جلسة برئاسة رئيسه عادل سفر، الصيغة النهائية لمشروع قانون الإدارة المحلية الجديد وذلك في إطار استكماله إنجاز حزمة التشريعات التي تترجم برنامج الإصلاح السياسي والتي أقر منها المجلس مشروع قانون الأحزاب ومشروع قانون الانتخابات العامة.
وذكرت «سانا» ان مشروع القانون يهدف في صيغته الجديدة إلى «تطبيق لامركزية السلطات والمسؤوليات وتركيزها في أيدي الشعب تطبيقاً لمبدأ الديموقراطية الذي يجعل الشعب مصدر كل سلطة، وذلك من خلال توسيع وتحديد واضح وغير مزدوج لسلطات وصلاحيات مجالس الوحدات الإدارية بما يمكنها من أداء اختصاصاتها ومهامها في تطوير الوحدات الإدارية اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعمرانياً». كما يهدف إلى «النهوض بالمجتمع المحلي والمساعدة على النمو المتوازن وتكافؤ الفرص بين المناطق وتكريس مبدأ التعاون المشترك بين الوحدات الإدارية».
وينص مشروع القانون على «إحداث مجلس أعلى للإدارة المحلية وتقسيم الوحدات الإدارية إلى ثلاثة مستويات: المحافظة، المدينة، البلدة. وإحداث وظائف نوعية كأمين عام محافظة، ومدير المدينة أو البلدة».
ومن جهة ثانية، أعلن في دمشق عن إطلاق البث التجريبي لقناة «نور الشام» الدينية التي «ستقوم ببث خطب الجمعة والبرامج الدينية المتنوعة بما يحقق فهما صحيحا للإسلام والقواعد الشرعية».