أم خالد في غزة: لا أريد أن أعرف سبب نقص الدواء...لكن هذا حرام

تغيرت ملامح الحاجة أم خالد الغرة (70 عاما) عندما أبلغها أطباء مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة بعدم وجود الأدوية والمحاليل الخاصة بغسيل الكلى، فبدلت ضحكتها بحزن وبكاء على حالها وحال من يعالجون في مستشفيات غزة المحاصرة.
أم خالد، التي تعاني فشلا كلويا منذ سنوات، تحتاج إلى غسيل كلى مرتين في الأسبوع في مجمع الشفاء الطبي الذي يقدم خدماته لنحو 200 مريض كلى، بينما تقدم المستشفيات الأخرى خدماتها لـ200 مريض آخر.
أم خالد كئيبة على غير عادتها. وقالت لـ«السفير» «اتصلت بالمستشفى اليوم (أمس) وأبلغوني أن الدواء والمحلول الخاص بالغسيل غير موجود، بسبب عدم إرساله من قبل السلطة الفلسطينية في رام الله إلى مستشفيات غزة، وبحث ابني في الصيدليات المجاورة للمستشفى ولم يجده».
وأضافت أم خالد «لا أريد أن أعرف سبب نقص الدواء، لكن هذا حرام ومش معقول. الناس تموت عشان الانقسام ومنع الدواء عن غزة»، موضحة أنها ليست المرة الأولى التي تعاني فيها، حيث تتكرر هذه المعاناة كل شهر وأحياناً أكثر من مرة.
وتقول الحكومة المقالة التي تديرها حركة حماس في غزة إن وزارة الصحة التابعة لحكومة سلام فياض في رام الله مسؤولة عن أزمة نقص أكثر من 40 في المئة من الأدوية بالمستشفيات، فالأخيرة لا ترسل مستحقات غزة الدوائية إلى القطاع. ونتيجة طبيعية لهذا النقص، فقد تأجلت بعض العمليات الجراحية ولم يتمكن مرضى يعانون من الفشل الكلوي والسرطان، والأطفال وغيرهم من تلقي العلاج لعدم توفره في المستشفيات وفي السوق المحلية ايضاً.
ويقول الطبيب مدحت عباس، مدير عام مجمع الشفاء الطبي، الأكبر في قطاع غزة، إن نقص الأدوية أثر في كل شيء ولم يترك أي مريض من دون أثر، مؤكداً أن الوضع محزن للغاية في ظل منع «الأخوة» الدواء عن إخوتهم.
وأضاف عباس لـ«السفير» «يصلنا الفتات من الدواء من قبل حكومة رام الله، حتى أن بعضه يأتي تالفاً فنضطر لإتلافه وعدم الاستفادة منه. هذا ما يصلنا، إنهم يعاقبون غزة والمرضى هم الضحية».
وأشار عباس إلى أن نقص الأدوية والمستهلكات الطبية أدى إلى توقف العديد من العمليات في مجمع الشفاء، وهدد حياة مرضى كثر «بالوفاة لا قدر الله»، داعياً إلى ضغط دولي وعربي على السلطة الفلسطينية لإرسال كل مستحقات غزة الدوائية المخزنة لديهم.
من ناحيته، قال مدير عام الصيدلة في وزارة الصحة المقالة الدكتور منير البرش إن السلطة في رام الله تحرم غزة من أكثر من نصف حصتها الدوائية، ولا تتعامل بجدية مع أزمة الأدوية التي يعانيها القطاع. وأوضح البرش لـ«السفير» أنهم حاولوا التغلب على هذا النقص عبر المساعدات الطبية لكنهم لم يستطيعوا سد العجز، مؤكداً كذلك صعوبة إيجاد الأدوية والمستهلكات الناقصة في السوق المحلية.
وذكر البرش أن أكثر من 180 صنفاً من الأدوية ومثلها من المستهلكات الطبية رصيدها صفر في قطاع غزة، وهو ما يعني أن الأزمة باتت تدق ناقوس الخطر أكثر من أي وقت مضى، ونأمل أن يجد كلامنا آذاناً صاغية تستجيب لمعاناة الناس.