مبارك مجدداً اليوم في القفص

يمثل الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وإبناه جمال وعلاء، مجدداً اليوم، في قفص الاتهام، في ثاني جلسات محاكمتهم بتهم قتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير، والضلوع في عمليات فساد مالي، واستغلال النفوذ، وذلك في أكاديمية الشرطة في القاهرة، حيث عقدت الجلسة الاولى يوم الثالث من آب الماضي، وحيث عقدت أمس محكمة الجنايات جلسة جديدة لمحاكمة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من أبرز معاونيه في قضية قتل المتظاهرين، في أجواء شابها بعض التوتر بين رئيس المحكمة القاضي احمد رفعت، ومحامي أسر الضحايا، الذين أصروا على الاطلاع على تسجيلات الفيديو المتوافرة لدى جهاز المخابرات العامة والتلفزيون المصري.
ومن المتوقع، بحسب ما أوضح محامي مبارك فريد الديب، أن يحضر الرئيس المخلوع وإبناه الجلسة الثانية، التي تنقل على الهواء مباشرة، وذلك في ظل إجراءات أمنية مشددة، على غرار تلك التي واكبت بها السلطات الأمنية الجلسة الأولى.

وقال مصدر عسكري إن طائرة طبية خاصة ستنقل مبارك من مقر احتجازه في المركز الطبي العالمي في طريق القاهرة - الإسماعيلية إلى أكاديمية الشرطة، على أن تعيده مجدداً إلى المستشفى بعد انتهاء الجلسة. وأشار إلى ان إجراءات النقل هذه المرة ستكون أبسط، بالنظر إلى قرب المسافة بين الاسماعيلية والقاهرة، مقارنة بما حدث في الثالث من آب الماضي، بعدما أعتمدت إجراءات معقدة لجلب مبارك إلى المحاكمة من مستشفى شرم الشيخ الدولي.
في هذا الوقت، شهدت الجلسة الثانية من محاكمة العادلي ومعاونيه الستة، التي عقدت في أكاديمية الشرطة في القاهرة، سجالات بين القاضي رفعت وهيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدني، والذين يمثلون شهداء وجرحى ثورة 25 يناير، والتي يترأسها نقيب المحامين المصريين سامح عاشور.
ورفع القاضي الجلسة أربع مرات على مدى ثلاث ساعات، بعدما علت أصوات محامي الدفاع أثناء الجلسة. وأعرب رفعت عن امتعاضه من إصرار المحامين على التحدث طويلا وتكرار الطلبات، معتبراً أن «ذلك يمثل إجهاداً فوق الطاقة». كما عاب على أحد محامي الحق المدني عدم التزامه بالزي الرسمي للمحامين.
وخصصت الجلسة للاستماع إلى طلبات الدفاع عن المتهمين بالحق المدني الذين كرر العديد منهم طلباً أساسياً وهو الإطلاع على شرائط الفيديو التي سجلتها المخابرات العامة المصرية لكل وقائع التظاهرات التي انتهت بتنحي مبارك في 11 شباط الماضي.
وقال المحامون عن أسر ضحايا الانتفاضة المصرية (قرابة 850 قتيلا وأكثر من ستة آلاف جريح)، إن أشرطة الفيديو المسجلة من قبل جهاز المخابرات المصري وأشرطة أخرى موجودة لدى التلفزيون المصري صورت من كاميرات مثبتة فوق المتحف المصري ومجمع التحرير، وتثبت ان قناصة كانوا متواجدين على أسطح عدد من المباني في محيط ميدان التحرير، من بينها مبنى الجامعة الأميركية ومبنى فندق رمسيس هيلتون قتلوا المتظاهرين بإطلاق النار عليهم. وقد وعد القاضي بالاستجابة لمطالبهم.
وطلب محامو المدعين بالحق المدني أيضاً باستدعاء وزير الداخلية الحالي اللواء منصور العيسوي لتقديم قائمة بأسماء وأماكن تواجد رجال الشرطة العاملين في قسم مكافحة الإرهاب الدولي لوجود شكوك قوية في ان القناصة الذين قتلوا المتظاهرين كانوا من بينهم.
كما طالبوا بضم قضية محاكمة العادلي ومساعديه إلى قضية مبارك، التي سيتم استئنافها اليوم، مؤكدين أنهم متهمون بالاتهامات ذاتها، وبالتالي ينبغي ان تتم محاكمتهم معاً.
ومن بين الطلبات التي تقدم بها محامو أسر الضحايا استدعاء رئيس جهاز المخابرات الحالي اللواء مراد موافي للإدلاء بشهادته عن قتل المتظاهرين، مبررين هذا الطلب بـ«إعدام الكثير من أدلة الاتهام»، من قبل مسؤولي النظام السابق. وناشدوا كذلك القاضي رفعت بأن يستخدم السلطات المخولة له بموجب المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية لانتداب احد قضاة المحكمة من اجل إجراء تحقيق جديد في وقائع القضية إذ اعتبر محامو أسر الضحايا ان تحقيقات النيابة العامة «شابها قصور»، فيما تسبب تشكيك أحد المحامين بمصداقية النائب العام، باعتبار أن مبارك هو من عينه، بحدوث مشادة حادة سعى القاضي إلى احتوائها قبل أن يعلن رفع الجلسة للاستراحة.
وقرر القاضي رفعت، بعدما تقدم معظم المحامين بطلباتهم، تأجيل النظر في القضية إلى الخامس من أيلول المقبل، أي بعد انتهاء إجازة عيد الفطر. وكان لافتاً خلال الجلسة أن رفعت أمر عناصر الأمن في أكاديمية الشرطة بالسماح للعديد من محامي المدعين بالحق المدني، ممن حرموا متابعة الجلسة الأولى، بدخول قاعة المحكمة والتقدم بطلباتهم.
في هذا الوقت، تجمع عشرات الناشطين السياسيين عصر أمس، أمام مقر النيابة العسكرية احتفالاً بإخلاء سبيل الناشطة أسماء محفوظ، العضو المؤسس لحركة 6 ابريل، وأحد أبرز الوجوه الشبابية لثورة 25 يناير، بعـــدما تبـــنى عدد من الشباب حملة تبرعات لجمع قيمة الكفالة المقدرة بعشرين ألف جنيه.
وغادرت أسماء بالفعل مقر النيابة، التي قررت الإفراج عنها بكفالة إلى حين تحديد موعد لجلسة محاكمتها أمام المحكمة العسكرية بتهمة الإساءة إلى المجلس العسكري وتوجيه السباب عبر موقعها على موقعي «فيسبوك» و«تويتر» إلى المجلس العسكري، بالإضافة إلى «دعوتها للقيام بعمليات مسلحة واغتيالات ضد المجلس العسكري والقضاء».
في المقابل قال أستاذ القانون حسام عيسى، الذي تطوع للدفاع عن محفوظ، إن «بعض العبارات التي نسبت إليها على تويتر لم تكتبها، وإنما تمكن مجهولون من اختراق حسابها وكتابتها». وأضاف لوكالة فرانس برس «أوضحت للمحقق، الذي تعامل باحترام شديد معنا، ان هناك فارقاً بين انتقاد القوات المسلحة وانتقاد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فالجيش المصري له موقع رفيع وغال في قلوب المصريين جميعاً أما المجلس الأعلى فهو يمارس وظيفة مهنية مدنية وهي حكم مصر والاختلاف معه ليس اختلافاً مع الجيش وإنما اختلاف سياسي». وتابع «أوضحت ان ما كتبته أسماء على فيسبوك ليس دعوة للعنف ولا الاغتيالات وإنما هي فقط تعبر عن مخاوفها وهذا لا يشكل جريمة»، مضيفاً أنه «ليست هناك قضية في واقع الأمر وهذه شابة صغيرة ويمكن تفهم انفعالها».
وانتقد المرشح البارز لانتخابات الرئاسة المصرية، الدكتور محمد البرادعي، تحويل محفوظ إلى المحاكمة العسكرية. وكتب البرادعي على صفحته الشخصية في موقع تويتر إن «تقديم أسماء محفوظ للقضاءالعسكري ومبارك والعادلي للقضاء المدني هو إجهاض لكل ما قامت الثورة من أجله... أوقفوا هذه المهزلة فوراً».
من جهة أخرى، عاد إلى القاهرة، يوم أمس، القيادي في «تنظيم الجهاد» حسين احمد شميط، المتهم بمحاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا عام 1995.
وقالت مصادر أمنية في مطار القاهرة إن شميط عاد قادماً من إيران عبر تركيا بعد غياب اكثر من 20 عاماً برفقة زوجته الجزائرية وخمسة من اولاده. وقد سمحت سلطات المطار لأسرته بالدخول، بينما تم القبض عليه لتنفيذ حكم بالسجن 5 سنوات في قضية اخرى.