أثناء محادثة جمعت مؤخراً مراسل مجلة «التايم» الأميركية مع مصدر مسؤول من «حزب الله»، وجد المراسل نفسه وجهاً لوجه مع أحد عناصر «حزب الله» الأربعة المتهمين باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، بموجب القرار الاتهامي الصادر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
لقد وصل المتهم إلى منزل رفيقه في «حزب الله»، حيث الاجتماع، وحده على متن دراجة نارية. وفي خضم النقاش الذي تناول القرار الاتهامي، كشف الرجل عن هويته الحقيقية مبرزاً بطاقة شخصية له قديمة العهد، واشترط قبل الموافقة على إجراء المقابلة، التي تنشر «التايم» نصها أدناه، ألا يُكشف اسمه وكذلك مكان اللقاء تبعاً لما ورد في عدد «التايم»، أمس الأول. وفي ما يلي النص الحرفي للمقابلة كما ترجمته «السفير» من الانكليزية الى العربية:
ـ لماذا وافقت على إجراء المقابلة؟
÷ أردتُ أن أوجّه رسالة إلى العالم أجمع أقول فيها إنني لم أشارك في قتل رفيق الحريري، وإن التهم المنسوبة إليّ جميعها باطلة.
ـ ولكن ماذا يمكن أن تقول بشأن تحليل بيانات الاتصالات؟
÷ الجميع يعرف أن باستطاعة «الموساد» التلاعب ببيانات الهواتف الخلوية بمساعدة عملائه في لبنان، وبعض العملاء قدموا أدلة واضحة بهذا الشأن عندما ألقي القبض عليهم، فقد اعترفوا بأن إسرائيل تستطيع التلاعب بالبيانات السلكية واللاسلكية. وهكذا، لو أن المحكمة الدولية استندت إلى قرائن حقيقية، لكنتُ سلّمت نفسي منذ اليوم الأول.
ـ دعنا نعُد إلى يوم الاغتيال، هل يمكن أن أعرف أين كنت في الرابع عشر من شباط 2005؟
÷ كنت في مهمة عسكرية ولا أستطيع بطبيعة الحال الكشف عن مكان تواجدي، إلا أنني أجزم أنني كنت بعيداً عن منطقة السان جورج حوالى ساعة ونصف الساعة على أقل تقدير، ولديّ ما يثبت ذلك.
ـ إذاً أنت تنكر مشاركتك في ذلك العمل الإرهابي؟
÷ بالتأكيد. لقد صُدمت حتى بنبأ اغتيال الحريري، وتوقفت وصديق لي في أحد المقاهي لمتابعة تفاصيل الحادث على التلفاز. وفي اليوم التالي، ذهبتُ إلى مكان عملي كالمعتاد، والتقيت بزملائي. ولو أنني شاركت فعلاً كما يقولون في الجريمة، لكنت اتخذت تدابير الحيطة والحذر على الأقل.
ـ بعد تشكيل المحكمة، هل كنتَ تتوقع أن تكون من بين المتهمين الأربعة؟
÷ لقد بقيت سوريا لسنوات عدة المتهم الأول في جريمة الاغتيال، وتعرّضت لضغوط المجتمع الدولي وعقوباته على هذا الأساس، وعندما قررت سوريا التعاون مع المجتمع الدولي، أصبح «حزب الله» متهماً، ووضعت أسماؤنا في خانة القتلة.
ـ طالما أنك مقتنع ببراءتك، لماذا لا تسلّم نفسك إلى المحكمة الدوليّة؟
÷ لن أضع نفسي بيد محكمة هدفها الأساس القضاء على «حزب الله»، وليس الكشف عن المجرمين الحقيقيين. إنها محكمة مسيّسة، وهذا باعتراف العديد من أعضائها. إذا كانت تنشـد الحقيـقة فعلاً، فتش عنها في مكان آخر غير لبنان. دع محققيها يذهبون إلى بلدان مجاورة وسـوف يعثرون على المشتبه فيهم الحقيقيين في هذه الجريمة.
ـ هل تقصد سوريا؟
÷ بالطبع لا. عليهم الذهاب إلى إسرائيل التي تملك الدافع الأول والمصلحة الوحيدة في قتل الحريري. ألا ترى أنها وحلفاءها المستفيد الوحيد من هذه الجريمة؟
ـ هل تعتقد أن «حزب الله» يمكن أن يقدمك إلى المحكمة؟
÷ لو كنت مذنباً، لكان فعل منذ اليوم الأول. سأقولها مرة واحدة وأخيرة: أنا بريء من كل التهم الموجهة ضدي.
ـ والسلطات اللبنانية، تبحث عنك بدورها..
÷ السلطات اللبنانية على علم تامٍّ بمكان إقامتي، ولو أرادت القبض عليّ لكانت أقدمت على ذلك منذ زمن. ببساطة، إنها لا تستطيع.
ـ ما مصير المحكمة برأيك؟
÷ منذ اليوم الأول لتأسيسها، كانت المحكمة فاقدة للمصداقية. أنا واثق من أنها ستستمر، إلا أن لبنان لن يلتزم أياً من قراراتها. وعلى المجتمع الدولي، إذا أراد القضاء على المقاومة وسوريا وإيران، أن يفتش لنفسه عن وسائل أخرى.
ـ ما هي خططك المستقبلية؟
÷ سأواصل حياتي كالمعتاد، ضارباً عرض الحائط بالمحكمة وقراراتها.