الطائر الجاسوس بين تل أبيب والخرطوم

انتهت بنجاح عملية بالغة التعقيد بادر إليها خبراء سلطة حماية الطبيعة في إسرائيل للعثور على جهاز غرسال كان مثبتًا على طير من طيور البجع بعد أن نفق (مات) في إحدى البحيرات في السودان!

وقد قام بالبحث عن جهاز الإرسال الذي يحتوي على توثيق وتسجيلات بالغة الأمية لوقائع رحلة الطير - موظفون في سلطة حماية الطبيعة في السودان بالتنسيق مع المنظمة الدولية لحماية الحيوانات البرية، فعثروا عليه.

وكان موظفو سلطة حماية الطبيعة وخبراء الجامعة العبرية بالقدس قد ربطوا ستة من طيور البجع في نهاية العام الماضي بأجهزة 'جي.بي.إس' GPS تعمل بواسطة الأقمار الصناعية، وبمنظومات تسجيل وتوثيق متقدمة وبالغة الدقة، لرصد تحركاتها وتعقّبها، ليل نهار، خلال رحلة هجرتها . وكان الغرض من ذلك جميع المعلومات اللازمة للاستعداد للمواسم التي تصل فيها طيور البجع إلى البلاد، حيث تسطو على برك الأسماك وتلحق بالثروة السمكية أضرارًا فادحة تثير قلق أصحابها، مما يدفع بهم إلى إبعاد الطيور بمختلف الوسائل، بما في ذلك القضاء عليها!

رسالة مفاجئة من السودان

وبعد نصف سنة من ربط الطيور الستة بالأجهزة، تلقّى المسؤولون في معهد 'ماكس فلنك' الألمان المشارك في العملية (البحث) رسالة الكترونية مفاجئة من السودان جاء فيها: 'اصطدنا طيرًا مثبتًا عليه جهاز إرسال، في منطقة 'صنار' في السودان (شرق السودان)'!

وبعد الفحص والتمحيص الذي أجراه خبراء سلطة حماية الطبيعة في إسرائيل تبيّن أنّ الطير الذي اصطيد هو أحد الطيور الستة التي زودوها بالأجهزة، وأنّ المكان الذي عُثر فيه على الطير والجهاز يقع على ضفا ف النيل الأزرق.

وهنا سارع عالم بيئة الطيور، 'اوهد هتسوفيه'، للاتصال بإحدى المنظمات الدولية المختصة بحماية الحيوانات البرية، والتي لها ممثلون في السودان طالبًا التوصل إلى الشخص الذي اصطاد الطير، وبعد جهدٍ جهيد، أمكن التوصل إلى ابن الشخص الذي عثر على الطير والجهاز، فأفاد بأنهما وقعا في شبكة والده الذي كان يصطاد السمك في نهر النيل، وأنه قام بتسليم الجهاز للجهات المختصة التي أوصلته إلى العاصمة السودانية - الخرطوم، ومنها من المنتظر إرساله إلى ألمانيا.

وقال خبير البيئة 'أوهد هتسوفيه' أن بالامكان الاستفادة من الجهاز الذي عُثر عليه، لمعرفة تفاصيل ومعلومات بالغة الأهمية حول هجرة الطير نفسه، وباقي الطيور من فصيلته. واضاف أنّ من المؤكد أنّ اربعة طيور أخرى من الطيور الستّة التي ربطت بأجهزة الإرسال - قد نفقت 'وكان من الممكن أن نتعرف بواسطتها أكثر على أنّ طيور البجع لا تستوطن الأماكن التي يتم إطعامها فيها - كما يعتقد المزارعون'- على حدِ تقييمه.