السفير عبد الله لـ«السفير»: أميركا تهددنا للتراجع عن مطلب الدولة

بعيد انتهاء حفل إطلاق حملة «المقعد الطائر»، أمس، لتعزيز استحقاق نيل فلسطين مقعداً في الأمم المتحدة كدولة مستقلة، كشف السفير الفلسطيني في بيروت الدكتور عبد الله عبد الله لـ«السفير» عن «وجود ضغوط قوية تمارس على السلطة الفلسطينية لتتراجع عن مطلب العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة»، وقال «ثمة ضغوط دولية ومحاولات إسرائيلية محمومة وتهديدات أميركية لنا تضاف الى إمكان اللجوء إلى حق النقض الذي استخدمته واشنطن ضدّ قضايا تتعلق بفلسطين 18 مرّة لغاية اليوم، ووصلت التهديدات حدّ التلويح الأميركي بوقف المساعدات للسلطة الفلسطينية». أضاف عبد الله: «أبلغنا بعض المبعوثين أنه إذا لجأت الشعوب العربية إلى مواقف معادية لأميركا بسبب استخدامها حق «الفيتو»، فستحمل الولايات المتحدة المسؤولية للرئيس الفلسطيني، وهذا نوع من التهديد». وقال «نعتبر هذه الرسائل نوعا من الابتزاز السياسي ونحن لا نريد معاداة أحد لكننا لا نخضع لابتزاز ولا نقبل بليّ الذراع وسيكون مصير هذه التهديدات كمصير أيّ موقف سلبي من نضالنا وحقوقنا ومشروعية مطالبنا، ولن نتراجع عن مطلبنا تحت وطأة تهديدات مماثلة».
وعن الجهة التي سيوجّه إليها الطرف الفلسطيني طلبه وهل هي الجمعية العامة أم مجلس الأمن؟ وهل ستكون فلسطين دولة مراقبة أم كاملة العضوية؟ قال عبد الله: «سيقدّم طلب العضوية الكاملة لفلسطين في المنظمة الدولية بعد توقيعه من رئيس الدولة محمود عباس الى الأمين العام للأمم المتّحدة بان كي مون، وهو يرفعه بدوره الى مجلس الأمن الذي ينظر فيه وعليه إبداء رأيه للأمين العام في غضون 10 أيام. فإما يوصي بقبول العضوية وإما لا إذا استخدم أحد الأطراف حق النقض. ويمكن لمجلس الأمن أيضا أن يضع هذا الطلب على الرّف، ويقول إن الوقت ليس مناسباً له. ومن يقرّر ذلك هو رئيس مجلس الأمن الذي سيكون لهذا الشهر لبنان ممثلا بالسفير الدكتور نواف سلام».
ومتى سيرفع هذا الطلب؟ يجيب عبد الله: «في أقرب الآجال. ستفتتح الجمعية العمومية دورتها في الـ20 من الجاري ويمكن ان يقدّم الطلب قبل ذلك، علما أن الجمعية العمومية تبقى مفتوحة طيلة العام. ومن المنتظر أن يصل الرئيس الفلسطيني الى نيويورك في 18 الجاري ويمكن تقديم الطلب بعد وصوله مباشرة أو بعد أيام، المهم أن القرار الفلسطيني المدعوم بموقف عربي ظهرته لجنة المتابعة العربية واضح بعد أن تمّ الاتفاق على تقديم الطلب الى الأمين العام للأمم المتحدة».
ويلفت عبد الله الانتباه الى وجود استراتيجية متكاملة للسلطة الفلسطينية إذا تم استخدام حق النقض، «نعم للقيادة الفلسطينية خطة (ب) إذا استخدمت أية دولة «الفيتو» وسيتم طرحها في الوقت المناسب».
وصل عدد الدول التي ستعترف بالدولة الفلسطينية حاليا الى 124 دولة، وفي مجلس الأمن ثمة حاجة الى اعتراف 9 أعضاء شرط عدم اللجوء الى حق النقض. «التحسب الآن هو لإمكانية استخدام الولايات المتحدة حق «الفيتو»، وقد زار رئيسنا الدول الدائمة العضوية ولم يقل أحد باعتراض توجهنا، البعض ليس معنا ولكنه ليس ضدنا بل في حال ترقب».
وعن تظهير موقف أوروبي لا يوافق على الطرح الفلسطيني كونه يعرقل إمكانية إعادة المفاوضات مع إسرائيل قال عبد الله: «أحد حوافز اتخاذ هذا المسار هو أن المفاوضات وصلت الى طريق مسدود، وإسرائيل لا تحترم أي تدخّل دولي للتوقف عن الاستيطان ومحاولات التهويد ونهب الأراضي، هذه السياسة الإسرائيلية تدمر أساس حل الدولتين الذي ينطلق من استعادة الأرض المحتلة عام 1967 حيث تبني إسرائيل مستوطناتها اليوم، كما أن إسرائيل لا تريد وضع أية مرجعية لعملية السلام أو للمفاوضات، وإن رغبت الولايات المتحدة بإعادتها فيجب أن تستند الى مرجعية قانونية وسياسية وتكون محكومة بسقف زمني. إسرائيل ترفض كل ذلك، ولهذا السبب وبما أن إسرائيل تستبق في سياساتها اليومية نتائج المفاوضات لتفرض حقائق على الأرض تدمر أفق حلّ الدولتين، وأميركا عاجزة عن وقفها، لذا لم يعد من مجال غير محاولة التقاط مع أجمع عليه المجتمع الدولي المتمثل بحلّ الدولتين لحماية الأراضي التي تريد إسرائيل نهبها وبناء المستوطنات عليها».
خلال زيارة الرئيس عباس الى بيروت في آب الفائت «تمّ الاتفاق على الخطوات الرامية الى دعم المطلب الفلسطيني في مجلس الأمن بحضور رئيس البعثة اللبنانية في نيويورك السفير نواف سلام» يقول عبد الله مضيفا أن التنسيق اللبناني الفلسطيني يتم على مستويات عدّة «أولا، في البعثتين اللبنانية التي يرأسها سلام والفلسطينية التي يرأسها السفير الدكتور رياض منصور، وثانيا بين سفارة بيروت ووزارة الخارجية اللبنانية، بالإضافة إلى التنسيق ضمن لجنة المتابعة العربية ولبنان وفلسطين عضوان فيها».
إذا تحولت فلسطين إلى دولة كاملة العضوية، كيف سينعكس الأمر على حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان؟ يقول عبد الله: «ليس للاعتراف بدولة فلسطين أي تأثير سلبي على واقع الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، وقد سجلت الأمم المتحدة في قرارها الرقم 3236 الصادر عام 1974 اعترافا بهذه الحقوق غير القابلة للتصرف، وهي حق شعبنا في تقرير مصيره بما في ذلك إقامة دولة مستقلة وعدم جواز احتلال أراض فلسطينية بالقوة كما حصل عام 1967 وحق العودة للاجئين الفلسطينيين وفق القرار 194 الذي صدر عام 1948. أما الاعتراف بدولة فلسطين فشيء آخر يتمثل بتحديد الوطن والأرض التي يعيش عليها الشعب الفلسطيني بحرية وسيادة واستقلال، فيما الحقوق ومنها العودة وحق تقرير المصير هي حقوق لهذا الشعب سيحصل عليها قامت الدولة الفلسطينية أم لم تقم».
لم يطرح الرئيس الفلسطيني في زيارته الرسمية في آب الفائت مع السلطات اللبنانية إمكان إصدار جوازات سفر فلسطينية للفلسطينيين، وخصوصا في ظل وجود بعض اللاجئين القادمين بعد العام 1967 ممن فقدوا أوراقهم الثبوتيّة، «وإصدار جوازات السفر محصور بالسلطة الفلسطينية للمقيمين عادة داخل الأراضي الفلسطينية وليس لمن هم خارجها» يقول عبد الله.