منتـــــــــــــــــــدى الــنضــــــــــال الـفلســـطـــــــيـني
مرحبا بك في منتدى النضال الفلسطيني

لتتمكن من الإستمتاع بكافة ما يوفره لك هذا المنتدى من الاخبار العربية والدولية ساعه بساعه, يجب عليك أن تسجل الدخول الى حسابك في المنتدى. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه.
منتـــــــــــــــــــدى الــنضــــــــــال الـفلســـطـــــــيـني
مرحبا بك في منتدى النضال الفلسطيني

لتتمكن من الإستمتاع بكافة ما يوفره لك هذا المنتدى من الاخبار العربية والدولية ساعه بساعه, يجب عليك أن تسجل الدخول الى حسابك في المنتدى. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه.
منتـــــــــــــــــــدى الــنضــــــــــال الـفلســـطـــــــيـني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أخبـــــــــــــــــــار فــلـسطــــــــــــــــين والنـــــــــــــــــــضال
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
(لا يهمني متى أو أين أموت,لكن همي الوحيد أن لا ينام البرجوازيين بكل ثقلهم فوق أجساد أطفال الفقراء والمعذبين, وأن لا يغفو العالم بكل ثقله على جماجم البائسين والكادحين)
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» مجدلاني: الحل السياسي بسوريا سيعيد الاعتبار لاولوية القضية الفلسطينية
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالسبت 19 ديسمبر 2015, 3:02 pm من طرف montaser

» النضال الشعبي تدين قتل الشابين احمد جحاجحة وحكمت حمدان
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالخميس 17 ديسمبر 2015, 3:19 pm من طرف montaser

»  جبهة النضال برفح تلتقي بقيادة حركة حماس بمناسبة ذكرى انطلاقتها
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالخميس 17 ديسمبر 2015, 3:15 pm من طرف montaser

» وفد من النضال يهنيء الرفاق في الشعبية بذكرى الانطلاقة
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالسبت 12 ديسمبر 2015, 3:40 pm من طرف montaser

» النضال الشعبي تدين اقتحام الاحتلال لمكاتب فصائل المنظمة بجنين
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالسبت 12 ديسمبر 2015, 3:35 pm من طرف montaser

» النضال الشعبي تشارك الشعبية بذكرى انطلاقتها بمخيم جرمانا
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالسبت 12 ديسمبر 2015, 3:25 pm من طرف montaser

» النضال الشعبي تهنئة الشعبية بمناسبة انطلاقتها في البارد
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالجمعة 11 ديسمبر 2015, 7:16 pm من طرف montaser

» د.مجدلاني يستقبل القنصل الايطالي لويجي ماتيرلو
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالجمعة 11 ديسمبر 2015, 2:38 pm من طرف montaser

» د.مجدلاني يلتقي السفير الصيني لدى فلسطين
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالثلاثاء 08 ديسمبر 2015, 7:31 pm من طرف montaser

» النضال الشعبي في سورية تستقبل وفد اللجنة التحضيرية للمهندسين الفلسطينيين
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالثلاثاء 08 ديسمبر 2015, 7:26 pm من طرف montaser

» النضال الشعبي تدين الحكم الصادر بحق النائب جرار
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالثلاثاء 08 ديسمبر 2015, 7:23 pm من طرف montaser

» لنضال الشعبي تعقد اجتماعا لفرع المخيمات ولنضال الطلبة وتشارك بندوة حول “الهبة الجماهيرية
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالسبت 05 ديسمبر 2015, 2:37 pm من طرف montaser

» د. مجدلاني يلتقي رئيس ديوان وزير الخارجية البلجيكية
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالسبت 05 ديسمبر 2015, 7:46 am من طرف montaser

» د. مجدلاني يلتقي وفد قيادات شابه من الشرق الاوسط بحضور نواب في البرلمان الاوروبي في بروكسل
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالجمعة 04 ديسمبر 2015, 8:11 am من طرف montaser

» جبهة النضال الشعبي تنعي القائد الوطني الكبير عضو مكتبها السياسي اللواء خالد شعبان
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالجمعة 11 أبريل 2014, 6:24 pm من طرف montaser

» العطاونة يؤكد أهمية الالتزام بمبادئ الإجماع الوطني
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالأربعاء 28 أغسطس 2013, 5:27 pm من طرف محمد العرجا

» شباب النضال برفح ينظم دورة تدريبية بعنوان ( إعداد قيادة شابة )
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالإثنين 08 أبريل 2013, 12:18 am من طرف محمد العرجا

» خلال اجتماعه الدوري : شباب النضال برفح يبحث استعداداته لإحياء ذكرى يوم الأسير الفلسطيني
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالجمعة 05 أبريل 2013, 11:54 pm من طرف محمد العرجا

» شباب النضال في قطاع غزة ينعى شهيد الحركة الأسيرة اللواء\ ميسرة أبو حمدية
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالأربعاء 03 أبريل 2013, 12:35 am من طرف محمد العرجا

»  شباب النضال بقطاع غزة يهنئ المرأة الفلسطينية بيوم المرأة العالمي
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالأحد 10 مارس 2013, 11:35 pm من طرف محمد العرجا

»  النضال الشعبي مخيم نور شمس :سياسة تقليص الخدمات للاجئين الفلسطينيين تنذر بمخاطر
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالأحد 10 مارس 2013, 11:34 pm من طرف محمد العرجا

» د. مجدلاني يلتقي ممثل اليابان ويؤكد دولة فلسطين تسعى لسلام حقيقي وشامل في المنطقة
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالأحد 10 مارس 2013, 11:32 pm من طرف محمد العرجا

» وفد من النضال الشعبي يقدم العزاء بوفاة النقابي خالد عبد الغني
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالأحد 10 مارس 2013, 11:31 pm من طرف محمد العرجا

» شباب النضال بقطاع غزة يعقد اجتماعه الدوري لمناقشة القضايا الشبابية
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالأحد 10 مارس 2013, 12:11 am من طرف محمد العرجا

» شباب النضال بقطاع غزة يدعو الشباب الفلسطيني لتحديث بياناتهم بالسجل الانتخابي
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالإثنين 11 فبراير 2013, 12:07 am من طرف محمد العرجا

»  شباب النضال بقطاع غزة يدعو المجتمع الدولي إلى حماية أسرانا في سجون الاحتلال
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالإثنين 04 فبراير 2013, 11:41 pm من طرف محمد العرجا

» شباب النضال بقطاع غزة يهنئ موقع دنيا الوطن لحصوله على المركز الأول في فلسطين
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالإثنين 04 فبراير 2013, 11:39 pm من طرف محمد العرجا

»  النضال الشعبي برفح تعقد اجتماع موسع لقيادة الفرع و للهيئات التنظيمية والنقابية
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالإثنين 04 فبراير 2013, 10:50 pm من طرف محمد العرجا

»  النضال الشعبي تنعى المناضل التقدمي الرفيق نمر مرقس
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالإثنين 04 فبراير 2013, 10:49 pm من طرف محمد العرجا

»  النضال الشعبي تنعى المناضل التقدمي الرفيق نمر مرقس
أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالإثنين 04 فبراير 2013, 10:47 pm من طرف محمد العرجا

انت الزائر

.: عدد زوار المنتدى :.


 

 أربع ساعات في شاتيلا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صقر البارد
مشرف
مشرف
صقر البارد


عدد المساهمات : 5915
تاريخ التسجيل : 30/11/2009
العمر : 45
الموقع : صقر البارد

أربع ساعات في شاتيلا  Empty
مُساهمةموضوع: أربع ساعات في شاتيلا    أربع ساعات في شاتيلا  I_icon_minitimeالجمعة 16 سبتمبر 2011, 7:37 pm

جان جينيه

قال لي س، في بيروت الغربية، بعد دخول الإسرائيليين:
«كان الليل قد خيّم، وكانت الساعة تشير إلى السابعة. فجأة، قعقعة حديد عالية، حديد، حديد. الجميع هرع إلى الشرفة: أختي، وصهري، وأنا. ليل حالك السواد. ومن فينة لأخرى ما يشبه الوميض يلمع على أقل من مئة متر. أنت تعلم أنه يوجد بمواجهة بيتنا تقريباً، نوع من محطة للقوات الإسرائيلية: أربع دبابات، ومنزل يحتله جنود، وضباط وحراس. الليل. وقعقعة الحديد تقترب. الوميض: مشاعل مضيئة، وحوالى أربعين أو خمسين طفلاً في سن الثانية عشرة، أو الثالثة عشرة، يضربون بإيقاع فوق صفائح حديدة صغيرة، مستعملين أحجاراً، أو مطرقات، أو أشياء أخرى. كانوا يصيحون مع إيقاع شديد: لا إله إلا الله، لا كتائب ولا يهود».
الأسى لا يُنسى
كان سكان المخيمات المعمّرون بؤساء، وربما كانوا كذلك في فلسطين قبل الهجرة، إلا أن الحنين يفعل فيهم فعله بطريقة سحرية. انهم معرّضون لأن يظلوا أسرى لمفاتن المخيم البائسة. وليس من المؤكد أن هذه الفئة الفلسطينية ستغادر المخيمات متحسرة عليها. بهذا المعنى يكون العُري الأقصى ماضوياً، فالإنسان الذي جرَّبه في الوقت نفسه الذي عرف المرارة يكون قد أحس فرحة بالغة، متوحّدة وغير قابلة للتوصيل. إن مخيمات الأردن المعلقة بمنحدرات مليئة بالأحجار، عارية؛ لكن توجد في محيطها أنواع من العُري أكثر إقفاراً: بيوت من القصدير، وخيم مثقوبة تسكنها أسر كبرياؤها مضيء. لا نكون قادرين على فهم القلب البشري إذا أنكرنا بأن أناساً يستطيعون أن، يتشبثوا بالبؤس المرئي، وأن يزدهوا به؛ وهذه الكبرياء ممكنة، لأن البؤس المرئي يقابله مجد مستتر.
كانت وحدة الموتى، في مخيم شاتيلا، أكثر بروزاً لأن لهم إشاراتهم، وأوضاع لم يهتموا بتحديدها. ماتوا كيفما اتفق. موتى مهملون. ومع ذلك كنا نحس، داخل المخيم، ومن حولنا، بكل عواطف المودة والحنان والمحبة لدى الأشخاص الذين يتنقلون باحثين عن الفلسطينيين الذين لن يردوا أبداً على تلك العواطف.
كيف نُبلغ أقاربهم الخبر، أقاربهم الذين رحلوا مع عرفات، واثقين بوعود ريغان، وميتران، وبيرتيني، الذين طمأنوهم بأن أي سوء لن يصيب سكان المخيمات المدنيين؟ كيف نقول بأن هناك من ساعد على ذبح الأطفال والشيوخ والنساء، ثم تركوا جثثهم بدون صلاة؟ كيف نبلغهم بأننا نجهل أين قُبروا؟
إن المذابح لم تتم في صمت، وتحت جُنح الظلام، فقد كانت الآذان الإسرائيلية، مضاءة بصواريخها المنيرة، مصغية إلى ما يجري في شاتيلا، وذلك منذ مساء يوم الخميس. يا لها من حفلات ومن مآدب فاخرة تلك التي أقيمت حيث الموت كان يبدو وكأنه يشارك في مسرَّات الجنود المنتشين بالخمرة وبالكراهية. ولا شك انهم كانوا منتشين، أيضاً، بكونهم قد نالوا إعجاب الجيش الإسرائيلي، الذي كان يستمع، وينظر، ويشجع، ويوبّخ المترددين في قتل الأبرياء. إنني لم أرَ هذا الجيش الإسرائيلي رؤية العين والأذن، غير أنني رأيت ما فعله.
فإذا كان الإسرائيليون لم يزيدوا على أن أناروا المخيم، واستمعوا إلى الطلقات النارية التي تشير إلى وجود ذخيرة كبيرة لكثرة ما دُسته من كبسولات الرصاص (عشرات الآلاف)، فمن كان يطلق النار حقيقة؟ من كان، وهو يقتل، يخاطر بجلده؟ الكتائب؟ الحداديون؟ مَنْ؟ وكم عددهم؟
أين ذهبت الأسلحة التي خلَّفت كل هؤلاء الموتى؟ وأين هي أسلحة أولائك الذين دافعوا عن أنفسهم؟ في الجزء الذي زرته من المخيم، لم أر سوى قطعتين من السلاح المضاد للدبابات، غير مستعملتين.
كيف دخل القتلة إلى المخيمات؟ هل كان الإسرائيليون موجودين في جميع المخارج المتحكّمة في مخيم شاتيلا؟ في جميع الحالات، لقد كانوا منذ يوم الخميس بمستشفى عكا، مواجهين لأحد مخارج المخيم.
لا بد من أن نعلم بأن مخيمي شاتيلا وصبرا، هما عبارة عن عدة كيلومترات من الأزقة الضيقة ـ لأن الأزقة، هنا، ضيقة إلى درجة لا يستطيع شخصان ان يتقدما فيها الا إذا سار أحدهما مجانباً ـ وهي مزدحمة بالحصى، والأحجار، والطوب، والخِرق البالية القذرة، والمتعددة الألوان. وفي الليل، تحت ضوء الصواريخ الإسرائيلية التي كانت تُنير المخيمين، فأن خمسة عشر رامياً، أو عشرين، ولو بأفضل الأسلحة، ما كان بوسعهم أن ينجحوا في تحقيق هذه المجزرة. إن قاتلين قد أنجزوا العملية، لكن جماعات عديدة من فرق التعذيب هي، في غالب الظن، التي كانت تفتح الجماجم وتشرح الأفخاذ، وتبتر الأذرعة والأيدي والأصابع، وهي التي كانت تجر، بواسطة حبال، محتضرين معاقين، رجالاً ونساءاً كانوا لا يزالون على قيد الحياة، ما دام الدم قد سال أمداً طويلاً من الأجساد، إلى درجة انني لم أتمكن من أن أعرف مَنْ هو الذي ترك داخل ممر أحد البيوت، ذلك الجدول من الدم المتيبس الممتد من قاع الممر، حيث كانت البقعة، إلى عتبة البيت، حيث اختلط الدم بالتراب. هل كان دم فلسطيني؟ أم دم امرأة؟ أم هو دم كتائبي أجهزوا عليه؟ وفي بيروت، لم تكد المذبحة تُعرف حتى أخذ الجيش اللبناني على عاتقه، رسمياً، المخيمات، فبادر إلى محوها، مخفياً بذلك أطلال البيوت، وبقايا الجثث. من أمر بذلك التعجيل؟ وقد تم ذلك بعد التأكيد الذي أذيع عبر أنحاء العالم، وهو أن المسيحيين، والمسلمين، قد تقاتلوا فيما بينهم؛ وبعد أن سجلت الكاميرات وحشية القتال.
ذلك ما أعلنه بيغن أمام الكنيست: «أشخاص غير يهود ذبحوا آخرين غير يهود، ففي أي شيء يعنينا ذلك؟».
أعلن بيغن أمام الكنيست: «أشخاص غير يهود ذبحوا آخرين غير يهود، ففي أي شيء يعنينا ذلك؟».
في زقاق ضيّق، وداخل ستار مصنوع من شوك الأشجار، خُيل إليّ أنني لمحت ملاكماً أسود طريحاً على الأرض وهو يضحك، متعجباً من أن يكون مصروعاً. لا أحد واتته الشجاعة لكي يغمض له جفونه، فظلت عيونه الجاحظة، عيون من خزف شديد البياض، تنظر إلي. كان يبدو مخذولاً، وذراعه مرفوعة ومستندة إلى تلك الزاوية من الجدار. كان فلسطينياً ميتاً منذ يومين أو ثلاثة. وإذا كنت قد حسبته، أول الأمر، ملاكماً أسود، فلأن رأسه كان ضخماً، منتفخاً ومسوداً مثل جميع الرؤوس والأجساد، سواء أكانت في الشمس أم في ظل المنازل. مررت بالقرب من رجليه. التقطت من التراب طاقم أسنان للفك الأعلى، وضعته فوق ما تبقى من الاطار الخشبي لإحدى النوافذ. تجويفة يده الممدودة نحو السماء، فمه المفتوح، فتحة بنطلونه الذي ينقصه الحزام: كأنها خلايا كان الذباب يقتات منها.
اجتزت جثة أخرى ثم ثالثة. وفي ذلك الفضاء المغبِّر، وبين الميتين، كان هناك، آخر الأمر، شيء في منتهى الحيوية، غير مخدوش وسط هذه المجزرة، لونه وردي نصف شفاف، وكان لا يزال في وسعه ان يُفيد: ساق اصطناعية من البلاستيك ظاهرياً، وتنتعل حذاء أسود، وجورباً رمادياً. وبتدقيق النظر، اتضح انها قد انتُزعت بخشونة من الساق المبتورة، ذلك ان الأحزمة التي تشدها إلى الفخذ، كانت مقطوعة كلها.
كنت أبذل جهداً لعدّ الموتى الأوائل، فلما وصلت إلى الميت الثاني عشر، أو الخامس عشر، لم أعد قادراً على الاستمرار في العد، وقد غمرتني الرائحة والشمس، وأخذت أتعثر عند كل حفرة... كان كل شيء يختلط أمام بصري.
لقد سبق لي أن شاهدت بيوتاً مبقورة تتدلى منها لحف من ريش، عمارات منهارة، فلم يُحرك ذلك في نفسي ساكناً؛ لكنني وأنا أشاهد بيوت بيروت الغربية، ومخيم شاتيلا، فإنني كنت أشاهد الرعب. إن الموتى الذين أجدهم، عادة، وبسرعة، مألوفون، بل ودّيون، ولم أستطع أن أميز فيهم، وأنا أنظر إلى قتلى المخيمات، سوى كراهية وسرور أولائك الذين قتلوهم. حفلة وحشية جرت هناك: سمر، نشوة، رقص، غناء، نداء، عويل، تأوهات... على شرف متفرجين كانوا يضحكون وهم جالسون في الطابق الأخير من مستشفى عكا.
لقد أمضيت أربع ساعات في شاتيلا، ولا يزال في ذاكرتي أربعون جثة تقريباً. وهي كلها ـ ألح على أنها كلها ـ قد تعرضت للتعذيب غالباً، وسط نشوة المعذِّبين، وأغانيهم، وضحكاتهم، ووسط رائحة البارود.
لا شك أنني كنت وحيداً، أقصد أنني كنت الأوروبي الوحيد (مع بعض العجائز الفلسطينيات اللائي لا يزلن يتشبثن بخرقة بيضاء ممزقة، ومع بعض الفدائيين الأشبال دون أسلحة)، لكن لو أن هؤلاء الأشخاص الخمسة، أو الستة، لم يكونوا موجودين هنا، واكتشفت وحدي تلك المدينة الصريعة المجندلة، والفلسطينيين الممددين أفقياً بجثثهم السوداء المنتفخة، لكنت قد صرت مجنوناً. أم أنني صرت بالفعل مجنوناً؟ هل تلك المدينة المهشّمة المحطّمة التي رأيتها، أو ظَننْتُ أنني رأيتها، وتجوّلت فيها، وهي محمولة على رائحة الموت القوية، كانت، بالفعل موجودة؟
إنني لم أرتد ولم أسبر جزءاً محدوداً من شاتيلا وصبرا، ولست متأكداً من أنني فعلت ذلك بالقدر الكافي. إلا أنني لم أزر بئر حسن، ولا مخيم برج البراجنة.
عند عودتي من بيروت، وفي مطار دمشق، قابلت فدائيين شباباً نجوا من الجحيم الإسرائيلي. كان عمرهم ست عشرة أو سبع عشرة سنة: كانوا يضحكون، وكانوا شبيهين بفدائيي عجلون. انهم سيموتون مثلهم. فالمعركة من أجل البلاد يمكن أن تملأ حياة جد غنية، لكنها قصيرة. وهذا، كما نذكر، هو اختيار أخيل في ملحمة الإلياذة.
جان جينيه أديب فرنسي معروف مناصر لقضية فلسطين. وقد نشر هذا النص في مجلة الدراسات الفلسطينية (بالفرنسية)، ثم ترجمه محمد برادة لينشر في مجلة «الكرمل»، العدد السابع، 1983.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أربع ساعات في شاتيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أربع إصابات بحادثي سير في الخليل
» انتقال أربع رحلات من حجاج غزة للسعودية
» الخليل:جرح مستوطن بالحجارة قرب كريات أربع
» قتيلان في مخيم شاتيلا
» بعد أربع سنوات غيبوبة شارون يعود إلى مزرعته

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتـــــــــــــــــــدى الــنضــــــــــال الـفلســـطـــــــيـني :: المنتدى العام :: خيمة المقالات-
انتقل الى: